رغم أن “القوة الغاشمة” التي أذن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي باستعمالها، نزلت للقتال على الأرض بكلّ ثقلها، إلا أن الإرهاب لم يتوقّف في سيناء، بل واصل نفوذه وعمليّاته ضد القوات المصريّة داخل شبه الجزيرة المنكوبة.
6 أشهر منذ انطلاق أضخم عمليّة عسكرية في تاريخ مصر المعاصر، لم تكن كافية لاقتلاع الإرهاب من صحاري سيناء وكهوفها وجبالها، كما أنّها لم تنجح في إقناع وسائل الإعلام العربية والغربية بأنّ ما يحدث في سيناء “حرب ضدّ الإرهاب الأسود”، في وقت تتسرّب فيه فيديوهات وصور مروّعة بين الفينة والأخرى، تظهر تنفيذ “خير أجناد الأرض” إعدامات ميدانية في حقّ أهالي سيناء من المدنيين العزّل.
في 9 من فبراير الماضي، ألقى المتحدّث العسكري المصري العقيد أركان حرب تامر الرفاعي البيان الأول لعملية سيناء 2018، ممّا جاء فيه أن” العملية تهدف إلى المجابهة الشاملة للإرهاب والعمليات الإجرامية الأخرى وإنفاذ القانون وتنفيذ خطة المجابهة الشاملة للعناصر والتنظيمات الإرهابية والإجرامية بشمال ووسط سيناء ومناطق أخرى بدلتا مصر والظهير الصحراوي غرب وادي النيل، وضمان تحقيق الأهداف المخططة لتطهير المناطق التي تتواجد بها بؤر إرهابية”.
فشلت وزارتا الدفاع والداخلية المصريتان في القضاء على الإرهاب في سيناء في ظرف 3 أشهر مثلما أمر بذلك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمته التي ألقاها بمناسبة حفل المولد النبوي الشريف في شهر نوفمبر الماضي
5 أشهر مرّت على إلقاء البيان الأوّل، أتبعها 24 بيانا آخرا، ولا شيء تغيّر على الأرض، سوى تواصل منع السلطات المصريّة لوسائل الإعلام من دخول سيناء والتصوير في شوارعها والحديث مع أهلها بكلّ أريحيّة، تزامنا مع تواصل نشر الفرع المصري لتنظيم الدولة بياناته ونتائج عمليّاته ضدّ القوات المصرية، إضافة إلى بثّ إصداراته التي توثّق سير المعارك في شبه جزيرة سيناء.
لقد فشلت وزارتا الدفاع والداخلية المصريتان في القضاء على الإرهاب في سيناء في ظرف 3 أشهر مثلما أمر بذلك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمته التي ألقاها بمناسبة حفل المولد النبوي الشريف في شهر نوفمبر الماضي، والتي حمّل فيها رئيس أركان الجيش الفريق محمد فريد حجازي والداخلية أمام الشعب المصري كله، المسؤولية عن استعادة الأمن والاستقرار في سيناء خلال ثلاثة أشهر باستخدام كل القوة الغاشمة.
ليس هذا فحسب، فقد عجزت القوات المهاجمة عن تحقيق أهدافها الرئيسية الأربع التي وضعتها قبل انطلاق أكبر حملة عسكرية مصرية منذ عقود، وهي على التوالي “إحكام السيطرة على المنافذ الخارجية، وضمان تحقيق الأهداف لتطهير المناطق من البؤر الإرهابية، وتحصين المجتمع المصري من شرور الإرهاب والتطرف، بالتوازي مع مواجهة الجرائم الأخرى ذات التأثير”.
فور انطلاق الحملة العسكريّة على سيناء قبل 5 أشهر، شكّك كثيرون في حقيقتها وأهدافها الخفيّة، خاصة وأنها أتت قبل أسابيع قليلة من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية التي شارك فيها السيسي ضدّ مرشّح صوري، حتى أن البعض أكد أنها حملة انتخابية مبكّرة يهدف من ورائها “المشير” إلى تحقيق إنجاز جديد يغطّي به فضيحة إقصاء أحمد شفيق وسامي عنان من الترشّح في انتخابات مارس 2018.
النظام المصري لم ينجح في هزيمة “الإرهابيين التكفيريين”، بل ساهم في تمدّدهم إلى داخل المدن المصريّة الحيويّة
رغم كل الهالة الإعلامية المحيطة بهذه العملية العسكرية والإعلان عن اقتراب إعلان سيناء خالية من الإرهاب، إلا أن تقارير إعلامية أكدت مقتل وإصابة 10 جنود مصريين ظهر الجمعة 6 يوليو الجاري، في اشتباكات وقعت بين الجيش ومسلحي تنظيم “ولاية سيناء”، الذين هاجموا ارتكازا أمنيا بمدينة رفح المصرية، وهي المرة الثانية التي يهاجم فيها الارتكاز ذاته خلال أسبوع واحد.
خلال 7 سنوات من الحرب في سيناء، خسرت القوات المسلّحة المصريّة بمختلف فروعها وانتماءاتها الوظيفيّة نحو ٢٠٠٠ من رجالها، بسبب حدّة المعارك والمواجهات الدائرة في تلك المنطقة النائية والمهمّشة منذ عشرات السنين، ولكن النظام المصري لم ينجح في هزيمة “الإرهابيين التكفيريين”، بل ساهم في تمدّدهم إلى داخل المدن المصريّة الحيويّة، ليفجّروا ويقتلوا ما شاء لهم من المسيحيين الأقباط وغيرهم.
إن نظام عبد الفتاح السيسي لن ينجح في اقتلاع الإرهاب من جذوره وهزيمة المتبنّين لفكره، ما دام جيشه يواصل تفجير منازل المواطنين العزّل على مقربة من الحدود المصرية الفلسطينية المحتلة، إضافة لقتل وإصابة مئات المدنيين، واعتقال آلاف آخرين من دون مسوغ قانوني، حتى وإن خرج المتحدّث العسكري معلنا “سيناء خالية من الإرهاب”.