خلال السنوات الأخيرة، سطع نجم عديد اللاعبين الأفارقة في كبرى الدوريات العالمية لكرة القدم، حيث أصبحت أسماءهم تردّد في كلّ مكان لما يتمتعون به من مهارات كروية عالية، فضلا لما يقومون به من عمل إنساني كبير.
من هذه الأسماء لاعب منتخب فرنسا ونجم فريق برشلونة الإسباني ذي الأصول الموريتانية، عثمان دمبلي الذي يعتبر من أفضل المواهب الرياضية الصاعدة في العالم إن لم يكن أبرزهم على الاطلاق، والذي زادت شهرته نتيجة مساهمته في النهوض ببلدة أمه في موريتانيا.
بناء مسجد
أخر الأعمال الإنسانية لعثمان دمبلي، المتوج مؤخرا مع منتخب “الديوك الزرقاء” بلقب كأس العالم التي أقيمت في روسيا في الفترة الممتدّة بين 14 يونيو/حزيران و15 يوليو/تموز الحالي، قراره التبرع لبناء مسجد في مسقط رأس والدته بموريتانيا.
وفاز منتخب فرنسا الأول لكرة القدم للمرة الثانية في تاريخه بكأس العالم في دورته الحادية والعشرين بعد تغلبه على نظيره الكرواتي بنتيجة أربعة أهداف مقابل اثنين. ويعود الفضل في هذا الفوز بنسبة كبيرة إلى اللاعبين ذوي الأصول الإفريقية، إذ يشكلون قرابة ثلثي الفريق، حيث يبلغ عددهم 14 لاعبًا، أحدهم فاز بجائزة أفضل لاعب صاعد في المونديال وهو كيليان مبابي الذي تعود أصول والده إلى الكاميرون فيما ترجع أصول أمه إلى الجزائر.
يعتبر عثمان دمبلي من أبرز المواهب الكروية الصاعدة في سماء الكورة المستديرة
وذكرت وسائل إعلام في فرنسا وموريتانيا، أن نجم برشلونة الإسباني عثمان دمبلي قرر التبرع لبناء مسجد في مسقط رأس والدته فاطمة عثمان بقرية جاكيلي، الواقعة جنوب شرق موريتانيا وذلك بعد تتويجه رفقة المُنتخب الفرنسي بلقب كأس العالم. يذكر أن والدة دمبلي تنحدر لأصول موريتانية، وقد عرض على اللاعب من الاتحاد الموريتاني مسبقا الانضمام لمنتخب موريتانيا، لكنه قرر تمثيل منتخب فرنسا.
اللاعب “السكين”
يعتبر عثمان دمبلي من أبرز المواهب الكروية الصاعدة في سماء الكورة المستديرة، وقد ولد اللاعب الدولي الفرنسي في الخامس عشر من مايو عام 1997، في مدينة فيرون الفرنسية، لوالد من أصل مالي ووالدة من أصول موريتانية سنغالية. ويبلغ طول هذا اللاعب 1.78 سنتمتر.
تكوّن عثمان في مدرسة نادي إيفرو المحلي حيث لعب للفئات السنية الأصغر من عام 2004 وحتى عام 2009، ثم في عام 2010 تم تصعيده إلى الفريق الأول لتخطف موهبته أنظار كشافي نادي رين الفرنسي وينضم لفريق تحت 19، وبعد فترة قصيرة صعد دمبلي للفريق الأول موسم 2015- 2016 وهو ابن الثامنة عشر.
https://twitter.com/FCBW_A7/status/1019348945913475072
في موسمه الأول في دوري الدرجة الأولى الممتاز الفرنسي أبهر عثمان دمبلي الجميع بمشاركته في 24 هدفًا خلال الموسم، حيث سجل 12 هدفًا وصنع 12 ليكون هدفًا لكبار الأندية الأوروبية، وبالفعل انتقل في موسم 2016-2017 إلى نادي بروسيا دورتموند في صفقة كلفت خزينة النادي الألماني 15 مليون يورو، وفي صيف 2017 ظفر به فريق برشلونة الإسباني بعقد بلغ 147 مليون يورو، وشرط جزائي وصل إلى 400 مليون يورو.
وشبّه ميكايل سيلفستر المدير الرياضي لنادي “رين” ديمبلي بزميله السابق في مانشستر يونايتد الإنجليزي نجم ريال مدريد الإسباني البرتغالي كريستيانو رونالدو. وتحدث المدافع السابق عن هذا الأمر قائلا “رأيت كريستيانو رونالدو ينضم إلى مانشستر يونايتد وهو في العمر نفسه، وعثمان يملك أيضا نفس الخصائص التي تذكرني بكريستيانو الشاب”.
ويبقى الهدف الذي سجله في الدور نصف النهائي من مسابقة الكأس الألمانية ضد الغريم بايرن ميونيخ الأغلى لدمبلي، إذ ساهم في تجريد الأخير من اللقب (3-2) وقاد فريقه إلى المباراة النهائية، حيث توج بطلا على حساب إينتراخت فرانكفورت (2-1)، ومنح لاعبه الفرنسي الشاب لقبه الأول.
دمبلي ليس اللاعب الإفريقي الوحيد الذي برز اسمه نتيجة لعبه وأعماله الإنسانية
تطلق الجماهير ومحبي دمبلي عليه لقب “السكين”؛ لأن طريقته في محاورة اللاعب المنافس تشبه طعنات السكين، فهو يطعن الخصم من جميع الأماكن المتاحة وغير المتاحة، حيث يصعب التصدّي لمراوغاته وتسرباته داخل دفاعات الخصم الجميلة.
أمه.. سر نجاحه
يعود الفضل في بروز عثمان دمبلي الذي يلعب بكلتا قدميه في مركز الجناح الأيمن، إلى أمه فاطمة دمبلي، فهي من تدير ابنها منذ بداية مسيرته، فتحدد له اتجاهه، وطريقه ومستقبل وكلّ شيء متعلق بحياته الكروية والشخصية أيضا، فهي قدوته، والشخص الذي لا يفارقه أبدا.
وتقول تقارير إعلامية دولية إن دمبلي يكنّ احتراما كبيرا لوالدته ويطيعها إلى أبعد الحدود، ومؤخرا قال مدربه في مرحلة الناشئين في إفرو أحمد وهبي: كان عثمان يخفض رأسه عند نصائح أمه ويتبعها، وفقا لما ورد في موقع دوتشيه فيله الألماني، ويضيف الموقع الألماني، “عندما كان في سن العاشرة طرق أبوابه في 2007 فريق روين، ليضمه إلى مدرسة الكرة الداخلية بالنادي لكن أمه تدخلت رافضة أن يبعد ابنها عنها وقالت إنه يجب أن يتربى في محيط العائلة بين أمه وإخوته.”
برز نجم دمبلي منذ الصغر
حتى عند انتقاله إلى مدينة رين للانضمام لأصاغر نادي ستاد رين سنة 2010، انتقلت معه أمه واخوته، حتى لا يكون وحيدا في تلك التجربة، وتفضّل أمه أن تكون دائما إلى جانب ابنها حتى يحسن الاختيار، حتى أن الفرق التي ترغب في ظمّ ديمبلي إلى صفوفها عليها أن تنجح في اقناع أمه قبل اقناعه هو.
دمبلي ليس اللاعب الإفريقي الوحيد الذي برز اسمه نتيجة لعبه وأعماله الإنسانية، فغيره كثير، من أمثال اللاعب المصري محمد صلاح الذي كثيرا ما يقدم مساعدات انسانية لأهالي قريته في مصر، وأيضا سبق أن لاعب كرة القدم المالي فريدريك كانوتيه مسجد في مدينة اشبيلية الإسبانية بأكثر من نصف مليون يورو بعد أن هدد مالك الأرض بإغلاق المسجد.