أقر مجلس الوزراء المصري، وهو الحكومة الثانية التي يعينها الجيش عقب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في انقلاب عسكري، الخميس الماضي، مشروعين بتعديل قانون العقوبات لتشديد العقوبة على الجرائم الإرهابية، وكذلك تعديل قانون الإجراءات الجنائية فيما يخص مكافحة جرائم الإرهاب، ورفعهما للرئيس المُعين عدلي منصور لإقرارهما.
القانون الذي تم تعديله عام 1992 بأوامر من حسني مبارك حينها للتعامل مع خطر الإرهاب تم تعديل ثلاث مواد فيه خلال الأسبوع الماضي.
المادة الأولى من قانون مبارك كانت تنص على تعريف الإرهاب وتقول إنه “كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع، يلجأ إليه الجاني تنفيذًا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو بالمواصلات أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح”.
أما في التعديلات الجديدة، فتضمنت إضافة على مفهوم الإرهاب: “كل سلوك يرتكب بقصد تحقيق الإضرار بالاتصالات والنظم المعلوماتية والنظم البنكية والاقتصاد الوطني أو مخزون الطاقة أو المخزون الأمني من السلع والمواد الغذائية والمياه أو بسلامتها أو بالخدمات الطبية في الكوارث والأزمات”.
كما تم تخصيص فقرة خاصة في التعديلات الأخيرة للتعريف بتمويل الإرهاب وهي: “كل إتاحة أو جمع أو تلقي أو حيازة أو إمداد بشكل مباشر أو غير مباشر وبأي وسيلة لأموال أو أماكن أو أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو مهمات أو آلات أو بيانات أو معلومات أو مواد أو غيرها بقصد استخدامها كلها أو بعضها في ارتكاب أي جريمة إرهاب من قبل فرد أو من قبل جماعة إرهابية”.
كما استحدثت التعديلات الجديدة مادة خاصة تنص على أنه “يعاقب بالإعدام أو بالسجن المؤبد (25 عامًا) كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار جماعة إرهابية أو تولى زعامة أو قيادة فيها”، بينما كانت العقوبة في عهد مبارك هي السجن المؤبد.
كما تم استبدال عقوبة الاشغال الشاقة المؤقتة (السجن لمدد مختلفة مع إجبار المسجون على العمل داخل السجن مع إمكانية إعفائه من العمل إذا أظهر سلوكًا حسنًا) بالسجن المشدد يعني (تغليظ العقوبة ووضع المتهم في سجن شديد الحراسة) لكل من تولى زعامة أو قيادة ما في الجماعات الإرهابية أو أمدها بمعلومات أو دعمها بأي صورة مع علمه بالغرض الذي تدعو إليه.
وأقرت التعديلات الجديدة أيضًا عقوبة السجن خمس سنوات ولا تزيد عن 10 سنوات لكل من انضم إلى إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجماعات أو العصابات المنصوص عليها في الفقرة السابقة أو شارك فيها بأية صورة مع علمه بأغراضها وكذلك كل من تلقى تدريبات عسكرية أو أمنية أو تقنية لدى الجماعة الإرهابية لتحقيق أغراضها أو كان من القوات المسلحة أو الشرطة.
ويعاقب أيضًا بذات العقوبة – وفقا للتعديلات الجديدة – “كل من روج بالقول أو الكتابة أو بأية طريقة أخرى للأغراض المذكورة في الفقرة الأولى وكذلك كل من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محررات أو مطبوعات أو تسجيلات أيًا كان نوعها تتضمن ترويجًا لشيء مما تقدم إذا كانت معدة للتوزيع أو لإطلاع الغير عليها وكل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية استعملت أو أعدت للاستعمال ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر”.
وفي نفس السياق، يُعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن 5 سنوات، كل من أنشأ موقعًا على شبكات الاتصالات أو شبكة المعلومات المحلية أو الدولية أو غيرها بغرض الترويج للأفكار أو المتعقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية.
من الواضح أن هذه التعديلات تستهدف كل المعارضين في مصر، وبمثل تلك التعريفات غير المحددة، فإن حيازة مطبوعات تدعو للتظاهر مثلا أو رفض قانون أو التصويت بـ”لا” في استقتاء أو مقاطعة انتخابات قد تُعد عملا إرهابيا يستوجب السجن من خمس لعشر سنوات.
وحددت التعديلات الجديدة في استهداف واضح للمصريين الذين سافروا إلى سوريا للقتال ضد نظام بشار الأسد – على سبيل المثال – عقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 10 سنوات بدلاً من عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو المؤبدة في التعديلات القديمة، وذلك في حالة كل مصري تعاون أو التحق بغير إذن كتابي من السلطة المختصة بالقوات المسلحة لدولة أجنبية وكذلك بأي جماعات مسجلة أو جمعية أو هيئة أو منظمة أو عصابة أيًا كانت تسميتها يكون مقرها خارج مصر وتتخذ من الإرهاب أو التدريب العسكري أو تعليم الفنون الحربية أو الأساليب القتالية أو التقنية أو الحيل أو المهارات وسائل لتحقيق أغراضها في الإعداد أو ارتكاب إحدى جرائم الإرهاب وذلك حتى ولو كانت أعمالها غير موجهة إلى مصر.
وفي مفارقة أخرى مقارنة بعهد مرسي، حدد القانون الجديد عقوبة مشددة للتعدي على “أحد المقار الرئاسية أو مقار المجالس النيابية أو مجلس الوزراء أو الوزارات أو المحافظات أو القوات المسلحة أو المحاكم أو النيابات أو مديريات الأمن أو أقسام ومراكز الشرطة أو السجون أو الهيئات أو الأجهزة الأمنية أو الرقابية أو الأماكن الأثرية أو المرافق العامة أو دور العبادة أو التعليم أو المستشفيات أو أي من المباني أو المنشآت العامة”.
أما “الجرائم الإلكترونية” فقد نصت التعديلات على أنه “يُعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن 10 سنوات كل من دخل بطريقة غير مشروعة موقعًا إلكترونيًا تابعًا لأي جهة من الجهات الأمنية أو القضائية دون أن يكون له الحق في ذلك وبقصد الحصول على البيانات أو المعلومات الموجودة عليها أو الإطلاع عليها أو تغييرها أو محوها أو إتلافها أو تزوير محتواها الموجود به”.