يواجه الشمال السوري الواقع تحت سيطرة المعارضة المسلحة في كل من مناطق معركتي درع الفرات وغصن الزيتون بريف حلب الشمالي، خطر المصالح التي تجمع كلًا من قوات النظام وميليشيا الوحدات “قسد”، وتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، في صف واحد، يرجع السبب الرئيس خلف تلك العمليات ضعف الطوق الأمني وعدم قدرة الشرطة الحرة على ضبط مراكز المدن والبلدات.
كما أن اكتظاظ المنطقة بالسكان الذين هجروا مؤخرًا وتنوع الخلفيات التي كانوا عليها سابقًا، يعد سببًا رئيسًا لتلك العمليات التي تستهدف المراكز الحيوية في المدن، ولكن بنسبة أقل، فأغلب الذين هجروا مؤخرًا من المعارضة، وعلى الرغم من ذلك يمكنهم التعامل مع قوات النظام وتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وغيرهم من أصحاب المصالح في الشمال السوري.
سلسلة تفجيرات تستهدف مناطق الشمال السوري
قتل خمسة مدنيين، الخميس 26 من يوليو/تموز نتيجة انفجار عبوة ناسفة زرعت بسيارتهم المدنية على الطريق الواصل بين مدينة إدلب وبلدة سرمين، وتمكنت القوة الأمنية في مدينة إدلب من كشف سيارة مفخخة قرب المشفى الوطني وسط المدينة وتفكيكها، ولا تزال مدينة إدلب وريف حلب الغربي يشهدان فلتان أمني نتيجة ضعف قوات الشرطة وعدم تمكنها من ضبط المنطقة.
استهدفت سيارة مفخخة مبنى البريد ومحل محروقات بقربه في بلدة باب ليمون الواقعة بريف حلب الشمالي الشرقي والمحاذية للحدود السورية التركية، مما أدى إلى استشهاد 8 مدنيين فضلًا عن إصابة 2 بجروح بالغة
كما استشهد مدني الأربعاء 25 من يوليو/تموز وأصيب آخرون نتيجة انفجار في بلدة الخوين بريف إدلب الجنوبي، واستهدفت سيارة مفخخة مقرًا تابعًا لجيش إدلب الحر في بلدة التمانعة بريف إدلب الجنوبي مما أدى إلى إصابة عدد من جيش إدلب، فيما تسبب الانفجار بأضرار مادية في موقع التفجير.
وفي السياق استهدفت سيارة مفخخة الإثنين مجلس مدينة أخترين المحلي ومبنى النفوس في ريف حلب الشمالي، مما أدى إلى مقتل طفل وإصابة العديد من الجرحى، فيما قال مدير المكتب الإعلامي لمدينة أخترين يونس النايف” لـ”نون بوست”: “استهدفت السيارة المفخخة مركز المجلس المحلي لمدينة أخترين، في الساعة العاشرة والنصف صباحًا، مما أدى إلى دمار في مبنى المجلس بنسبة 50%، فيما تضرر مبنى النفوس بنسبة 70% وخروجهما عن الخدمة”.
وأضاف: “التفجير أدى لمقتل طفل يبلغ من العمر 12 عامًا، وإصابة 37 من المدنيين وكادر المجلس المحلي في المدينة”، وأكد النايف سبب دخول السيارات المفخخة إلى المدينة، هو ضعف الطوق الأمني الذي تديره قوات الشرطة في المدينة، وقلة إمكاناتها في إدارة أمن المدينة، ويعد المجلس المحلي للمدينة مركز استقطاب المدنيين نظرًا لعمله في تسيير أمور المدينة، ويتوجه إليه كل سكان أخترين لتسيير معاملاتهم، مما أدى إلى إصابة عدد كبير من المدنيين وموظفي المجلس.
وفي السياق استهدفت سيارة مفخخة مبنى البريد ومحل محروقات بقربه في بلدة باب ليمون الواقعة بريف حلب الشمالي الشرقي والمحاذية للحدود السورية التركية، مما أدى إلى استشهاد 8 مدنيين فضلًا عن إصابة 2 بجروح بالغة، وذكرت مصادر مدنية من البلدة أن رجلًا ركن السيارة في المكان قبل التفجير، بينما غادر على متن دراجة نارية رفقة شخص آخر.
في إعزاز تمكنت قوات الشرطة والأمن العام الوطني بالتعاون مع الشرطة العسكرية الثلاثاء من تفكيك سيارة مفخخة كانت مركونة في بلدة سجو بريف منطقة إعزاز شمالي مدينة حلب
وبدورها أعلنت قوات الشرطة والأمن العام الوطني إلقاء القبض على منفذي التفجير في البلدة، وذلك بعد تعميم على كل الحواجز بأوصاف الأشخاص الذين ركنوا السيارة المعدة للتفجير، وتم إلقاء القبض عليهم، وهم ثلاثة يستقلون دراجة نارية، وإحالتهم إلى القضاء.
وفي إعزاز تمكنت قوات الشرطة والأمن العام الوطني بالتعاون مع الشرطة العسكرية الثلاثاء من تفكيك سيارة مفخخة كانت مركونة في بلدة سجو بريف منطقة إعزاز شمالي مدينة حلب، كما استطاعت الشرطة في مدينة عفرين تفكيك سيارة مفخخة أعدت للتفجير في بلدة كفر جنة بالريف الشمالي لمدينة حلب، وتأتي هذه التفجيرات في ظل الحديث عن رغبة النظام في السيطرة على الشمال السوري.
يتخوف المدنيون من الفلتان الأمني.. ما الحل؟
يقع المدنيون في مناطق الشمال السوري ضحية عابرة لهذه المفخخات والفلتان الأمني في المنطقة، وقد تسببت بحالة من الهلع والخوف في صفوفهم مما أدى للتأثير على جانب الحياة اليومية التي يعيشها السكان، مما أثر سلبًا على الحركة التجارية بين المناطق المحررة.
كما أن منطقة الشمال السوري عدت مركزًا لاستقطاب المدنيين والعسكريين من المعارضة من المناطق السورية كافة التي خضعت لاتفاقات تهجيرية قسرية من قوات النظام والميليشيات التابعة له، هذا ما يزيد الطين بلة.
من المستفيد من الفلتان الأمني؟
تتزامن هذه التفجيرات التي تستهدف الشمال السوري، مع الحديث عن وجهة قوات النظام وميليشياته إلى الشمال السوري، للسيطرة عليه، وتلعب هذه المفخخات التي يواجهها الشمال السوري دورًا مهمًا منها ترويع المدنيين وإخافتهم وذلك للنزوح خارج البلدات وترك ديارهم، وإشاعة الفتن بين أبناء المنطقة، وبالفعل هذه الأحداث تصب في مصلحة القوى المعادية للمعارضة المسلحة كافة، ومنها تمكين النظام وروسيا من القول إن تركيا غير قادرة على ضبط أمن مناطق الشمال السوري، وهذا ما يرغب به النظام وحلفائه.
من الأسباب التي أدت إلى هذا الخرق الأمني الكبير، ضعف جهاز الشرطة في المنطقة وعدم الاهتمام بتأمين سلامة المدنيين
كما يصب هذا الفلتان الأمني في صالح ميليشيا الوحدات الكردية “قسد” التي لا تزال متمسكة بمدينتي منبج وتل رفعت الواقعتان بريف حلب الشمالي، لتقديم صورة ضبطها للأمن في مناطق سيطرتها، وتدمير ما استطاعت تركيا تأمينه للمعارضة المسلحة في الشمال السوري.
الشرطة غير قادرة على ضبط المنطقة
من الأسباب التي أدت إلى هذا الخرق الأمني الكبير، ضعف جهاز الشرطة في المنطقة وعدم الاهتمام بتأمين سلامة المدنيين، حيث تشهد الحواجز التي نصبت على مداخل البلدات والمدن في الريف الحلبي، حالة من الفلتان الأمني، وعدم مبالاة العناصر في خدمة المدينة أو المنطقة التي عينوا فيها.
وعلى الرغم من وجود الكم الكبير من العناصر الذين انضموا مؤخرًا إلى صفوف قوات الشرطة والأمن الوطني العام، فإنهم لا يستطيعون ضبط أمن المنطقة بشكل كامل، وهذا الخرق الكبير في الجهاز الأمني له عواقب لا تصب في مصالح المعارضة وحليفها التركي، نظرًا لعدم قدرة الشرطة أو الأمن العام على ضبط أمن المنطقة وسلامة المدنيين.
يذكر أن الحكومة التركية أشرفت على تدريب آلاف العناصر لتشكيل قوات الشرطة والأمن الوطني العام في كل منطقة من مدن وبلدات ريف حلب الشمالي، وذلك لتأمين الأمن للمنطقة بإشراف تركي، عبر تخريج دفعات بدأت داخل الأراضي التركية ولا تزال مستمرة إلى الآن لتعزيز أمن المنطقة حسب قول المسؤولين.