لم ينسَ السوريون مشهد الأم التي تعانق طفلتها في وداع أخير مفجع، بعدما وجدتها بين ضحايا مجزرة الكيماوي التي ارتكبها نظام لا يزال طليقًا بلا محاسبة، كما لم تُمحَ من ذاكرتهم صرخات الأب وهو ينادي طفلتيه اللتين قُتلتا خنقًا دون دماء، يطلب منهما النهوض دون أن يدرك أن الموت قد سبق النداء.
تمرّ الأعوام وتبقى مشاهد الاختناق ومصارعة الموت في ذاكرة السوريين، تُخرّش جدران العالم المتبجّح بالدفاع عن العدالة، وتذكره في مثل هذا اليوم من كل عام بجريمة لا تنسى ولا تمحى ولا تسقط بالتقادم، حين تراكمت مئات الجثث من الأطفال والنساء دون أي علامات على جروح أو نزيف، كما لو كانوا لا يزالون في نومهم الذي سبق قتلهم.
على مدى السنوات الماضية؛ ارتكب نظام الأسد عشرات المجازر بحق السوريين بأساليب قتل كثيرة متنوعة، يُحييها السوريون للتذكير بها وبمن ارتكبها، إلا أن مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية عام 2013 تبقى أكثر من مجرد ذكرى، فهي مأساة العصر، ووصمة عار على جبين الإنسانية، وخذلان موصوف لشعب يترقب إنصافًا من المجتمع الدولي، وبدلًا من محاسبة مرتكبي هذه الجريمة المروعة نراه يسعى لتبييض صورة الجاني ومنحه الشرعية.
توقّع الشعب السوري أن تكون مشاهد الاختناق البطيء حتى الموت بداية لنهاية الأسد ونظامه، حيث اعتقد أن تدفع هذه المشاهد الدول، التي صمتت عن المجازر السابقة المرتكبة، إلى اتخاذ موقف صارم تجاه أكبر هجوم كيماوي بغاز السارين في العصر الحديث.. لكن ما الذي حدث؟
رفع الأمين العام للأمم المتحدة مستوى القلق إلى حد الصدمة، وأصدرت دول وهيئات أممية بيانات تنديد تجاوز عددها عدد ضحايا المجزرة، وتعالت الأصوات المطالبة بالتدخل العسكري ضد النظام بهدف إسقاطه، لكن العقلية المافيوية السياسية لدى الأسد، التي تعتمد على تقديم التنازلات كوسيلة للحفاظ على السلطة، وعدم جديّة من زعم نصرة السوريين، حالت دون تنفيذ ذلك.
في الوقت الذي لم ترق فيه مواقف الدول وتحركها إلى مستوى أبشع جريمة مرتكبة بالقرن الواحد والعشرين، يأتي تغيُّر سياساتها تجاه النظام في الوقت الحالي لتضيف خذلانًا جديدًا بعد 11 عامًا، فمن دعا إلى محاكمة الأسد في محكمة الجنايات الدولية أعاد علاقاته معه وفتح سفارته، ومن علا صوته مؤكدًا ارتكابه للمجازر زاره في دمشق وعانقه، ومن اعتبره مجرم حرب أصبح اليوم يلقّبه بـ”السيد” ويسارع للقائه، ومن كان يتوقع خروجه من المشهد لارتباطه بسفك دماء شعبه، أصبح من أوائل المطبّعين والمبادرين لتعويمه عربيًا وعالميًا.
وبينما تسابق قادة هذه الدول سابقًا لإعلان ضرورة رحيل الأسد، أصبحوا يعتبرونه اليوم جزءًا من الحل، أو أمر واقع لا بدّ من التعامل معه، محاولين إعادة تعويمه وشرعنة نظامه تحت مبرر “الواقعية السياسية” ومصالحهم السياسية والاقتصادية، لكن جرائم استخدام الأسلحة الكيماوية، التي تعد من أخطر الجرائم بموجب القانون الدولي، لا تسقط بالتقادم.
الموت البطيء
في الساعة الثانية صباحًا من 21 أغسطس/ آب 2013، وبينما كان الأهالي غارقين في النوم بعد يوم طويل من القصف والحصار المفروض عليهم من قبل نظام الأسد، تعرضت عدة مناطق في الغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق، أبرزها زملكا وعين ترما وكفر بطنا وعربين، وبلدة معضمية الشام في الغوطة الغربية، إلى هجمات كيميائية اُستخدم فيها ما لا يقلّ عن 10 صواريخ محملة بغازات سامة، تقدَّر سعة الصاروخ الواحد بـ 20 ليترًا، أي المجموع الكلي 200 ليتر.
حسب تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن نظام الأسد كان لديه نية مبيّتة ومقصودة لإبادة أكبر عدد من الأهالي، مستدلة بذلك عبر طريقة إطلاق الصواريخ وكميات غاز السارين المستخدمة، إضافة إلى اختيار التوقيت بين الساعة الثانية والخامسة صباحًا حيث الأهالي نيام والحرارة منخفضة والهواء ساكن، ما يمنع تطاير الغازات السامة ويبقيها قريبة من الأرض، ما يتسبّب في وقوع أكبر قدر ممكن من الضحايا بين قتلى ومصابين.
وأسفر القصف، حسب بيانات الشبكة، إلى مقتل 1144 شخصًا اختناقًا، بينهم 1119 مدنيًا منهم 99 طفلًا و194 سيدة (أنثى بالغة) و25 من مقاتلي المعارضة، إضافة إلى إصابة 5 آلاف و935 شخصًا بأعراض تنفسية وحالات اختناق.
كما خلص تحقيق منظمة هيومن رايتس ووتش إلى أن نظام الأسد كان مسؤولًا بشكل شبه مؤكد عن الكيماوي، عبر استخدام نظام صواريخ 330 ميليمترًا أرض-أرض، يُرجح أن يكون إنتاجًا سوريًا، ونظام صواريخ 140 ميليمترًا من الحقبة السوفيتية، وأن الصواريخ المذكورة اُستخدمت في القصف محملة بغاز سارين أو غاز أعصاب مماثل على درجة سلاح، مؤكدة أن قوات النظام السوري هي وحدها التي تملك هذه الصواريخ وسبق لها استخدامها.
وأشارت تقارير استخباراتية غربية إلى أن الهجوم نُفّذ من قبل قوات النظام، حيث استندت إلى عدة عوامل، أبرزها اعتراض اتصالات بين مسؤولين في النظام يُعتقد أنها تشير إلى أوامر باستخدام الأسلحة الكيميائية، إضافة إلى تحليل مسار الصواريخ.
بينما أكد تقرير لجنة التفتيش التابعة للأمم المتحدة الصادر في 16 سبتمبر/ أيلول 2013، إطلاق صواريخ أرض-أرض محملة بغاز السارين المثير للأعصاب على الغوطة الشرقية، إلا أنها لم تحمل مسؤولية الهجوم لأي جهة أو طرف.
تبدُّل المواقف
لم تمرّ ساعات قليلة على المجزرة حتى بدأت مواقف الدول تتسارع، منددة بأشد العبارات ومطالبة بإيقاف الجرائم ضد السوريين ومحاسبة الأسد ونظامه، وتميّزت ردود الفعل بالحزم الشديد المترافقة مع وعود صارمة بالمحاسبة.
لكن هذه الأصوات والمواقف من النظام تراجعت وتبدلت بعد 11 عامًا، وتحولت من التنديد والتهديد إلى إعادة العلاقات وفتح قنوات دبلوماسية معه، الأمر الذي اعتبره سوريون خيانة لضحايا المجزرة، وإيصال رسالة بأن المصالح السياسية تتفوق دائمًا على معاقبة المجرم.
ونستعرض في السطور التالية، أبرز مواقف الدول التي تبدلت بشكل كبير على مدى السنوات، وانتقلت من إدانة قوية ومطالبات بالمحاسبة إلى تقارب دبلوماسي مع النظام السوري، ورغم أن سياسات الدول الخارجية قد يطرأ عليها تحولات بتغير الأشخاص، إلا أن التعامل مع جرائم الحرب وفق قوانين الأمم المتحدة يجب أن يظل ثابتًا.
إيطاليا، التي طالبت وزير خارجيتها آنذاك، إيما بونينو، بعد مجزرة الكيماوي أن يكون هناك إجماع في مجلس الأمن بإحالة الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية أو حملة دولية لنفيه، أعلنت الشهر الماضي نيتها إعادة العلاقات الدبلوماسية مع النظام وإعادة سفيرها إلى دمشق.
البرلمان الأوروبي، الذي طالب الأسد بالتنحي عقب المجزرة، واعتبر أن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا جريمة حرب وضد الإنسانية، كما وصف هيرمان فان رومبوي رئيس المجلس الأوروبي الهجوم بأنه “بغيض وجريمة ضد الانسانية لا يمكن تجاهلها”، تضغط 8 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي منذ أشهر من أجل التطبيع مع الأسد.
الجامعة العربية، التي وصفت مجزرة الغوطة بـ”الجريمة البشعة”، وحمّلت نظام الأسد المسؤولية المباشرة عنها، وافقت العام الماضي على إعادة نظام الأسد إلى الجامعة، رغم أن الأسباب التي دعت إلى تجميد عضويته قبل 11 عامًا لا تزال قائمة.
السعودية، التي اتخذت موقفًا صارمًا من المجزرة، ودعمت التدخل العسكري لإسقاط النظام الذي “فقدَ هويته العربية وارتكب مجازر بحق شعبه” كما صرّح وزير خارجيتها آنذاك سعود الفيصل، أعادت علاقتها مع النظام في مارس/ آذار 2023، ودعت الأسد إلى حضور القمة العربية في جدة، إلى جانب تبادل تعيين السفراء بين البلدَين.
الإمارات، التي اتفقت مع فرنسا على مواصلة الحزم تجاه النظام السوري، ودعمت أي رد دولي على استخدام السلاح الكيميائي، أعادت فتح سفارتها بدمشق عام 2018، وزار وزير خارجيتها عبد الله بن زايد دمشق والتقى الأسد وعانقه، أعقبته زيارة الأسد مرتين إلى أبوظبي.
البحرين، التي أيدت اتخاذ إجراءات دولية لردع نظام الأسد عن ارتكاب أعمال إجرامية وممارسات غير إنسانية، أعلنت عام 2018 مواصلة العمل في سفاراتها في دمشق، كما زار وزير خارجيتها عبد اللطيف بن راشد الزياني دمشق لأول مرة في أبريل/ نيسان الماضي، والتقى الأسد الذي حضر القمة العربية في المنامة بعد شهر.
الأردن، الذي ندد بمجزرة الكيماوي وطالب بمحاسبة المسؤولين، واتفق مع فرنسا والإمارات على أهمية دعم المعارضة السورية لمواجهة هجمات النظام، وبعد أن كان الملك عبد الله الثاني أول المطالبين برحيل الأسد، صار أول الساعين إلى إعادة الانخراط معه، حيث صرّح أن حكم الأسد “يتمتّع بالاستمرارية” وقاد مبادرة عربية لتعويمه عربيًا ودوليًا.
أما تركيا، فصرّح رئيس الوزراء (الرئيس الحالي) رجب طيب أردوغان عقب المجزرة أن “الأسد استخدم السلاح الكيماوي ضد شعبه ويجب أن يرحل، والنظام البديل لن يكون أسوأ من النظام الحالي مهما كان الحال”، كما أكدت الخارجية أن “النظام السوري ارتكب جريمة ضد الإنسانية لا يمكن أن تمرَّ دون عقاب”.
وأيّد أردوغان التدخل العسكري لاستبدال النظام، وأضاف في أحد تصريحاته: “لا ندق طبول الحرب، لكن يجب عمل شيء ضد إدارة طاغية مسؤولة عن مقتل 100 ألف شخص، استخدمت صواريخ متعددة المراحل وتستخدم الآن أسلحة كيماوية”.
لكن الأشهر الماضية شهدت انقلابًا في الموقف التركي تجاه نظام الأسد، حيث تسارعت التصريحات من قبل مسؤولين أتراك حول إقامة علاقات مع النظام، كما وصف أردوغان الأسد بـ”السيّد” لأول مرة، معربًا عن استعداده للقاء به، الأمر الذي يجري الترتيب له.
النهج الواقعي
تميل هذه الدول في تعاملها مع النظام السوري إلى تبني “الواقعية السياسية”، التي تشير إلى أن السياسات الخارجية للدول قد تتغير وفقًا لمقاربات جديدة تعتمد على المصالح السياسية والاقتصادية، وأن هذه الدول تتخذ قراراتها بناءً على مصالحها الوطنية، بعيدًا عن الالتزام الصارم بالقوانين الدولية.
وفي سياق هذه النظرية، ترى هذه الدول أن بقاء الأسد أمر واقع يجب التعامل معه، وأن التوازنات السياسية في المنطقة قد تغيرت، ولا بدَّ من اعتماد مقاربات جديدة للتعامل مع الملف السوري، تشمل تعزيز الدور العربي.
وصدرت تصريحات من مسؤولين في الدول العربية، حيث أشار الملك الأردني عبد الله الثاني إلى أن بشار الأسد ونظامه باقيان في السلطة لأمد طويل، مؤكدًا أن “الدفع نحو حوار منسق مع النظام أفضل من استمرار الوضع القائم”، أما أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، وصف إعادة الأسد إلى الجامعة العربية بأنه “قرار صائب” و”بداية لاستعادة الدور العربي في سوريا”.
وبينما يرى البعض ضرورة التعامل مع النظام بوصفه “حقيقة واقعية”، فإن المبدأ القانوني الذي يؤكد أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم يظل ثابتًا وراسخًا.
ووفق القوانين الدولية، فإن الملاحقة القانونية للأشخاص الذين ارتكبوا جرائم الحرب لا ترتبط بفترة زمنية محددة وتبقى قائمة بغضّ النظر عن الوقت، إلا أنها تحتاج إلى إرادة دولية قوية لتفعيلها.
ذكرى مجزرة الغوطة: مقاومة الإنكار والنسيان في ظل العدالة الغائبة
في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 1968، اعتمدت الأمم المتحدة اتفاقية “عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية”، بهدف منع إفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب، وتؤكد هذه الاتفاقية أن التقادم لا ينطبق على هذه الجرائم بغضّ النظر عن وقت ارتكابها.
وحددت الاتفاقية الجرائم التي لا يسري عليها التقادم، بما في ذلك جرائم الحرب كما عرّفتها القوانين الدولية مثل “القتل أو المعاملة السيّئة وتدمير المدن والقرى والتدمير الذي لا تبرره الضرورات العسكرية”، وتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية، واستخدام السموم أو الأسلحة المسمّمة، وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
أما الجرائم ضد الإنسانية، وفق نظام روما، فتشمل “الاختفاء القسري للأشخاص، القتل العمد، الإبادة، التعذيب، إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، السجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية”.
الجرائم مستمرة
رغم الانفتاح والتقارب مع الأسد، إلا أن ذلك لم يردعه عن الاستمرار في أعمال القتل، فالإفلات من العقاب وعدم محاسبته على جرائمه السابقة، لا سيما مجزرة الكيمياوي في الغوطة، زادا من جرأته على ارتكاب المزيد من المجازر، متحديًا كل قرارات مجلس الأمن.
عقب تهديد الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة بشنّ هجوم عسكري ردًّا على مجزرة الكيميائي، بدأت دبلوماسية اللحظات الأخيرة، حيث اقترحت روسيا على واشنطن تدمير الترسانة الكيميائية السورية مقابل تجنُّب الهجوم، الأمر الذي لاقى قبولًا أمريكيًا وترحيبًا دوليًا وأمميًا.
في 14 أيلول/ سبتمبر 2013 اتفقت موسكو وواشنطن على تدمير الترسانة الكيماوية، وأعطى وزير الخارجية الأمريكي حينها، جون كيري، النظام السوري أسبوعًا واحدًا لتسليم قائمة تفصيلية كاملة بكل مخزوناته الكيماوية، وسط تهديد بالفصل السابع في مجلس الأمن في حال عدم الامتثال.
وأذعن نظام الأسد، للتهديد خوفًا من سقوطه، ووقّع على اتفاقية انضمام سوريا إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2013، لتبدأ عملية تدمير المخزون الاستراتيجي على متن سفينة “كيب راي” التابعة للبحرية الأمريكية، في صفقة مخزية، أتلف فيها الأسد مخزوناته من الكيماوي وبقي في السلطة يواصل قتل السوريين، بما في ذلك بأسلحة كيماوية نجت من اتفاقية الإتلاف.
في 27 أيلول/ سبتمبر 2013، أصدر مجلس الأمن القرار رقم 2118 الذي نص على فرض تدابير بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، في حال “نقل الأسلحة الكيميائية دون إذن، أو استخدام أي أحد للأسلحة الكيميائية في الجمهورية العربية السورية”.
ورغم إعلان منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في 4 يناير/ كانون الثاني 2016 تدمير كافة الأسلحة التي أعلن عنها النظام السوري، إلا أن النظام السوري “أهانَ مجلس الأمن والمجتمع الدولي مرارًا وتكرارًا، ونفّذ بعد قرار مجلس الأمن قرابة 183 هجومًا كيميائيًا”، حسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
واعترفت الأمم المتحدة بمسؤولية النظام عن تنفيذ العديد من الهجمات الكيميائية، منها هجوم خان شيخون بريف إدلب في 4 أبريل/ نيسان 2017، حيث خلص التحقيق الأممي إلى أن النظام أطلق صواريخ محملة بغاز السارين على البلدة، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 91 مدنيًا بينهم 32 طفلًا و23 سيدة (أنثى بالغة) خنقًا، وإصابة قرابة 520 شخصًا.
في 7 نيسان/ أبريل 2018، أكدت تحقيقات أممية استخدام النظام للأسلحة الكيماوية في دوما بالغوطة الشرقية، حيث وثقت الشبكة السورية مقتل 43 مدنيًا بينهم 19 طفلًا و17 سيدة (أنثى بالغة)، وإصابة قرابة 550 شخصًا، إلى جانب قصف اللطامنة في ريف حماة بالكيماوي عام 2017، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من 90 شخصًا.
تسلسل زمني أعدته الزميلة نور علوان اعتمادًا على مصادر الشبكة السورية لحقوق الإنسان، هيومان رايتس ووتش، وسائل إعلام دولية ومحلية عدة.
ويعدّ نظام الأسد الوحيد الذي تجرأ على استخدام الأسلحة الكيميائية بعد انضمامه لاتفاقية حظر الأسلحة، ولم يلتزم بتعهّداته، بل على العكس استغل عدم المحاسبة والوقت لارتكاب مزيد من المجازر، وهو ما أشار إليه أردوغان عام 2013 عندما شكّك بتسليم الأسد للأسلحة الكيماوي، قائلًا: “نظام الأسد لم يفِ بأي من تعهداته، إنه يكسب الوقت لارتكاب مذابح جديدة، وهو مستمر في ارتكاب المجازر”.
إن تبدل مواقف الدول من التنديد إلى الانفتاح وإعادة العلاقات مع النظام، لا يعني أن جرائم الأسد قد سقطت بالتقادم، وإن كان المجتمع الدولي نسيَ هذه الجرائم ستبقى ذكرى الكيماوي في كل عام تذكير صارخ على وحشية بشار الأسد ونظامه، وعلى بؤس العالم ومنظماته الدولية الخائبة.