بعد اشتباكات دموية في الأيام الماضية راح ضحيتها 24 قتيلاً بين قبيلتي “الدابودية” و”الهلايل” في محافظة أسوان جنوبي مصر، توصلت القبيلتان اليوم لهدنة مفتوحة لمدة 3 أيام برعاية المحافظ “مصطفى يسيى” في الوقت من فجر اليوم – حسب تصريحات إذاعية للمحافظ -.
وبلغ عدد القتلى الذين سقطوا جراء الاشتباكات 24 شخصًا، 14 منهم قُتلوا ذبحًا، وأكثر من 30 مصابًا – بحسب مصادر أمنية -.
وقال بيان صادر عن مكتب المحافظ إنه “تم التوصل لهذه الهدنة بعد اجتماعات مطولة مع الجانبين بحضور قيادات الدابودية والهلالية وقيادات القبائل العربية والأسوانية وقيادات أمنية بالمحافظة”.
وتضمنت بنود الهدنة “عدم قيام أي منهم بالاعتداء على الآخر خلال فترة الهدنة، وأيضًا وقف الحملات الإعلامية المتبادلة، وإطلاق سراح كل من تم القبض عليهم من شباب القبيلتين باستثناء المتهمين في قضايا جنائية، علاوة على حصر المشكلة في مجال التنازع بين القبيلتين فقط دون امتدادها إلى باقي المناطق أو الأطراف الأخرى”.
وأوضح البيان أن الهدنة شملت أيضًا “عدم قيام أي طرف بقطع الطرق أو عمل أكمنة للتفتيش وتجنب الاحتكاك من خلال ابتعاد كل طرف عن مناطق تجمع الآخر، وتقديم أي متهم في عمليات القتل أو الاعتداء التي جرت إلى العدالة وتسليمه للأمن”.
كما تضمن الاتفاق “سرعة دفن الجثامين من الجانبين بعد تصريح النيابة العامة بذلك، وبدء لجنة تقصي الحقائق في أعمالها للوقوف علي أسباب الأحداث مع الحصر الفوري لكافة التلفيات والخسائر سواء كانت في المنازل أو المحلات أو السيارات أو المواشي”.
ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي تقع فيها اشتباكات قبلية في أسوان، إلا أن ما جرى خلال الأيام الماضية بين قبيلتي “الدابودية” النوبية و”الهلاليل” كان الأكثر دموية على الإطلاق.
وتحتضن مناطق عدة بأسوان العديد من القبائل القادمة من محافظات أخرى لا سيما “خور عواضة” موقع الأحداث الدموية الأخيرة وأيضًا “خور المحمودية” و”طابية أسوان” وجميع تلك المناطق تقع في محيط واحد واشتهرت بكثرة الخلافات بين قبائلها.
وتعد قبيلة “الهلايل” أشهر هذه القبائل وأكثرها نفوذًا بتلك المناطق، ثم يأتي بعدها عدة قبائل أخرى من اهمها قبيلة “قوص” و”نقادة” القادمتين من محافظة قنا – شمالي أسوان – ويقطنون بأسوان منذ عشرات السنين، كما يقطن أسوان كذلك قبيلة “المناعية”.
أما النوبيون، الذين يقطنون المدينة فلا ينتمون لقبيلة واحدة لكنهم ينقسمون إلى عدة عائلات وفق الجذور واختلاف اللهجات بينهم.
وبين كل تلك القبائل يوجد تاريخ طويل من المشاجرات بعضها يمر بسلام والبعض الآخر يتطور إلى مشهد دموي، مثلما حدث في المرة الأخيرة.
ولعل اللافت في كل تلك المشاجرات أن القبائل عادة ما تتمسك بالحياد إزاء الخلافات بين القبائل الأخرى فلا تناصر قبيلة في مواجهة الثانية حفاظًا علي علاقته بالطرفين، غير أن القبائل المتصارعة عادة ما تستعين بالمنتمين لها والمنتشرين بأنحاء مختلفة سواء داخل أسوان أو خارجها.
وخلال العامين الماضيين وقعت 4 مناوشات بين قبيلة “الهلايل” والنوبيين بشكل عام، قادت في النهاية إلى “مذبحة” في معركة بينهم وبين “الدابودية” النوبية، وفيما يلي رصدًا لها:-
– مارس/ آذار 2012:
بداية الاشتباكات بين الهلالية بمنطقة “خور عواضة” وبين أبناء قرية “دابودية” الوبية، هما نفس طرفي النزاع الحالي وأسفرت الاشتباكات عن إصابة كل من مصطفى ياسين (نوبي)، وأحمد عبد المعطي (الهلايل)، وحينها نجحت الأجهزة الأمنية والقيادات الشعبية في احتواء الاشتباكات ورغم أنها الاشتباكات الأقل حدة فقد كانت البداية التي قادت إلى هذا الصراع الدموي.
أغسطس/ آب 2012:
اشتباكات وقعت بين “الهلايل” ونوبيين بمنطقة الجزيرة بأسوان وأصيب حينها تسعة أشخاص، بينهم اثنان بالأسلحة النارية ووقعت على خلفية مشادة بين سيدة من “الهلايل” وتاجر نوبي اتهمته الأولى بسبها واستعانت بأسرتها الذين اعتدوا عليه بالضرب قبل أن يجمع كل طرف أنصاره وتبادلوا إطلاق النار وسيطرت الأجهزة الأمنية على الموقف.
– ديسمبر/ كانون الأول 2012:
اختطفت قبيلة “الهلايل” شابًا نوبيًا من قرية “جبل تقوق” بأسوان وحينها تبادل الطرفان إطلاق النار العشوائي بجانب استخدام الأسلحة البيضاء، وأصيب حينها العشرات من الجانبين، ولم يعرف سبب المشاجرة، وحينها تعرضت الأجهزة الأمنية لاتهامات بـ “التخاذل” والتأخر في الفصل بين الطرفين.
– أبريل/ نيسان 2013:
وقعت اشتباكات بالأسلحة النارية والبيضاء بين نوبيين وأفراد من “الهلايل” بمنطقة السيل بسبب أولوية الحصول على اسطوانات الغاز، وأصيب حينها أربعة أشخاص بجروح مختلفة، ودفعت قوات الأمن بتعزيزات وسيطرت على الموقف.