“حياة الماعز” أو Aadujeevitham: The Goat Life… فيلم هندي روائي طويل (ساعتين و50 دقيقة)، أحدث ضجةً وجدلًا كبيرًا، لا سيما في الوسط العربي، لطبيعة القصة والمحتوى المقدم، والذي كشف عن وجه آخر للسعودية، حيث استعباد العمالة الوافدة عبر نظام “الكفيل” (استقدام سعودي لعمالة وافدة يكون هو المسؤول عن حياتها وحرية حركتها وإقامتها وأجورها) سيئ السمعة، وإذاقتهم ويلات العذاب والمعاناة، مستغلًا حاجتهم للمال هربًا من أوضاع اقتصادية متدنية في بلدانهم.
واستغرق تصوير هذا العمل المقتبس عن رواية ألبست سييللر خمس سنوات تقريبًا، بين الهند والأردن والجزائر، وهو من إخراج المخرج الهندي المعروف، ليسي توماس، وقد عُرض في الهند لأول مرة في مارس/آذار الماضي، ويعرض على المنصة العالمية الشهيرة “نيتفلكس”، منذ يوليو/تموز الماضي، ليصبح في غضون أيام قليلة أحد أكثر الأفلام مشاهدة على المنصة.
العمل سلط الضوء مجددًا على نظام “الكفيل” الذي تتمسك به السعودية حتى اليوم، رغم إلغاء جيرانها الخليجيين له، وهو النظام الذي يتنافى شكلًا ومضمونًا مع مبادئ حقوق العمال والإنسان في آن واحد، ويتعارض مع مزاعم التطوير والعصرنة التي تقوم بها الدولة النفطية، وبسببه تعرضت المملكة لانتقادات حقوقية لاذعة على مدار سنوات.
وفي غضون أيام قليلة تصدر فيلم “حياة الماعز” محركات البحث في العالم العربي، إقبال غير متوقع على هذا العمل الذي يعتبره البعض تجسيدًا حقيقيًا لما يحدث داخل المملكة بعيدًا عن الصور المزيفة التي يحاول رئيس هيئة الترفيه، تركي آل الشيخ، تصديرها من خلال مهرجاناته الرياضية والفنية.. فلماذا أثار الفيلم كل هذا الجدل؟
حياة الماعز.. قصة حقيقة ليست من وحي الخيال
ينتمي فيلم حياة الماعز إلى السينما الواقعية، فهو مستوحى من رواية “أدوجيفيثام”، بالعربية “حياة الماعز”، والتي جسدت بشكل أدبي تجربة أحد الشباب الهندي “نجيب” حين حاول السفر للعمل في السعودية عام 1991، كواحد من الأعمال التي تسلط الضوء على معاناة فقراء الهند الذي يسعون لتحسين مستوياتهم المعيشية في بلدان الشرق الأوسط، لا سيما الخليج.
كان نجيب الذي جسد دوره في الفيلم، الفنان الهندي، بريثفيراج سوكوماران، يعاني من تدني حياته المعيشية في ولاية كيرالا جنوب الهند، وسمع من بعض زملائه عن رغد العيش في بلدان الشرق الأوسط، لا سيما السعودية، فمنى نفسه أن ينوبه حظًا من هذا الرغد، وفكر في تجربة العمل هناك، لكنه صُدم بكلفة التأشيرة الباهظة والتي تساوي تقريبًا ثمن منزله الوحيد.
وبعد تفكير ليس بالطويل، استقر به الحال أن يرهن منزله من أجل الحصول على المال لدفع ثمن التأشيرة، متوهمًا أنه سيفك هذا الرهن بعد سفره بشهرين فقط كما أخبره أحد أصدقائه، لتبدأ بعد ذلك رحلة المعاناة التي استعرضها العمل وأطال في تفاصيلها بشكل كبير.
وأحدثت تلك الرواية الصادرة أول مرة عام 2008، والمكتوبة باللغة الماليالامية (اللغة الرسمية لولاية كيرالا الجنوبية) رواجًا كبيرًا في الشارع الثقافي الهندي، لا سيما في الجنوب، حيث صُدر منها 250 طبعة في عام واحد فقط، كونها تعبر بشكل كبير عن معاناة الكيرالايين في بلدان الخليج.
يمني يشتغل راعي من ذو 20 سنة كل هالعمر لا يعطية راتب ولا مستحقات ولا يتواصل مع اهلة -نفس قصة الهندي والخافي أعظم#حياة_الماعز pic.twitter.com/5Ui3i3VsQH
— sam (@Sh78802217H) August 20, 2024
ويعود هذا الرواج والانتشار الكبير لتلك الرواية إلى وجود ما يقرب من 2.1 مليون هندي من ولاية كيرالا يعيشون خارج وطنهم، ما يقرب من 90% منهم يعيشون في دول الخليج، حيث ترتبط الولاية بعلاقات جيدة تاريخيًا مع شبه الجزيرة العربية وبلدان الخليج النفطية.
في عام 2008 تسلم المخرج الهندي بليسي الرواية، وبدأ في إدخال بعض التعديلات عليها لتحويلها إلى عمل سينمائي، لكنه، ورغم علمه بتفاصيلها المجملة كونها حديث الناس في الولايات الجنوبية الهندية، ذُهل حين قرأها بشكل دقيق ونقدي، مضيفًا في تعليقه على تلك الرواية في حديثه لـ”بي بي سي”: “من السمات البارزة لهذه القصة هو امتزاج الهويات بين الإنسان والحيوان، فهذا الرجل يفقد هويته ببطء كإنسان، ويصبح واحدًا من تلك الحيوانات، لم أقرأ شيئًا كهذا من قبل”.
ومع طرح الفيلم داخل دور العرض في مارس/آذار الماضي، حقق في الأسبوع الأول فقط أكثر من 870 مليون روبية (أي ما يعادل 8.23 مليون جنيه إسترليني، أو 10.4 مليون دولار) في جميع أنحاء العالم، وهو رقم من الصعب تحقيقه مع عمل ليس بالإنتاج الضخم مثل الأفلام الأخرى.
معاناة لا تنتهي
بعد أن رهن نجيب منزله لتوفير ثمن التأشيرة، ودع زوجته ووالدته وهو محمل بأحلام الثراء لهما ولطفله الذي ما زال جنينًا في بطن أمه، كان الاتفاق مع سمسار السفر الهندي الذي وفر له التأشيرة أن يكون العمل داخل إحدى الشركات السعودية مع توفير غرفة مكيفة وطعام جيد وراتب شهري يضمن له حياة كريمة هناك وإرسال جزء منه لعائلته وسداد رهن البيت في غضون شهرين فقط.
بدأت المعاناة مع وصوله مطار السعودية، حيث اصطدم أول الأمر بجهله باللغة العربية، كذلك جهل ضباط المطار باللغة الماليالامية، وربما كان تواجد صديق هندي معه (حكيم) في تلك الرحلة خفف عنه تلك المعاناة إلى حد ما، إذ كان يجيد بعض الكلمات الإنجليزية التي يتعامل بها مع الآخرين.
وبعد فترة طويلة قضاها الشابان الهنديان في المطار، لم يأت كفيلهما المفترض حضوره لتسلمها وتوصيلهما لمكان عملهما كما أُخبرا، لكن في نهاية الأمر وجدهما رجل سعودي قاسي الطباع كما يبدو على ملامحه، وسألهما عن سبب وقوفهما، لكنهما لم يفهما بطبيعة الحال العربية، وحين عرف أن كفيلهما لم يأت لهما، بادر هو بأخذهما.
كان مع الكفيل السعودي سيارة بصندوق لتحميل الأغنام أو البضائع، وعلى الفور طلب منهما ركوبها، فهمّا إلى اللحاق به داخل كابينة السيارة، لكنهما فوجئا بطلبه منهما أن يركبا في الخلف، في المكان المخصص للأغنام، مع صياح في وجههما ونعتهما بعدم الفهم.. وهنا كانت البداية.
حتى هنا لم يدر بخلد الشابين أن الأمر فيه مشكلة، لكن مع مرور الوقت وابتعاد السيارة رويدًا رويدًا عن المناطق الحضرية والدخول إلى قلب الصحراء بدأ القلق يساورهما، وفجأة توقف الكفيل السعودي وطلب من حكيم أن ينزل من السيارة لتسليمه إلى أحد أصدقائه الذي يمتلك مزرعة للأغنام والإبل، وهنا كانت الصدمة، أيقن نجيب أنه وصديقه لن يكونا في مكان واحد، ليأخذه السعودي إلى مزرعة أخرى على مسافة ليست بالقصيرة مما فيها صديقه.
وما إن وصل نجيب إلى المزرعة حتى بدأت المعاناة الحقيقية، حيث لا مكان للمبيت، ولا مياه للشرب، ولا طعام للأكل، فجأة وجد نفسه في العراء مع الأغنام والإبل، وفي ظل عدم القدرة على التواصل مع السعودي صاحب المزرعة، تعمقت الأزمة وزادت شدتها.
حاول الشاب الهندي إخبار السعودي بأنه جاء إلى هنا للعمل في شركة وليس في مزرعة، وأن تربية الأغنام والقيام على رعايتها ليست وظيفته، وأخرج أوراقه الرسمية التي تؤكد على ذلك، وهنا كانت الصدمة الثانية، حيث أخذ السعودي منه تلك الأوراق ومزقها أمام عينيه، خشية أن يُحدث له مشكلات إذا ما أخرجها أمام أي مسؤول فيما بعد.
وفجأة وجد نجيب نفسه مستعبدًا لدى كفيله، فلا شرب إلا بإذنه وبالكمية التي يقررها، ولا طعام إلا ما يُلقى له من الفتات، ولا استحمام ونظافة مطلقًا، حتى قضاء الحاجة يتم التعامل معها بالرمال وليس بالمياه، بل مُنع من الاتصال بأهله، وهنا استدعى الشاب الهندي أيام ما كان في بلاده، حيث النهر القريب من منزله، والحياة التي كانت رغم ضيق عيشها أفضل عشرات المرات مما باتت عليه اليوم.
وبعد مقاومة وعناد وتمرد على هذا الوضع، في مقابل ضرب وانتهاكات وإذلال من قبل كفيله، رضخ نجيب للأمر الواقع، وبدأ يتعامل مع الوضع كما طُلب منه، ليقضي 3 أعوام تقريبًا بين الأغنام، حتى تحول مع مرور الوقت إلى واحد منهم، يأكل أكلهم ويشرب شربهم، بل ولا يتحدث إلا بالأصوات الصادرة عنهم، نسي الكلام ونسي التفكير ونسي نفسه بالكلية.
وفجأة وفي أثناء قدوم سيارة العلف التي تحمل طعام الأغنام والإبل، نظر نجيب لأول مرة منذ مجيئه للمزرعة في مرآة السيارة، وهنا كانت الصدمة، حيث لحيته الطويلة، وشعره المجعد، ولونه الذي ازداد سمرة، وتجاعيد الحياة التي خيمت على وجهه، كانت الصدمة مروعة على الشاب الهندي الذي قرر بعدها أن يرحل بأي طريقة ومهما كان الثمن.
لماذا انزعجت #السعودية من الفيلم الهندي "#حياة_الماعز"؟ pic.twitter.com/uo8uvBPAZS
— شبكة رصد (@RassdNewsN) August 19, 2024
وبعد محاولات عدة حاول فيها الهروب ومُنيت بالفشل، فجأة وفي أثناء رعايته للأغنام في الصحراء قابل صديقه حكيم وقد فعل به الزمن ما فعله بنجيب، حينها قرر الصديقان الفرار عن طريق راعي إفريقي على دراية بدروب الصحراء، لتبدأ رحلة الهروب التي كانت في حد ذاتها رحلة عذاب وألم ومعاناة فاقت تلك التي كان يعاني منها الصديقان في مزرعتيهما.
وبعد رحلة شاقة، لقى فيها صديقه حكيم ودليله الإفريقي حتفهما، وصل نجيب إلى الطريق الرئيسي، بعدما بات على بعد أمتار قليلة من الهلاك، ليأخذه رجل سعودي بدا عليه الطيب والجود، وأكرمه بالطعام والماء، قبل أن يوصله إلى قلب المدينة، حيث ذهب إلى بعض من أفراد الجالية الهندية في السعودية، ممن قاموا بعلاجه وتهذيب ملامحه التي شوهتها معاناة الأعوام الثلاث.
لم يفكر نجيب في البقاء في المملكة بعد تلك المعاناة والتجربة المريرة، وقرر العودة لبلاده بعدما تحدث إلى زوجته لأول مرة منذ سنوات، لكنه كان مطالبًا باستخراج أوراق ثبوتية تثبت صحة موقفه وقانونيته حتى يتمكن من السفر، وهنا كان لا بد أن يوضع في سجن مع فاقدي أوراقهم الرسمية لعرضهم على الكفلاء من السعوديين ممن أبلغوا عن وافديهم الهاربين.
المفاجأة هنا أنه في أثناء العرض على أصحاب العمل السعوديين تعرف عليه الرجل الذي أخذه من المطار حين قدم إلى المملكة، وأخبره أنه لو كان كفيله لما تركه وعاقبه على هروبه، حينها أيقن نجيب أن هذا الرجل لم يكن كفيله في الأساس، وأنه استعبده كل تلك السنوات بشكل غير قانوني، وهو ما زاد من معاناته وآلامه.
وبعد أكثر من شهر قضاها في السجن، لاقى فيها ما لاقى من أوجه التنكيل، خرج نجيب باتجاه المطار ليغادر المملكة إلى أهله وعائلته في وطنه، وهنا توقف أمام سلم الطائرة مستدعيًا أحلامه بداية سفره، حين كان يؤمل نفسه أن يعود محملًا بالأجهزة الكهربائية وغيرها، لكنه استدرك قائلًا: “الأفضل الآن أن أحمل لهم ما تبقى من عمري”.
نسف لسنوات من التجميل
يرى البعض أن هذا العمل الذي لم يتجاوز 3 ساعات نسف بشكل كبير جهود أكثر من 6 سنوات حاول فيها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، عن طريق ذراعه اليمنى، رئيس هيئة الترفيه، تركي آل الشيخ، رسم صورة مشرقة وبراقة ومبهرة للسعودية على المستوى العالمي.
أنصار هذا الرأي يعتبرون أن الفيلم رغم إنتاجه الضئيل أطاح بمليارات أنفقها آل الشيخ لتجميل صورة المملكة عبر مسارات الرياضة والفن والترفيه والإعلام، في محاولة لطمس سجلها المشين حقوقيًا وسياسيًا والذي وضعها في مرمى الانتقادات الإقليمية والدولية.
وكشف هذا العمل عن الوجه الآخر للسعودية، فالمملكة لم تكن البوليفارد وموسم الرياض ومهرجانات جدة فحسب، فهناك جانب آخر من الصورة لا يعرفه كثيرون، ولا يُسلط عليه الضوء الكافي للتعريف به، هذا الجانب الذي فضحه الفيلم الهندي في دقائق معدودة، رغم جهود الإخفاء والتستر على مدار سنوات.
ومن عاش في السعودية قبل ذلك يعرف أن “نجيب” ليس الحالة الوحيدة لوافد تعرض لكل تلك الانتهاكات على أيدي كفيله، فهو نموذج مصغر لعشرات آلاف المهاجرين واجهوا تلك المعاناة وربما أكثر، منهم من توفي هناك من القهر دون أن يتمكن من العودة لأهله، ومنهم من عاد في صندوق يحمل جثمانه دون الوقوف على حقيقة وفاته، ومنهم من يُزج به في السجن لسنوات ليس لسبب سوى مطالبته بحقه وراتبه.. هناك عشرات بل آلاف من مثل تلك الحالات الموثقة إما بشكل رسمي وإما عن طريق شهود عيان عايشوها رأي العين والسمع.
لماذا أغضب العمل السعوديين؟
الفيلم بكل تفاصيله أحدث جدلًا كبيرًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره البعض هجومًا على السعودية يستهدف سمعتها الدولية، رغم أن الرواية ذاتها تعود لواقعة حدثت قبل 23 عامًا، ومن ثم وبدلًا من مناقشة ما جاء بالعمل من اتهامات وطرح ملف الكفالة على طاولة النقاش، جيشت اللجان الإلكترونية فرقها في الداخل والخارج للهجوم على هذا العمل وتبرئة المملكة مما نسبه إليها نجيب وحكيم والمخرج توماس، بل واتهموا سلطنة عمان بالتواطؤ في تشويه سمعة السعودية بسبب مشاركة الفنان العماني طالب البلوشي الذي جسد دور الكفيل.
ووصل التجييش الممنهج إلى خارج حدود المملكة، حيث تصدي بعض المواقع الصحفية غير السعودية لهذا العمل، والزعم بأنه ينافي الواقع، مدعية أنها استشهدت بآراء أفراد من الجاليات العربية المقيمة في المملكة، والتي ترى فيما عُرض مجافاة للحقيقة ومبالغة غير منطقية.
لكن يبدو أن هذا الهجوم المضاد على الفيلم فشل في حصد ثماره، وذلك لعدة أسباب:
أولها: أن العمل صور في بوليود بقلب الهند، وفي ظل العلاقة الجيدة التي تربط الرياض بنيودلهي في الآونة الأخيرة، فمن الصعب الادعاء بأن هناك أهدافًا سياسة وراء العمل، وهي النقطة التي كان يمكن التعويل عليها حال إنتاج العمل خارج الهند مثلًا أو في بلدان أخرى تعاني علاقتها بالسعودية من توتر أو جفاء.
ثانيًا: في ظل مناخ الحرية النسبي التي تتمتع به السينما الهندية في مناقشة المشكلات والأزمات، الداخلية والخارجية، ليس من المرجح أن تتدخل السعودية لدى حليفها الهندي للمطالبة بوقف هذا العمل، إذ إن فكرة التدخل في حد ذاتها قد تأتي بنتائج عكسية وتزيد من الرواج للعمل وانتشاره على قطاع أوسع.
هذا الزبال طالب البلوشي الي مثل دور الكفيل السعودي في فيلم #حياة_الماعز .
لما قلت لكم الموضوع أكبر من سالفة فيلم.
ياجماعة السعودية مستهدفة وللاسف من ناس ابد ماكنا نتوقع منهم الخيانة pic.twitter.com/QzBTnLzGR3
— Abeer AlMutairi 🥈 (@3ber_mutairi) August 20, 2024
ثالثًا: العزف على وتر أن العمل يستهدف الإساءة للإسلام في صورة السعودية بثقلها الإسلامي، لخدمة أهداف هندوسية، هو رأي قد يُرد عليه من داخل العمل نفسه، حيث الاستعانة في نهاية الفيلم بشخص سعودي مسلم وكريم ويبدو عليه سمت الشهامة والنخوة ساعد نجيب على الوصول إلى المنطقة الحضرية وأكرمه، فضلًا عن المرشد الإفريقي الذي دلهم على الطريق، فكان نموذجًا للمسلم الكريم الذي آثر الشابين الهنديين على نفسه.
رابعًا: حالة الترويج الكبيرة التي شهدها الفيلم على منصات التواصل الاجتماعي، تحديدًا لدى الشارع العربي، حيث اعتبرها البعض “تشفيًا” في تركي آل الشيخ وسيده، وهدمًا للمعبد فوق الرؤوس، ذلك المعبد الذي غرد كثيرًا خلال الآونة الأخيرة بعيدًا عن المزاج العربي والإسلامي.
وكان للجمهور المصري النصيب الأكبر من هذا التشفي، ويرجع ذلك لأمر شخصي بينهم وبين آل الشيخ الذي أراد قبل فترة إنتاج فيلم بأبطال مصريين يشوه سمعة الشعب المصري، إذ يحكي عن محتال مصري ينصب على الحجاج المصريين القادمين للمملكة، لتأتيه الضربة من الهند، حيث نجيب الذي فضح ما هو مستتر داخل السعودية وكشف عن الوجه القبيح للدولة النفطية.
لعل التأثير الأكبر لفيلم حياة الماعز والزلزال الذي أحدثه لدى الشارع السعودي يكمن في خرقه لكل حوائط الصد التي بناها تركي آل الشيخ وسيده على مدار سنوات، فرغم القوانين المعدلة، والانقلاب الكبير على كل المرتكزات والثوابت الوطنية والدينية، لتصدير صورة الأمير الإصلاحي والدولة العصرية، جاءت 170 دقيقة فقط لتنسف تلك الجدران، وتفضح هشاشتها وضعفها، بما يتعارض شكلًا ومضمونًا مع مزاعم الدولة القوية المبنية على أسس غير قابلة للصدأ ولا التآكل.