فوق الشعب.. السيسي يحاكم المصريين ويتوعد بمزيد من الغلاء

انفض مؤتمر الشباب السادس الذي عقده عبد الفتاح السيسي بجامعة القاهرة، يومي السبت والأحد الماضيين، وأطلق خلاله عدة رسائل سياسية كان للشعب المصري نصيب وافر منها.
رسائل السيسي للشعب لم تنطوِ على وعود بخفض أسعار السلع والخدمات الأساسية أو مواساة ضحايا حوادث التصادم والحرائق التي تزامنت مع المؤتمر، بل على العكس تمامًا، هزت ضحكات السيسي أرجاء جامعة القاهرة، وأقام محاكمة للمصريين أعلن خلالها غضبه من مشاركتهم بهاشتاغ طالب برحيله ومعدل إنفاقهم خلال شهر رمضان وممارسة بعضهم لتحدي “كيكي” الشهير متوعدًا بارتفاع أسعار البنزين مجددًا.
أنا الدولة والدولة أنا
على طريقة لويس الرابع عشر، ملك فرنسا (1661 – 1715)، وتيمنًا بالمقولة الشهيرة المنسوبة إليه “أنا الدولة والدولة أنا”، أحيا السيسي نظرية التفويض الإلهي من جديد، وضرب بآراء المصريين عرض الحائط، عندما دافع عن سياساته الاقتصادية القاسية، خلال إحدى جلسات المؤتمر، قائلًا: “اللي اتعمل واللي هيتعمل رضتيم به أم لا هقابل ربنا به وأرجو أن يقبله مني”.
سخر السيسي من سلوكيات المصريين وإنفاقهم خلال شهر رمضان، قائلًا: “هو أنتوا عاوزينا إحنا بس اللي نرشد الاستهلاك؟ طيب انتوا بتعملوا إيه في رمضان”
ليس هذا فحسب، بل استنكر السيسي الذي أدى اليمين الدستورية رئيسًا لمصر لولاية ثانية أمام البرلمان في 2 من يونيو الماضي، عدم تكاتف الشعب مع الدولة في تنفيذ ما أسماه “خطة الإصلاح”، قائلًا: “كان لا بد أن نمشي في المسار بتبعاته.. مش رغبة مني أتعب الناس، مع الوضع في الاعتبار قولتكم في الأول أنا مش هأقدر لوحدي.. قولتوا طيب.. هتتعبوا معايا قولتوا طيب.. وجايين في نص السكة تقولوا لا مش لاعبين!”.
وواصل قائلًا: “أنا عايز واحد من الـ100 مليون ييجي يقولي أعمل إيه أو يعمل هو، والله العظيم أسقفله”.
ارحل يا سيسي
خلال إحدى جلسات المؤتمر، علق السيسي لأول مرة على هاشتاغ “ارحل يا سيسي” الذي ظل متصدرًا تريندات موقع “تويتر” خلال الشهر الماضي لفترة طويلة، معلنًا غضبه من مشاركة المصريين في الهاشتاج، وبنبرة “توبيخ”، قال: “إحنا دخلونا في أمة ذات عوز.. عارفين أمة العوز؟ أمة الفقر.. دخلونا فيها.. وأما آجى أخرج بيكم منها، يقول لك هاشتاج ارحل يا سيسى”، ليندفع في غضبه مواصلًا: “عايز أخرجكم من العوز وأخليكم أمة ذات شأن تعملوا هاشتاج ارحل ياسيسي؟ أزعل ولا مزعلش؟ في دي أزعل”.
شوفوا بتعملوا إيه في رمضان
في رده على سؤال تلقاه بشأن عدم تطبيق الحكومة وأعضاء البرلمان للإجراءات التقشفية التي يتعرض لها المواطن المصري، سخر السيسي من سلوكيات المصريين وإنفاقهم خلال شهر رمضان، قائلًا: “هو أنتوا عاوزينا إحنا بس اللي نرشد الاستهلاك؟ طيب أنتوا بتعملوا إيه في رمضان، ده ربع الأكل بيترمي!”.
عبّر السيسي، خلال جلسات المؤتمر، عن غضبه من الزيادة السكانية، محملًا المواطنين مسؤولية التدهور الاقتصادي، وليس سياسات النظام والحكومة
وتعرض هذا التصريح لحالة انتقاد عنيفة من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الذين أبدوا استنكارهم لتجاهل السيسي الفارق الجوهري بين المواطن الذي ينفق من ماله الخاص والحكومة الني تنفق من مال المواطن!
تناقض آخر صارخ في خطاب السيسي عن التقشف، كشفه أستاذا العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة ومصطفى كامل السيد اللذان انتقدا بذخ الحكومة المصرية في الإنفاق على تزيين جامعة القاهرة لاستقبال الرئيس خلال فترة المؤتمر، وعددا أوجه التكاليف المليونية التي لم تنفقها أي حكومة سابقة خلال زيارات رؤساء مصر الأربع السابقين للجامعة (جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك ومحمد مرسي).
كنت في الجامعة اليوم بعد غياب 10 أيام الحركة داخل الحرم صعبة جدا بسبب مؤتمر اسأل الرئيس. ثلاثة أطقم تعمل بهمة كبيرة طقم لتهذيب الأشجار وأخر للرصف وثالث لنصب خيام وبناء قاعات خشبية مكيفة. سألت خبير عن التكلفة فقال 30 مليون جنيه على الأقل. هل هذا سلوك دولة فقيرة تعيش أزمة اقتصادية؟
— Hassan Nafaa (@hassanafaa) July 24, 2018
عقاب “كيكي”
استغل السيسي تحدي “كيكي” الشهير الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا، لتبرير قرارات رفع أسعار الوقود.
و”كيكي” مقطع من أغنية لمغني الراب الكندي دريك، اشتهرت في العالم بتحولها لتحدٍ يحمل اسمها، يقوم على الرقص أمام باب السيارة الأمامي بينما السيارة تتحرك على نغمات الأغنية.
اعتبر السيسي قيام بعض الشباب والفتيات في مصر بتحدي “كيكي” نشاطًا عامًا يستحق السخرية والعقاب في آن واحد، فعلق عليه قائلًا: “قاعدين تركبوا العربيات وكيكي ومش كيكي”، وانفجر في الضحك، قبل أن يطلب من وزير البترول والثروة المعدنية، رفع أسعار البنزين دون قلق!
كفاية طفلين
عبّر السيسي، خلال جلسات المؤتمر، عن غضبه من الزيادة السكانية، محملًا المواطنين مسؤولية التدهور الاقتصادي، وليس سياسات النظام والحكومة، وأكد أن الدولة تريد تنظيم عملية الإنجاب، محذرًا بقوله: “اعطوا أنفسكم فرصة 3 أو 4 سنوات بين طفل وطفل، وكفاية طفلين”.
هاجم السيسي وسائل الإعلام، قائلًا: “لو أنت هاجمت المجموعة الموجودة والأداء، هتوتر المسألة وستفقد المواطن الثقة في النظام اللي لسه ماتعملش”
وضرب السيسي مثلًا بالصين، ملوحًا بسياسات مستقبلية لمعالجة أزمة الزيادة السكانية، قائلًا: “الصين ظلت أكثر من 30 عامًا معدل نموها 12% وهذا معدل غير مسبوق، حتى شعروا بأشكال الرخاء، حيث وضعوا قانونًا منذ 30 عامًا لطفل واحد، واعتادوا على ذلك”، مضيفًا :”الموضوع بين الدولة والشعب.. عاوزين تشعروا بالرخاء! طيب إزاى أسرة جابت طفل واحد أو طفلين وتاخد تموين وأسرة فيها 6 أديهم نفس القيمة؟”.
ادفعوا ثمن التعليم
على الرغم من سعي معظم دول العالم للاستثمار في مواطنيها بتعليمهم وتنمية عقولهم، وحرصها على تقديم هذه الخدمة بأسعار زهيدة لضمان حق الجميع في التعليم، لوّح السيسي، خلال إحدى جلسات المؤتمر، بما يقلق المصريين على هذا الحق، عندما وجه أسئلته للشعب: “مستعدين تدفعوا ثمن تغيير التعليم؟!”، “هل نحن مستعدين لدفع فاتورة إصلاح ما حدث أم لا”؟، “عاوزين تعليم حقيقي ولا ولادكم يبقى معاهم شهادات؟”.
لا تهاجموا الحكومة
كعادته خلال السنوات السابقة، هاجم السيسي وسائل الإعلام، خلال المؤتمر، على خلفية انتقاد نظام التأمين الصحي الجديد، ووجه حديثه للإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، قائلًا: “لو انت هاجمت المجموعة الموجودة والأداء، هتوتر المسألة وستفقد المواطن الثقة في النظام اللي لسه ماتعملش”، محذرًا: “ادوا دفعة للنجاح وشجعوا وحطو إيديكم معانا”.