اعتبر تقرير لمركز كارنيغي للشرق الأوسط أن “معارضة واضحة” للنظام السوري وميلشياته المتهمة بممارسة النهب وفرض الإتاوات حتى في المناطق الموالية بدأت تبرز في الحاضنة الأساسية له بما في ذلك قطاعات من الطائفة العلوية التي تكبدت خسائر رهيبة خلال الأزمة المندلعة منذ آذار/ مارس 2011.
وأشار التقرير، الذي أعده الباحث المتخصص بالأزمة السورية “يزيد صايغ” ونشر اليوم الأربعاء، إلى أنه “في حال تم إجراء الانتخابات الرئاسية في سوريا وانتخب الرئيس السوري بشار الأسد مرة أخرى، فلن يكون النظام قد حقق نصرًا كبيرًا أو دائمًا حتى لو كان بمقدوره أن يفوز”، مشيرًا إلى أنه سيواجه “توتّرات وتحدّيات جديدة لأن الذين قاتلوا من أجله سيقدمون مطالب كانوا قد أجّلوها في ذروة الصراع المسلح”.
وأضاف: “هذا لن يسفر سوى عن تحريض بعض الحاضنة الأساسية للنظام، بما في ذلك قطاعات من الطائفة العلوية التي قدمت المقاتلين وتكبدت خسائر رهيبة، والجيش بشكل عام، والكثيرين في أجهزة الدولة وحزب البعث، ضد دوائر أخرى، بما في ذلك أفراد عائلة الأسد والمقربين منها، والجيل الجديد من أمراء الحرب الموالين للنظام”.
وقال التقرير إن معارضة هؤلاء “تبدو واضحة بالفعل” عندما يتعلق الأمر بالتجاوزات التي تقوم بها قوات الدفاع الوطني السوري وهي ميليشيا النظام المتهمة بممارسة النهب وفرض الإتاوات حتى في المناطق الموالية وأفراد عائلة الأسد مثل ابن عم الرئيس هلال (الذي قتل خلال هجوم معارك منطقة كسب الشمالية أواخر آذار/ مارس) وابنه سليمان والذين كان يديرون المنطقة الساحلية باعتبارها “إقطاعية خاصة بهم كزعماء محليين”.
ورأى أن هذه الاحتجاجات والمطالب الاجتماعية من داخل صفوف الموالاة للأسد نفسه “شكلت تحديًا لا يمكن الردّ عليه بالقوة الغاشمة، على عكس التحدّي الذي فرضه التمرّد المسلح”، لافتًا الى أنه “سيكون من الصعوبة بمكان أيضًا تهدئة المعارضة من خلال زيادة الإنفاق الحكومي نظرًا إلى الحاجة إلى تقليص وتفكيك اقتصاد الحرب تدريجيًا والتحوّل من السياسات المالية الموجهة نحو البقاء إلى الاستثمار العام”.
وتوقع صايغ أن يستمر الدعم الروسي والإيراني لنظام الأسد “بالمعدلات الحالية”، مشيرًا الى أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يبطئ أو يقلب الاتجاهات داخل سوريا “هو حصول تحوّل جذري في ما تبدو مجموعة أصدقاء سوريا مستعدة للقيام به لدعم المعارضة السورية وتحسين فرص نجاح عملية انتقال سياسي حاسمة”.
واعتبر التقرير أن “التدهور الحاد” في العلاقات الأمريكية – الروسية بشأن أزمة أوكرانيا إلى أدنى مستوياتها منذ نهاية الحرب الباردة يحول دون الوصول إلى حد أدنى من التوافق بشأن سوريا.
ولفت التقرير إلى أنه بالرغم من أن دعم روسيا وإيران كان حيويًا بالنسبة إلى استراتيجية نظام الأسد في معارضة إجراء مفاوضات ذات مغزى وإعطاء الأولوية للبقاء، فإن لا موسكو ولا طهران تبدو متشبثة بالأسد، ووفقًا لمصادر مطلعة موثوقة يعترف حتى المتشدّدون في معسكر المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بأن الأسد لا يمكن أن يبقى في السلطة”.
وبحسب التقرير، إأن روسيا وإيران لن تستغنيا عن الأسد تحت الإكراه، طالما أن المعارضة السورية وداعميها الخارجيين في تراج”.
ولفت الى أن “الحقيقة المحزنة” هي أن أحدث خطة سلام إيرانية والتي تتكون من أربع نقاط، ربما تكون العرض الوحيد المجدي المطروح على الطاولة بالنسبة إلى المصمّمين على إيجاد مخرج من الأزمة الدبلوماسية في ظل الظروف الحالية.
وتدعو الخطة وفقا لصايغ، إلى “وقف عام لإطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتألف من النظام والمعارضة السورية (الداخلية)، وإلى النقل المتعاقب لمجموعة واسعة ولكن غير المحدّدة من السلطات الرئاسية للحكومة على مدى سنوات عدة، وإجراء انتخابات عامة ورئاسية”.
إلا أنه اعتبر أن مجموعة أصدقاء سوريا لن تقبل هذه الخطة رسميًا كأساس لاتفاق سلام.