ترجمة وتحرير: نون بوست
وفقا لتقرير حديث، تبين أن فيسبوك يمنح حماية خاصة لمنشورات تومي روبنسون ناهيك عن أنه يسمح للمستخدمين بإساءة معاملة المهاجرين عرقيا. ووفقًا لما بينه فيلم وثائقي أعده برنامج ديسباتشز، الذي يُعرض على القناة الرابعة، لا يتم حجب الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بالأطفال، والخطابات التي تحرض على الكراهية والعنصرية والمحتوى العنصري بشكل فوري أو تلقائي من الموقع.
في هذا الإطار، قام أحد المراسلين السريين بتصوير الأشخاص المكلفين بمراجعة المحتوى ليقرروا ما إذا كان صالحا ليكون متاحا للجمهور؛ بهدف أن يحصل على تقرير حصري يلم بما يُسمح بنشره على المنصة. وقد اكتشف هذا المراسل أن مجموعة متنوعة من المحتوى لا تزال على الموقع، حتى عندما يتم الإبلاغ عنها، ولا يقتصر ذلك على الخطاب الذي يحرض على الكراهية فحسب، وإنما يشمل أيضا أشرطة الفيديو التي تصور إساءة معاملة الأطفال، والمحتوى العنيف الذي يشمل حتى عمليات إيذاء للنفس، حتى لو كان يشتبه في أن الشخص المعروض هو طفل.
إلى جانب ذلك، يظهر الفيلم أن المحتوى اليميني المتطرف والعنصري يتمتع بحماية خاصة تمنع حذفه بسهولة شديدة. ويكشف الفيلم أنه يقال للمشرفين المتدربين أنه يجب حذف المحتوى الذي يسيئ إلى العرق أو الجماعات الدينية المحمية عنصريًا، ولكن إذا اقتصرت هذه الإساءة على المهاجرين من تلك المجموعات، فستبقى المنشورات في مكانها.
تم استخلاص هذه النتائج في وقت يحاول فيه فيسبوك تلميع صورته في أعقاب تعرضه لعدد من الفضائح
في هذا الفيلم الوثائقي، يظهر المشرفون وهم يشرحون أن أي منشور يستهدف المسلمين بطريقة عنصرية يجب حذفه. وحسب وجهة نظر فيسبوك، إذا كانت المنشورات تستهدف المهاجرين المسلمين على وجه التحديد، فيمكن الإبقاء عليها لأنها تعد بمثابة بيان سياسي. كما يكشف الفيلم أنه سيتم السماح بنشر الخطاب الذي يحرض على الكراهية والمحتوى العنيف الذي يتسم بقدر طفيف من التجريد.
عُرض مسلسل رسوم متحركة على المشرفين المتدربين، يصور غرق طفلة لأنها منجذبة إلى “زنجي”. وقد أخبروهم أنه من المحتمل ألا يتم إزالته من الموقع، على الرغم من أن شركة فيسبوك قد ذكرت، في وقت لاحق، أن هذا المحتوى ينتهك معايير الخطاب المحرض على الكراهية.
تم استخلاص هذه النتائج في وقت يحاول فيه فيسبوك تلميع صورته في أعقاب تعرضه لعدد من الفضائح. وبعد الجدل الذي أثارته فضحية كامبريدج أناليتيكا، التي سمحت لها شركة فيسبوك بالولوج إلى بيانات المستخدمين التي تم تحليلها بعد ذلك من أجل الإعلانات السياسية المستهدفة، تعهد الموقع بتحسين طريقة عرض المحتوى المتاح على منصته.
تطرق الفيلم الوثائقي الجديد إلى الأشخاص المكلفين بهذه المهام المتعلقة بالمحتوى المنشور على الموقع، داخل أكبر مركز للإشراف على المحتوى في المملكة المتحدة التابع لشركة فيسبوك. وقد تعاقدت شركة فيسبوك مع شركات أخرى من أجل القيام بهذا العمل. ولهذا السبب، يركز تقرير ديسباتشز على إحدى هذه الشركات الخارجية.
حسب تقرير ديسباتشز، يُترك الكثير من المحتوى الذي يتم الإبلاغ عنه على فيسبوك حتى إذا كان يصور العنف أو أي سلوك آخر متطرف
سلط هذا التقرير الضوء على عملية التدريب التي يمر بها المشرفون، حيث عرض كيفية التحقق من مقاطع الفيديو التي يتم الإبلاغ عنها باستخدام أدوات فيسبوك، التي تتيح للمستخدمين الإبلاغ عن مقاطع الفيديو التي تصور العنف أو إساءة معاملة الأطفال أو أي محتوى آخر متطرف. وتهدف شركة فيسبوك إلى مراجعة جميع تلك التقارير في غضون 24 ساعة. في المقابل، يظهر الفيلم الوثائقي أن هذا الهدف لا يتحقق في كثير من الأحيان، على الرغم من وجود محتوى حساس يشمل تهديدات الانتحار أو إيذاء النفس، التي تظل دون مراقبة لعدة أيام.
حسب تقرير ديسباتشز، يُترك الكثير من المحتوى الذي يتم الإبلاغ عنه على فيسبوك حتى إذا كان يصور العنف أو أي سلوك آخر متطرف. ولا يتم تمرير الجزء الأكبر من هذه التقارير إلى أجهزة الشرطة، حتى إذا كان بث الفيديو مباشرًا. أعطيت بعض الصفحات على فيسبوك، بما في ذلك تلك المخصصة لتومي روبنسون وبريطانيا أولا، الحماية الخاصة التي عادة ما تُقدم إلى الحكومات والمنظمات الإخبارية ما يعني أن المحتوى المحمي لن يتم حذفه ببساطة حتى إذا كان غير مناسب ولكن سيتم توجيهه إلى موظفي فيسبوك المتفرغين لمراجعة المحتوى.
في الحقيقة، تضم هذه الصفحات عددًا كبيرًا من المتابعين، حيث تحظى صفحة روبنسون بأكثر من 900 ألف متابع، ويتكهن المشرفون بأنه يتم التغاضي عن منشورات هذه الصفحة نظرًا لأنها تضم الكثير من المتابعين الذين يولدون الكثير من الأرباح لصالح فيسبوك. وقد اعترفت شركة فيسبوك بأنها توفر هذه الحماية الخاصة لصفحة تومي روبنسون، التي كانت تمنح لصفحة بريطانيا أولاً قبل حجبها، بيد أنها أفادت بأنها اتخذت هذا القرار لضمان عدم قيام المنصة بإزالة المحتوى السياسي الشرعي عن طريق الخطأ.
قال نائب رئيس فيسبوك لحلول السياسة العامة، ريتشاد ألان “أعتقد أن وجود مراجعين إضافيين عندما يكون هناك محتوى مثير للجدل أمر جيد للغاية، لاسيما أن الأشخاص يتوقعون منا أن نكون حذرين كثيرين قبل أن نحذف خطابهم السياسي”
حيال هذا الشأن، أوضح نائب رئيس فيسبوك لحلول السياسة العامة، ريتشارد ألان، أنه “إذا كان المحتوى يشمل انتهاكا فسيحذف”. وأضاف المصدر ذاته “أريد أن أكون واضحاً، هذا ليس نقاشاً حول المال بل حول الخطاب السياسي، حيث يناقش الناس قضايا حساسة للغاية على فيسبوك، بما في ذلك قضايا مثل الهجرة. ويمكن أن يكون هذا النقاش السياسي قانونيا”.
في سياق متصل، أكد ألان “أعتقد أن وجود مراجعين إضافيين عندما يكون هناك محتوى مثير للجدل أمر جيد للغاية، لاسيما أن الأشخاص يتوقعون منا أن نكون حذرين كثيرين قبل أن نحذف خطابهم السياسي”. وفي هذا الفيلم الوثائقي، يدعي أحد المستثمرين المبتدئين في الشركة، يُدعى روجر ماكنامي، أن الشركة تعتمد على هذا المحتوى المتطرف لضمان تنامي مشاركة المستخدمين على الموقع.
بناء على ذلك، أكد المصدر ذاته أن المحتوى المثير والخطير للغاية هو الذي يجذب أكثر الأشخاص تفاعلًا على المنصة. وقد أدرك موقع فيسبوك أنه من المرغوب أن يقضي الأشخاص وقتًا أطول على الموقع خاصة إذا كان لديه نشاط تجاري يستند إلى الإعلانات، فهو بحاجة إليهم لمشاهدة الإعلانات ويرغب في أن يقضوا المزيد من الوقت على الموقع. وتابع ماكنامي “لقد أدرك فيسبوك أن الأشخاص المتطرفين هم مستخدمون ذوي القيمة الأكبر لأن أي شخص متطرف قد يجذب 50 أو 100 شخص آخر. ونتيجة لذلك، ترغب شركة فيسبوك في نشر أكبر قدر ممكن من المحتوى المتطرف”.
اعترف فيسبوك بأن الفيلم الوثائقي كشف عن سلوكيات لا ترقى إلى مستوى معاييره، مؤكدا أنه قام بعدد من التغييرات منذ علمه بالادعاءات للتثبت من أنه تم سد كل هذه الثغرات.
يبدو أن كبار السياسيين يدعمون هذه الاتهامات. وفي شأن ذي صلة، أوضح عضو البرلمان، جوليان نايت، العضو في لجنة البيانات الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة أن “هذه التسريبات حول كيفية الإشراف على المحتوى الذي يُنشر على موقع فيسبوك مثيرة للقلق، ولكنها ليست مفاجئة. ولقد ضغطت لجنتنا على شركة فيسبوك لأشهر للحصول على معلومات خلال تحقيقنا الإخباري المزيف حول كيفية تعاملها مع المحتوى المتطرف ومحاربتها للأخبار الزائفة، لكنها لم تتصرف مثل أي شركة ترحب بالقيام بعملية مراجعة مستقلة”.
علاوة على ذلك، أشار عضو البرلمان إلى أن “شركة فيسبوك التزمت مؤخرًا بالتقليل من نشر الأخبار المضللة وتحسين مبادئ الخصوصية على منصتها، وهو أمر مرحب به. لكنها لا تبدو ملتزمة بالتضحية بالأرباح التي تجنيها من المحتوى المتطرف، كما يتضح من التحقيقات التي قامت بها القناة الرابعة”.
في حوار أجراه مع برنامج ديسباتشز، نفى ألان الاتهامات التي تتعلق باعتماد الشركة على المحتوى المتطرف من أجل جني المزيد من الإيرادات قائلا “إن نشر المحتوى الصادم لا يجعلنا نجني المزيد من الأرباح، هذا مجرد سوء فهم لطريقة عمل المنصة، نظرا لأن الأشخاص يقصدون منصة فيسبوك من أجل مشاركة منشوراتهم مع أسرهم وأصدقائهم بصفة آمنة”.
سيتم عرض الفيلم الوثائقي بالكامل تحت عنوان “فيسبوك: أسرار الشبكة الاجتماعية”، على القناة الرابعة على الساعة التاسعة مساءً، يوم 17 تموز/ يوليو. ومن جهته، اعترف فيسبوك بأن الفيلم الوثائقي كشف عن سلوكيات لا ترقى إلى مستوى معاييره، مؤكدا أنه قام بعدد من التغييرات منذ علمه بالادعاءات للتثبت من أنه تم سد كل هذه الثغرات.
في بيان قدمه إلى صحيفة “الإندبندنت”، أشار نائب رئيس فيسبوك لحلول السياسة العامة، ريتشارد ألان، إلى أنه “من الواضح أن بعض ما يظهر في الفيلم لا يعكس سياسات أو قيم فيسبوك، ولا يرقى إلى مستوى المعايير العالية التي نتوقعها”. وأضاف ألان “نحن نركز على هذه الأخطاء في بعض عملياتنا التدريبية وندرسها بجدية بالغة. ونحن نشعر بالامتنان للصحفيين الذين جذبوا انتباهنا إلى وجود مثل هذه الثغرات. وعندما أدركنا أننا ارتكبنا أخطاء، قمنا باتخاذ التدابير اللازمة بصفة استعجالية. فضلا عن ذلك، نحن نقدم تدريبًا إضافيًا ونعمل على فهم ما حدث بالضبط حتى نتمكن من تصحيحه”.
المصدر: الإندبندنت