لم يدر ببال كثير من المتابعين لمونديال روسيا أن 91% من لاعبي المنتخب الفرنسي الفائز بكأس العالم 2018 من أصول أجنبية، فمن تشكيلة المنتخب لاعبان فقط من أصول فرنسية وهما بنجامين بافارد لاعب شتوتغارت الألماني وفلوريان توفان لاعب أولمبيك مارسيليا الفرنسي، أما اللاعبون الآخرون كلهم من جنسيات متعددة توزعت فسيفساءها على أربع قارات كالتالي: 14 لاعبًا من إفريقيا و4 من أوروبا (إضافة إلى اللاعبين الفرنسيين فيصيرون بذلك ستة أوروبيين) و2 من القارة الأمريكية وبالضبط من أمريكا الوسطى ولاعب واحد من قارة آسيا، ويضاف إلى كل هذا أن المدرب ديدييه ديشان من أصول باسكية له جذور إسبانية.
وفي العموم بلغت جنسيات الدول التي ينتمي إليها لاعبو المنتخب الفرنسي 16 دولة كانت كالآتي:
من مالي: عثمان ديمبيلي لاعب برشلونة الإسباني ونغولو كانتي لاعب تشيلسي الإنجليزي وجيبريل سيديبي لاعب موناكو الفرنسي.
من الكونغو الديمقراطية: بريسنيل كيمبيبي لاعب باريس سان جيرمان الفرنسي وستيفان نزونزي لاعب إشبيلية الإسباني وستيف مانداندا لاعب أولمبيك مارسيليا الفرنسي الذي ولد في كينشاسا وبالمناسبة شقيقه الآخر برافيتي مانداندا هو الحارس الحاليّ لمنتخب الكونغو الديمقراطية وحارس مرمى نادي شارلروا البلجيكي.
من الكاميرون: صامويل أومتيتي لاعب برشلونة الإسباني الذي ولد في العاصمة الكاميرونية ياوندي إضافة إلى كيليان مبابي لاعب باريس سان جيرمان الفرنسي (والده كاميروني وأمه جزائرية لاعبة كرة يد سابقة تسمى فايزة لعماري من مدينة وهران).
أوليفيه جيرو لاعب تشيلسي الإنجليزي مثل نابليون بونابارت الذي حكم فرنسا وهو من أصول كورسيكية إيطالية وكذلك بلاتيني الفائز بكأس أوروبا 1984 حيث يعتبر ثاني أعظم هداف في تاريخ الكرة الفرنسية بعد تيري هنري صاحب الأصول الجوادالوبية
من الجزائر: نبيل فقير لاعب أولمبيك ليون الفرنسي.
من المغرب: عادل رامي لاعب أولمبيك مارسيليا الفرنسي.
من غينيا: بول بوغبا لاعب مانشستر يونايتد الإنجليزي.
من السنغال: بنجامين ميندي لاعب مانشستر سيتي الإنجليزي.
من التوغو: كورنتين توليسو لاعب بايرن ميونيخ الألماني.
من أنغولا: بليز ماتويدي لاعب يوفنتوس الإيطالي.
من جزر المارتينيك الكاريبية بأمريكا الوسطى: رافاييل فاران لاعب ريال مدريد الإسباني ووالده من الموزمبيق.
من جزر غاوادالوب الكاريبية في أمريكا الوسطى وهي غير جزيرة غوادالوبي المكسيكية نسبة لأنثى إسبانية: نجد توماس ليمار لاعب أتليتيكو مدريد.
من الفلبين: ألفونس أريولا حارس مرمى باريس سان جيرمان الفرنسي.
من البرتغال: أنطوان غريزمان لاعب أتليتيكو مدريد الإسباني وبالمناسبة جده كان لاعبًا في المنتخب البرتغالي في الخمسينيات من القرن الماضي.
الأغنية التي كانت تذيعها إدارة الملاعب الروسية حين يسجل المنتخب الفرنسي أهدافه كانت بحمولة ونكهة إفريقية وهي أغنية Feel the magic in the air لمجموعة magic-system الإيفوارية والفنان المغربي العالمي أحمد شوقي
من إسبانيا: لوكاس هيرنانديز لاعب توتنهام الإنجليزي وهوغو لوريس حارس مرمى توتنهام هوتسبير الإنجليزي وهو بالمناسبة من أصول كاتالونية.
من إيطاليا: أوليفيه جيرو لاعب تشيلسي الإنجليزي مثل نابليون بونابارت الذي حكم فرنسا وهو من أصول كورسيكية إيطالية وكذلك بلاتيني الفائز بكأس أوروبا 1984 حيث يعتبر ثاني أعظم هداف في تاريخ الكرة الفرنسية بعد تيري هنري صاحب الأصول الجوادالوبية؛ حيث هاجر جد بلاتيني فرانشيسكو بلاتيني من إيطاليا إلى فرنسا ومن يعرف الأوزان الإيقاعية الموسيقية للأسماء الإيطالية يعرف هذا فبلاتيني على وزن مالديني وبيليجريني وكيليني وألبرتيني.
فرنسا: بنجامين بافارد لاعب شتوتغارت الألماني وفلوريان توفان لاعب أولمبيك مارسيليا الفرنسي.
و حتى الأهداف الـ14 التي سجلها المنتخب الفرنسي في كأس العالم كان الاستثناء فيها للهدف الثاني أمام الأرجنتين للفرنسي بافارد، أما الأهداف الأخرى فكانت 4 أهداف من نصيب غريزمان و4 أهداف من نصيب مبابي و2 أهداف من نصيب بوغبا وهدف لكل من فاران وأومتيتي وماندزوكيتش سجله على مرمى منتخبه كرواتيا، بالإضافة إلى هدف بافارد في الأرجنتين.
وحتى الأغنية التي كانت تذيعها إدارة الملاعب الروسية حين يسجل المنتخب الفرنسي أهدافه كانت بحمولة ونكهة إفريقية وهي أغنية Feel the magic in the air لمجموعة magic-system الإيفوارية والفنان المغربي العالمي أحمد شوقي.
كل هذا الجرد العددي للدول المساهمة في المنتخب الفرنسي يعكس مدى تأثير المهاجرين على الكرة الفرنسية ومساعدتها على تحقيق الألقاب والأمجاد، حيث تغلبت القارة البنية البيضاء السمراء المشكلة لمنتخب فرنسا على القارة البرتقالية الشقراء المشكلة لمنتخب كرواتيا.
كريستيان كارومبو لاعب ريال مدريد ولد في كاليدونيا الجديدة والحارس الثاني لمنتخب فرنسا برنار لاما من جزيرة غويانا وتيري هنري لاعب أرسنال من جزر غوادالوب الكاريبية
قد قام كثير من المغاربة والجزائريين بالتنكيت على هذا الهجين والخليط المجنس من اللاعبين الذي أشعل مواقع التواصل الإجتماعي بين من يطالب بمشاركة فرنسا في كأس أمم إفريقيا ومن يعد ويحسب كم أضاعت مالي والكونغو الديمقراطية والجزائر والكاميرون والمغرب والسنغال من لاعبين لمنتخباتها، حيث تهكم أحد المغاربة بأن الخاسر الأكبر فيما لو طبق في يوم من الأيام قرار عدم لعب أي لاعب إلا للمنتخب الذي تنتمي أصوله إليها لكانت فرنسا ستخسر كل لاعبيها وربما حتى مدربها.
وبالمناسبة هذا الأمر ليس استثناءً لفرنسا في هذا المنتخب فقط، فعلى هامش نهائي كرة اليد 2015 الذي انتهى لصالح فرنسا على حساب قطر بفارق ثلاث نقاط استهزأ أحد الصحفيين الفرنسيين في كنال بلوس بالمنتخب القطري الذي يضم عدة لاعبين مجنسين وقال إن المنتخب الفرنسي واجه منتخبًا عالميًا وقطر ممكن أن تفاجئ العالم وتفوز بكأس العالم 2022 ولكن بلاعبين من ألمانيا وإسبانيا والبرازيل والأرجنتين وأوروبا الشرقية.
فرد عليه كثير من المعلقين العرب بأن ذلك يشبه المنتخب الفرنسي الفائز بكأس العالم 1998 الذي تشكل من 23 لاعبًا منهم 13 لاعبًا من أصول غير فرنسية وهم: ليزارازو لاعب بايرن ميونيخ من أصل باسكي إسباني ومارسيل دوسايي لاعب ميلان الإيطالي من غانا ولد في العاصمة أكرا وليليان تورام لاعب برشلونة وصاحب هدفي نصف النهائي ضد كرواتيا 1998 من جزر غوادالوب الكاريبية وكريستيان كارومبو لاعب ريال مدريد ولد في كاليدونيا الجديدة والحارس الثاني لمنتخب فرنسا برنار لاما من جزيرة غويانا وتيري هنري لاعب أرسنال من جزر غوادالوب الكاريبية وآلان بوغوسيان لاعب مارسيليا من أرمينيا التي تدعمها فرنسا ضد تركيا.
ويوري دجوركاييف لاعب إنتر ميلانو من أب روسي وأم أرمينية وديدييه ديشان لاعب يوفنتوس من أصول باسكية إسبانية وإيمانويل بوتي لاعب تشيلسي من أصول سويسرية وباتريك فييرا لاعب إنتر ميلانو من السنغال ولد في العاصمة دكار والأسطورة زين الدين زيدان لاعب ريال مدريد من الجزائر ودافيد تريزيغيه لاعب يوفنتوس من الأرجنتين الذي نحت في الذاكرة هدفًا ذهبيًا في الأشواط الإضافية في كأس أوروبا 2000 ضد إيطاليا بعد أن أدرك زميله ويلتورود ذو الأصول الجوادالوبية هدف التعادل في الوقت بدل الضائع ويهديا بهدفيهما كأس أوروبا لفرنسا.
لعقود ظلت فرنسا تضم العديد من اللاعبين الذين لا تعود أصولهم إلى البلاد ومن بينهم ميشيل بلاتيني الذي قادها للفوز بيورو 1984
وتعرض منتخب 1998 آنذاك للعديد من الانتقادات خاصة من قوى اليمين المتشدد الذي كان يرى أن هذا الفريق لا يمثل فرنسا الحقيقية، وقال وقتها جان ماري لوبان رئيس حزب الجبهة الوطنية اليميني إن الفريق الأسود والأبيض والبني (وهم مجموعة اللاعبين المولودين في أوروبا لكن تعود أصولهم إلى شمال إفريقيا ووسطها) لا يمثل فرنسا نهائيًا.
لكنها لم تكن المرة الأولى التي يضم فيها الفريق هذا العدد من اللاعبين الذين لا تعود أصولهم إلى فرنسا؛ فراؤول دياني أول لاعب أسود في تاريخ المنتخب 1931 وشارك في كأس العالم 1938 بجانب عبد القادر بن بوالي وميشيل بروسو وهما أول من مثل فرنسا من أصول شمال إفريقية.
ولعقود ظلت فرنسا تضم العديد من اللاعبين الذين لا تعود أصولهم إلى البلاد ومن بينهم ميشيل بلاتيني الذي قادها للفوز بيورو 1984.
لم تستثن فرنسا أي نوع من الرياضات والفنون التي فيها هذا التنوع من الجنسيات مثل صانع ألعاب كرة اليد الفرنسية نيكولا كاراباتيتش صاحب الأصول الصربية الكرواتية الذي فاز مع المنتخب بذهبيتي أولمبياد بكين 2008 ولندن 2012 وبطولات العالم 2009 و2011 و2015، وكذالك تيدي رينر من جزر غوادالوب أسطورة الجودو الفرنسية الذي فاز بميداليتين ذهبيتين أولمبيتين وعشر ذهبيات في بطولات العالم آخرها في 2018، فلم ينهزم منذ 2010.
كذلك لاعب التنس الرائع غايل مونفيس من جزر غوادالوب الكاريبية وعبد اللطيف بنعزي المغربي ابن مدينة وجدة الذي أوصل الريكبي الفرنسي إلى العالمية بعد أن قضى 15 سنة في وجدة ولعب لفريقها الاتحاد الرياضي الوجدي في صغره إضافة إلى كثيرين في ألعاب القوى مغاربة وجزائريين وأفارقة وفي عدة رياضات أخرى.
منتخب ألمانيا الفائز بكأس العالم 2014 كان فيه 6 لاعبين من أصول دول أخرى
وبهذه السياسة الرياضية في التجنيس واحتواء أبناء المهاجرين صارت فرنسا الآن أول مصدر للاعبين داخل أوروبا والثانية في العالم بعد البرازيل، فـ50 اسمًا ممن خاضو كأس العالم من إنتاج المدرسة الفرنسية بمن فيهم بعض لاعبي منتخبات المغرب وتونس والسنغال.
وتأتي بعد فرنسا في احتواء اللاعبين من أصول غير البلد الذي يلعبون فيه نجد سويسرا بنسبة 65% مثال شاكيري وفالون بيهرامي من أصول كوسوفية ودينيس زكرياء من أصول كونغولية و48% لبلجيكا مثال فلايني والشاذلي وبقالي من أصول مغربية و47% لإنجلترا مثال آشلي يونغ ورحيم سترلينغ من أصول جمايكية وديلي آلي من أصول نيجيرية وداني ويلبك من أصول غانية و39% لألمانيا مثال أوزيل من أصول تركية و30% للبرتغال مثال جواو ماريو وكارفاليو من أنغولا وريكاردو بيريرا من الرأس الأخضر وبيبي من البرازيل حيث ولد فيها و17% لإسبانيا مثال كوستا من أصول برازيلية و17% للسويد مثال جيمي دورماز من أصول تركية بلقانية وهو مثل السلطان إبراهيموفيتش ذو الأصول البلقانية و13% للدانمارك.
وبالمناسبة منتخب ألمانيا الفائز بكأس العالم 2014 كان فيه ستة لاعبين من أصول دول أخرى حيث نجد مصطفى شكودران لاعب أرسنال من أصول ألبانية وسامي خضيرة لاعب ريال مدريد من أصول تونسية ومسعود أوزيل لاعب أرسنال من أصول تركية وجيروم بواتينغ لاعب بايرن ميونيخ من أصول غانية ولوكاس بودولسكي لاعب بايرن ميونيخ من أصول بولونية وكذلك ميروسلاف كلوزه لاعب بايرن ميونيخ السابق والهداف التاريخي لكأس العالم برصيد 16 هدفًا من أصول بولونية.
وللمناسبة والمفارقة حتى العرب لم تستثنهم هذه الحالة الغريبة، فالمنتخب التونسي الفائز بكأس إفريقيا للأمم 2004 كان يضم لاعبين مجنسين مهمين من البرازيل ولعبوا دورًا حاسمًا في فوز تونس بالكأس وتأهلها أيضًا في كأس العالم وهما سيلفا دو سانتوس الذي سجل في نهائي كأس إفريقيا 2004 في الدقيقة الرابعة ضد المنتخب المغربي ثم الهدف الأول في مباراة الذهاب لإقصائيات كأس العالم في 4 من سبتمبر 2004 ضد المنتخب المغربي أيضًا ثم اللاعب البرازيلي الآخر جوزيه كلايتون الذي كان حاسمًا في 8 من أكتوبر 2005 في آخر مباراة من إقصائيات كأس العالم ألمانيا 2006 في ملعب رادس الشهير حيث سجل هدف التعادل في الدقيقة 18 عن طريق ضربة جزاء في مرمى المنتخب المغربي أيضًا.
استطاعت فرنسا أن تدمج لاعبين من عدة ثقافات وديانات في منتخبها منهم 7 مسلمين أي ربع المنتخب الفرنسي
وفي قراءة أخرى لمنتخب فرنسا كأس العالم نجد أن فقط 8 لاعبين من أصل 23 يلعبون في الدوري الفرنسي وهم 3 أريولا وكيمبيبي ومبابي يلعبون في صفوف باريس سان جيرمان وفلوريان توفان وستيف مانداندا وعادل رامي في صفوف أولمبيك مارسيليا ونبيل فقير في أولمبيك ليون وجبريل سيديبي في موناكو.
في مقابل هذا نجد 15 لاعبًا يلعبون في دوريات أوروبية مختلفة وهم كالتالي:
البطولة الإسبانية: 7 منهم 3 وهم غريزمان ولوكاس هيرنانديز وتوماس ليمار يلعبون في أتليتيكو مدريد وأومتيتي وعثمان ديمبيلي يلعبان في برشلونة ورافاييل فاران في ريال مدريد وستيفان نزونزي في إشبيلية.
البطولة الإنجليزية: 5 منهم 2 وهم نغولو كانتي وأوليفييه جيرو يلعبان في تشيلسي وبول بوغبا في مانشستر يونايتد وبنجامين ميندي في مانشستر سيتي وهوغو لوريس في توتنهام.
البطولة الألمانية: 2 وهما كورنتين توليسو يلعب في بايرن ميونيخ وبنجامين بافارد في شتوتغارت.
البطولة الإيطالية: بليز ماتويدي يلعب في يوفنتوس.
إضافة إلى هذا استطاعت فرنسا أن تدمج لاعبين من عدة ثقافات وديانات في منتخبها منهم 7 مسلمين أي ربع المنتخب الفرنسي وهم: بول بوغبا الغيني وبنجامين ميندي السنغالي وعثمان ديمبيلي المالي وجبريل سيديبي المالي ونغولو كانتي المالي ونبيل فقير الجزائري وعادل رامي المغربي.