بعد أيام قليلة من الأمل والتفاؤل الذي عاشه الفلسطينيون بإنجاز مصالحة حقيقية بين حركتي فتح وحماس بعد خصام وخلاف استمر لأكثر من 11 عامًا، عادت الجهود المصرية التي بُذلت في هذا الملف إلى نقطة الصفر بعد رفض حركة فتح القبول بالرؤية التي قدمتها القاهرة.
اليوم الأحد سيصل وفد من حركة فتح برئاسة عزام الأحمد مسؤول ملف المصالحة في الحركة، إلى العاصمة المصرية القاهرة، وسيلتقي باللواء عباس كامل مدير جهاز المخابرات المصرية العامة، وسيسلمه رد الحركة بشكل رسمي على الورقة المصرية التي قدمت مؤخرًا وتضع حلولاً لملف المصالحة الفلسطينية.
وقال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، إن وفدًا فلسطينيًا سيُغادر الأحد إلى العاصمة المصرية القاهرة، وهو يحمل موقفًا واضحًا بخصوص المصالحة الوطنية.
وأفاد عباس في مستهل اجتماع اللجنة التنفيذية الذي عقد في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، السبت، بأن المصريين أرسلوا “موضوعًا أو فكرة” عن المصالحة وغدًا سيذهب وفد للقاهرة، مضيفًا “الوفد الفلسطيني لا يحمل أي ردّ على أحد، لأنه عندما نتحدث في هذا الموضوع، فإننا نتحدث عن الموقف الفلسطيني الذي اتخذناه في 21 من أكتوبر/تشرين أول 2017، وهو الموقف الذي نحن ثابتون عليه”.
تدخلات خارجية
قيادات فتحاوية كشفت لـ”نون بوست”، فحوى الرد الفتحاوي الذي سيسلم لمصر اليوم والمتعلق بملف المصالحة، والرد على الورقة المصرية التي قدمت.
المصادر الخاصة أوضحت لـ”نون بوست” أن موقف حركة فتح سيغضب القاهرة كثيرًا، وقد يجرها إلى اتخاذ بعض الخطوات العقابية والتصعيدية ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأعضاء حركة فتح
وأكدت أن حركة فتح ستبلغ القاهرة برفضها الكامل لأي ورقات أو رؤى جديدة تتعلق بملف المصالحة، وأن الحركة ملتزمة تمامًا بالاتفاق الأخير الذي جرى التوصل له في القاهرة أكتوبر الماضي.
وسبق هذا الموقف أن صرح عزام الأحمد في 21 من يوليو/تموز الماضي أن ما طرحته مصر مجرد اقتراحات لم ترتق إلى ورقة نهائية، لافتًا إلى أنه وخلال زيارته إلى القاهرة، تسلّم نسخة عن المقترحات لدراستها، وسيتم الرد عليها من خلال وفد رسمي سيزور القاهرة وسيناقشها مع مصر.
وأضاف الأحمد: “لا يوجد شيء اسمه ورقة مصرية نهائية، وما يوجد هو مقترحات لآليات تنفيذ المصالحة”، لافتًا إلى أن ما نشر في وسائل الإعلام بشأن المقترحات ليس صحيحًا وتقف خلفه حماس، لخلق عراقيل أمام مصر لتفجير مقترحاتها قبل أن تولد، وإثارة الرأي العامّ ضد فتح”.
المصادر الخاصة أوضحت لـ”نون بوست” أن موقف حركة فتح سيغضب القاهرة كثيرًا، وقد يجرها إلى اتخاذ بعض الخطوات العقابية والتصعيدية ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأعضاء حركة فتح، خاصة أن حركة حماس أبلغت قبل أيام رسميًا مصر بموافقتها الكاملة على الرؤية المصرية الجديدة.
وذكرت أن وفدًا مصريًا رفيع المستوى سيتوجه لقطاع غزة والضفة الغربية خلال أيام للقاء قادة حركتي فتح وحماس، في محاولة أخيرة لإنعاش المصالحة قبل موتها بشكل نهائي، وإعلان فشل التحرك المصري الأخير.
وكشفت المصادر ذاتها وجود تدخلات من بعض الدول العربية وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية التي قد يكون لها دور كبير في الضغط على الرئيس عباس لإفشال جولة المصالحة الحالية ورفض الرؤية المصرية كونها تقوي حركة حماس في غزة.
حسب ما نشر، فإن الورقة تضع سقفًا زمنيًا إجماليًا يقدر بشهرين لتنفيذ آلياتها وبنودها التي تشمل معظم الملفات ذات الصلة بالمصالحة
وكانت حركة حماس قد أعلنت في 19 من يوليو/تموز، في بيان صحافي أن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية أبلغ المخابرات المصرية موافقة الحركة رسميًا على الورقة المصرية التي تضمنت بنودًا واقتراحات لإحياء المصالحة مع حركة فتح.
ونشرت وكالة الأناضول التركية في 19 من يوليو/تموز ما قالت إنه نسخة عن الورقة المصرية للمصالحة التي تضمنت 10 بنود، مقسمة على 4 مراحل.
وحسب ما نشر، فإن الورقة تضع سقفًا زمنيًا إجماليًا يقدر بشهرين لتنفيذ آلياتها وبنودها التي تشمل معظم الملفات ذات الصلة بالمصالحة التي تتوزع على 4 مراحل، وتبدأ برفع العقوبات عن غزة، وتشمل تحسين الأوضاع الإنسانية من خدمات كالكهرباء، وتفعيل دور حكومة التوافق الوطني وعملها في القطاع، والبدء بتشكيل حكومة وحدة وطنية، ومناقشة الملف الأمني في القطاع الذي تسيطر عليه حماس، وصولاً إلى تفعيل ملف منظمة التحرير الفلسطينية من اجل مشاركة حماس والجهاد الإسلامي في هيئات المنظمة.
من المسؤول؟
وعلى ضوء مواقف حركة فتح المتناقضة من المصالحة والرؤية المصرية الجديدة، أكد خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة حماس، أن حركة فتح ما زالت تراوح مكانها في التعامل مع ملف المصالحة الفلسطينية.
وقال الحية: “حتى الآن تحاول حركة فتح كسب الوقت في مسألة المصالحة، ولا تدري حركة حماس ما الدوافع وراء ذلك”، مؤكدًا أن المصالحة مطلب إستراتيجي وطني، ويجب الاستجابة له دون مراوغة أو التفاف، نظرًا لأهميته.
كانت حركتا فتح وحماس قد وقعتا عشرات الاتفاقيات لإنهاء الانقسام منذ وقوعه عام 2007، أبرزها اتفاق القاهرة في ديسمبر/كانون الأول 2011، الذي يعد الاتفاق الأهم والقاعدة الأساسية الذي تنطلق منها كل جهود المصالحة، لكن تلك الاتفاقيات فشلت بسبب غياب الآليات الواضحة للتنفيذ
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور هاني العقاد: “المبكر الحديث عن تفاؤل في موافقة وفد حماس على ورقة مصر لأن الورقة تقترح تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها حركة حماس والفصائل واعتماد 20 ألف موظف من موظفي حركة حماس بالقطاع بالإضافة لحلول لسلاح الفصائل”.
وأضاف العقاد “أعتقد أن ما جاء بالورقة يلبي الحد المطلوب لوسطية الحلول، لكن إذا تمت الموافقة فأعتقد أن المشكلة تكمن في تشكيل الحكومة وبرنامجها السياسي وتسمية الوزراء بالإضافة لبناء الأجهزة الأمنية وسلاح الفصائل وهذا يتطلب إشراف كامل وتدخل إيجابي ومكثف على الأرض من أفراد المخابرات المصرية عن التطبيق”.
مواصلاً حديثه “الأيام القادمة فارقة في تحديد طبيعة الدور المصري القادم ونجاعته، إذا كانت المخابرات المصرية تعمل عبر خطة واضحة المعالم لتحقيق المصالحة الفلسطينية على اعتبار أنها أولوية قبل أي قضايا أخرى ولديها ما يكفي من عناصر الضغط على الطرفين ولديها القدرة على توفير الضمانات اللازمة لتسير خطوات تطبيق الورقة دون إعاقة من أي طرف وخاصة أخطر ملفين وهما تشكيل الحكومة وملف السلاح حسب جدول زمني دقيق”.
وكانت حركتا فتح وحماس قد وقعتا عشرات الاتفاقيات لإنهاء الانقسام منذ وقوعه عام 2007، أبرزها اتفاق القاهرة في ديسمبر/كانون الأول 2011 الذي يعد الاتّفاق الأهم والقاعدة الأساسية الذي تنطلق منها كل جهود المصالحة، لكن تلك الاتفاقيات فشلت بسبب غياب الآليات الواضحة للتنفيذ.