الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الجزائر منذ صيف سنة 2014، نتيجة تهاوي أسعار النفط في السوق العالمية، لم تطل تداعياتها السلبية الجانب الاجتماعي في البلاد فقط، بل مست أيضًا الجانب الثقافي، فقد قلصت السلطات المشرفة على هذا المجال عدد المهرجانات مكتفية بعدد قليل منها، فما أبرز هذه المهرجانات؟
مهرجان وهران للفيلم العربي
يعتبر مهرجان وهران للفيلم العربي أحد أبرز المهرجانات المتبقية في الجزائر، وقد انطلقت فعاليات الدورة الحادية عشرة من المهرجان أمس الأربعاء وتستمر حتى الـ31 من يوليو/تموز الحاليّ، وكانت البداية بعرض فيلم “كارما” للمخرج المصري خالد يوسف، ويشهد المهرجان مشاركة 38 فيلمًا سينمائيًا بين روائي طويل وقصير ووثائقي، تتنافس على جوائز “الوهر الذهبي”.
يشمل مهرجان تيفردود بالأساس الأعمال الفنية والموسيقى بهدف بث الحياة إلى منطقة القبائل
إلى جانب الندوات الفكرية والتقنية والورش، يُكرم المهرجان الذي تشمل فعالياته أيضًا مدن معسكر ومستغانم وسيدي بلعباس، الممثلة المصرية الراحلة شادية والمخرجَين الجزائريَين الراحلَين محمد زموري وفاروق بلوفة، وأطلق منظمو المهرجان لهذا العام، شعار “نعيش معًا” للإشارة إلى التنوع في المهرجان لكونه يشمل نحو 40 فيلمًا من دول كثيرة.
حافظ مهرجان وهران على طابعه الدولي رغم الأزمة المالية
تستقبل العروض هذه الدورة قاعات في أربع مناطق جزائرية (معسكر ومستغانم وسيدي بلعباس ووهران) وسط تنظيم دقيق يسمح للرواد بالتنقل بسهولة بين هذه العناوين تحقيقًا لمبدأ تعزيز حضور السينما في أوسع نطاق وطني.
تشمل مسابقة الأفلام الروائية الطويلة 10 أفلام بينها الفيلمان الجزائريان “إلى آخر الزمان” للمخرجة ياسمين شويخ و”لم نكن أبطالاً” للمخرج نصر الدين قنيفي، فيما يتنافس 14 فيلمًا في مسابقة الأفلام القصيرة على الفوز باللقب الأول، كما تضم مسابقة الأفلام الوثائقية 14 فيلمًا أيضًا.
مهرجان تيفردود
يعتبر هذا المهرجان، أحد أبرز المهرجانات الارتجالية في الجزائر، وقد تم إطلاقه سنة 2003، في قرية تيفردود الواقعة في بلدة إفارونين بولاية تيزي وزو شرق الجزائر، وتقع هذه القرية الصغيرة بأعالي جبال جرجرة على ارتفاع نحو 1195 مترًا فوق سطح البحر.
يقام هذا المهرجان سنويًا في مدينة تيمقاد الأثرية الرومانية بولاية باتنة عاصمة الأوراس وبلاد الشاوية
هذا المهرجان شمل بالأساس الأعمال الفنية والموسيقى بهدف بث الحياة إلى منطقة القبائل التي عانت من أعمال العنف خلال الحرب الأهلية التي دارت رحاها في التسعينيات، وفق القائمين عليه، حيث قتلت الحرب نحو 200 ألف شخص في أنحاء البلاد.
وخلال هذه الدورة التي انتهت فعالياتها أمس، تم التطرق لعديد من المواضيع المتعلقة بالحياة الاجتماعية وأساليب البناء التقليدي في المجتمع الجزائري، خاصة في منطقة القبائل التي يسكنها بشكل أساسي الأمازيغ، ويجذب المهرجان سنويًا آلاف الزوار من منطقة القبائل وغيرها من المناطق في الجزائر ومن خارجها أيضًا فهو يستقبل الآلاف من السياح الأجانب.
يستقبل المهرجان آلاف السياح سنويًا
فعاليات المهرجان لا تقتصر على التظاهرات الفنية التي يؤمنها الأجانب فقط، فلسكان القرية البالغ عددهم 1500 نسمة، نصيب من مهرجانهم أيضًا، من ذلك تقديمهم لمسرحيات تستعرض تقاليد قرى القبائل وورشات للرسم والغناء البدوي لتبادل لحظات من الفرح تنسيهم سنوات الجمر.
مهرجان تيمقاد
قبل سنوات قليلة، كان مهرجان تيمقاد من أبرز المهرجانات الدولية في الجزائر، حيث كان يحتضن عديد من الحفلات لأهم الفنانين العرب والعالم، لكن بسبب إجراءات التقشف، أصبح المهرجان أقرب للمحلية منه إلى الدولية.
قبل 2014، كانت المهرجانات في الجزائر تعد بالعشرات، لكن عددها اليوم أصبح يقارب عدد أصابع اليد
النسخة الـ40 من هذا المهرجان التي تبدأ اليوم وتمتد إلى يوم 30 من نفس الشهر ستكون بمشاركة فنانين محليين فقط، بعدما كان يشهد مشاركة عالمية سابقًا، أي أنها ستكون “وطنية بامتياز”، وفقًا لوزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي.
ويقام هذا المهرجان سنويًا في مدينة تيمقاد الأثرية الرومانية بولاية باتنة عاصمة الأوراس وبلاد الشاوية (بُنيت سنة 100 ميلادية وتم تصنيفها من طرف اليونسكو تراثًا عالميًا)، وتعتبر تيمقاد المدينة الرومانية الأثرية التاريخية أهم ما بقي من التراث الروماني في الجزائر، وتبعد بنحو 36 كيلومترًا عن عاصمة الولاية باتنة سيدة منطقة الشاوية وعاصمة الأوراس المجيدة وبأكثر من 418 كيلومترًا عن الجزائر العاصمة.
تراجع مهرجان تيمقاد نتيجة إجراءات التقشف
خلال هذه الدورة تم إدراج كل ماله صلة بالثقافة والفن، دون اقتصار المهرجان على الغناء فحسب، كونه مهرجانًا ثقافيًا، يشمل كل ما له علاقة بالثقافة من مسرح ورسم وموسيقى ونحت، وغيرها من الفنون التي همشت لعديد من الدورات السابقة، وفقًا لمديره يوسف بوخنتاش.
وسبق حفل الافتتاح الذي يقام الليلة بالمسرح المحاذية للمدينة، تنظيم حفلات فنية بكبرى دوائر المحافظة وهي سريانة ونقاوس وآريس ومروانة وعين التوتة وبريكة والمعذر إلى جانب عاصمة المحافظة كما ستقام على هامش التظاهرة معارض فنية متنوعة.
قبل 2014، كانت المهرجانات في الجزائر تعد بالعشرات، لكن عددها اليوم أصبح يقارب عدد أصابع اليد، فقد تم الغاء العديد من المهرجانات وتعليق بعضها الآخر على غرار “المهرجان الدولي لفنون الأهقار” و”المهرجان المغاربي للموسيقى الأندلسية”، فيما تم دمج بعض المهرجانات التي تتشارك نفس الموضوع ومنها “مهرجان الخط العربي ومهرجان المنمنمات والزخرفة”، بينما سيتم تنظيم بعض التظاهرات الأخرى كل سنتين ومنها “المهرجان الدولي للأدب وكتاب الشباب والمهرجان الوطني لموسيقى الديوان”.