في 25 يناير 2011 بدأ الشباب ثورتهم على الظُلم والفساد والديكتاتورية، رغبو في استعادة بلادهم المنهوبة لصالح حِفنة من رجال المال والمنصب والجاه والرُتب، أردوا أن يشعروا أنهم يعيشون في وطنهم لا في مُلك آخرين استعبدوهم وأضاعوا أحلامهم.
علي مدار ثلاث سنوات أخذ حلم هؤلاء الشباب في التلاشي شيئًا فشيئًا حتى تبخر بعد 30 يونيو فقد سُرِق الحلم وعاد الوطن لحُضن الفاسدين الذين أضاعوا أكثر من 60 عامًا من عمر الوطن من قبل ولم يكتفوا بذلك بل ويريدون المزيد من الخراب في سبيل تحقيق مطامعهم الشخصية ومطامع مؤسساتهم التي لم تكن يومًا في مصلحة الوطن أو الشعب.
بعد 30 يونيو أصبحوا يحاربون الشباب الواعي الذي قد استفاق من غيبوبته في 25 يناير وخرج يطالب بحريته المسلوبة، أدرك الفاسدون أن عدوهم الوحيد هو الوعي المتمثل في شباب تغمره الرغبة في حياة أفضل وفي تغيير دفعوا ثمنه من دمائهم ومن حريتهم سابقًا ولا زالوا يدفعون الثمن.
أولاً تم استهداف شباب التيار الإسلامي وقتلوا منهم الكثير واعتقلوا الكثير وأضاعوا مستقبل الكثير، لم أشك يومًا في أن بوصلة الانتقام من شباب الثورة سوف تتجه إلى باقي التيارات والأيدلوجيات حتى وإن كان منهم من شارك في مشهد االثلاثين من يونيو وتغير موقفهم بعد الانقلاب، وبالفعل انتقلت تلك البوصلة إلى باقي التيارات من يسار وليبراليين وكذلك الكثير من الحركات السياسية الشبابية.
الآن يجلس الإخواني بجانب الليبرالي بجانب عضو حركة 6 أبريل في نفس المعتقل وربما نفس الزنزانة، فالذين فرقتهم السياسة جمعتهم آلة الظلم الآن، كل شاب يقول كلمة “لا” يعاقب، لا تتعجب فكلمة “لا” في ظل حكم الطغاة والظالمين من المحرمات التي تستوجب عقاب كل من يَنطق بها.
فرح الكثير من الشباب من مختلف التيارات في إعلان حكومة الانقلاب جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية لاختلافهم السياسي معها، الغريب أن سلطة الانقلاب لم تحمد لهم هذا الشعور فكانت مكافأتهم أن يتم ملاحقتهم بنفس التهمة ومن المنتظر صدور نفس الحكم على بعض الحركات كحركة 6 أبريل – على سبيل المثال -!
لكن في النهاية حتمًا الشباب سينتصر، وحتمًا الظُلم سينجلي وإن أخذ فترته، ربما نذوق طعم الاستعباد طويلاً حتي نُدرِك قيمة الحرية التي سيحصل عليها شعب مصر، فسينتصر الحق وإن طال صراعه مع الظلم!
أذكر أصدقائي “معاذ” و”فخراني” المعتقلين في السجون التي أصبحت سِمة مصر في ظل هذا الحكم الفاشي، أذكرهم دائمًا بالخير فحياتهم لم يكن بها سوى الخير، شباب كانت خطيأتهم الوحيدة هي أنهم حلموا بحرية وطنهم واستعادة مصر لشعبها، ربما لم يتجاوزا من العمر الكثير ولكنهم في ميزان الرجال يزنوا الكثير والكثير.
أصدقائي .. ستخرجون قريبًا من ظلام زنازينكم وسيحل مكانكم فيها من ظلمكم وتخيل أن بإمكانه اعتقال حريتكم وأحلامكم في سجونه، أحلامكم باقية فينا ما عشنا، وحريتكم هي حريتنا التي منحها الله لنا، فالله خلقنا أحرارًا وسنظل أحرارًا حتى يقبضنا إليه.