بدأت محكمة العدل الدولية في لاهاي الجلسة الأولى للنظر في دعوى تقدمت بها أمهات ضحايا مجزرة “سربينيتشا” ضد هولندا، تتهمها بالتقاعس عن حماية المواطنين البوسنيين قبل وقوع المجزرة عام 1995.
وتضمنت الدعوى المفتوحة باسم 6000 قتيل قُتلوا بالمجزرة التي ارتكبتها القوات الصربية تثيبت التهمة على هولندا أولاً، ومن ثم مطالبتها بدفع تعويضات.
ومذبحة “سربرنيتسا” أو “سربرنيتشا” هي مجزرة شهدتها البوسنة والهرسك سنة 1995 على أيدي القوات الصربية وراح ضحيتها حوالي 8 آلاف شخص ونزح عشرات الآلاف من المدنيين المسلمين من المنطقة، وتعتبر هذه المجزرة من أفظع المجازر الجماعية التي شهدتها القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.
في أبريل 1993 أعلنت الأمم المتحدة بلدة سريبرينيتسا الواقعة في وادي درينا في شمال شرق البوسنة “منطقة آمنة” تحت حماية قوات الأمم المتحدة، ممثلة بعناصر الكتيبة الهولندية في قوات الأمم المتحدة والتي يبلغ تعدادها 400 عنصر؛ وبناءًا على ذلك قام المتطوعون البوسنييون الذين كانوا يدافعون عن المدينة بتسليم أسلحتهم.
وفي ذات الوقت، قامت القوات الصربية وبأوامر مباشرة من أعضاء هيئة الأركان الرئيسية لجيش جمهورية صربيا – القادة العسكريين والسياسيين – بالقيام بعمليات تطهير عرقي ممنهجة ضد المسلمين البوسنيين والمعروفين باسم “البوشناق” وقد حدثت على مرأى من الفرقة الهولندية التابعة لقوات حفظ السلام الأممية دون أن تقوم بأي شيء لإنقاذ المدنيين، علمًا بأنها كانت قد طلبت من المسلمين البوسنيين تسليم أسلحتهم مقابل ضمان أمن البلدة، الأمر الذي لم يحصل بتاتًا، فبعد دخول القوات الصربية البلدة ذات الأغلبية المسلمة، في يوليو 1995، قامت بعزل الذكور بين 14 و 50 عامًا عن النساء والشيوخ والأطفال، ثم تمت تصفية كل الذكور بين 14 و50 عامًا ودفنهم في مقابر جماعية كما تمت عمليات اغتصاب ممنهجة ضد النساء المسلمات.
وفي عام 2004 أعلنت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي الخاصة بيوسغلافيا السابقة “أن ما حصل في سربرنتسا هي عملية تطهير عرقي عن سبق الإصرار والترصُّد، وذلك وفقًا للقوانين الدولية، باعتبار توافر أدلة قطعية تدين القادة الصرب الذين خططوا للمجزرة”.
وكان القضاء الهولندي أصدر في وقت سابق قرارًا يُحمل القوات الهولندية – التي عملت ضمن بعثة الأمم المتحدة في البوسنة والهرسك – المسئولية عن قتل 3 بوسنيين بداعي تقاعسهم عن حمايتهم وألزمت الدولة الهولندية بدفع تعويضات لذويهم.