توقّع مسؤولون تونسيون أن يساعد انضمام تونس إلى منظمة السوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقي (كوميسا)، يوم أمس، بالعاصمة الزامبية لوساكا، الاقتصاد التونسي على الانتعاش من خلال تحسين القدرة التصديرية إلى منطقة تبادل حرّ تضمّ 20 بلدًا وتعدّ 500 مليون نسمة.
الانضمام إلى “كوميسا”
اعتبر وزير الشؤون الخارجية التونسية خميس الجهيناوي أنّ انضمام تونس إلى منظمة السوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقي (كوميسا) “خطوةً هامةً نحو ترسيخ وتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري مع بلدان شرق وجنوب القارة الإفريقية”، مضيفًا أنّ “انضمام تونس إلى منطقة تبادل حرّ تضم 20 بلدًا سيسمح بدعم التصدير عبر تسهيل نفاذ السلع والخدمات التونسية إلى أسواق جديدة”.
وقد تولى الجهيناوي التوقيع على معاهدة انضمام تونس للسوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقي (الكوميسا) خلال انعقاد القمة العشرين لرؤساء دول وحكومات “كوميسا” بالعاصمة الزمبية لوساكا، مؤكّدًا “عزم بلاده المتشبّثة بعمقها الإفريقي والحريصة على تطوير التكامل والاندماج القاري، على المساهمة بصفة فعّالة في مزيد دفع عمل هذه المجموعة الإقليمية الهامة والحرص على مزيد إشعاعها وترسيخ نهج الشراكة والتعاون الاقتصادي والتجاري بين دولها الأعضاء في إطار المنفعة المتبادلة”.
قال رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد: “انضمام تونس إلى “كوميسا” سيفتح أمام الصادرات التونسية أسواقًا كبيرة، وذلك عبر تخفيض كبير في الحواجز الجمركية أمام البضائع التونسية، الشيء الذي سيرفع من قدرتها التنافسية”.
من جانبه، أكد كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية هشام بن أحمد أنّ الانضمام إلى “كوميسا”: “يفتح أمام الشركات الوطنية المصدّرة، سوقًا جديدة يفوق تعدادها 500 مليون نسمة، وستدخلها البضاعة التونسية بدون معاليم جمركية”.
وقال بن أحمد في مؤتمر صحفي، عقد اليوم، لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، إنّ: “تصدير المنتوجات التونسية المختلفة نحو تلك الأسواق، ومن بينها منتوجات قطاع صناعة السيارات، الذي وضعت بشأنه تونس إستراتيجية كاملة، وذلك إلى جانب السوق التقليدية الأوروبية، فتونس هي البلد العشرين الذي ينضم إلى منظمة السوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقي (كوميسا)”.
يوسف الشاهد: “انضمام تونس إلى “كوميسا” سيفتح أمام الصادرات التونسية أسواقًا كبيرة، وذلك عبر تخفيض كبير في الحواجز الجمركية أمام البضائع التونسية، الشيء الذي سيرفع من قدرتها التنافسية”.
وشدّد رئيس الحكومة يوسف الشاهد، في تدوينة له على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، على أنّ انضمام تونس إلى “كوميسا” سيفتح “طريق الحرير” أمام الصادرات التونسية، وقال: “بعد عامين من المفاوضات، الْيَوْمَ انضمّت تونس رسميًا إلى السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا (مجموعة كوميسا) الذي يضم حوالي 500 مليون ساكن، ويبلغ مجموع ناتجه الخام 800 مليار دولار، و تصل المبادلات التجارية فيه إلى حدود 250 مليار دولار”.
اعتبر الدبلوماسي التونسي السابق محمد إبراهيم الحصايري أنّ “طريق الحرير الجديد”: “مشروع صيني ضخم ينتظر أن يكون له شأن كبير في رسم مستقبل العالم بأسره”
وأضاف أنّ هذا الانضمام “سيفتح أمام الصادرات التونسية أسواقًا كبيرة، وذلك عبر تخفيض كبير في الحواجز الجمركية أمام البضائع التونسية، الشيء الذي سيرفع من قدرتها التنافسية”، مشيرًا إلى أنها “ستساعد على استقطاب جزء من الاستثمارات الموجهة لهذه المنطقة نحو تونس، وكلّ هذه النقاط سوف تكون حافزًا إضافيًا لدعم التصدير، وبالتالي تسريع نسق النمو وخلق مواطن الشغل”.
ما هو “طريق الحرير الجديد” ؟
اعتبر الدبلوماسي التونسي السابق محمد إبراهيم الحصايري أنّ “طريق الحرير الجديد”: “مشروع صيني ضخم ينتظر أن يكون له شأن كبير في رسم مستقبل العالم بأسره”، مضيفًا أنه “مبادرة صينية طموحة أعلن عنها الرئيس الصيني شي جين بينج عن إطلاقها في سبتمبر 2013، وهي تهدف إلى إحياء طريق الحرير القديم من أجل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وبين الدول التي تقع على هذه الطريق. وقد أردفه في أكتوبر 2015 بالدعوة إلى إحياء الممرات البحرية القديمة لخلق طريق حرير جديد بحري يكمل طريق الحرير البرّي ويعاضده في تعزيز الترابط الدولي وتدعيم حركة التجارة العالمية”.
وتنبني هذه المبادرة التي عرفت اختصارًا بــ”الحزام والطريق”، وفق الحصايري، على خطة تتألف من مجموعة كبيرة من المشاريع التي تستهدف إقامة شبكة من السكك الحديدية والطرق السيارة السريعة، ومدّ أنابين غاز ونفط، وإنشاء شبكات كهرباء وإنترنت، وإحداث طرق ملاحية بحرية، وتطوير بني تحتية في وسط آسيا وغربها وجنوبها، بما يمكّن من تعزيز الربط بين الصين والقارة الآسيوية من ناحية وبين قارّتي إفريقيا وأوروبا من ناحية أخرى. وسيستغرق إنجاز جملة هذه المشاريع عدة عقود قادمة، وتبلغ كلفتها ما بين 4 و8 تريليون دولار.
تونس ستجني ثلاث فوائد، تتأتّى الفائدة الأولى من وجود مشاريع ضمن المبادرة، تدخل في اهتماماتها، ولها علاقة بمستقبلها، منها خارطة الطريق بهدف إقامة “الطريق الحرير الجديد”
وستستثمر الصين في مرحلة أولى 47 مليار دولار في إحياء الطريق البري، وهو ما سيمكّن من الترفيع من حجم الاستثمارات والمبادلات التجارية بين الدول الــ 56 التي سيربط بينها الطريق إلى أكثر من 2.5 تريليون دولار خلال السنوات العشر الموالية، وفق ما جاء على لسان الرئيس الصيني في أواخر مارس 2015.
تونس ستجني ثلاث فوائد، تتأتّى الفائدة الأولى من وجود مشاريع ضمن المبادرة، تدخل في اهتماماتها، ولها علاقة بمستقبلها، منها خارطة الطريق بهدف إقامة “الطريق الحرير الجديد”
كيف ستستفيد تونس من طريق الحرير؟
يقول الدبلوماسي الحصايري في تصريح لمجلة “ليدرز”، إنّ: “تونس مدعوّة إلى إدراك الأهمية البالغة التي تكتسيها مبادرة إحياء طريق الحرير”، خاصة وأنّ تونس ترتبط بعلاقات ثنائية طيبة مع الصين، حيث انخرطت في منتدى التعاون العربي الصيني الذي تمّ تأسيسه في يناير/جانفي 2004 بمدينة الحمامات التونسية.
وأكد أن تونس ستجني ثلاث فوائد، تتأتّى الفائدة الأولى من وجود مشاريع ضمن المبادرة، تدخل في اهتماماتها، ولها علاقة بمستقبلها، منها خارطة الطريق بهدف إقامة “الطريق الحرير الجديد”، حيث سيتمّ إنشاء ممرّ لربط وسط إفريقيا بالبحر الأبيض المتوسط، وكذلك إرساء تعاون بين الصين وأوروبا واليابان من أجل العمل على تنمية منطقة الشرق الأوسط من خلال تمكنيها من بعض احتياجاتها التكنولوجية، وتجهيزها، بوحدات لتوليد الطاقة التقليدية والنووية ومحطات لتحلية المياه..
يصل الناتج المحلي الإجمالي لدول المنظمة إلى نحو 800 مليار دولار، وهو ما يجعلها واحدة من أكبر التجمعات التجارية في العالم
ومن بين مكونات “طريق الحديد” التي تهمّ تونس، كذلك، بناء طريق نقل عبر مضيق جبل طارق، وتمديد شبكة سكك حديد لنقل السلع والركاب في هيئة دائرة مغلقة تنطلق من وسط أوروبا لتمرّ عبر جبل طارق إلى ساحل شطال إفريقيا، وعبر قناة السويس إلى فلسطين والأردن وسوريا ولبنان، ثم عودًا من تركيا إلى أوروبا، وتحسين المواصلات البحرية وخطوط الأنابيب بين صقلية وتونس، واسكمال بناء شبكة السكك الحديدية والطرق السريعة على جملة من الخطوط الرئيسية، ومنها خط الإسكندرية/طرابلس، وصفاقس/تونس/الجزائر/وجدة/فاس/طنجة/الرباط.
وستستفيد تونس، ثانية، مما اعتبره “الزخم الذي ينتظر أن ينشأ عن شروع الدول العربية، سواء تلقائيًا أو بدافع خارجي، في إقامة أو تنمية بنيتها التحتية المشتركة، وعن تعبئة ما يتحاجه ذلك من موارد مالية وبشرية ضخمة”.
أما الفائدة الثالثة، فستتأتى، وفق الدبلوماسي التونسي، من العلاقات الاقتصادية والتجارية التي تنادي الصين بإعادة بنائها على قواعد جديدة التي يبشر بها “طريق الحرير الجديد” بهدف تحقيق تنمية بشرية حقيقية كفيلة بالمساعدة على الارتقاء بالمجتمع الإنساني ككلّ.
يصل الناتج المحلي الإجمالي لدول المنظمة إلى نحو 800 مليار دولار، وهو ما يجعلها واحدة من أكبر التجمعات التجارية في العالم، حيث تبلغ قيمة وارداتها السنوية حاليا نحو 32 مليار دولار، فيما تصل صادراته إلى 82 مليار دولار.
20 دولة إفريقية
تشير الإحصائيات إلى أنّ منطقة التبادل الحرّ الثلاثية التي تتكون من السوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقي COMESA، ومجموعة الشرق الإفريقي EAC، ومجموعة تنمية الجنوب الإفريقي SADC، هم تجمّع اقتصادي أنشئ عام 1994، ومقره العاصمة الزامبية لوساكا، ومعترف به من طرف الاتحاد الإفريقي.
تبلغ قيمة واردات مجموعة “كوميسا” السنوية نحو 170 مليار دولار، بينما تبلغ قيمة الصادرات 120 مليار دولار
وتفيد التقديرات أنّ الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة “كوميسا”، وفق وكالة تونس إفريقيا للأنباء، يصل إلى نحو 800 مليار دولار، وهو ما يجعلها هذا التجمّع الاقتصادي، واحدًا من أكبر التجمعات التجارية في العالم، حيث تبلغ قيمة وارداتها السنوية حاليا نحو 32 مليار دولار، فيما تصل صادراته إلى 82 مليار دولار.
وبانضمام تونس إلى مجموعة “كوميسا” بعد مسار تفاوضي منذ نحو سنتين، يصل عدد الأعضاء إلى 20 دولة إفريقية، يبلغ عدد سكانها 625 مليون نسمة، ويصل ناتجها المحلي نحو 1.2 تريليون دولار. وتبلغ قيمة واردات مجموعة “كوميسا” السنوية نحو 170 مليار دولار، بينما تبلغ قيمة الصادرات 120 مليار دولار.