بدأت المرأة التركية بالظهور في الساحات السياسية منذ عام 1908 أي في فترة حكم الدولة العثمانية، وأسست حينها أول حزب باسم “حزب النساء الشعبي” بقيادة نزيهة محي الدين التي اعترضت في بداية الأمر على قرار منع المرأة من التصويت في الانتخابات، إلى أن تحققت هذه الغاية عام 1930 بعد تأسيس الجمهورية التركية.
بعد أن حصلت المرأة على حقها بالتصويت أرادت أن تحجز لنفسها مكانًا في البرلمان، لتدخل 17 نائبة للمرة الأولى إلى مجلس النواب عام 1935، ورغم أن وجودها في هذه المناصب الحكومية كان شكليًا فإنها حصلت على مجدها عندما تولى حزب العدالة والتنمية الحكم في البلاد ومنحها فرصًا واسعة للمشاركة في الحياة السياسية.
التشكيلة الوزارية الجديدة في تركيا
اتضح هذا النهج يوم أمس عندما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مؤتمر صحفي بالمجمع الرئاسي التشكيلة الوزارية الجديدة التي قلصها من 26 وزيرًا إلى 16 وزيرًا بينهم امرأتان، إحداهما وزيرة للعمل والأسرة والأخرى وزيرة للتجارة.
زنقين: “المرأة التركية المحافظة واجهت تحديات كبيرة في مجال السياسة، إلا أن حزب العدالة والتنمية دفعها للمشاركة والتغيير، إذ إنك تجد عددًا كبيرًا من النساء كأعضاء مجالس في البلديات”
وتعليقًا على سياسة الحزب في دمج المرأة التركية في الحياة السياسة، صرحت المحامية وعضو اللجنة التنفيذية لحزب العدالة والتنمية أوزيليم زنقينن في مقابلة سابقة لها مع صحيفة “دايلي صباح” أن الرئيس رجب طيب أردوغان أدرك من البداية أهمية وجود المرأة في الوسط السياسي، لأنه يعتقد أن المرأة أساس فعالية القرارات والمصير السياسي في تركيا، خلافًا مع بقية الأحزاب التي تبدو ظاهريًا داعمة للمرأة ولنشاطها السياسي وفي المقابل لا تجد وجودًا لمشاركتها في برامجهم أو انتخاباتهم.
وقالت المحامية زنقين إن أي حزب في تركيا يريد أن يصل إلى السلطة، لا بد له أن يكسب أصوات النساء الناخبات، ودون ذلك لن يستطيع الوصول إلى السلطة، مضيفة “المرأة التركية المحافظة واجهت تحديات كبيرة في مجال السياسة، إلا أن حزب العدالة والتنمية دفعها للمشاركة والتغيير، إذ إنك تجد عددًا كبيرًا من النساء كأعضاء مجالس في البلديات”.
روهصار بيكجان وزيرةً للتجارة
زوجة وأم لطفلين، ولدت عام 1958 في بلدة ديمرجي بمدينة مانيسا، تخرجت من جامعة إسطنبول التقنية من كلية الطاقة، كما حصلت على شهادة الماجستير من نفس الجامعة والتخصص، لتبدأ حياتها المهنية عام 1981 وتعمل في بنك تركيا للتنمية والصناعة، وتولت أيضًا مهمات أخرى في القطاع الخاص وأدارت شركات مختلفة.
عام 2005 عملت بيكجان كمؤسس في شركة “كارون” المحدودة للهندسة والتجارة المسؤولة عن مشاريع البنية التحتية وما يتعلق بها من إمدادات المياه وخطوط الغاز والنفط وأنابيب الري.
تشغل بكيجان حاليًّا منصب نائب الرئيس في مؤسسة الغرف التجارية وتبادل السلع، كما أنها عضو في منظمة التعاون الاقتصادي
وفي السنوات السابقة ترأست بيكجان مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية بين تركيا وسوريا والأردن والعراق وليبيا، وهي منظمة تلعب دورًا مهيمنًا في خلق فرص اقتصادية وتعاونية بين تركيا والدول الأخرى وتطورها إلى مشاريع واستثمارات تخدم البلاد.
تشغل بكيجان حاليًّا منصب نائب الرئيس في مؤسسة الغرف التجارية وتبادل السلع، كما أنها عضو في منظمة التعاون الاقتصادي وغرفة التجارة والصناعة، وعضو مؤسس في نادي سيدات الأعمال في مدينة إسطنبول.
زهرة زمرد السجلوقي وزيرة للعمل والخدمات الاجتماعية والأسرة
يعيدنا حجاب الوزيرة الجديدة السلجوقي إلى أشهر حوادث التمييز السياسي الذي تعرضت له النساء التركيات المحجبات في هذا المجال، عندما طردت أول نائبة تركية محجبة مروة صفاء قاوقجي من البرلمان بأمر من الرئيس السابق سليمان ديمريل، لأنها قررت حضور نقاشات البرلمان وهي مرتدية غطاء الرأس الذي اعتبر من أكبر العوائق في حياة المرأة الاجتماعية والتعليمية والسياسية في تركيا لفترة طويلة.
لكن وجود السلجوقي اليوم في الوزارة الجديدة يوثق انتصارًا للمرأة التركية المحجبة التي غابت صورتها عن الساحة بسبب القوانين العلمانية، وفي هذا الشأن كانت قد صرحت رئيسة الفرع النسائي في حزب الرفاه سيبال أرسلان، قائلة: “أردوغان من أعطى الهوية السياسية للمرأة وحوّلها من ضحية إلى لاعب قوي في الوسط، وهذا ما كانت المرأة بحاجته حتى تطور من نفسها”.
بدأت السلجوقي حياتها المهنية لتشغل منصب مساعد باحث في جامعة تكساس بين عامي 2003 و2007، وفي العام الأخير عملت كباحثة في منظمة التعاون الإسلامي
وبعيدًا عن الذكريات السياسية، ولدت زهرة زمرد عام 1979 في ولاية أوردو شمال تركيا، وتخرجت من مدرسة أتاتورك الأناضولية في أنقرة، وحصلت على منحة كاملة من جامعة بيلكنت المعروفة لتتوجه فيما بعد إلى الولايات المتحدة لدراسة الدكتوراه في الاقتصاد بجامعة ميتشغان، كما تخرجت من جامعة تكساس بعد أن تخرجت بدرجة دكتوراه ثانية من قسم إدارة الأعمال، وفي نفس الجامعة أيضًا درست ماجستير محاسبة وإدارة معلومات.
بعد ذلك بدأت حياتها المهنية لتشغل منصب مساعد باحث في جامعة تكساس بين عامي 2003 و2007، وفي العام الأخير عملت كباحث في منظمة التعاون الإسلامي، وحاليًّا تترأس منصب مدير في مركز أنقرة للإحصاء والمعلومات.
وخلال عملها في هذه المؤسسة، اشتغلت في مجالات وأبحاث عن القوى العاملة ومعدلات الفقر والتعليم والخدمات المصرفية والمالية والمساعدات التنموية، كما أنها قامت بإدارة وتنسيق مشاريع وبرامج تهدف إلى بناء تنمية مستدامة، كما أنها عضو مجلس في اتحاد المرأة والديمقراطية في أنقرة وعضو في جمعية خريجي جامعة بيلكنت.