تعرف الأحزاب الموريتانية المعارضة استعدادات كبرى للمشاركة في الانتخابات التشريعية والمحلية المقبلة، ومنافسة أحزاب الموالاة في البلاد للظفر بأغلبية مقاعد البرلمان والمجالس المحلية، رغم صعوبة المأمورية باعتراف قادتهم نتيجة العراقيل التي وضعت أمامهم.
عراقيل تسعى المعارضة لتجاوزها من خلال التحالف مع بعضها وتشكيل تحالفات تمكنها من مواجهة المولاة في هذه الانتخابات المهمة والمنتظرة في البلاد التي تتزامن مع اشتداد الصراع بين مختلف الأطراف السياسية في هذا البلد العربي.
التحالف الانتخابي للمعارضة الديمقراطية
في إطار هذه الجهود، أعلن 17 حزبًا سياسيًا معارضًا في موريتانيا تشكيل تحالف جديد يحمل اسم “التحالف الانتخابي للمعارضة الديمقراطية”، تمهيدًا لخوض الانتخابات التشريعية والبلدية والجهوية المقبلة، وأُعلن التحالف خلال مؤتمر صحفي شهد التوقيع على اتفاقية بين عدد من تشكيلات المعارضة الموريتانية.
وتتشكل الأطراف الموقعة على الاتفاق من: أحزاب المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة الذي يضم 11 حزبًا سياسيًا، بالإضافة إلى حزب تكتل القوى الديمقراطية وحزب الصواب وحزب التناوب الديمقراطي “إيناد” وحزب التجديد وحزب الوطن.
وأعلن قادة الأحزاب المذكورة خلال مؤتمر صحفي في نواكشوط الأربعاء أنهم قرروا التقدم بلوائح مشتركة في بعض الدوائر الانتخابية، وتنظيم حملة انتخابية مشتركة مع تنظيم حملات انتخابية لكل حزب على حدة.
أقرت الأحزاب أن يشارك كل حزب على حدة في اللوائح التشريعية ذات النسبية والدور
الرئيس الدوري لأحزاب منتدى المعارضة محمد ولد مولود قال إن الأحزاب الموقعة على الاتفاق ستتصدى لأي محاولة للتلاعب بالانتخابات أو تزويرها، وأشار ولد مولود إلى أن اللجنة المستقلة للانتخابات – الجهة المشرفة على الانتخابات – غير جاهزة فنيًا لتنظيم انتخابات، معتبرًا أن تنظيم الانتخابات في الموعد المحدد لها سيكون شبه مستحيل، لعدم جاهزية لجنة الانتخابات فنيًا.
وأكدت أطراف داخل التحالف الجديد أن أعضاء التحالف الانتخابي تلتزم بالتصويت لصالح أي عضو تأهل للشوط الثاني من الانتخابات، كما أن كل عضو في التحالف سينظم حملة انتخابية لبقية الأعضاء، مؤكدين وجود حملة انتخابية مشتركة ستطلقها المعارضة تحت اسم “حملة المعارضة”، ستعمل على مواجهة الحملات التي تنظمها أحزاب الأغلبية الحاكمة.
الموالاة تتوحد
الاتفاق الذي توصلت إليه أحزاب المعارضة، جاء بعد يومين من توقيع رؤساء 20 حزبًا من ائتلاف الأغلبية الحاكمة اتفاقًا يقضي بتوحيد جهودها في الانتخابات المقبلة، والتقدم بلوائح مشتركة في عدد من الدوائر الانتخابية.
وقررت الأحزاب – وبعضها ممثل في البرلمان الحاليّ – المشاركة بلوائح مشتركة في الدوائر التشريعية ذات الشوطين وكذلك في المجالس البلدية، وفي هذين يبقى الخيار مفتوحًا داخل هذا التجمع في انفراد حزب أو حزبين بلائحة حسب ما تراه تلك الأحزاب من مصلحتها.
أحزاب الموالاة تسعى لإعادة اكتساح البرلمان
وأقرت الأحزاب أن يشارك كل حزب على حدة في اللوائح التشريعية ذات النسبية والدور، إلا أنه بإمكان بعض أحزاب هذا التجمع تشكيل لوائح مشتركة في الدوائر التي بها أكثر من نائبين، ونصت الأحزاب الموقعة للاتفاق على أن يظل هذا التنسيق مفتوحًا أمام أحزاب الأغلبية كافة.
عدم حياد السلطة التنفيذية
أيام قليلة بعد تشكيله، قال التحالف الانتخابي للمعارضة الديمقراطية الذي يضم معظم أطياف المعارضة المشاركة في الانتخابات المقبلة، إن رفض سلطات بلادهم لقرار الهيئة المستقلة للانتخابات بتمديد أجل إيداع اللوائح البلدية والجهوية يؤكد عدم حياد السلطة التنفيذية بخصوص المسار الانتخابي.
وأضاف التحالف في بيان له أمس الجمعة أن اعتراض السلطة على قرار المستقلة للانتخابات يؤكد أن السلطة من يدير المسار الانتخابي، كما يعبر عن تناقض واضح يثبت عدم شرعية اللجنة الانتخابية أصلًا، وعجزها عن تنظيم انتخابات حرة وذات مصداقية.
رغم اختيارها التقدم بصفة مشتركة في هذه الانتخابات، فقد قلل خبراء موريتانيين من حظوظ المعارضة
وكانت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات قد مددت أمس الخميس أجل إيداع ملفات الترشح الخاصة بالانتخابات المحلية المقبلة، وهو القرار الذي رفضته الحكومة الموريتانية ممثلة في الوزارة الأولي، وقدمت طعنًا بخصوصه لدي المحكمة العليا التي علقت قرار المستقلة للانتخابات.
وأشار البيان إلى أن هذا التناقض المثير للسخرية أظهر عدم جدية المسار الانتخابي الحاليّ، ومدى الارتجالية التي تدير بها السلطة عملية بهذا الحجم من الأهمية بالنسبة لمصير البلد، ابتداءً من تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات، مرورًا بالتعثرات التي تطبع التسجيل على اللوائح الانتخابية، وعدم السماح بحضور المراقبين الدوليين ذوي المصداقية، وانتهاء بالمهزلة الحاليّة المتعلقة بآجال إيداع اللوائح.
حظوظ المعارضة في الفوز
رغم اختيارها التقدم بصفة مشتركة في هذه الانتخابات، فقد قلل خبراء موريتانيون من حظوظ المعارضة، حيث قال الباحث في الشأن السياسي الموريتاني الشيخ يب في تصريح لنون بوست “ﻻ أعتقد أن الانتخابات القادمة في موريتانيا ستختلف عن سابقاتها، فالنظام العسكري ما زال قائمًا والبيئة نفسها، الجديد أن أحزابًا بارزة من المعارضة ستشارك هذه المرة، بعدما قاطعت الانتخابات الماضية”.
وأضاف الباحث الموريتاني في حديثه لنون بوست “أعتقد أن حظوظ المعارضة ستبقى محدودة للغاية، خصوصًا في ظل تواصل تحكم الدولة في لجنة الانتخابات وكل الوسائل المتاحة لإجراء الانتخابات، هذا بالإضافة إلى عزوف المعارضة وبُعدها عن الساحة السياسية في الانتخابات المنصرمة”.
المعارضة الموريتانية تشكو عدم حياد النظام
عن أهمية التحالفات، قال الباحث الموريتاني: “حتى الآن شاهدنا تحالفات خجولة، لكن حسب رأينا ستتكرس التحالفات أكثر في الدور الثاني”، وتابع “كما هو معروف في موريتانيا تعتمد الأحزاب السياسية في كسب الناخبين أساسًا على القبيلة والجهة، فكل حزب سياسي يعمد ترشيح أفراد من القبيلة الأكثر في الجهة، وهو نفس ما شاهدناه في الترشيحات التي أعلنت حتى الآن”.
وتأتي هذا التجاذبات بينما حددت الحكومة مستهل شهر سبتمبر/أيلول المقبل موعدًا لأوسع انتخابات تشهدها البلاد، تشمل النواب وعمد البلديات وأعضاء المجالس الجهوية، كما حددت شهر مارس/آذار من العام المقبل لانتخابات الرئاسة التي سينتخب خلالها رئيس جديد غير الرئيس الحاليّ الذي يمنعه الدستور من الترشح لأكثر من ولايتين.