ترجمة وتحرير: نون بوست
خلال الأشهر العشرين الماضية، توجب على النائبة الجمهوري المنتخبة للفترة الرابعة، مارثا روبي، أن تذلل نفسها أمام الرئيس دونالد ترامب كي تستعيد مكانتها السياسية وتصد تحديا رئيسيا في مقاطعة ألاباما المحافظة للغاية. وقد كانت جريمتها الوحيدة دعم المرأة. وفي خريف 2016، قالت النائبة الجمهورية، وهي أم لطفلين، “لا أستطيع النظر في أعين أطفالي… وتبرير التصويت لرجل يروج للاعتداء الجنسي على النساء ويتباهى به”.
يبدو أن ناخبي روبي، الذين كان العديد منهم من الرجال الجنوبيين المحبين لترامب، لم يستسيغوا هذا الأمر كثيرا، وسرعان ما غيرت روبي لهجتها بعد أن فاز ترامب بالرئاسة، حيث أثنت باستمرار عليه وعلى سياساته. ويوم الثلاثاء، تمكنت روبي من تخطي الجولة الثانية الأولية بعد أن كادت تنهي مسيرتها السياسية.
في الحقيقة، تسلط المحنة التي تمر بها روبي الضوء على التحدي الفريد من نوعه الذي تواجهه النساء الجمهوريات أثناء حملاتهن الانتخابية لشغل مناصب قيادية في إدارة ترامب. وفي حين استفادت نظيراتهن الديمقراطيات سياسيا من التصدي للرئيس بشأن قضايا المرأة، لا تحظى النساء الجمهوريات بميزة مماثلة.
في هذا السياق، أشارت النائبة عن الحزب الجمهوري، آن فاغنر ميسوري، إلى وجود طرق للمعارضة دون التسبب في الإزعاج للحزب وذلك من خلال المعارضة دون جعلها أمرا شخصيا. وتعتبر ميسوري من أكثر النساء صراحة في مؤتمر الحزب الجمهوري، التي صوتت لصالح ترامب في أغلب الأوقات، حيث قالت “ينضوي جزء كبير منها تحت هذا النهج”.
في أحد إعلاناتها في أولى حملاتها في مقاطعة كاليفورنيا التي تتساوى فيها الحظوظ، روجت ميمي والترز، النائبة الجمهورية، لعملها من خلال مساعدة النساء اللواتي تعرضن للضرب والاغتصاب إلى جانب أولئك العالقات في تجارة الجنس.
من جهتها، تتناول إليانا روس ليتينن، النائبة الجمهورية المتقاعدة، هذا الشأن بفظاظة أكثر قائلة “تؤيد قاعدة الحزب دونالد ترامب، ولا يمكنه أن يخطئ، سوف يتشبث بعنقك مثل طائر القطرس. يا للقرف! إنها عقدة حقيقية للمرشحات”. وقد وصفت النائب المتقاعدة النساء الجمهوريات “بالأنواع المهددة بالانقراض”.
لقد كشفت المقابلات التي أجريت مع أكثر من ست مرشحات ومشرعات في الحزب الجمهوري عما وصفته روس ليتنينن “بالوضعية الصعبة” التي تواجهها العديد منهن. فمثلما عارض المشرعون في الحزب الجمهوري ترامب، تخاطر النساء الجمهوريات اللواتي يهاجمن الرئيس بإبعاد قاعدة يحتجنها لإعادة انتخابهن، كما فعلت روبي. في ظل فشلهن في إبداء رأيهن، يمكن أن تتحول النساء المستقلات اللاتي يشككن في الرئيس، إلى كتلة تصويت رئيسية وحاسمة.
على ضوء هذه المعطيات، أجبر الواقع المزدوج النساء الجمهوريات على التفكير بطريقة إبداعية حول كيفية الوصول إلى الناخبات. ففي أحد إعلاناتها في أولى حملاتها في مقاطعة كاليفورنيا التي تتساوى فيها الحظوظ، روجت ميمي والترز، النائبة الجمهورية، لعملها من خلال مساعدة النساء اللواتي تعرضن للضرب والاغتصاب إلى جانب أولئك العالقات في تجارة الجنس. كما ملئت كاثي ماكموريس رودجرز مقاطعة واشنطن التنافسية بلوحات الإعلانات التي تعرض وجوه النساء اللواتي يدعمنها لإعادة انتخابها. وفي ذات الوقت، لن يكترث الناخبون إلى مسألة المهاجمة الضمنية ترامب.
في شأن ذي صلة، أتت الخطوات التي ستعدل كفتي الميزان في السنة التي شهدت رقما قياسيا من حيث نسبة النساء اللواتي يسعين لتقلد مناصب عامة. ووفقا لفاغنر، نائبة رئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري في الكونغرس، قدمت أكثر من 123 مرشحة جمهورية ملفات الالتحاق بالكونغرس، أي ثلاثة أضعاف العدد الذي شهدته الدورة السابقة. ومع ذلك، تتركز الحيوية المحيطة بالمرشحات بشكل مهيمن في الجانب الأيسر من الطيف السياسي. وتقول بعض النساء الجمهوريات إنهن ناضلن لركوب موجة تمكين المرأة التي تتمتع بها نظيراتهن من الديمقراطيات.
صرحت ماكموريس رودجرز “بالنسبة للكثيرين في اليسار، إذا لم توافقهم الرأي بنسبة 100 بالمائة، فأنت ضد المرأة. ولأنني جمهورية، لا أعتبر تقريبا داعمة للمرأة ناهيك عن أن عملي من أجل المرأة لا يحتسب”.
في هذا السياق، قال بعض المحافظين إن الحركة النسوية أقصت المرشحات ذوات العقلية المحافظة. وأفادت ماكموريس رودجرز بأن صاحبات المشاريع في مقاطعتها فقدن حرفاءهن بسبب تأييدهن لها. وردا على ذلك، أنشأت ماكموريس مجموعة جديدة في مقاطعتها من أجل النساء اللواتي يتشاركن نفس التوجه السياسي.
حيال هذا الشأن، صرحت ماكموريس رودجرز “بالنسبة للكثيرين في اليسار، إذا لم توافقهم الرأي بنسبة 100 بالمائة، فأنت ضد المرأة. ولأنني جمهورية، لا أعتبر تقريبا داعمة للمرأة ناهيك عن أن عملي من أجل المرأة لا يحتسب”. ولكن ما يمثل تحديا حقيقيا للمرأة الجمهورية لا يتعلق بالديمقراطيين أو ترامب فقط. ففي حين يميل الديمقراطيون إلى تفضيل المرشحات على المرشحين، تقول بعض النساء الجمهوريات إن جنسهن يستخدم ضدهن من قبل مجموعة من الناخبين في الحزب الجمهوري.
في حديثها عن هذه المسألة، قالت النائبة الجمهورية كريستي نويم إن النساء يمثلن تحديا بالنسبة للكثير من الرجال. وقد رشحت نويم نفسها لنيل منصب حاكم ولاية ساوث داكوتا، التي ترتكز بالأساس على “مجتمع رجالي”. وأضافت النائبة “لسبب ما، كانوا على استعداد لإرسال امرأة إلى الكونغرس لسنوات، لكن الأمر مختلف للغاية عندما يتعلق بوضع امرأة في منصب حاكم”. كما أشارت نويم إلى أنها لم تتوقع أن يمثل هذا الأمر مشكلة، وتعتقد في مرحلة أولية أن النساء فقدن بعض النقاط بسبب ذلك.
من المرجح أن يكون هذا هو السبب الذي يقف وراء عدم إقدام بعض النساء الجمهوريات من المقاطعات أو الولايات المحافظة في غالب الأحيان على التأكيد على جنسهن. فقد طلبت مارشا بلاكبيرن، النائبة عن ولاية تينيسي، من الناس مناداتها “بعضو الكونغرس” وليس “عضوة الكونغرس”. وتجدر الإشارة إلى أن حلفاء بلاكبيرن قلقون بشأن إمكانية خسارتها لفرصة نيل مقعد في مجلس الشيوخ لأن بعض الجمهوريين من الرجال يفضلون التصويت لصالح منافسها الديمقراطي والمحافظ السابق، فيل بريديزن، فقط لأنه رجل.
تتخذ النساء الجمهوريات في المقاعد التنافسية منهجا مختلفا بعض الشيء
على نحو مماثل، حصلت النائبة ديان بلاك، زميلة بلاكبيرن في نفس الولاية، على منصب “رئيس” عندما ترأست لجنة الميزانية في مجلس الشيوخ. وقد صرحت بلاك، التي تسعى لنيل منصب المحافظ في خريف هذه السنة، أنها لم ترشح نفسها بصفتها أنثى. وبينت بلاك “لقد شعرت دائما أنه من الأفضل الترشح بصفة مترشح جيد.. لأسمح لمؤهلاتي أن تمثلي عوضا عن أي شيء يتعلق بجنسي”.
إذا ما تم انتخابها، سوف تصبح بلاك أول حاكمة جمهورية في ولايتها، لكن ليس هذا ما تسعى إلى الترويج له. قد أوضحت النائبة الجمهورية أنها لا تتجول في الأنحاء لتتحدث عن هذا الأمر لأنها لا تريد أن يذهب في اعتقاد أي شخص أن هذا الأمر يجسد الهدف الرئيسي الذي تترشح لأجله أو أنه سيعينها على الفوز.
في الواقع، تتخذ النساء الجمهوريات في المقاعد التنافسية منهجا مختلفا بعض الشيء. غالبا ما تتحدث ماكموريس عن تجربتها، حيث تزوجت أثناء فترة خدمتها في الكونغرس ومن ثم رزقت بثلاثة أطفال أحدهم من ذوي الاحتياجات الخاصة. وتقول ماكموريس إن قصتها ساعدت الناخبين على التعاطف معها بصفتها شخصا وممثلا عن الشعب أيضا.
على الرغم من اختلاف خصوصيات المناطق التي يمثلانها وأساليبهما، اتفقت كل من كاثي ماكموريس رودجرز وديان بلاك على أنهما شعرتا في بعض الأوقات بأنه تم استبعادهما أو أنهما غير قادرات على دعم الحركة النسوية التي تنبض في الشعب.
في هذا الصدد، روت ماكموريس رودجرز أنها أرسلت شريط فيديو إلى منظمي مسيرة للنساء في سبوكان في واشنطن، ولكنهم قرروا عدم عرضه. وقد قالت بلاك إنها “شعرت بالإهانة” عند رؤيتها لفتيات في سن العاشرة أو الحادية عشر حاملات لافتات تتضمن عبارات لعن ألصقت عليها واقيات ذكرية وحفاضات نسائية، لدى حضورها مسيرة النساء في واشنطن برفقة ابنتها السنة الماضية. وعلقت بلاك على ذلك قائلة “ليس هذا ما أعتقد أنه ينبغي علينا تلقينه للفتيات الصغيرات وإخبارهن أن هذا ما يجعلهن قويات”.
عندما سلط الناخبون الضغط على بلاك بشأن موقف ترامب إزاء النساء، أشارت النائبة الجمهورية إلى تجربتها الخاصة.
ما عدا الشعور باستبعادهن عن الحركة النسوية في بعض الأحيان، تضطر النساء الجمهوريات إلى الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بترامب، وهو واقع يجدنه غير عادل. وعند مواجهة أسئلة تتمحور حول ما قاله ترامب أو سياسة نفذها، خاصة إذا لم تحظ بالشعبية بين النساء، تحاول النساء الجمهوريات الحياد عن الموضوع.
عندما سئلت في أيار/ مايو عن طريقة ردها عن الأسئلة المتعلقة بلهجة ترامب تجاه النساء، أجابت والترز “أنا أركز على النتائج. إن هذا أكثر ما يهمني، النتائج. وتقول والترز إنها ترى “الفرصة” حيثما يرى البعض المعضلة، وهي تتواصل مع هذه المجموعة من النساء اللواتي لا يعجبهن الرئيس كثيرا. كما أضافت والترز “يمكننا أن نمثل وجه الحزب الذي يقول: مرحبا، هذه السياسات التي نطبقها مع رئيسنا، ونحن ندعمه… ونحن مثلكن تماما”.
عندما سلط الناخبون الضغط على بلاك بشأن موقف ترامب إزاء النساء، أشارت النائبة الجمهورية إلى تجربتها الخاصة. وأفادت بلاك بأنها تجتمع في الكثير من الأحيان مع الرئيس لمناقشة الإصلاح الضريبي والإنفاق ولم تشعر قط بأنه يتحدث إليها باستعلاء أو عدم احترام بأي شكل من الأشكال. وذكرت بلاك “في الواقع، كان الرئيس يقول في الكثير من الأحيان: ‘ديان، ما رأيك؟’ لذلك، عندما يبدأ الناس في الحديث عن (ترامب والنساء) أجيبهم عن طريق إخبارهم بتجربتي”.
تبرّر فاغنر للنساء أن ترامب يعمل لصالحهن من خلال التركيز على السياسة، حيث تبين أن الأمهات يردن الأمن الاقتصادي والقومي ومن جهته ساهم ترامب في تخفيض الضرائب والمفاوضات مع كوريا الشمالية. كما تقول فاغنر أنه يمكن للنساء أن يختلفن مع ترامب، مثلما يستطيع الرجال تماما. وتضيف قائلة “ينبغي عليهن أن ينتهجن الوضوح مع الإدارة والمقومات التي تتضمن نقاط توافق قوية مع الرئيس”.
يبدو أن الأسئلة حول ما قد تبدو عليه المرأة في عهد ترامب قد أثار موجة غضب لدى بعض نساء الحزب الجمهوري. وقد تواصلت بوليتيكو مع أكثر من نصف النساء في مجلس الشيوخ، لكن أغلبهن، بمن فيهن روبي، رفضن إجراء مقابلة أو تجاهلن البريد الإلكتروني الذي أرسل لهن.
يحرص أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس النواب بشكل واضح على توسيع صفوفهم، وقد تحدث الكثيرون عن الصدمة التي انتابتهم عند الدخول للمرة الأولى إلى قاعة المؤتمر الجمهوري في مجلس النواب التي يهيمن عليها الرجال
في محاولة للتواصل معها في أروقة مبنى الكونغرس، قالت إليز ستيفانيك، النائبة الجمهورية من نيويورك ورئيسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري في الكونغرس، إنها مستعدة لترتيب مقابلة حول هذا الموضوع. لكن المتحدث باسمها، توم فلاناجين، رفض في وقت لاحق العديد من الطلبات خلال الأشهر القليلة الماضية، وقد أشار في مرحلة أولى إلى جدول النزاعات قبل أن يعترف في نهاية المطاف بأنهم يفضلون “تجاوز” الأمر.
أما النائبة الجمهورية عن فرجينيا، بربرا كومستوك، وأكثر أعضاء مجلس الشيوخ تأثرا بالنقد، فقد أبدت انزعاجها من المسألة، وتذمّرت قائلة “لم أتلق قط طلبا لإجراء مقابلة بشأن مشاريع القوانين التي أقرها. يمكنني إخبارك بذلك”.
يحرص أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس النواب بشكل واضح على توسيع صفوفهم، وقد تحدث الكثيرون عن الصدمة التي انتابتهم عند الدخول للمرة الأولى إلى قاعة المؤتمر الجمهوري في مجلس النواب التي يهيمن عليها الرجال. حاليا، تمثل النساء 10 بالمائة من مؤتمر الحزب الجمهوري، في حين أن ثلث التجمع الديمقراطي يتألف من النساء. وصرحت روس ليتنينن أنه لا يزال أمام الجمهوريين بعض الخطوات لتعزيز هذه الأرقام، “فعلى الرغم من تغيّر العديد من الأمور، إلا أن عدد النساء الجمهوريات بقي نوعا ما في مستوى منخفض للغاية”.
الصحيفة: بوليتيكو