“الجرح يكبر كثيرًا، ومن يدري ماذا سيحدث في المباراة المقبلة، لو كنت مكانه لابتعدت، واعتزلت اللعب دوليًا”، هذا بعض مما صّرح به والد لاعب كرة القدم الألماني الدولي الشهير من أصل تركي مسعود أوزيل، بعد تصاعد حملة الشعبويين الألمان ضدّ ابنه وتحميله مسؤولية انسحاب “المنشافت” من نهائيات كأس العالم المقامة في روسيا.
هل يعتزل اللعب دوليًا؟
مصطفى أوزيل الذي أشرف لسنوات على مسيرة نجله الكروية أكّد أن اعتزال ابنه اللعب الدولي “قضية معقدة للغاية” لكنه اعترف بأنه لو كان مكان مسعود لاعتزل اللعب الدولي قائلاً: “أشكركم. هذا هو كل شيء”.
Have faith and thank God for all the blessings 🙏🏼 #M1Ö pic.twitter.com/eKSIsNxsmK
— Mesut Özil (@M10) July 7, 2018
ولم يحسم أوزيل حتى الآن الموقف بالنسبة لمستقبله مع المنشافت علما بأنه خاض 92 مباراة دولية مع الفريق حتى الآن. وكان اللاعب الذي يقضي عطلته حالياً، نشر صورة على موقع “تويتر” وكتب معها رسالة قال فيها: “أثق بالله وأشكره على كل نعمه”.
حادثة أوزيل تؤكّد تناقضات الألمان، فقبل أربع سنوات فقط تغنت الجماهير الألمانية كثيرًا بنجم منتخب “المنشافت” مسعود أوزيل
كلام والد أوزيل جاء ردّا على تصريحات سابقة لمدير المنتخب الألماني أوليفر بيرهوف الذي صرّح في مقابلة مع صحيفة “دي فيلت” الألمانية، بأنه ربما كان من الخطأ استدعاء أوزيل لصفوف الفريق في المونديال الروسي بعد الضجة التي أثارتها صورة اللاعب مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال مصطفى أوزيل، في مقابلة نشرتها صحيفة “بيلد آم سونتاغ” الألمانية أمس الأحد: “هذه التصريحات، من وجهة نظري، وقاحة، إنها تصريحات تقال فقط من أجل حماية رؤوسهم”، وأضاف “إنهم يبحثون عن كبش فداء”.
وقبل أيام قليلة، ودع المنتخب الألماني رسميًا مونديال روسيا 2018، وذلك من الدور الأول للمرة الأولى منذ أكثر من 80 عامًا، إذ مُني بطل العالم بهزيمتين أمام كل من المكسيك وكوريا الجنوبية، واقتنص فوزًا في الوقت بدل الضائع أمام المنتخب السويدي العنيد.
تناقض الألمان
حادثة أوزيل تؤكّد تناقضات الألمان، فقبل أربع سنوات فقط تغنت الجماهير الألمانية كثيرا بنجم منتخب “المنشافت” مسعود أوزيل، الذي كان له دورا بارزا في تتويج المنتخب الألماني بكأس العالم في البرازيل سنة 2014، بعد مباراة ماراثونية أمام المنتخب الأرجنتيني.
حينها، كال الكل يمدح ويتغنى بصاحب القدم اليسرى الساحرة، وبدأ الحديث عنه كنموذج ناجح للغاية فيما يخص اندماج الألمان من أصول أجنبية في المجتمع الألماني. بيد أن الصورة تغيرت الآن كثيرًا وأصبح أوزيل في مرمى انتقادات كثيرة.
يعتبر أوزيل أحد أبرز لاعبي منتخب ألمانيا
وانتقد مسعود أوزيل بشدة في ألمانيا بعد خيبة مونديال روسيا وخروجه من دور المجموعات للمرة الأولى في التاريخ منذ مونديال 1936، بعدما فقد المنتخب لقبه بحلوله رابعا وأخيرا في مجموعته في الدور الأول. وكانت الضغوط تزايدت على لاعب خط وسط أرسنال الإنجليزي قبل انطلاق البطولة بسبب الصورة التي جمعته بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتم استغلالها للتشكيك بولائه لألمانيا.
أوزيل مُطالب بالتوضيح
رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم رينهارد جريندل من جهته، طالب مسعود أوزيل نجم خط فريق أرسنال الانقليزي بإصدار بيان رسمي للرد على كافة الأسئلة التي طرحت في الفترة الماضية بشأن صورته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكذلك مستواه مع المنشافت في كأس العالم 2018.
وقال جريندل في تصريحات لمجلة “كيكر” الألمانية: “نريد بياناً رسمياً من مسعود أوزيل يرد من خلاله على الأسئلة التي طرحت خلال الفترة الأخيرة“. وأضاف: “يتوجب على أوزيل عندما يعود من إجازته الحالية أن يخرج للجميع ليتحدث بصراحة ووضوح“.
لم تقتصر حملة الانتقادات على حزب البديل الشعبوي فقط، بل وصلت أيضا الصحافة الرياضية
الانتقادات بدأت يوم 13 مايو/ أبريل الماضي، حين التقى لاعب أرسنال أوزيل ولاعب مانشتر سيتي غوندوغان بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في العاصمة البريطانية لندن، وأهداه كل منهما أمام عدسة المصورين قميص فريقه. وعلى قميص غوندوغان برقم 8 كُتب “مع احتراماتي لرئيسي المبجل“.
منذ ذلك الحين لم ينقطع وابل الانتقادات الموجهة إلى اللاعبين سواء من قبل الاتحاد الألماني لكرة القدم الذي كان من أوائل المنددين، كما دخلت المستشارة الألمانية على الخط معربة أن ما قاما به “أثار تساؤلات ودعا لسوء الفهم”.
تحت مرمى نيران الشعبويين
استغل حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي خروج المنتخب الألماني من الدور الأول لكأس العالم، للهجوم على أوزيل، وتحميله مسؤولية الاقصاء، حيث كتب يينس ماير، عضو البرلمان الألماني عن حزب البديل اليميني الشعبوي، تغريدة بعد إقصاء المنتخب الألماني جاء فيها: “دون أوزيل كنا سنفوز في المباراة”.
ونشر السياسي اليميني الشعبوي صورة لنجم خط وسط أرسنال الإنجليزي، مصحوبة بعبارة “هل أنت راضٍ يا رئيسي”. ويقصد ماير بهذه العبارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي استقبل عند زيارته للندن قبل حوالي شهر من انطلاق مونيدال روسيا لاعبيْ المنتخب الألماني مسعود أوزيل وزميله إيلكاي غوندوغان، وهما معا من أصول تركية.
فيما كتب المتحدث باسم حزب البديل كريستيان لوت في نفس الموقع يقول: “بإمكان أوزيل أن يكون سعيدا، مبروك أردوغان“. وقبل مباراة كوريا الجنوبية التي خرجت على إثرها ألمانيا، قال يورغ كونيغ، المسؤول عن السياسة الرياضية في الحزب اليميني الشعبوي، أن مع وجود أوزيل وغوندوغان “لا يمكن الحديث عن روح الفريق في ظل غياب الروح القتالية اللازمة لديهما لأنهما يلعبان بنصف قلبهما”، حسب تعبيره.
اللقاء الذي أثار جدلا كبيرا في ألمانيا
لم تقتصر حملة الانتقادات على حزب البديل الشعبوي فقط، بل وصلت أيضا الصحافة الرياضية، حيث شنت بعض الصحف الرياضية الألمانية حملة عنيفة على مسعود أوزيل، واتهمته بأنه من الأسباب المُباشرة في سقوط “المانشافت” المُدوي من الدور الأول، وأضافت أن نجم أرسنال قدم أداء باهتا للغاية في أكبر عرس كروي عالمي وخيب الآمال التي كانت معقودة عليه.
وخلال مشاركته ضدّ منتخب كوريا الجنوبية في الجولة الثالثة منافسات المجموعة السادسة في مونديال روسيا، تعرّض مسعود أوزيل إلى وابل من الشتائم من قبل جمهور المنتخب الألماني، حتى أنه دخل في مشادات كلامية مع بعض الجماهير كان يتوجه إلى غرفة تغيير الملابس.
وفي مايو الماضي، عبّر أكثر من ثلث الألمان خلال استطلاع أجري بينهم عن تأييدهم لحذف اسم لاعبي كرة القدم مسعود أوزيل وإلكاي غوندوغان من قائمة المنتخب الألماني “المانشافت” المشارك في بطولة كأس العالم بروسيا خلال الصيف الجاري، نظراً لالتقاطهم صوراً جماعية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.