أثار حكم محكمة النقض “أعلى محكمة طعون في مصر”، أمس الأربعاء، بإلغاء قرار إدراج اللاعب الدولي السابق، محمد أبو تريكة، في قوائم الإرهاب، ردود فعل واسعة النطاق على منصات التواصل الاجتماعي، عكست وبشكل واضح حالة الجدل التي يحياها الشارع المصري
قرار النقض بالأمس جاء إلغاء لحكم أصدرته إحدى دوائر محكمة جنايات القاهرة في يناير/كانون الثاني 2017 بإدراج 1538 شخصا على قائمة الإرهابيين، من بينهم الرئيس الأسبق، محمد مرسي، حيث قالت المحكمة إنها قبلت الطعون على الحكم السابق، وأمرت بإحالة الدعوى إلى دائرة أخرى بمحكمة جنايات مختلفة لتنظرها من جديد.
أبو تريكة في أول تعليق له بعد صدور الحكم مباشرة وعبر حسابه الرسمي على موقع “تويتر” قال : “مسامح الجميع من ساند ومن هاجم ومن تطاول ومن مدح، قلبي يسع ويعفو عن الجميع ولكن أكثر البشر فرحا بهذا اليوم ليس معي فهو كان أكثر المتأثرين، رحمة الله عليك أبي، مصر نحبك بل نعشقك أنت الروح والقلب”.
مسامح الجميع من ساند ومن هاجم ومن تطاول ومن مدح قلبي يسع ويعفو عن الجميع ولكن اكثر البشر فرحا بهذا اليوم ليس معي فهو كان اكثر المتأثرين رحمة الله عليك أبي . مصر نحبك بل نعشقك انت الروح والقلب 🇪🇬🇪🇬🇪🇬
— محمد أبوتريكة (@trikaofficial) July 4, 2018
تفاعل واسع من النشطاء حيال تغريدة اللاعب الدولي، حيث انهالت التبريكات والتهاني من محبيه من الجماهير والشخصيات العامة، ودعوات بالرحمة على والده، إلا أن هذه الشعبية الجارفة للرجل رغم ملاحقته وتعمد تشويه صورته أثارت حفيظة الفريق الآخر الذي كشف عن وجهه مرة أخرى حين أصر على أن اللاعب لا يزال إرهابيا وأن الوضع لم يتغير بعد، في موقف فسره آخرون بأنه عداء واضح لتريكة وجماهيريته التي لم تتأثر ولا علاقة له بقضاء أو أحكام أو خلافه.
تهاني وهجوم
كشفت ردود فعل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي على قرار النقض الجماهيرية الكبيرة للاعب المصري، التي تتناسب طرديًا مع قوة الهجوم عليه، والتي تعكس وبشكل كبير أن حب الناس هو الأبقى مهما تفننت معاول الهدم في التشويه المتعمد وتزييف الحقائق إرضاء لتوجهات بعينها.
بعد دقائق معدودة من إلغاء قرار الإدراج احتل وسم #أبو_تريكة المركز الثالث في قائمة أعلى الوسوم تداولا عبر “تويتر” بمصر حيث تتابعت التغريدات المهنئة له ولبقية الأشخاص المدرجة أسماؤهم في قرار النقض، مع تخوفات بإدراج أسمائهم مرة أخرى في قضية أخرى، ومطالبات لأبو تريكة بعدم العودة إلى مصر خشية تعرضه للاعتقال أو الاختفاء القسري.
رواد مواقع التواصل الاجتماعي شنوا بدورهم هجوما على موسى، مستنكرين لغة التهديد المستخدمة ضد السقا، معبرين عن حبهم الشديد لأبو تريكة ودعمهم له مهما كانت النتائج
حساب يحمل اسم “أحمد الحنفي” علق على فرحة المصريين بالحكم الأخير قائلا: “تشوف فرحة الناس علي حكم تريكة .. تحسه فعلًا حتي بعد إعتزاله مسئول الفرحة في مصر .. يا أخي يارتني أرهابي والله”، فيما طالب حساب “إيزابيلا كوبر” اللاعب بعدم العودة إلى مصر قريبًا خشية التعرض للاعتقال: “مبروك يا عم الناس كلها بس وحياه عيالك ما تنزل ولا تيجي اقسم بالله هتتغفل ويعملوا اي حاجة عشان يحبسوك ومفاضلش حد نضيف غيرك ف البلد دي محدش م اللي بيحبوك هيستحمل يشوفك محبوس”.
https://twitter.com/ELhanfy7/status/1014490403918229505
https://twitter.com/ItsSarah2050/status/1014522869328556032
أما دعاء جمال فعلقت تقول: “انا عمري ما شفت شخصية الكل متفق عليها زي حضرتك بجد وشخصية خلوقه ومتواضع جدا، ربنا يوفقك في حياتك بجد”، ليشاطرها أحمد منصور الرأي بقوله: #ابوتريكه إرهابي ؟! طيب إزاي يعني مين يصدق كدا، يا ريت في مصر إرهابيين كتير زي أبو تريكة كان حال البلد أتغير كتير للأفضل، أصل الموضوع مش كورة وبس ويخطئ من يظن هذا، الموضوع أكبر وأعمق من كدا بكتير دا أخلاق وأدب وإحترام يشهد له الجميع، ثقافة ولباقة وحاجات حلوة كتير أوي سعادتك”.
https://twitter.com/Doaa_Jemy98/status/1014497816037781505
#ابوتريكه إرهابي ؟!
طيب إزاي يعني مين يصدق كدا
يا ريت في مصر إرهابيين كتير زي أبو تريكة 😇😜😂كان حال البلد أتغير كتير للأفضل
أصل الموضوع مش كورة وبس ويخطئ من يظن هذا
الموضوع أكبر وأعمق من كدا بكتير دا أخلاق وأدب وإحترام يشهد له الجميع
ثقافة ولباقة وحاجات حلوة كتير أوي سعادتك— Ahmed Mansour (@ahmedsohag2000) July 4, 2018
وفي المقابل شن أنصار الطرف الآخر الكارهين لتريكة هجوما واسع النطاق عبروا من خلالهم عن استنكارهم لحكم النقض، مؤكدين أنهم أصحاب القرار وليس القضاء، متهمين اللاعب بالتورط في أعمال إرهابية والإنتماء لجماعة الإخوان المسلمين، فيما ذهب بعضهم إلى اتهامه بالمتاجرة بالقضية الفلسطينية حين رفع شعار “تعاطفا مع غزة” بينما يلتقط صورًا مع مواطنين إسرائيليين على حد قولهم.
#ابوتريكه ارهابي ودم شهداء الواجب الوطني في رقبته
— الصقر المصري🇪🇬(سارد الحقائق) (@medoesmaeil) July 4, 2018
#ابوتريكه هو مزيع في التليفزيون الاسراءيلي وليس مشجع..
الأهم من كده فين بقا شعار تعاطفنا مع غزه
علشان المتخلفين والخرفان يفهموا أن هذا الخروف الإخواني يتاجر بالقضية الفلسطينيه ليصل الي هدف الجماعه الغربيه والمتخلفه pic.twitter.com/2fAFoAEUak— قانون هتلر (@wwlgmmmgmaleco1) July 4, 2018
تهديد يفضح العداء
تباين وجهات النظر حيال اللاعب المصري، بين الوطني والإرهابي، انحسرت ولسنوات طويلة في نطاق حرية الأراء والتوجهات تجاه حالة فردية تتمتع بجماهيرية عالية وتتربع على عرش قلوب الملايين من عشاق الكرة في مصر والعالم العربي، لكن حين ينقلب الوضع إلى تهديد كل من يتعاطف مع اللاعب حتى ولو كان من الشخصيات العامة فهنا دلالة تحتاج إلى وقفة.
الفنان المصري أحمد السقا، في تغريدة له على حسابه الرسمي على “تويتر” كتب: “مبروك يا تريكة ربنا يوفقك دايما حبيبي ويحفظك”، ليفاجأ بهجوم غير مسبوق من المذيع المقرب من الأجهزة الأمنية، أحمد موسى، ضمن حلقة برنامج “على مسؤوليتي” على قناة “صدى البلد”، والتي خصصها للهجوم على أبو تريكة بعد رفع اسمه مع آخرين من قوائم الإرهاب.
مبروك ياتريكة
ربنا يوفقك دايما حبيبي ويحفظك @trikaofficial— Ahmed Elsaka (@ElSaka) July 4, 2018
موسى وبصوت انفعالي قال: “عشان بس الجدل الحاصل هو أبو تريكة ارهابي ولا لأ أحكام القضاء تحترم وفي ناس مغيبة كتير وفاكرين ان كدة أبو تريكة براءة لكنه لسه ارهابي وميقدرش يرجع مصر”.
لم يكتف المذيع المصري بهذا التعليق وفقط، لكن السقا ضمنيًا وطالبه بالتراجع عن موقفه حتى لا يخسر جمهوره على حد قوله: “الأستاذ أحمد السقا بهني أبو تريكة بتهنيه على ايه؟ بتورط نفسك ليه؟ ما زال أبو تريكة على قوائم الارهاب ومش جاي مصر لأنه هربان”. وأضاف: “ولأنها سقطة من السقا وعنده جمهور عريض بيكرهوا أبو تريكة اللي مول الارهابيين في رابعة ورفض يسلم على قيادات القوات المسلحة والمشير طنطاوي”.
الممثل الكبير احمد السقا
انا مش قصدي اوقع بينك وبين حد
بس علي فكرة احمد موسي شتمك في البرنامج بتاعة ✋✋✋— mohamed (@mohamed65958) July 4, 2018
غير أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي شنوا بدورهم هجوما على موسى، مستنكرين لغة التهديد المستخدمة ضد السقا، معبرين عن حبهم الشديد لأبو تريكة ودعمهم له مهما كانت النتائج.
حكم يحرج النظام
لاشك وأن قرار النقض بإلغاء الحكم الصادر في 12 يناير 2017 من محكمة جنايات القاهرة بناء على طلب قدمته النيابة العامة لإدراج “أبو تريكة” و1537 آخرين على قوائم الإرهاب إعمالًا لقانون الكيانات الإرهابية، يمثل حرجا للنظام الحاكم بأكمله، حسبما أشار الكاتب الصحفي، جمال سلطان.
الحكم في مضمونه أخلاقي ورمزي أكثر منه قضائي، خاصة وأنه لا يترتب عليه تبرئة اللاعب من كل التهم المنسوبة إليه كما سيرد لاحقًا، إلا أن إسراع الدولة ممثلة في نيابتها العامة بإقحام الرجل في قضية جديدة “تهرب ضريبي” تكشف عن حالة تربص واضحة وتعنت ملحوظ في إدخاله دوامة التأرجح ما بين قرارات الإدراج بقوائم الإرهاب وإلغائها من جانب، واستحداث منصات قضائية بديلة للهجوم عليه إن تطلب الأمر من جانب آخر.
كشفت ردود فعل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي على قرار النقض الجماهيرية الكبيرة للاعب المصري، التي تتناسب طرديًا مع قوة الهجوم عليه
البعض اعتبر قرار الأمس انتصارا للحس الشعبي الذي راهن منذ البداية على تبرئة تريكة من كافة التهم المنسوبة إليه، هذا في الوقت الذي تواصل فيه أبواق إعلام النظام تشويه صورته ونعته ما بين الحين والآخر بـ “الإرهابي” وهي الرسائل التي لم تجد صدى لها رغم تكثيفها طيلة السنوات الماضية.
محكمة النقض ، أعلى محكمة مصرية ، تبطل قبل قليل حكم إدراج اللاعب الدولي محمد #ابوتريكة على قوائم الإرهاب ، الحكم أخلاقي ورمزي ، لأنهم استبقوه بحكم آخر جديد ، لكنه حكم كاشف ومحرج للغاية للنظام بكامله
— جمال سلطان (@GamalSultan1) July 4, 2018
هل يتغير الموقف القانوني؟
حالة الفرح التي قوبل بها حكم النقض دفعت البعض إلى التساؤل عن توقيت عودة اللاعب المحبوب لأرض الوطن ظنًا بأن قرار الأمس هو جواز سفر لعودته مرة أخرى، وتبرئة كاملة لساحته من كل التهم المنسوبة إليه، لكن الواقع يشير إلى غير ذلك تمامًا، إذ أن الرجل لا يزال على قوائم الإرهاب حتى الآن رغم الحكم الأخير، وهو ما يقود إلى العودة للوراء قليلا.
البداية تعود حين طعن أبو تريكة ومن معه على قرار إدراجه على قوائم الإرهاب 2017 أمام محكمة النقض خلال الفترة المحددة للطعن وهي 60 يومًا، وأوصت نيابة النقض بإلغاء قرار الإدراج، وحددت المحكمة جلسة الأمس للنطق بالحكم، وصدر حكمها السالف الإشارة إليه بإلغاء قرار الجنايات.
الموقف القانوني لأبو تريكة لم يتغير بعد، كونه لا زال مدرجا على قوائم الإرهاب بموجب قرار محكمة الجنايات الصادر في أبريل الماضي، وعليه سيظل ممنوعا من السفر حال نزوله لمصر فضلا عن تجميد أمواله وممتكاته حتى يتم إلغاء قرار إدراجه الثاني
وهنا سؤال: هل يعني ذلك رفع اسم أبو تريكة من قوائم المنع من السفر وترقب الوصول ورفع قرار تجميد أمواله؟ الإجابة بالقطع لا، إذ أن محكمة الجنايات أصدرت قرارًا في 19 إبريل الماضي، نشرته الوقائع المصرية، ملحق الجريدة الرسمية، في 30 أبريل، بإعادة إدراج أبو تريكة و1528 آخرين على قوائم الإرهاب، للمرة الثانية على التوالي.
وفقا لما تضمنته حيثيات الحكم الثاني حينها، فقد قدم النائب العام مستندات وأدلة جديدة لمحكمة الجنايات فى الطلب المقيد برقم 5 لسنة 2018 “إدراج على قائمتي الكيانات الإرهابية والإرهابيين” بشأن القضية رقم 620 لسنة 2018 حصر نيابة أمن الدولة العليا، أصدرت المحكمة بناء عليها قرارها.
سؤال آخر يفرض نفسه: ما هو الفرق بين القرار الأول الذي ألغي بالأمس والثاني الذي لم يحدد موعد البت في نقضه بعد؟.. قرار الإدراج الأول كان لمدة 3 سنوات، بينما القرار الثاني فإن الإدراج على قوائم الإرهاب لمدة 5 سنوات وذلك عقب تعديل قانون الكيانات الإرهابية فى 2017.
ومن ثم فإن الموقف القانوني لأبو تريكة لم يتغير بعد، كونه لا زال مدرجا على قوائم الإرهاب بموجب قرار محكمة الجنايات الصادر في أبريل الماضي، وعليه سيظل ممنوعا من السفر حال نزوله لمصر فضلا عن تجميد أمواله وممتكاته حتى يتم إلغاء قرار إدراجه الثاني.