مدلولات أكبر صفقة تركية في مجال الصناعات الدفاعية

280920170923244029876_3

لم يكن مفاجئًا إعلان تركيا توقيع اتفاقية لتزويد باكستان بـ30 مروحية هجومية، فمن حيث الفكرة فقد كان مسار تركيا في هذا المجال يشير إلى هذا الأمر. وقد ذكرت في يناير 2018 في مقال بنون بوست بعنوان أحد أبعاد عملية غصن الزيتون: التصنيع العسكري التركي قائلاً “وربما تعقد تركيا المزيد من الصفقات العسكرية بعد عملية غصن الزيتون الجارية حاليًّا مع عدد من الدول الآسيوية والإفريقية وقد تكون باكستان وأذربيجان والكويت من هذه الدول”.

وربما كان عدد المروحيات أكبر من المتوقع خاصة أن الصفقة اعتبرت الأكبر من نوعها في مجال الصناعات الدفاعية العسكرية التركية، وكما أشرنا فإن تركيا أظهرت اهتمامًا بمجال التصنيع العسكري خلال السنوات القليلة الماضية وكان من الطبيعي بعد مدة من التصنيع أن تبدأ بالتصدير خاصة أن هذا المجال سيكون عاملاً مهمًا جدًا في دعم اقتصادها الذي يعتبر من المواضيع الحيوية ذات الأولوية في الفترة الحاليّة.

ولعل هذا كما ذكرنا يرتبط ارتباطًا مباشرًا وأساسيًا بالعمليات العسكرية الخارجية التي نفذتها تركيا خلال العامين الأخيرين وخاصة عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون، حيث أشركت تركيا في هذه العمليات مجموعة من الأسلحة المحلية التي أنتجتها وأثبتت بعض هذه الأسلحة نجاعتها وأهمية مشاركتها وقدرتها العالية على المناورة وتحديد الأهداف في المعارك إضافة إلى تميزها بوجود أسلحة مزودة بتكنولوجيا خاصة.

أكدت رئاسة الصناعات الدفاعية التركية، أن المباحثات بين شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية “توساش” ووزارة الإنتاج الدفاعي الباكستاني بشأن شراء الأخيرة مروحيات تركية من طراز “أتاك T129″، اكتملت

فعلى سبيل المثال “تحقق مروحية أتاك إصابة الهدف بشكل دقيق ومن مسافات بعيدة باستخدامها منظومة الرؤية الحرارية، ونظام الرؤية الليلية من الجيل الجديد، كما تستطيع إصابة المروحية المعادية دون رؤيتها من الطيار بالعين المجردة، وذلك من خلال تحديد إحداثياتها عبر منظومتها الليزرية، وتدميرها حتى لو كانت في الطرف المقابل لجبل ما أو أي حاجز كبير آخر”.

ومن مميزاتها وفقًا لتقرير عرضته وكالة الأناضول أن المروحية قادرة على حمل 8 صواريخ مضادة للدبابات بعيدة المدى من طراز “الرمح” محلية الصنع، و12 صاروخًا موجهًا محلي الصنع من طراز “جيريت”، إضافة لأربع صواريخ “ستينغر” (جو- جو).

وقد أكدت رئاسة الصناعات الدفاعية التركية أن المباحثات بين شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية “توساش” ووزارة الإنتاج الدفاعي الباكستاني بشأن شراء الأخيرة مروحيات تركية من طراز “أتاك T129” اكتملت، إضافة إلى التوافق على حزمة من العقود بخصوص التزويد بمواد احتياطية ولوجستي، وتوفير الذخائر والتدريب.

ويضاف لما سبق أن تركيا ستسلم باكستان أول سفينيتن حربيتين من طراز كورفيت في 2023 من ضمن 4 سفن تم الاتفاق عليهما، وقرر الجانبان، بناء اثنتين من السفن الأربعة في ترسانة إسطنبول، واثنتين في مدينة كراتشي جنوبي باكستان.

صفقة طائرات من دون طيار مع أوكرانيا

وفي هذا السياق أعلن مجلس الأمن القومي والدفاع في أوكرانيا، في مطلع شهر يوليو/تموز الحاليّ توقيعه اتفاقية لاستيراد طائرات دون طيار من تركيا وأوضح أن الاتفاقية تشمل أيضًا تأسيس مصنع مشترك لإنتاج هذه الطائرات، وقد وصل نائب وزير الدفاع ومجلس الأمن في أوكرانيا أوليغ جلادكوفسكي رفقة وفد إلى إسطنبول لزيارة شركة “شركة بايكار للآلات” المختصة في صناعة الطائرات دون طيار.

 توقيع القوات المسلّحة القطرية اتفاقية مع شركة “بيكار” التركية لصناعة الطائرات لشراء 6 طائرات دون طيار من طراز “بيرقدار TB2″، وهي المرة الأولى التي تصدّر فيها الشركة التركية منتجاتها إلى الخارج

صفقة مدرعات مع عُمان وماليزيا

في نوفمبر 2017 سلمت تركيا عُمان أول مدرعة قتالية من نوع بارس بحسب الاتفاقية المبرمة عام 2015 بينهما، وحسب الاتفاقية أيضًا سيسلم الجانب التركي القوات السلطانية العمانية 172 مدرعة حتى عام 2020 من طرازي “بارس 3- 8×8″ و”بارس 3- 6×6” متعددة المهام.

وكذلك الحال فقد سلمت تركيا لماليزيا أكثر من 118 مدرعة منذ عام 2011 في نظام شراكة دفاعية؛ حيث وقعت المجموعة التركية اتفاقية مع شركة “دي آر بي هايكم” لتكنولوجيا الصناعات الدفاعية الماليزية، لتنفيذ مشروع تطوير مدرعة قتالية تناسب التضاريس الجغرافية لماليزيا.

وفي إطار الشراكة، تمكنت المجموعة التركية من تطوير وصناعة المدرعة “إيه في-8 تي زد إيه” ثمانية الدفع، بالاعتماد على نموذج المدرعة القتالية التركية “بارس” (الفهد – Pars).

الاتفاقات مع قطر أوسع وأكبر

أما مع الحليف العربي الأول، دولة قطر، فقد كانت الاتفافيات هي الأوسع، سأشير في هذا المقال فقط إلى الاتفاقات التي تمت بين قطر وشركات تركية في معرض الأسلحة الذي أقيم في قطر مارس 2018 ومن بينها:

– توقيع اتفاقيات مع شركتي “أسيلسان” و”سي سي تيش” التركيتين لإنشاء مشروع مشترك باسم “برق – Barq”، بهدف تطوير وإنتاج معدات كهربائية بصرية، وتكنولوجيا التشفير والبحث المتعلّق بمنصات الأسلحة عن بُعد.

– توقيع الشركة القطرية الحديثة التابعة لوزارة الدفاع القطرية اتفاقًا مع شركة “بي إم سي” التركية المتخصصة في صناعة السيارات العسكرية.

– توقيع شركة “نورول ماكينة” التركية خطاب نوايا مع القوات الخاصة القطرية لشراء عدد من المدرعات التركية حديثة الصنع التي تعرض لأول مرة.

– توقيع القوات المسلحة القطرية اتفاقية مع شركة “بيكار” التركية لصناعة الطائرات لشراء 6 طائرات دون طيار من طراز “بيرقدار TB2″، وهي المرة الأولى التي تصدر فيها الشركة التركية منتجاتها إلى الخارج.

هذا المجال سيمنح تركيا قوة أكبر وربما يجعل هذا الأمر رغبة الدول الأخرى على التفاهم معها أكبر أيضًا

– توقيع القوات الخاصة المشتركة التابعة للقوات المسلحة في قطر اتفاقية مع شركة تركية لشراء 556 آلية مدرعة.

– توقيع اتفاقية مع شركة “الأناضول” التركية تنص على بناء 4 سفن تدريب، إضافة إلى واحدة ثانية تم توقيعها مع جامعة “بيريريز” التركية لتشغيل وإدارة الكلية البحرية التي ستتبع القوات البحرية الأميرية القطرية.

– توقيع القوات الخاصة المشتركة اتفاقية مع شركة تركية لإنشاء قاعدة عسكرية بحرية شمالي البلاد، بعد مناقصة فازت بها شركة “إم دي إس” التركية. وبموجب الاتفاقية ستنشئ الشركة التركية قاعدة “بروج” للعمليات الخاصة البحرية في منطقة الشمال، وتشمل مركزًا للتدريب والتجهيز للدوريات والعمليات البحرية التدريبية.

– توقيع اتفاق مع شركة “سور العالمية” التركية والحرس الأميري القطري لإنشاء مشروع مشترك تحت مسمّى “QSur”، سيقوم بتصنيع الزي العسكري المتطوّر وملحقاته.

لعل هناك العديد من المدلولات التي يمكن أن تشير لها الصفقات المشار لها أعلاه وهو انتقال تركيا من تصنيع السلاح وجعله محليًا – وبالتأكيد معلوم أثر هذا الأمر على الاستقلالية وعلى حرية الحركة دون شروط أو قيود – إلى تصدير السلاح وجعله عنصرًا مهمًا في تعزيز الاقتصاد القومي وقد ذكرت مصادر إعلامية تركية أن صادرات تركيا من صناعات الدفاع والطيران، قد شهدت ارتفاعًا بنسبة 14%، مقارنة بالعام الماضي.

أما الأمر الآخر والمهم الذي لا بد أن نثبته في هذا المقال هو أن الدول المذكورة تعتبر أسواقًا للأسلحة الغربية سواء باكستان أم أوكرانيا أم الدول الخليجية وبالتالي فإن هذا الأمر قد يكون له دور في حالة التوتر مع الولايات المتحدة ودول غربية أخرى وإذا رفعت تركيا مستوى المنافسة فإن هذا قد يكون عامل توتير أكبر، ولكن من ناحية أخرى فإن هذا المجال سيمنح تركيا قوة أكبر وربما يجعل هذا الأمر رغبة الدول الأخرى على التفاهم معها أكبر أيضًا.