تواصلت الاحتجاجات التي تخّللتها أعمال عنف وشغب ليل الجمعة إلى السبت في مدينة نانت غرب فرنسا لليوم الرابع على التوالي، احتجاجا على وفاة أبوبكر فوفانا، الذي قُتل على يد جهاز الأمن الوطني ليلة الثلاثاء أثناء عملية تفتيش.
ليلة رابعة من المواجهات بين الشرطة وشبان غاضبين
حصيلة الليلة الرابعة من الاحتجاجات، حرق عشرات السيارات، حيث أفاد مصدر في الشرطة لوكالة الأنباء الفرنسية بأن عددا من السيارات تضررت من جراء حريق بعد منتصف الليل، مشيرا إلى أن مجموعة من 20 إلى 30 شخصا مقنعين كانوا متواجدين في حي بيلفو حيث كانت تدور الأحداث.
في ساعة متأخرة من ليلة أمس، تم إحراق سبع سيارات في أورفلت، وريزي، وأحياء نانت بريل وبيلفو. وقالت الشرطة الفرنسية إنه تم رشقهم من قبل المحتجين بزجاجات المولوتوف الحارقة، ما استدعى استعمالهم للغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
احتجاجات الليلية الماضية، بدأت بعد ساعات قليلة من الافراج عن الضابط الذي قتل فوفانا
ووفقا لرجال الإطفاء، فقد عرفت نانت ليلة البارحة حرق 35 سيارة جديدة، كما تضررت قاعة بلدية ملحقة ووكالة بولي ومكتب شرطة ومدرسة ثانوية، كما كانت الخدمات العامة كانت أيضا ضحية لموجة العنف حيث تم استهداف مركز للضمان الاجتماعي ومركز صحيا هناك، فضلا عن تضررت عديد المحلات التجارية.
وفي الليل من يوم الخميس إلى يوم الجمعة، تضررت ثمانية مبانٍ عامة وأخرى خاصة وأحرقت أكثر من 50 سيارة بشكل كامل في ما يسمى بأحياء “حساسة” في نانت. كما تم حرق السيارة الشخصية للعمدة جوانا رولاند.
تفاصيل الحادثة حسب الادعاء العام
احتجاجات الليلية الماضية، بدأت بعد ساعات قليلة من الافراج عن الضابط الذي قتل فوفانا بعد مراجعة قضائية، وطوال الليل تواجهت قوات الأمن مع عدد من المحتجين قبل أن يعود الهدوء عند قرابة الساعة الرابعة صباحا.
وتأتي أعمال العنف هذه إثر مقتل شاب في الـ22 من عمره مساء الثلاثاء في حي براي أثناء عملية للشرطة. ووفقا للادعاء العام، فإن عملية قتل الشاب مرّة بثلاث مراحل، حيث تمثّلت المرحلة الأولى في إيقاف الشرطة لأبوبكر فوفانا الذي أعطاهم هوية مزورة، لتطلب منه الشرطة بذلك إيقاف السيارة وتتبعهم إلى مركز الشرطة في المنطقة الباريسية في غارج-لي-غونيس التي كان يتحدر منها والتي اندلعت فيها المواجهات.
تتمثّل المرحلة الثانية في هرب فوفانا، في الاتجاه المعاكس، والمناورة بشكل خطيرة في اتجاه ضابط شرطة بجانبه طفلين، فاضطر الشرطي لرمي نفسه على جانب الطريق حاملا معه “فتاة كان يمكن ان تضربها سيارة الهارب.” ثم يقوم السائق بضرب سيارة متوقفة.
وتمثّلت المرحلة الثالثة وفقا للادعاء العام، في قيام السائق بمحاولة الهروب مرّة ثانية بعد محاولته صدم الشرطي في الاتجاه المعاكس، عندها قام ضابط الشرطة بإطلاق النار على السائق ويصيبه في العنق، بسبب “خطورة السائق وحماية الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا على مقربة من مسار السيارة”.
Deux vidéos tournées quelques minutes après le tir qui a tué Aboubakar Fofana, 22 ans, mardi, lors d'un contrôle policier à Nantes, montrent la sidération des riverains pic.twitter.com/SoLGMO5Uyk
— Le Parisien (@le_Parisien) July 6, 2018
ورفع ملف فوفانا الصادرة بحقه مذكرة توقيف بتهمة “السرقة ضمن عصابة منظمة”، إلى الدائرة العامة للشرطة الوطنية وطلب المحققون من أي شاهد التقدم للإدلاء بإفادته حول ملابسات الوفاة التي وصفها المتظاهرون بـ”خطأ الشرطة”، وبحسب مصادر أمنية فإن الشاب أصيب في الشريان السباتي وأعلنت وفاته لدى وصوله إلى المستشفى.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أشرطة مصورة للحظات توقيف الشاب من طرف الشرطة وأكد البعض من شهود عيان أن الضحية لم تحاول الفرار كما تزعم الشرطة وان الشرطي أطلق النار على الشاب المدعو أبوبكر من مسافة قصيرة.
احتجاجات تصل ضواحي باريس
هذه الاحتجاجات امتدت إلى الضاحية الشمالية لباريس في سارسيل، حيث خرج حوالي 200 شخص في مسيرة تخللتها “إلقاء بعض المقذوفات” باتجاه مفوضية الشرطة في الحي سارسيل. ولم يحل انتشار كثيف لقوات الأمن في المدينة دون تدفق مجموعات من الشباب إلى الشارع.
حكمت إحدى المحاكم في المدينة على ثلاثة من المعتقلين تتراوح أعمارهم بين 20 و31 سنة بالسجن أربعة أشهر
وأكشفت الشرطة في وقت لاحق أن الشاب الذي قتل مساء الثلاثاء كان مطلوبا بموجب مذكرة توقيف صدرت بحقه في يونيو/ حزيران 2017 في قضية تتعلق باالسرقة في إطار عصابة منظمة وتشكيل عصبة أشرار وحيازة مسروقات، بحسب النيابة العامة.
حظر شراء وبيع الوقود
نتيجة هذه الاحتجاجات، اتخذ حاكم لوار أتلانتيك أمرين لحظر شراء وتجارة الوقود وبيع الألعاب النارية حتى 13 يوليو في تكتل نانت، حتى لا يتم استعمالها في أعمال العنف والشغب المتواصلة في أحياء عدّة من المدينة.
وكانت الشرطة الفرنسية قد أوقفت 11 شخصا الخميس، في حي براي حيث قتل الشاب في المنطقة الباريسية في غارج-لي-غونيس، الحي الذي يقطنه فوفانا واندلعت فيه المواجهات. وقال مصدر قريب من الملف “اعتقل هؤلاء الأشخاص بسبب أعمال العنف وإلقاء مقذوفات ومحاولة إشعال حريق”، وفقا لفرانس 24.
وحكمت إحدى المحاكم في المدينة على ثلاثة من المعتقلين تتراوح أعمارهم بين 20 و31 سنة بالسجن أربعة أشهر يوم أمس الجمعة موقوفين بسبب أعمال العنف التي ارتكبت في اليوم التالي لوفاة أبو بكر فوفانا، وهي عقوبة أقل بكثير من طلبات النيابة، وفق قول ممثلها.
مشاهد مكرّرة
تعيد هذه الاشتباكات بين شباب الأحياء ورجال الأمن، مسألة التوتر المستمر بين الطرفين منذ فترة طويلة، إلى أذهان الفرنسيين، فكثيرا ما تشهد أحياء المدن الكبرى على غرار باريس ومارسيليا وليون، مواجهات وبين الشرطة والشباب، نتيجة ما يصفه المتساكنين بالمعاملة السيئة ضدّهم من قبل الأمن الفرنسي.
فيما تقول السلطات الأمنية إن تدخلاتها في تلك الأحياء تتم بهدف التصدّي للجريمة المنظمة وعمليات العنف الممنهجة الممارسة هناك من قبل بعض الشباب، واضطرت السلطات الفرنسية في مناسبات سابقة إلى هدم عديد المباني الكبيرة حتى يتسمنّ لها تفريق المتساكنين على أحياء مفرقة للحدّ من خطورتهم وفق تصريحات مسؤولين في الدولة.