عندما أرى ما يحدث للقضية الفلسطينية، وما يخطط ويدبر لها في الخفاء، وما يتم الترويج والدعاية له حول تصفية القضية الفلسطينية، أتساءل ما هي الاستراتيجيات والخطط التي يواجه بها القيادات والفصائل الفلسطينية الذي يحصل؟ وما هي الأوراق التي بأيديهم لمواجهة تلك التحديات؟ وكيف يسعون إلى مواجهة صفقة مدعومة من المحيط الإقليمي والدولي.
أقف خائفاً مرعوباً من هول ما أرى من القيادات والفصائل الفلسطينية، فالكل يغني على ليلاه، والكل لا يسعى إلا لمصالحه الخاصة والضيقة، وأشك أن هذه القيادات والفصائل على إدراك بمدى الخطر الذي تواجهه القضية الفلسطينية اليوم، فنحن نواجه معركة من أشرس المعارك وأخطرها، وتتعلق بوجود الفلسطيني، فأما نكون أو لا نكون.
صفقة القرن التي يروج لها تعمل على إنهاء كل ما هو فلسطيني، وإزالته من الوجود، وجعله أثراً من الماضي والتاريخ البائد، وفي وسط تلك الأحداث والأخطار المحدقة، ترى القيادات والفصائل الفلسطينية تتنازع بأشد ما يكون بينها، والكل يتهم الأخر، ولا أحد يدرك ماذا يخطط لهذه القضية، لكن أتساءل إذا كانوا يدركون حجم الخطر، فلماذا لا يتوحد الصف لمواجهة الخطر القادم؟ وإلى متى هذه الغيبوبة التي يعيش فيها هؤلاء؟
إن المحيط الإقليمي اليوم، يقف منا موقفاً معادياً لا يخفى على أحد، فالحكام العرب يسعون إلى إثبات أنفسهم أمام قبلتهم الأولى واشنطن، وليس هناك طريق لذلك إلا بإرضاء “إسرائيل”، الطفل المدلل للقطب الأوحد، و”إسرائيل” ومنذ نشأتها تبحث عن تحويل محيطها المعادي إلى محيط خانع ومستسلم لإرادتها ينفذ لها كل ما ترغب، لكن ليس بالسلاح بل بالحكام العرب الذين يرغبون في زيادة سيطرتهم على بلادهم، دون أي إزعاج من منظمات حقوق الإنسان أو المجتمع المدني.
متى تدرك القيادات والفصائل الفلسطينية اللحظة التاريخية التي نعيش فيها؟ فنحن نعيش صراع وجودي الآن فإما أن نبقى فلسطينيين بأرضنا وإما أن نزول من الوجود
والملاحظ أن الشعوب العربية تعاني اليوم، من حملات تغييب إعلامي مسعورة، تهدف إلى دفن الوعي، وغسل الدماغ، وتحويل القناعات، وجعل العدو صديق، والصديق عدو، وقد نجحت هذه الحملات بعض الشيء، ولكن نأمل ألا يزداد نجاحها، وأن تبقى الشعوب العربية محافظة على عدواتها الأصلية مع الكيان الصهيوني.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن على القيادات والفصائل الفلسطينية، ماذا سيحدث عند إعلان صفقة القرن؟ وكيف سيتم مواجهتها ومنع تصفية القضية الفلسطينية؟ وأرى أن لا جواب عندهم، فهم مشغولون عن ذلك بتفاهات وسفاهات الإنقسام البغيض الذي جرعنا الويلات وأذاقنا المرارات. ومتى نتوحد إن لم نتوحد الآن، ونقف أمام المشروع الذي يهدف إلى إزالتنا من الوجود، ومتى نعي أننا أبناء شعب واحد وأمة واحدة؟ وأن عدونا لن يفرق بين الفصائل الفلسطينية فالكل سواء عنده.
متى تدرك القيادات والفصائل الفلسطينية اللحظة التاريخية التي نعيش فيها؟ فنحن نعيش صراع وجودي الآن، فإما أن نبقى فلسطينيين في أرضنا وإما أن نزول من الوجود ونصبح مشتتين في أصقاع الأرض أكثر فأكثر.
الوعي بقيمة اللحظة التي نعيشها أول خطوة لمواجهة ما يحاك لنا، والخطوة الأولى على طريق الوحدة الوطنية بعيداً عن الإنقسامات الداخلية التي مزقت قضيتنا قطعاً، والتي بسببها نحن نعيش اليوم في هذه اللحظة الصعبة والحاسمة.