منع الأمن السوداني البارحة حزب الإصلاح المعارض من تنظيم ندوة بجامعة أم درمان الأهلية في مدينة “أم درمان”، بالرغم من قرار الرئيس السوداني عمر البشير بالسماح لكل القوى السياسية بممارسة نشاطها السياسي بحرية في كل ولايات البلاد.
حزب الإصلاح بدوره قام بإصدار بيان مساء البارحة عبّر فيه عن أسفه البالغ لمنع الأمن الندوة التي كان من المقرر عقدها في الجامعة، إضافة إلى منع عدد من قيادات الحزب من دخول الجامعة، وقال البيان “إن الحدث في هذه اللحظة التاريخية الفارقة يحبط آمال الأمة السودانية التي علقت آمالاً عظيمة بأن السودان في مرحلة جديدة وهو سلوك يهدم هذا الأمل وهذا التفاؤل”.
وأضاف البيان أنه “إذا أراد الرئيس لهذا الحوار أن يبلغ غاياته نطالبه باتخاذ الإجراءات والقرارات اللازمة بإبعاد الأجهزة الأمنية عن مصادرة حرية المواطنين في حياتهم السياسية وحقوقهم المكفولة وفق الدستور”، مطالباً بـ “إطلاق الحريات، وحظر الأجهزة الأمنية وإبعادها عن مناشط الأحزاب السياسية والجامعات، وأن تكون توجيهات الرئيس البشير بإتاحة الحريات ملزمة وعاجلة التنفيذ وذلك لبناء الثقة”.
وكان حزب الإصلاح قد انشق عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في أكتوبر الماضي، معيدًا تشكيل نفسه في حزب الإصلاح ومتخذًا نهجًا معارضًا للمؤتمر الوطني.
وكان الرئيس السوداني عمر البشير قد قال الأحد الماضي “إن حكومته ستسمح لكل القوى السياسية بممارسة نشاطها السياسي بحرية في كل ولايات البلاد” وذلك حسب ما نقله التلفزيون الرسمي، موجهًا بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين الذين لم تثبت عليهم جناية في الحق العام أو الخاص بعد التحقيق.
وجاءت جملة القرارات هذه بعد اجتماعات للبشير مع زعماء أحزاب معارضة للتشاور بشأن تشكيل آلية لإدارة الحوار الذي دعا إليه في يناير الماضي ضمن خطة إصلاحية وتسببت في انقسام أحزاب المعارضة ما بين مؤيد ومعارض.
كما شملت القرارات توفير ضمانات لقادة الحركات المتمردة (في الغرب والجنوب) للمشاركة في الحوار داخل البلاد، وحرية الإعلام دون قيود، وشارك في الاجتما زعيم حزب الأمة القومي “الصادق المهدي” وزعيم حزب المؤتمر الشعبي “حسن الترابي” وزعيم حركة الإصلاح الآن.
من جهة أخرى، أعلن تحالف أحزاب من المعارضة في السودان البارحة – الإثنين – تمسكه بموقفه الرافض للدخول في حوار مع الحكومة إلا عقب تحقيق عدة شروط.
وانقسم تحالف المعارضة السودانية الذي يضم نحو 20 حزبًا إزاء دعوة وجهها البشير إلى الحوار وذلك ضمن خطة إصلاحية يتبناها من 4 محاور هي (وقف الحرب وتحقيق السلام، والمجتمع السياسي الحر، ومكافحة الفقر، وتعزيز الهوية الوطنية).
فبينما قبل أكبر حزبين الدعوة، وهما الأمة القومي والمؤتمر الشعبي، اشترطت بقية الأحزاب لقبول تلك الدعوة تنفيذ 4 شروط أبرزها إلغاء القوانين المقيدة للحريات وتشكيل حكومية انتقالية تشرف على صياغة دستور دائم وإجراء انتخابات حرة ونزيهة. وأبرز الأحزاب الرافضة للحوار هي (الشيوعي – المؤتمر السوداني – البعث – التحالف الوطني).
وقال القيادي في حزب البعث المعارض محمد ضياء الدين “إن المعارضة تطالب بجملة من الشروط قبل الدخول في الحوار، في مقدمتها إلغاء القوانين المقيدة للحريات، وإيقاف الحرب في مناطق النزاعات، وأن يقبل النظام بأن يفضي الحوار إلى تشكيل حكومة انتقالية”، متسائلاً “إذا لم تلغ هذه القوانين فما الضامن أن الاعتقالات ومصادرة الحريات الإعلامية والسياسية لن تتكرر؟”، وأضاف “أكثر من مرة أصدر البشير قرارات رئاسية بإطلاق سراح المعتقلين، فإذا بالمعتقلات تمتلئ بمعتقلين جدد”.
في الوقت الذي رأى حزب المؤتمر الشعبي أن مقاطعة بعض أحزاب المعارضة للحوار غير مبررة عقب القرارات التي أصدرها البشير، مساء أمس، بإطلاق المعتقلين السياسيين إذا لم تثبت إدانتهم وتوفير الحريات، وقال “كمال عمر” الأمين السياسي للحزب في مؤتمر صحفي اليوم – الإثنين – “إن هذه القرارات من شأنها أن تسهم في إنجاح الحوار”، مضيفًا أن حزبه سيستمر في الحوار مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم.
ويعتقد على نطاق واسع أن مساع البشير الإصلاحية سببها الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في سبتمبر بسبب خطة تقشف حكومية؛ مما خلف عشرات القتلى في أقوى احتجاجات واجهها البشير منذ وصوله للسلطة عبر انقلاب عسكري مدعومًا من الإسلاميين عام 1989، علاوة على عجز الحكومة عن إيجاد معالجات للأزمة الاقتصادية بالبلاد.
ويواجه نظام البشير أزمة اقتصادية طاحنة منذ انفصال جنوب السودان في 2011 وفقدانه لغالبية حقول النفط، يفاقمها الكلفة العسكرية الباهظة للحرب مع المتمردين، والتي يقدرها الخبراء بنحو 65 % من الميزانية العامة.