يقول المـُصلح الديني (مارتن لوثر) ” أنه لا يمكن لأحد أن يمتطي ظهرك مالم تكن منحني الظهر..! “
ومن هذه العبارة الشهيرة نستوحي أن الحرية وإن كانت مستحيلة تظل خياراً !
لسنا أحرار لأننا لسنا خلف قضبان حديدة سميكة أُحكم إغلاقها ، وأمامها بوّاب هرِم يُأرجح بيديه مفاتيحه صدأه ، وأنت تنظر كأنّ حريتك التي تتأرجح بدلاً من المفاتيح !
الحرية أغلى من مفاتيح صدأه يحملها بوّاب صدّأته الحياه ، وأجمل من ضحكة انفلقت من شفتي عارضة روسية أعادت حتى لكبار السن نشوتهم الفائرة !
الحرية هي المعرفة التي تكسر قضبان الجهل ، وتحررك من أُطر النمط والسائد ، والقبيلة ، والمذهب ، والحزب ، والجماعة ، والطائفة !
هي التي توسّع آفاقك العلمية والمعرفية وتتنور ، وتنير ، وتستنير بها في أنفاق الجهالة والجاهلين !
لذلك كانت “إقرأ” أول مانُزل على خاتم النبيين محمد (صلى الله عليه وسلم) ، ولم تكن “فكّر” ، ولو كانت كذلك لفكّر النبي وفكّر في إطار مايعلم ودون جدوى !
الحرية هي التي قال عنها السيد المسيح (عليه السلام) في عبارته الشهيرة ” تعرفون الحق والحق يحرّركم ” !
أي بقدر ماتقرأ ، تكون عارفاً ، مفكّراً ، حراً !
وفي دين الحرية قال تعالى ” لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغي ” أي أنت حر في النجاة ، وحر في الهلاك أيضاً !
الحرية هي أن تقول (لا) لما هو (لا) في موقف الكل يطأطأ فيه بـ(نعم) !
هي التي حرّضت (روزا باركس) السوداء لتصرخ بـ(لاءها) الشهيرة ، حينما طلب منها راكب أبيض أن تقوم من مقعدها في الحافلة الممتلئة -كعادة البيض آنذاك- !
تلك الـ(لا) كانت كفيلة بأن تشعل السود في كل ولايات أمريكا ، وتتسبب في إلغاء كافة قوانين التفرقة والعنصرية هناك !
في المقابل الـ(لا) كانت سببا لارتكاب زياد بري لمجزرة ضد إخواننا في الشمال !
ولعلي ذكرت في مقالي السابق”أنه بقدر ماكان سياسياً محنكاً ، كان ديكتاتوريا أحمقاً” وأضيف اليوم أن الحرية في عهده كانت موؤوده أيضاً !
كان يظن أن البلاد شيء لايختلف كثيراً عن أملاكه الخاصة والشعب إلى شيء أشبه بالقطيع !
وبالتالي فإن لغة الخطاب في عصره كانت (عصا) تُلقى على رأس من (عصى) ولمن يظن هو بأنه (عصى) ولمن يتوقع مسقبلاً بأنه (سيعصي) !
يقول البرت اينشتاين “يمكن ضبط الناس والجماهير إذا كانت قطعان من الأغنام ولكن قبل ضبطها يجب تحويلها إلى أغنام أولاً..! ”
ولذلك لن يتقدم الصوماليون خطوة للأمام ما لم يتحرروا من أطر قبائلهم فمن النادر جداً أن تجد صومالياً يتحدث من منطلق ذاته وفكره ، الكل وللأسف يصرخ من منطلق قبيلته أو جماعته أو من خط وهمي أحمر تربّى على عدم تجاوزه ، ويُقسم بأغلظ الأيمان أن البلاد لن تزدهر إلا به وبقبيلته !
يهاجر الواحد منّا إلى أقصى بلاد الغرب ، يتخلّق بأخلاقهم ، وينهل العلوم من مدارسهم وجامعاتهم ، يتخرّج حائزاً على شهادته الماجستير أو الدكتوراه ، ثم يتشكّل لديه طموح سياسي ، فيعود لبلاده ، ويولّونه حقيبة وزارية ، وكلنا على ثقه به وبفكره الغربي التنويري الحر، وبعد مرور فترة من الزمن نتفاجأ بأن كل من يحيطونه في مكتبه هم جماعة من أفراد من قبيلته !
أنت هنا لاتملك إلى أن تلعن-في داخلك طبعا- السياسة والسياسين ، وترجو من الله ألّا يحل علينا غضبه!