أعاد تقرير صحفي نشره موقع إلكتروني بريطاني مسألة التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى سطح الأحداث السياسية والمدنية في تونس، بعد أن أكد أن اللجنة الأولمبية الدولية أعلمت نظيرتها التونسية أنها رفعت الفيتو أمام ترشحها لاستضافة الألعاب الأولمبية للشباب 2022 إلى جانب نيجيريا والسنغال وبتسوانا.
وأوضح التقرير الذي نشره موقع (gamesbids.com) أن “بتسوانا ونيجيريا والسنغال وتونس بقوا في السباق من أجل احتضان الألعاب الأولمبية للشباب 2022 بعد رفع الإقصاء عن تونس”.
التزام تونسي
لم تكن موافقة اللجنة الأولمبية الدولية على بقاء تونس في سباق الترشح لتنظيم الألعاب الأولمبية للشباب 2022 مجانية، بل أكد التقرير أن اللجنة الدولية أعلنت أن “السلطات التونسية ستلتزم بتأمين قدوم وفد من الرياضيين الإسرائيليين للمشاركة في فعاليات الألعاب الأولمبية للشباب 2022 في صورة إقامتها على الأراضي التونسية، وستسهر على أمن وسلامة الوفد الإسرائيلي”.
“السلطات التونسية ستلتزم بتأمين قدوم وفد من الرياضيين الإسرائيليين للمشاركة في فعاليات الألعاب الأولمبية للشباب 2022 في صورة إقامتها على الأراضي التونسية”
وكانت اللجنة الأولمبية الدولية أعلمت نظيرتها التونسية برفضها مطلب ترشحها لاحتضان الألعاب الأولمبية للشباب 2022 بعد نحو شهر واحد من رفض تونسي استقبال رياضيين صهاينة للمشاركة في بطولة العالم للناشئين في رياضة التايكواندو التي انتظمت بمدينة الحمامات جنوب تونس العاصمة، خلال شهر مارس 2018.
وقال رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ، خلال شهر مايو الماضي، إن اللجنة قررت تجميد كل الاتصالات مع اللجنة الأولمبية التونسية بعد رفض استقبال الرياضيين الإسرائيليين في تونس، مضيفًا “من غير الممكن منح تونس شرف استضافة الألعاب الأولمبية للشباب 2022 بعد هذا الرفض، وبالتالي يجب التعامل بجدية مع الحكومات التي تقاطع الأنشطة الرياضية لأسباب سياسية تسيء للرياضة وتتنافى مع القيم الأولمبية”، وفق تصريحه.
وفي تصريح صحفي لمجلة “ميم”، أكد صلاح بوذينة، المكلف بالاتصال في اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية “لا صحة لهذا الخبر”، مشيرًا إلى أن “اللجنة الأولمبية التونسية لا علم لها بالموافقة التي تحدثت عنها اللجنة الأولمبية الدولية لقبول ترشح تونس لاستضافة الألعاب الأولمبية للشباب 2022”.
معركة تجريم التطبيع
تخوض الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني معركة متواصلة من أجل سن قانون من داخل قبة البرلمان، يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني، لكن السياسيين التونسيين يتهربون من الخوض في هذا الموضوع التي تتضارب من خلاله المصالح وتتقاطع مع دول عظمى لها علاقات وطيدة بتونس، من ذلك فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
دستور 2014 “…وانتصارًا للمظلومين في كل مكان، ولحق الشعوب في تقرير مصيرها، ولحركات التحرر العادلة وفي مقدمتها حركة التحرر الفلسطيني، ومناهضة لكل أشكال الاحتلال والعنصرية…”
وتقبل تونس بدخول اليهود إلى أراضيها في إطار حجهم إلى معبد الغريبة، في جزيرة جربة، جنوب شرق تونس، خلال شهر مايو من كل عام، لما لذلك من تأثير إيجابي على القطاع السياحي في تونس.
ولئن طالب المناهضون للصهاينة بتجريم التطبيع، بصورة واضحة ومقننة، وتضمينه في دستور 2014، إلا أنه تم تحاشي ذلك والاقتصار على “مناهضة كل أشكال الاحتلال والعنصرية”، وورد في توطئة الدستور، دون أن يقع إفراد التجريم بفصل خاص “… وانتصارًا للمظلومين في كل مكان، ولحق الشعوب في تقرير مصيرها، ولحركات التحرر العادلة وفي مقدمتها حركة التحرر الفلسطيني، ومناهضة لكل أشكال الاحتلال والعنصرية…”.
حالات شاذة ولكن
استنكرت الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني عددًا من الأحداث التي التقى فيها تونسيون بصهاينة، خاصة في القطاعين الرياضي والفني، من ذلك ما حدث خلال شهر رمضان الماضي، عندما بثت قناة “تونسنا” برنامج “الكاميرا الخفية” تضمن تمرير مشاهد، مثلما تقول نقابة الصحفيين التونسيين، “ادعى منتجوها أنها سقوط لبعض الشخصيات السياسية والرياضية في فخ التطبيع مع الكيان الصهيوني”.
ونظرًا للجدل الذي أثاره البرنامج المذكور، فقد أكدت النقابة أن “التمرير اليومي لمشاهد تتضمن علم الكيان الصهيوني يعتبر تطبيعًا مع هذا الكيان المحتل وتمييعًا للقضية الفلسطينية خاصة في ظل الوضع الإقليمي والدولي الذي يتعرض فيه الحق الفلسطيني إلى هجمة شرسة، لا سيما القرار الأمريكي الجائر بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، في إشارة واضحة للاعتراف بها عاصمة للكيان المحتل”.
وطالب النقيب ناجي البغوري بـ”ضرورة سن قانون لتجريم التطبيع بأشكاله المختلفة مع الكيان الصهيوني المحتل”.
تشير الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى تصريح مفتي الجمهورية التونسية عثمان بطيخ للقناة السابعة الإسرائيلية على هامش ندوة دولية في إطار حوار الأديان ومحاربة التطرف، واعتبارها “سابقة خطيرة لشخصية رسمية تونسية”
وفي 18 من سبتمبر 2016، وإثر المباراة التي جمعت لاعب التنس التونسي مالك الجزيري بأحد اللاعبين الصهاينة في إطار دورة “إسطنبول” للتنس، أكدت الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني أنه “أمام السكوت المخزي للجامعة التونسية للتنس ولوزارة الرياضة عن هذه الواقعة المشينة، وتجاهلها توضيح أي موقف منها بالإدانة أو بالتبرير، نعتبر أن خيار مالك الجزيري بخوض المباراة كان خيارًا خاطئًا ومخزيًا”.
وحيت ذات اللجنة كل الرياضيين الذين قاطعوا المنافسات الرياضية مع الصهاينة في مناسبات سابقة ومن بينهم لاعبة التنس الدولية أنس جابر رغم الضغوط والتبعات.
وأدانت ما اعتبرتها “الوقاحة المتصاعدة في المدة الأخيرة للمدافعين عن التطبيع في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والجمعياتية والأكاديمية والرياضية والحملات المنظمة لتشويه موقف مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني وتمييعه وتسخيفه واختلاق الأعذار الواهية للمطبعين”.
وتجاوزت هذه الأحداث القطاع الرياضي والفني بعد تلك الصورة التي جمعت الفنان صابر الرباعي بضابط صهيوني خلال حفل أقامه في مدينة الروابي الفلسطينية أغسطس 2016، لتشير الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى تصريح مفتي الجمهورية التونسية عثمان بطيخ للقناة السابعة الإسرائيلية على هامش ندوة دولية في إطار حوار الأديان ومحاربة التطرف، واعتبارها “سابقة خطيرة لشخصية رسمية تونسية”.
وأشار ت إلى أنها تأتي في إطار “مساعي حثيثة من الدولة التونسية لفرض التطبيع مع الكيان الصهيوني على الشعب التونسي باعتباره حقيقة لا يُمكن تجاوزها، وذلك بإيعاز من الحلفاء الإقليميين والدوليين للنظام الحاكم في تونس”.
وجددت في بداية مايو الماضي، دعوتها إلى السلطات التونسية “بمنع زيارة أي مستوطن صهيوني قادم من الأراضي المُحتلة تحت أي عناوين أو مسميات، سواء كانت دينية أم رياضية أم ثقافية أم غيرها”، مع ضرورة التسريع بتمرير قانون يُجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني لمنع وبشكل نهائي تكرار مثل هذه الأفعال التطبيعية المشينة.