من جديد عاد الرئيسي الفلسطيني محمود عباس إلى استخدام لغة التهديد والتحذير في التعامل مع المتغيرات المحيطة بسلطته وحركة فتح محليًا وعربيًا ودوليًا، التي باتت قوية وتفكك تدريجيًا من قبضته الحديدة.
التحذيرات والتهديدات التي أطلقها الرئيس الفلسطيني خلال اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الذي عقد السبت الماضي في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، أثارت الكثير من التساؤلات والتكهنات بشأنها، في ظل وضع يعيشه أبو مازن لا يُحسد عليه كثيرًا.
وقال الرئيس عباس: “هناك قضايا مهمة يجب أن نتخذ فيها قرارات مصيرية وخطيرة خلال الشهرين المقبلين، سبق وأن تحدثنا عنها في المجلس الوطني، وستعرض كذلك أمام المجلس المركزي لتكون جاهزة عقب الأمم المتحدة لاتخاذ القرارات بشأنها“.
مصادر موثوقة من داخل الرئاسة الفلسطينية كشفت أن الرئيس الفلسطيني قد يقدم على خطوة حل السلطة الفلسطينية وإعادة الحكم لمنظمة التحرير الفلسطينية كونها صاحبة الشأن في إدارة دفة القيادة للشعب الفلسطيني.
قرارات مصيرية
وتضيف المصادر “كما سيعقد المجلس المركزي لاتخاذ خطوات مصيرية للتصدي للحالة الراهنة والخطيرة التي تمر بها السلطة الفلسطينية، خاصة في أعقاب قرب إعلان صفقة القرن التي قامت الإدارة الأمريكية بإعدادها“.
السلطة تُعاني من أزمة مالية طاحنة هي الأشد والأخطر منذ سنوات طويلة، بفعل التقليصات الكبيرة التي طالت المنح التي تُقدمها الدول العربية والأجنبية لموازنتها السنوية
وتابعت المصادر ذاتها “إعلان الرئيس عباس قرارات مصيرية وخطيرة خلال الشهرين القادمين لم تأت من فراغ ولا لأغراض التصريح الإعلامي وإنما قد يذهب لحل السلطة وإعادة الحكم لمنظمة التحرير، في وقت تترد فيه الأنباء عن إقدام الرئيس عباس على اعتزال الحياة السياسية في أعقاب الأزمة الصحية التي ألمت به وإجرائه عملية بسبب التهاب رئوي كان يعاني منه ويخضع للفحص الطبي الدوري في المشفى الاستشاري التخصصي برام الله”.
ولفتت إلى أن الرئيس عباس يتعرض لضغوطات عربية كبيرة لمطالبته بالاعتزال واختيار شخصية قيادية تدير السلطة خلال المرحلة القادمة.
الجدير ذكره أن السلطة الفلسطينية تعاني من عجز مالي كبير جراء عدم التزام بعض الدول العربية بتحويل الأموال لخزينة السلطة، في وقت من المتوقع أن تقدم السلطة على إعلان خطة تقشف طويلة الأمد نظرًا للوضع المالي الصعب الذي تعانيه الخزينة.
وفي ذات السياق، كشف عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح بالضفة الغربية المحتلة لـ”نون بوست”، أن السلطة تُعاني من أزمة مالية طاحنة هي الأشد والأخطر منذ سنوات طويلة، بفعل التقليصات الكبيرة التي طالت المنح التي تُقدمها الدول العربية والأجنبية لموازنتها السنوية.
وقال: “السلطة برئاسة محمود عباس تعلم تمامًا أنها تمر بأزمة مالية طاحنة وخطيرة للغاية، بسبب تقليص حجم الدعم والتمويل الخارجي لها، وهذا كله سيؤثر سلبًا على المؤسسات التي تشرف عليها وتمولها بشكل مباشر“.
حسب بيانات وزارة المالية، يبلغ حجم إجمالي صافي الإيرادات العامة ضمن موازنة عام 2018 نحو 3.8 مليارات دولار، أما المصروفات فتصل إلى 4.5 مليارات دولار، بعجزٍ قدره 498 مليون دولار سنويًا
وأضاف “عجز الموازنة في السلطة بات كبيرًا للغاية وتجاوز حاجز الملياري دولار أمريكي، وهذا الأمر مخيف ومقلق للغاية، نظرًا لتقليص حجم المساعدات المالية التي تقدم للسلطة خلال العامين الماضي والحاليّ لأكثر من 70%”.
حلقات الأزمة تشتد
توقع عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، أن تشتد حلقات الأزمة المالية على السلطة وتوثر بشكل مباشر على عمل كل المؤسسات المهمة التي تشرف عليها المدنية والأمنية، وقد تصل إلى رواتب موظفي السلطة الفلسطينية التي قد يتأخر صرفها عن شهر يوليو إلى أسابيع، أو تضر السلطة لإجراء تقليصات على قيمة رواتب الموظفين، وخاصة موظفي السلطة في قطاع غزة كأحد خيارات للتعامل مع الأزمة الراهنة.
ولفت إلى أن الرئيس محمود عباس، بدأ تدريجيًا، يفقد أدوات السيطرة على سلطته ومؤسساتها المختلفة، بعد أن اشتدت عليه حلقات الخناق السياسي والمالي، وأوصلت سلطته لحافة الانهيار، في ظل الأزمات الكبيرة التي تعصف بها من كل جانب.
وبلغ إجمالي موازنة السلطة عام 2017 نحو 4.460 مليار دولار أمريكي، منها الموازنة العامة و452 مليون دولار للموازنة التطويرية، وصادق الرئيس عباس على موازنة جديدة لعام 2018 بإجمالي موازنة عامٍ قدره 5.8 مليار دولار، خُصص أكثر من ربعها للأجهزة الأمنية بالضفة الغربية.
وحسب بيانات وزارة المالية، يبلغ حجم إجمالي صافي الإيرادات العامة ضمن موازنة عام 2018 نحو 3.8 مليار دولار، أما المصروفات فتصل إلى 4.5 مليار دولار، بعجزٍ قدره 498 مليون دولار سنويًا.
تشير توقعات إلى تراجع الدعم الخارجي للسلطة الفلسطينية هذا العام؛ فقد وصل الدعم إلى مليار دولار عام 2015، و700 مليون دولار في 2016، و550 مليون دولار في 2017
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد جمدت أموال المساعدات المقدمة للسلطة الفلسطينية بموجب قانون “تايلور فورس” الذي يطلب من السلطة التوقف عن دفع مخصصات أُسر الشهداء والجرحى والأسرى الفلسطينيين، ووضعت شروطًا من أجل إعادة تقديمها مجددًا.
وتشير توقعات إلى تراجع الدعم الخارجي للسلطة الفلسطينية هذا العام؛ فقد وصل الدعم إلى مليار دولار عام 2015، و700 مليون دولار في 2016، و550 مليون دولار في 2017.