ترجمة وتحرير: نون بوست
خلال ليلة 12 تموز/ يوليو، هاجمت طائرات إسرائيلية ثلاثة أهداف عسكرية في سوريا، ردا على اختراق الطائرات السورية دون طيار للمجال الجوي الإسرائيلي. وقد وقعت هذه الهجمة بالتزامن مع المحادثات التي احتضنتها موسكو في 11 تموز/ يوليو، بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نتانياهو، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
في الحقيقة، يركز السياسيان على مناقشة الأوضاع في سوريا على وجه التحديد، إذ يطالب الجانب الإسرائيلي بنقطتين رئيسيتين فيما يتعلق بالمسألة السورية، تتمثل أولهما في منحه “حرية التصرف” تجاه أي تهديد قادم من الأراضي السورية ضده، في حين تتمحور النقطة الثانية حول سحب القوات الإيرانية من سوريا.
في هذا السياق، ووفقا لمصادر إسرائيلية، نزلت روسيا عند طلب الجانب الإسرائيلي القاضي بسحب القوات الإيرانية المتمركزة على الحدود. ومن المثير للاهتمام أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي تتزامن مع وصول مستشار قائد الثورة الإسلامية للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، إلى موسكو لمناقشة بعض القضايا الدولية.
من جانبها، اعترفت “إسرائيل” أنها هاجمت ليلة الخميس الأراضي السورية، مشيرة إلى أن ذلك كان ردا على أعمال عدوانية واضحة من الجانب السوري أو القوات الموالية لإيران. وفي وقت سابق، أي يوم الأربعاء، اعترضت العسكرية الإسرائيلية طائرة دون طيار تابعة للجيش السوري باستخدام صواريخ باتريوت.
بعد المحادثات في الكرملين، توجه نتانياهو لمشاهد مباراة كرة القدم في ملعب لوجينكي، في حين رد الجيش الإسرائيلي على الجانب السوري، وفقا لما أكدته الوكالة العربية السورية للأنباء “سانا”.
وفقا لما أفاد به المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي، جوناثان كونريكس “كانت الطائرة في مهمة استطلاع ولم تكن مسلحة”. كما أضاف قائلا: “قبل إطلاق النار على الطائرات دون طيار، نتأكد من أنها ليست طائرات روسية”. وحسب ما أكدته مصادر مؤكدة مقربة من الجيش الإسرائيلي، لم يتم إسقاط الطائرة دون طيار مباشرة بعد عبورها الحدود الإسرائيلية، وإنما استغرق الأمر بعض الوقت لمعرفة هويتها.
الجدير بالذكر أن الحادث وقع قبل ساعات قليلة من اجتماع فلاديمير بوتين مع بنيامين نتنياهو في الكرملين. وبالتأكيد، لم يمر الزعيمان مرور الكرام على هذه الحادثة. فمن جهته، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن “ما يحدث في سوريا عائد إلى الوجود الإيراني على أراضيها”، كما حذر قائلا: “ستمنع “إسرائيل” أي محاولة لاختراق حدودها الجوية أو البرية”. في الأثناء، رد عليه بوتين قائلا: “نحن نتفهم مخاوفكم”، في الوقت الذي اقترح فيه مناقشة المسألة بالتفصيل.
بعد المحادثات في الكرملين، توجه نتانياهو لمشاهد مباراة كرة القدم في ملعب لوجينكي، في حين رد الجيش الإسرائيلي على الجانب السوري، وفقا لما أكدته الوكالة العربية السورية للأنباء “سانا”. في هذا الصدد، أطلقت الطائرات الإسرائيلية عدة صواريخ باتجاه عدد من المنشآت التابعة للجيش السوري في خضر، وفي تل الكروم في ضواحي القنيطرة، ما تسبب في إلحاق أضرار مادية بها. وفي الوقت ذاته، أكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هذا الهجوم استهدف المنشآت العسكرية التابعة لحزب الله اللبناني.
في الواقع، لا يعد تأزم الأوضاع على الحدود السورية الإسرائيلية، بالتزامن مع المفاوضات بين القادة الروس والإسرائيليين، الأول من نوعه. ففي التاسع من آيار/ مايو، زار نتانياهو موسكو خلال احتفال النصر والتقى مع بوتين. وخلال ليلة العاشر من آيار/ مايو، تم إطلاق حوالي 20 صاروخا من “إسرائيل” على الأراضي السورية. وفي ذلك الوقت، زعمت “إسرائيل” أنها ترد على هجمات إيرانية وتستهدف القوات الإيرانية. وعلى العموم، لا يعتبر الهجوم الأخير على درجة عالية من الخطورة، لكنه يأتي في الوقت الذي تحاول فيه موسكو الحصول على ضمانات من تل أبيب بعدم التدخل في أي عملية عسكرية ضد الجيش السوري في جنوب البلاد.
في سبيل التقدم نحو غرب سوريا، تحتاج دمشق لضمانات بعدم تدخل تل أبيب، التي سبق وأن وعدت بالرد على أي هجوم يشن ضدها
في 19 حزيران/ يونيو، بدأت دمشق تبذل مساعيها لإعادة محافظة درعا تحت سيطرتها. وبعد ثلاثة أسابيع، وبفضل مساعدة القوات العسكرية الروسية، تم التوصل إلى اتفاق بشأن تسليم المعارضة السورية في شرق المحافظة لأسلحتها. فضلا عن ذلك، من المقرر أن يتم إجراء مفاوضات مماثلة في مناطق أخرى من جنوب سوريا. ولكن في حال فشلت المفاوضات، فستستمر العملية العسكرية.
في السياق ذاته، وفي سبيل التقدم نحو غرب سوريا، تحتاج دمشق لضمانات بعدم تدخل تل أبيب، التي سبق وأن وعدت بالرد على أي هجوم يشن ضدها. بالإضافة إلى ذلك، يطالب الإسرائيليون بعدم دخول الجنود السوريين إلى المنطقة منزوعة السلاح بين البلدين واحترام اتفاقية فك الاشتباك بين سوريا و”إسرائيل” التي تم توقيعها سنة 1974. تجدر الإشارة إلى أن موسكو تمثل الضامن الرئيسي لهذه النقاط.
تعليقا على نتائج المحادثات الإسرائيلية الروسية في موسكو، أكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن نتانياهو وصف الاتفاقات التي تضمن منع المواجهة مع الجيش الروسي في سوريا بأنها “إنجاز على المدى الطويل” لـ’إسرائيل”. وقد صرح نتانياهو قائلا: “إننا في موقف قوة. ففضلا عن أننا لن نكون مضطرين لمواجهة الروس، نحن قادرون على تنسيق العمليات العسكرية معهم”. كما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي على مدى أهمية الحفاظ على “حرية التصرف” في سوريا.
في الحقيقة، ستمنح موسكو “إسرائيل” حرية العمل في سوريا، في أي مكان يتعلق بالأهداف الإيرانية، إن كانت تابعة لحزب الله أو غيره. بعبارة أخرى، تشترط روسيا أن تكون الضربات موجهة للقوات الموالية لإيران وليس للجيش السوري، على الرغم من أن ذلك لم يتم تأكيده رسميا. وإلى جانب مناقشة الوضع العام في المنطقة الحدودية السورية الإسرائيلية، تهدف زيارة نتانياهو إلى مناقشة الحضور الإيراني في سوريا، قبل لقاء ترامب ببوتين في إطار قمة هلسنكي.
وفقا لمصادر إسرائيلية رسمية، سحبت روسيا القوات الإيرانية على بعد عشرات الكيلومترات من الحدود الإسرائيلية، ويبدو أن هذه المسافة تصل إلى 80 كيلومترا
بحسب ما أكدته وسائل إعلام إسرائيلية، يلعب رئيس الوزراء الإسرائيلي دور الوسيط بين روسيا والولايات المتحدة فيما يتعلق بالمسألة السورية، علما وأن الموقف الأمريكي يتوافق مع الموقف الإسرائيلي إلى حد كبير حول هذه المسألة. وفي وقت سابق، أشارت وسائل إعلام إسرائيلية أن جوهر المفاوضات الإسرائيلية الروسية في الكرملين يتلخص في الصيغة التالية: في حين تعمل روسيا على سحب القوات الإيرانية من الحدود الشمالية لـ”إسرائيل”، ستتجنب “إسرائيل” من جهتها زعزعة استقرار نظام الأسد في سوريا.
في هذا الصدد، ووفقا لمصادر إسرائيلية رسمية، سحبت روسيا القوات الإيرانية على بعد عشرات الكيلومترات من الحدود الإسرائيلية، ويبدو أن هذه المسافة تصل إلى 80 كيلومترا. وفي هذا السياق، أكد نتانياهو أنه في حال علمت الاستخبارات الإسرائيلية بوجود قوات موالية لإيران في صفوف الجيش السوري، فسيكون ذلك أحد عوامل الخلاف مع نظام بشار الأسد. وأضاف نتانياهو أن “المشكلة الرئيسية لـ”إسرائيل” في سوريا تتعلق بالحركات المتطرفة من قبيل “حزب الله”، وتنظيم الدولة، فضلا عن القوات الإيرانية”.
أما بالنسبة للوساطة بين واشنطن وموسكو، فقد أكد نتانياهو أنه في محادثاته مع بوتين، تم التطرق إلى موضوع وجود الجيش الأمريكي في سوريا. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس الوزراء الإسرائيلي قوله: “سأترك هذه المسألة بين يدي الرئيس ترامب والرئيس بوتين”. كما أفاد نتانياهو أن “إسرائيل” تميل إلى الموقف الأمريكي، علما وأن الأمريكيين لن يغادروا سوريا حتى تنسحب القوات الإيرانية من هناك.
الجدير بالذكر أن هذا التصريح جاء على إثر لقاء الرئيس بوتين بعلي أكبر ولايتي في مقر إقامته في نوفو أوجاريفو. وتجدر الإشارة إلى أن المسؤول الإيراني بلّغ الرئيس الروسي رسالة من قبل المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، علي خامنئي، والرئيس الإيراني، حسن روحاني، فيما يتعلق بسياسة واشنطن تجاه طهران. ووفقا لما أكدته وكالة تسنيم الدولية للأنباء عشية المحادثات، لا تعير إيران تصريحات بنيامين نتانياهو أي اهتمام.
في الأثناء، أكد مصدر إسرائيلي مطلع على المحادثات التي تجري بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أن “إسرائيل تطمح لطرد إيران من سوريا. ومن جهتها، لا ترغب روسيا في وجود القوات الإيرانية في سوريا بعد الآن. وبناء على ذلك، من الواضح أن المصالح الإسرائيلية الروسية متوافقة في هذه النقطة بالذات”. كما أكد المصدر ذاته أن الإسرائيليين واثقون من نفوذ روسيا وقدرتها على طرد الإيرانيين من سوريا.
المصدر: كوميرسانت