ترجمة وتحرير: نون بوست
نظمت أول أمس السبت عائلة الشابة التركية إبرو أوزكان، البالغة من العمر 27 عاما، وقفة احتجاجية في ميدان التقسيم في إسطنبول احتجاجا على اعتقال سلطات الاحتلال الإسرائيلي لابنتهم، بتاريخ 11 حزيران/ يونيو الماضي في مطار بن غوريون في تل أبيب، عندما كانت بصدد العودة من رحلتها في القدس.
لقد دعت عائلة إبرو المواطنين الأتراك والعرب إلى مشاركتهم هذه الوقفة الاحتجاجية في هذا اليوم، تزامنا مع عرض ابنتهم على المحكمة في “إسرائيل”. وذكرت آيتان أوزكان، والدة إبرو، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل ابنتها ظلما وبهتانا. وأضافت آيتان أوزكان أن إبرو زارت القدس مرتين قبل ذلك، لأنها تعشق القدس وأهلها وأطفالها، ولا تريد أن يبقوا وحيدين.
لم يكن من السهل على الأم الابتعاد عن ابنتها طيلة هذه الفترة، خاصة مع انقطاع الإتصال بينهما منذ 20 يوما، حيث قالت آيتان “بالتأكيد، إنه أمر صعب ويشعرني بالأسى والحزن، لكن الله عز وجل يمنحنا القوة لتحمل ذلك. وأقول لنفسي على الدوام إنه يجب أن لا أكون أنانية، وإنما يجب أن أفكر أيضا في الأمهات الفلسطينيات اللاتي يقبع أبناؤهن في سجون الاحتلال الإسرائيلي”.
في سياق متصل، أضافت أم إبرو “أحمد الله على كل شيء. ولابد أن يعاقب الظالمون، فلكل نمرود إبراهيم، ولكل فرعون موسى، وهذه هي سنة الحياة ونواميس الكون. وحتى لو اعتقلوا ابنتي، فهناك ألف مثل إبرو يذهبون للقدس. هل يريدون إخافتنا بذلك؟ لن نخاف أبدا”. واعتبرت والدة الشابة التركية أن ما تمر به إبرو هو اختبار لها، وأنها واثقة من أن ابنتها ستجتاز هذا الامتحان بنجاح. وقد تمنت أم إبرو أن تصبح ابنتها صوت فلسطين، وصوت القدس، وصوت المسجد الأقصى، وصوت الأمهات الثكالى في فلسطين.
مثلت إبرو أمام المحاكم الإسرائيلية أربع مرات منذ اعتقالها، وفي كل مرة يتم تجديد فترة توقيفها، وتتمثل التهم الموجهة إليها في أنها “تشكل خطرا على أمن إسرائيل”
“شقيقتي تعشق القدس”
ذكرت إليف أوزكان، شقيقة إبرو، أن أختها متخصصة في علم اجتماع، وتعمل سكرتيرة في إحدى الشركات، وهي شابة تحب الحياة والناس، وصاحبة قلب رحيم، ونشيطة اجتماعيا. وأضافت إليف “شقيقتي تعشق القدس والشعب الفلسطيني. وقد كانت تسعى على الدوام لقضاء شهر رمضان المبارك هناك منذ ثلاث سنوات. وذهبت هذا العام مجددا إلى لفلسطين لقضاء ليلة القدر في القدس برفقة صديقاتها. وقد كانت زيارتها كانت مجرد زيارة عادية من أجل العبادة، وأخذت معها الحلوى والشوكولاتة والبالونات وكتب التلوين، لتوزيعها على الأطفال. لقد كانت سعيدة للغاية”.
في سياق متصل، أكدت إليف أن الأطفال لدى إبرو لهم مكانة خاصة جدا، مشيرة إلى أن أختها كانت تسعى إلى رسم البسمة على وجوه الأطفال هناك، ولم تخرج من القدس أبدا. وقد أمضت إبرو وقتها برفقة الأطفال في المسجد الأقصى، بالإضافة لإحياء ليلة القدر، وقد تم توقيفها في مطار بن غوريون خلال عودتها إلى تركيا.
في الواقع، مثلت إبرو أمام المحاكم الإسرائيلية أربع مرات منذ اعتقالها، وفي كل مرة يتم تجديد فترة توقيفها، وتتمثل التهم الموجهة إليها في أنها “تشكل خطرا على أمن إسرائيل”، و”على اتصال بمنظمة إرهابية”. ومن جهتها، أكدت إليف أوزكان أنّ شقيقتها بريئة تماما من هذه التهم التي لا أساس لها من الصحة، مبينة أن قوات الاحتلال أوقفتها دون أي سبب.
على الرغم من ادعائهم بارتباطها بمنظمة إرهابية، إلا أنهم لم يقدموا أي دليل يثبت صحة ما يتهمونها به ولم يكشفوا حتى عن اسم هذه المنظمة المزعومة. وحسب إليف، كان اعتقال إبرو لأغراض سياسية بحتة، تتعلق بمواقف تركيا المناهضة لـ”إسرائيل”. والهدف من اعتقالها هو تسليط ضغط نفسي عليها وعلى مثيلاتها اللواتي يتوجهن إلى القدس لدعم الأهالي والوقوف إلى جانبهم.
ذكر السيد أوزكان أنه لم يسمع أي خبر عن ابنته منذ سبعة أيام، مطالبا المسؤولين الأتراك بضرورة التحرك لإخلاء سبيلها وإعادتها إلى تركيا
في الأثناء، ينتظر جانب أوزكان، والد إبرو، بفارغ الصبر أن يقوم المسؤولون الأتراك بتقديم الدعم اللازم لمساعدة ابنته. وقد أشار السيد أوزكان إلى أن “إسرائيل” لا تلتزم بأي قواعد أو قانون، مؤكدا أن اعتقال ابنته في 11 حزيران/ يونيو الماضي كان لأسباب واهية، ولم يكن يستند إلى أي دليل. وذكر أوزكان أنّ المحكمة العسكرية قررت إخلاء سبيل ابنته ومن ثم عرضها لاحقا على المحكمة، غير أن الشرطة الإسرائيلية اعترضت على ذلك. وخلال 24 ساعة، صدر قرار جديد يقضي باستمرار مدة توقيف إبرو أوزكان، حيث قررت المحكمة العليا تمديد توقيفها لمدة سبعة أيام إضافية.
كما ذكر السيد أوزكان أنه لم يسمع أي خبر عن ابنته منذ سبعة أيام، مطالبا المسؤولين الأتراك بضرورة التحرك لإخلاء سبيلها وإعادتها إلى تركيا. وقال جانب أوزكان أن التواصل مع ابنته كان يتم عن طريق العاملين في السفارة التركية ومحاميها فقط. وبعد ذلك، منعت قوات الاحتلال التواصل معها ورفضت طلبات السفارة.
من الوقفة الاحتجاجية المطالبة بإعادة إبرو أوزكان إلى تركيا
حيال هذه المسألة، أوردت شقيقتها إليف أن قوات الاحتلال منعت إبرو من مقابلة محاميها لمدة 15 يوما، وهذا الأمر مخالف لكل الأعراف والقوانين الدولية، وقد فعلوا ذلك لأنهم يدركون أنهم على باطل، ولا يملكون أي أدلة لإدانتها أو حتى توقيفها؛ وهم يريدون بذلك تسليط المزيد من الضغوط عليها. وقد أكدت إليف أن هذه الممارسات لا يمكن أن تصدر عن دولة قانون أو دولة ديمقراطية، وإنما عن دولة لا تحترم كل القوانين الدولية.
إلى جانب ذلك، أكدت إليف أن “إبرو صاحبة شخصية قوية، وخير دليل على ذلك ما أظهرته من رباطة جأش خلال مراسلتها لنا عبر السفارة في الأيام الأولى لاعتقالها. كنا سويا نقرأ كثيرا لمالكوم إكس، وله جملة شهيرة يقول فيها “إن المكان الأكثر فائدة لاكتساب التجارب والمعرفة بعد الجامعات، هو السجن”. وإبرو تدرك ذلك جيدا”.
عبد القادر أوزكان، شقيق إبرو: توقيف إبرو طيلة هذه الفترة هو أمر مخزي، موجها النداء للدولة التركية لرد اعتبار المواطنين الأتراك الذين يذهبون إلى القدس لأداء العبادة
حسب المعلومات التي وصلت لعائلة إبرو، سخر المحققون الإسرائيليون من إبرو خلال جلسات التحقيق، وأساءوا لتركيا. ومن جهتها، دافعت إبرو خلال جلسة المحاكمة عن تركيا وذكرت للقاضي أنّه لا يُمكن لأحد النيل من تركيا والإساءة لها، وأنّ ما قام به المحققون كان في إطار ممارسة الضغط عليها.
بناء على ذلك، اعتبرت إليف أوزكان أن إيقاف شقيقتها واعتقالها، يندرج ضمن سياسة “إسرائيل” للتأثير على الأشخاص الذين ينوون زيارة القدس، وعلى وجه الخصوص المواطنين الأتراك. ففي الآونة الأخيرة، تعمدت قوات الاحتلال اعتقال الأشخاص بصورة عشوائية في مطارها، وكانت إبرو من بين الذين اعتقلوا لذات الأهداف.
من هذا المنطلق، طالبت إليف المسؤولين الأتراك بضرورة الوقوف إلى جانب المعتقلين والعمل على إخلاء سبيل إبرو، وإعادتها إلى أرض الوطن. أما شقيقها الأصغر عبد القادر أوزكان، فقال إن توقيف إبرو طيلة هذه الفترة هو أمر مخزي، موجها النداء للدولة التركية لرد اعتبار المواطنين الأتراك الذين يذهبون إلى القدس لأداء العبادة.
الصحيفة: يني شفق