بعد أن أدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الإثنين، اليمين الدستورية في مقر البرلمان، انتهى النظام البرلماني في تركيا وبدأ نظام الحكم الرئاسي. فالانتقال إلى النظام الرئاسي يعتبر تحولًا مهمًا في التاريخ التركي الحديث، إلا أن انعكاساته ستظهر بشكل واضح على المستويين السياسي والاقتصادي خلال السنوات المقبلة، فالنظام الجديد سيحقق الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي في البلاد وسينهي التباين بين السياسة المالية التي تشرف عليها وزارة المالية، والسياسة النقدية الخاصة بالبنك المركزي.
وتعهد الرئيس أردوغان في مراسم حفل تنصيبه بالمجمع الرئاسي في العاصمة أنقرة، بإغلاق باب السياسات الخاطئة في تركيا، وأكد أنه يسعى لتحقيق شعار تركيا قوية وحكومة قوية، متعهدًا بالاستمرار في مكافحة التنظيمات الإرهابية، كما شدد على أن تركيا ستشهد تقدمًا خلال العهد الجديد في المجالات كافة، بدءًا من الديمقراطية والحقوق والحريات الأساسية، وصولًا إلى الاقتصاد والاستثمارات.
تواجه الإدارة الاقتصادية تحديات عدة تتعلق بالحفاظ على المكتسبات التي تحققت خلال السنوات الماضية، مثل معدل النمو المرتفع والسياحة والصادرات ومواجهة بعض التحديات مثل ارتفاع معدل التضخم وانخفاض سعر الليرة
وتهدف الإدارة الاقتصادية الجديدة التي شكلها الرئيس أردوغان إلى اتخاذ خطوات فعالة بشأن التضخم والبطالة والعجز في الحساب الجاري، والتركيز على الانضباط المالي وتقديم حلول مستدامة للمشاكل الهيكلية الاقتصادية.
حيث تشكلت الحكومة الجديدة من 16 وزيرًا، وضمت الإدارة الاقتصادية الجديدة كل من بيرات البيرق وزير الخزانة والتمويل، وفاتح دونماز وزير الطاقة والموارد الطبيعية، وجاهد توران وزير النقل والبنية التحتية، ومراد كوروم وزير البيئة والمدن، وبكير باكديميرلي وزير الزراعة والغابات، ومحمد أرسوي وزير الثقافة والسياحة، وزهراء سلجوق وزيرة العمل والخدمات الاجتماعية وشؤون الأسرة، وروحصار بيكجان وزيرة التجارة، ومصطفى وارنك وزير الصناعة والتكنولوجيا.
وتواجه الإدارة الاقتصادية تحديات عدة تتعلق بالحفاظ على المكتسبات التي تحققت خلال السنوات الماضية، مثل معدل النمو المرتفع والسياحة والصادرات ومواجهة بعض التحديات مثل ارتفاع معدل التضخم وانخفاض سعر الليرة واضطرابات سوق الصرف وعجز الميزان التجاري وزيادة الديون الخارجية.
إلا أنه عقب إعلان البدء بنظام الحكم الرئاسي الجديد، تراجع سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار بنسبة بلغت 3.5%، ليصل حد 4.74 للدولار الواحد بعد أن كان يعادل 4.55 صباح نفس اليوم، وأرجع موقع بلومبيرغ الأخباري الأمريكي ذلك إلى تعيين أردوغان لصهره بيرات البيرق وزيرًا للخزانة والمالية، الأمر الذي زاد من قلق المستثمرين من قدرة الحكومة على تهدئة الأسواق المالية، فضلاً عن زيادة المخاوف بشأن استقلال البنك المركزي، إذ يعزو بعض الخبراء تدهور الليرة التركية إلى قلق المستثمرين بشأن هيمنة الرئيس أردوغان على السياسة النقدية، وتوسيع هذا الاتجاه بعد فوزه بالرئاسة مجددًا.
لا بد للإدارة الاقتصادية الجديدة إيجاد حلول ناجعة كتنويع الاستثمارات الأجنبية والانفتاح أكثر على القارة الآسيوية والإفريقية والبحث عن بدائل استثمارية عربية
ومن المنتظر أن تصدر وكالة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني، تقريرها عن الاقتصاد التركي في 13 من يوليو/تموز الحاليّ، وكذلك وكالة ستاندرد آند بورز (S & P) في 17 من أغسطس/آب القادم، التي أثارت تقاريرها السابقة الجدل بشأن استقرار الاقتصاد التركي، بعد أن خفضت وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني السيادي للعملة الأجنبية في تركيا، بسبب ما أسمته “زيادة اختلالات الاقتصاد الكلي”.
ويبقى الاقتصاد في مقدمة أولويات المرحلة المقبلة والعامل الأكثر متابعة من المواطنين الأتراك والمستثمرين المحليين والأجانب، وبالتالي لا بد للإدارة الاقتصادية الجديدة إيجاد حلول ناجعة كتنويع الاستثمارات الأجنبية والانفتاح أكثر على القارة الآسيوية والإفريقية والبحث عن بدائل استثمارية عربية وفصل الملف الأمني والسياسي عن الملف الاقتصادي في التعاطي مع أوروبا وأمريكا.