يواجه وزير الإسكان الأمريكي بين كارسون قضايا من محامين ونشطاء حقوقيين، بتهمة الفشل في تنفيذ قانون السكن العادل الذي يعود إلى خمسين عامًا، وضمن سلسلة تقارير “النظر إلى رئاسة ترامب بعدسة تاريخية”، سلّطت مؤسسة “ريترو ريبورت” الضوء على هذه الصفحة الأمريكية السوداء التي لم تُغلق حتى الآن.
كان إنهاء الفصل العنصري السكاني مطلبًا أساسيًا للنشطاء الحقوقيين مثل مارتن لوثر كنغ جونيور الذي شارك عام 1966 في تظاهرات بشيكاغو التي كانت واحدة من أكثر المدن الأمريكية فصلًا عنصريًا، وأعرب كنغ في حينها عن صدمته من أنه لم يشهد مثل هذه التظاهرات الغاضبة والعدائية في ولايتي ميسيسيبي وألاباما اللتين شهدتا أكبر التظاهرات الحقوقية في تلك الفترة.
حظر الكونغرس الأمريكي الفصل العنصري في التوظيف عام 1964، وفي التصويت عام 1965، ولكن قانون حظر الفصل السكاني شهد مقاومة من كثير من النواب، رغم أن سياسات الحكومة الأمريكية هي التي ساهمت في إيجاد هذا الفصل العنصري منذ البداية.
في سبعينيات القرن الماضي، حاول وزير الإسكان في إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون، جورج رامني، استخدام القانون لنقل المواطنين من أصول إفريقية إلى ضواحي الولايات الأمريكية الفارهة، ورغم ذلك لم يدعم الرئيس نيكسون هذه الجهود
عقد السيناتور والتر مانديل في الستينيات جلسات استماع بشأن الفصل السكاني، يقول مانديل إنه قرّر تولي القضية بعد أن لاحظ أن أحدًا لم يدعم حظر هذا النوع من الفصل، ويشير إلى إحدى الحالات التي تعامل معها في القضية للجندي الناجح في البحرية الأمريكية كارلوس كامبل الذي لم يتمكن من العثور على مكان للسكن لأنه أسود البشرة.
لم يتمكن كامبل من العثور على سكن قريب من مكان عمله، ولم يسعفه في ذلك بحثه المستمر كل يوم، كان أصحاب البيوت يوافقون على مقابلته عبر الهاتف ولكنهم كانوا يرفضون منحه السكن حال رؤيته، وكان هذا حال الأمريكان من أصول إفريقية في كثير من المدن الأمريكية.
في شيكاغو يبدو الفصل السكاني أوضح من أي مدينة أمريكية أخرى
سرّع الاغتيال المأساوي لمارتن لوثر كنغ في أبريل/نيسان 1968 في ولاية تينيسي، وتم توقيع قانون السكن العادل بعد سبعة أيام من اغتياله، حظر القانون الفصل العنصري المتعمد في السكن وألزم الحكومة بالعمل على الحد من الفصل الذي عزل كثيرًا من المواطنين من أصول إفريقية في مشاريع سكنية حضرية كبيرة في مناطق محددة، وُصفت بأنّها “لا تُمثل الحلم الأمريكي”.
بعد خمسين عامًا من تمرير قانون الحد من الفصل العنصري السكاني، ما زالت مدن أمريكية كثيرة منقسمة عنصريًا
في سبعينيات القرن الماضي، حاول وزير الإسكان في إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون، جورج رامني، استخدام القانون لنقل المواطنين من أصول إفريقية إلى ضواحي الولايات الأمريكية الفارهة، وضمّ رامني إلى فريقه الجندي الأمريكي كارلوس كامبل، ورغم ذلك لم يدعم الرئيس نيكسون هذه الجهود وقال: “الهجرة القسرية إلى الضواحي لا تخدم المصلحة القومية الأمريكية”.
اليوم، بعد خمسين عامًا من تمرير قانون الحد من الفصل العنصري السكاني، ما زالت مدن أمريكية كثيرة منقسمة عنصريًا، ويعرب كامبل – الذي بات متقاعدًا الآن – عن خيبة أمله من أن أي حملة انتخابية لمرشح للرئاسة الأمريكية أو للعضوية في الكونغرس أو في مجلس الشيوخ، لم تدعم حتى الآن سياسات التكامل السكاني وإنهاء الفصل العنصري.
أمرت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما التجمعات التي تتلقى دعمًا سكنيًا حكوميًا، بتقديم خطط لإنهاء الفصل العنصري، وإلا خسرت الدعم المقدم لها، ولكن كارسون وزير الإسكان في إدارة ترامب أجل هذه القرارات حتى عام 2024 على الأقل، مما أثار القضايا الحقوقية الأخيرة ضده.