ترجمة وتحرير: نون بوست
قالت العضوة البارزة في “حركة الديمقراطيين الاشتراكيين” الأمريكية، ألكسندريا أوكاسيو-كورتيز، إن عبدول السيد هو “المرشح التقدمي الوحيد” لمنصب حاكم ولاية ميشيغان، معتبرة أن ترشح الطبيب المصري الأمريكي يمثل بداية موجة العدالة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. وقد أبرزت وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم أن عبدول السيد مرشح لأن يكون أول حاكم مسلم في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي الواقع، تمكن السيد من بناء قاعدة جماهيرية في الولاية من خلال الدعوة لسياسات تعالج التفاوتات الاقتصادية.
هزمت الزعيمة التقدمية أوكاسيو-كورتيز، البالغة من العمر 28 سنة، عضوًا ديمقراطياً بارزاً في نيويورك وفازت بترشيح الحزب خلال الشهر الماضي. وهي تشارك الآن إلى جانب عبدول السيد في جولة في ولاية ميشيغان لحشد قاعدة انتخابية يسارية. وقد علقت أوكاسيو-كورتيز عن فوزها غير المتوقع قائلة: “لقد تمكنا من الفوز في برونكس وسننجح كذلك في ولاية ميشيغان”.
من جهته، يدافع السيد عن قضايا تهم كافة السكان، بما في ذلك تحديد 15 دولار كحد أدنى للأجور، وتشديد الحماية البيئية، والتمتع برعاية صحية يقع تمويلها من أموال الضرائب وينتفع بها جميع السكان بلا استثناء. كما يريد السيد أن يجعل من ميشيغان ولاية يلجأ إليها المهاجرون غير الشرعيين. ويعد السيد واحدا من بين الكثير من المرشحين العرب والمسلمين الذين يسعون إلى الحصول على مناصب من خلال هذا التحول اليساري والطاقة الشعبية. ويعكس برنامج عبدول السيد الانتخابي روح الحملة الانتخابية الرئاسية للمرشح اليساري السابق، بيرني ساندرز.
ألكسندريا أوكاسيو-كورتيز، فتدعم عبدول السيد للفوز بالانتخابات من خلال توظيف شهرتها المكتسبة حديثًا لتكوين قاعدة انتخابية
في خطاب ألقاه أمام المئات من أنصاره في ديترويت يوم السبت صرح السيد: “إنهم يقولون لنا إن البعض منا ليس أمريكياً مثل الآخرين، إلا أنهم نسوا حقيقة أن الولايات المتحدة هي نتاج اتحادنا جميعا”. وقد حظي تصريحه بتأييد كبير تم التعبير عنه بهتافات مدوية من قبل مؤيديه. يبلغ المرشح عبدول السيد من العمر 33 سنة، ولعل قلة خبرته نظرا لصغر سنه هي ما جعله محلاً للنقد، وأكثر عرضة للهجمات بسبب مزاعم بانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين وذلك لمجرد معتقداته الدينية وجذوره المصرية.
“مسلم جدا”
في الاجتماع الذي عقده في ديترويت، كرر السيد كلمات أبراهام لينكولن الشهيرة حول ضرورة تشكيل حكومة تكون “للشعب ومن قبل الشعب” ما لا يقل عن خمس مرات. وتتمثل وجهة نظره في أن الشركات اكتسبت سلطة كبيرة في الحكومة. وقد أيد ساندرز ترشيح السيد لمنصب حاكم ولاية ميشيغان الأسبوع الماضي.
أما ألكسندريا أوكاسيو-كورتيز، فتدعم عبدول السيد للفوز بالانتخابات من خلال توظيف شهرتها المكتسبة حديثًا لتكوين قاعدة انتخابية. وفي حديثها عن الديمقراطيين في هذا الحدث الذي تم تنظيمه في ديترويت يوم السبت، قالت أوكاسيو-كورتيز، إن “مستقبل هذا الحزب يتمثل في الطبقة العاملة، وفي الطبقة المهمشة، وفي النساء، وفي الأقليات العرقية؛ بعبارة أخرى يكمن مستقبلنا في التداخل والاتحاد”.
بين المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية في ولاية ميشيغان، داود وليد، أن المسلمين الأمريكيين يتجهون نحو اليسار في الطيف السياسي
لطالما وجد المرشحون العرب والمسلمون في الولايات المتحدة الأمريكية أنفسهم في الشق المناهض للنظام، خاصة عندما دعم الناخبون العرب والمسلمون ساندرز في حملته الانتخابية سنة 2016. وفي تصريح أدلى به السيد لصالح موقع “ميدل إيست آي”، أكد أنه من الطبيعي أن ينجذب العرب والأمريكيون المسلمون إلى السياسة التقدمية، لأن هذه الأجندة تقدم مستقبلًا يمكن أن يكون فيه كل شخص جزءا من نسيج المجتمع الأمريكي، وتكرس نظاما يشمل أي شخص”. وأضاف السيد قائلا “إذا نظرت إليّ وألكسندريا، فإننا لا نبدو كمرشحين عاديين؛ فنحن صغار في العمر، وذوو بشرة سمراء، فضلا عن أنني مسلم جداً”.
النساء المسلمات في الكونغرس
بين المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية في ولاية ميشيغان، داود وليد، أن المسلمين الأمريكيين يتجهون نحو اليسار في الطيف السياسي. وأخبر وليد موقع “ميدل إيست آي” أن “العنصرية الصارخة للحزب الجمهوري وفشل المؤسسة الديمقراطية السائدة؛ دفعت الكثير من الناس الذين ينتمون إلى أقليات عرقية إلى اليسار، بما في ذلك العديد من سياسيينا المسلمين”.
لقد دعمت الأغلبية الساحقة من الجالية العربية والمسلمة في ضاحية ديربورن في ديترويت المرشح ساندرز في الانتخابات التمهيدية لسنة 2016، وهيلاري كلينتون في وقت لاحق في الانتخابات العامة، ويرجع ذلك جزئيا إلى خطاب دونالد ترامب المناهض للمسلمين والمهاجرين. في المقابل، شهد السباق السياسي في الانتخابات النصفية وجود مرشحات من أصول عربية، حيث ترشحت امرأتان أميركيتان مسلمتان من مقاطعات منفصلة في ولاية ميشيغان للكونغرس الأمريكي. ودعت كل من المرشحتين إلى زيادة الحد الأدنى للأجور والعمل من أجل الرعاية الصحية الشاملة.
تتطلع ممثلة ولاية مينيسوتا، إلهان عمر، ذات الأصول الصومالية، إلى الظفر بمقعد العضو الأمريكي المسلم، كيث إليسون، الذي يتطلع إلى أن يصبح النائب العام للولاية
في الحقيقة، دخلت هاتان المرشحتان العربيتان سباقا انتخابيا مزدحما بالمرشحين الطامحين إلى الحصول على مقعد في الكونغرس الأمريكي. و تنتمي المرشحة فيروز سعد إلى الجالية اللبنانية المهاجرة، وقد تولت رئاسة قسم شؤون المهاجرين في ديترويت، وتعمل في منطقة يهيمن عليها حاليا عضو في الكونغرس ينتمي إلى الحزب الجمهوري. أما المرشحة الأمريكية ذات الأصول الفلسطينية رشيدة طليب، الممثلة السابقة عن منطقة غرب جنوب ديترويت والناشطة في المجال البيئي، فتنافس على مركز الصدارة في الانتخابات التمهيدية للحصول على مقعد ديمقراطي.
تتطلع المدافعة عن البيئة رشيدة طليب ذات الأصول الفلسطينية إلى أن تصبح أول امرأة مسلمة في الكونجرس.
يوم الأحد الماضي، قدمت أوكاسيو- كورتيز دعمها للمرشحتين خلال مسيرة تهدف لتشجيع المسلمين على التصويت في مدينة ديربورن الأمريكية. وقالت أوكاسيو- كورتيز أمام حشد من المؤيدين “لا أستطيع القيام بهذا الأمر بمفردي، لا يمكن لمقعد واحد من أصل 435 مقعدا أن يقودنا إلى تحقيق ما نصبو إليه. أريد منكم أن ترسلوا فيروز معي، أريد منكم أن تجعلوا رشيدة ترافقني أيضاً. أريد منكم أن تدقوا على هذه الأبواب وترسلونا جميعاً إلى الكونغرس، وذلك ليس لتكون سنة 2018 أول سنة يتم خلالها انتخاب أول امرأة في الكونغرس الأمريكي وحسب، بل لتمثل أول سنة يقوم خلالها الأمريكيون بانتخاب المسلمات في صلب الكونغرس الأمريكي”.
علاوة على ذلك، تتطلع ممثلة ولاية مينيسوتا، إلهان عمر، ذات الأصول الصومالية، إلى الظفر بمقعد العضو الأمريكي المسلم، كيث إليسون، الذي يتطلع إلى أن يصبح النائب العام للولاية. وتجدر الإشارة إلى أن إليسون يعد من بين عدد قليل من المشرعين الذين أيدوا ساندرز سنة 2016، ناهيك عن كونه ينشط في منظمة ذات توجه سياسي يساري.
القضايا الصحيحة
أفادت الناشطة المسلمة البارزة، ليندا صرصور، التي كانت بمثابة بديل وطني خلال حملة ساندرز سنة 2016، بأن الأمثلة العليا للرعاية الصحية الشاملة وحقوق المهاجرين والأجور العادلة تتجاوز المسميات السياسية، واعتبرت أنها قيم إنسانية. وتحدثت صرصور إلى موقع “ميدل إيست آي” قائلة “أنا لا أعتبر نفسي تقدمية أو يسارية. أنا ناشطة إسلامية تعتقد أن الجميع يجب أن يكونوا قادرين على النجاح في هذا البلد، لهذا يتردد صدى أسماء أشخاص مثل عبدول ورشيدة خارج مجتمعنا، لأنهما يتحدثان مع الجميع”.
عمد ممثل ولاية ميشيغان، عبد الله حمود، وهو العضو الوحيد في المجلس التشريعي للولاية الذي يؤيد السيد، إلى ترديد تصريحات صرصور. وصرح حمود، في حواره مع موقع “ميدل إيست آي”: “أنا لا أصف ما أقوم به بأنه انتماء للشق اليساري، أعتقد أنه يعد دفاعاً عن القضايا الصحيحة”.
ليندا صرصور: ” أنا ناشطة إسلامية تعتقد أن الجميع يجب أن يكونوا قادرين على النجاح في هذا البلد”.
بالنسبة لجميع الطاقات المبذولة والدعاية المتعلقة بالانتخابات القادمة، كان عبدول السيد يحتل مراتب متأخرة في استطلاعات الرأي العام، لكنه رفض الاعتراف بنتائجها قائلاً إنها خاطئة ولا تمثل الأغلبية الساحقة من قاعدة مناصريه التي تتركب أساساً من الشباب الذين لا يستخدمون الهواتف المنزلية ولا يجيبون على استطلاعات الرأي التي تتم عن طريق الهاتف. كان السيد يشغل منصب مدير قسم الصحة في ولاية ديترويت، ويعتمد خلال حملته على التغيير الجذري الذي أحدثه على مستوى هذا القسم منذ توليه منصبه سنة 2015، حيث كان يعاني حالة كبرى من الفوضى قبل إشراف السيد عليه.
خلال الانتخابات التمهيدية، سيواجه السيد أحد القادة السابقين لمجلس شيوخ الولاية، الذي يتمتع بدعم كبير من طرف كبار المسؤولين في الحزب الديمقراطي، ورجل أعمال سبق لوسائل الإعلام التحدث عن نيته للترشح عن الحزب الجمهوري. وفي حال فوز السيد في السابع من آب/ أغسطس الجاري، سيواجه واحداً من ثلاثة منافسين جمهوريين يشاركون حاليا في الانتخابات التمهيدية المعاكسة، على غرار المدعي العام لولاية ميشيغان المدعوم من قبل ترامب.
الدين والسياسة
دأبت الجماعات اليمينية على توجيه أصابع الاتهام نحو المرشحين المسلمين ونشر ادعاءات لا أساس لها من الصحة، تتهمهم بأنهم لا يصلحون لاعتلاء المناصب العامة نظراً لكونهم يفضلون الشريعة على الدستور الأمريكي. ويجادل منتقدو هذا التوجه بأن معظم المرشحين المسلمين يندرجون ضمن إطار أجندة ليبرالية اجتماعية تعزز حقوق المثليين وحقوق المرأة المتعلقة بالإنجاب. فعلى سبيل المثال، وافق السيد على إضفاء الشرعية على استهلاك الماريجوانا لأغراض ترفيهية في ميشيغان.
لا تزال الجالية المسلمة في الولايات المتحدة محافظة إلى حد ما اجتماعيا
خلال حديثها مع مراسل “موقع ميدل إيست آي”، صرحت ليندا صرصور، التي كانت تقوم بحملات إعلامية لفائدة مرشحين مسلمين في ميشيغان، بأن “المرشحين المسلمين بركزون على اعتماد الدستور كأساس لما يقومون به، فضلا عن الكرامة الإنسانية والاحترام لجميع الناس. وفي الواقع، إن المسيحيين الإنجيليين اليمينيين هو من يحاولون إحضار شكل خاص بهم من القانون الديني، وليس نحن. إننا على عكس ما يشاع عنا تماماً”.
مع ذلك، لا تزال الجالية المسلمة في الولايات المتحدة محافظة إلى حد ما اجتماعيا، وهو ما دفع الممثل الكوميدي والناشط الفلسطيني عامر زاهر للقول إن شمولية انفتاح سياسات اليسار في الولايات المتحدة تسمح للناس بالتعبير عن أنفسهم بحرية دون الحاجة إلى الاتفاق على كل إيديولوجية على حدة. وخلال مقابلته مع “موقع ميدل إيست آي”، قال زاهر إن “الحركة التقدمية لا تقول إننا نؤيد الإجهاض، بل تقول إننا نؤيد حق الإجهاض”.
في المقابل، استبعدت رشيدة طليب، التي تم إجبارها على مغادرة إحدى الحملات الانتخابية التي كان يقوم بها دونالد ترامب سنة 2016 بسبب طرح أسئلتها بصوت عالٍ، فكرة صدم الرئيس الأمريكي. وأضافت طليب أن ترامب لن يكون قادراً على استيعاب فكرة تواجد امرأة مسلمة داخل الكونغرس الأمريكي. وخلال حديثها مع مؤيديها يوم الأحد، قالت طليب: “يا إلهي، كم سيكون ممتعاً أن يشاهدني ترامب أمشي داخل مجلس النواب في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل”.
المصدر: ميدل إيست آي