هل تدفع فرنسا بسيف الإسلام لحكم ليبيا من خلال تعجيل بالانتخابات؟

أكثر من سنة تمر على إطلاق سراح سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل، التزم خلالها الصمت، قبل أن يخرج مسوؤل فرنسي قبل أيام، ليؤكد أن سيف الإسلام رمز للمصالحة الحقيقية في ليبيا، ويستعد لخوض الانتخابات الرئاسية الليبية الفترة المقبلة، فهل فرنسا التي تسابق الزمن لإجراء الانتخابات الليبية في الـ10 من ديسمبر/كانون الأول القادم، تسعى من خلال ذلك إلى إعادة نجل القذافي إلى الحكم في ليبيا؟
رمز المصالحة الحقيقية
في تقرير لصحيفة التايمز (The Times) البريطانية، نشر في نهاية الأسبوع الماضي، أكدت أن نجم سيف الإسلام القذافي في صعود مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الليبية، مشيرة إلى أنه يستعد لحكم ليبيا.
يعتقد المفاوض الفرنسي أن “بين سكان ليبيا البالغ عددهم 6.2 مليون شخص، هناك ما يصل إلى 500 ألف من أنصار القذافي يعيشون في المنفى، بالإضافة إلى 1.5 مليون آخرين نازحين داخل البلد، أضف إلى هؤلاء من يقولون إن البلد كان آمنًا حين كان القذافي في الحكم”
وأوضح ذات التقرير، نقلًا عن المفاوض الفرنسي المستقل جان إيف أوليفييه المنخرط في جهود المصالحة الليبية، أن نجل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، يستعد لخوض الانتخابات الرئاسية الليبية الفترة المقبلة، مضيفًا “تمرر لي رسائل عديدة، بأن سيف الإسلام يريد إجراء الانتخابات، ومقتنع بخوضها ومتأكد من الفوز فيها”.
وأكد المفاوض الفرنسي بالقول: “أعلم حقيقة، أنه إذا ترشح سيف الإسلام القذافي، فسيكون هناك مليون مواطن مؤيد للقذافي، لهذا ستكون المفاجأة الكبرى بفوزه بالانتخابات الرئاسية الليبية”.
وشدد أوليفييه على أن سيف الإسلام رمز المصالحة الحقيقية في ليبيا، وهناك جهود تبذل من وراء الكواليس، تسعى لجمع الفصائل الليبية على طاولة واحدة، لكن جوهرها كان إعادة دمج الموالين للقذافي في الساحة السياسية، وهو ما يعني عودة سيف الإسلام بقوة لتوحيد تلك الفصائل المتفرقة.
ويعتقد المفاوض الفرنسي أن بين سكان ليبيا البالغ عددهم 6.2 مليون شخص، هناك ما يصل إلى 500 ألف من أنصار القذافي يعيشون في المنفى، بالإضافة إلى 1.5 مليون نازحين داخل البلد، أضف إلى هؤلاء من يقولون إن البلد كان آمنًا حين كان القذافي في الحكم، وبالتالي لا يمكن تجاهل هؤلاء الناس، ينبغي أن يُسمع صوتهم بقوة، لأنهم سيكونون أول المؤيدين لسيف الإسلام القذافي”.
قالت المحكمة الجنائية الدولية: “يتعين على ليبيا إظهار التزامها تجاه العدالة والمساءلة على الجرائم الجماعية، من خلال الوفاء بالتزاماتها تجاه المحكمة ومجلس الأمن”
ولم تتضح إلى الآن، المواقف المعلنة لدول حلف شمال الأطلسي وخاصة فرنسا وبريطانيا وإيطاليا، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي تتابع عن كثب، الوضع في ليبيا، من خلال تعيين مسؤولة أمريكية سابقة في سفارة الولايات المتحدة بليبيا، نائبة للمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة.
سيف الإسلام والمحكمة الجنائية الدولية
أكدت المحكمة الجنائية الدولية خلال شهر مايو الماضي أن أمر القبض الصادر ضد سيف الإسلام القذافي لا يزال قائمًا، وأن السلطات الليبية لا تزال مُلزمة بتقديم سيف القذافي إلى المحكمة، وأكدت المدعية العامة بالمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودة، في تقرير لها أمام مجلس الأمن قائلة: “نجدد الدعوة للسلطات الليبية لاتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتقديم سيف الإسلام القذافي إلى المحكمة دون تأخير أكثر”، مشددة “نحث الجميع على تسهيل تقديم سيف الإسلام القذافي إلى المحكمة، وتقديم معلومة عن مكان وجوده، والتعاون مع السلطات الليبية في هذا الصدد”.
وقالت بنسودة، في تقرير لشبكة “سي إن إن” الإخبارية: “يتعين على ليبيا إظهار التزامها تجاه العدالة والمساءلة على الجرائم الجماعية، من خلال الوفاء بالتزاماتها تجاه المحكمة ومجلس الأمن”، مضيفة “ليبيا انقسمت بحكومتين تتنافسان للحصول على الشرعية، والبعد الأكثر إثارة للقلق لتدهور الوضع هو موجة الاغتيالات في بنغازي والتهديدات للعاملين في المجال الإعلامي والمدافعين عن حقوق الإنسان والنساء بوجه خاص، وأيضًا للمدعين العامين والقضاة والمحامين”.
وأكدت الصحيفة البرطانية في تقريرها وجود، ما اعتبرتها، تحركات واضحة لترشيح سيف الإسلام القذافي لانتخابات الرئاسة، مشيرة إلى أن الجهود التي تبذل لإعادة تأهيل سيف الإسلام، وإرجاع أسرة القذافي إلى المشهد السياسي في ليبيا، شملت مطالب للمحكمة الجنائية الدولية بإعادة النظر في موقفها.
مسؤول ليبي: “وجود تحركات لمنع نجل القذافي من خوض الانتخابات الرئاسية، وقطع الطريق عليه تحسبًا لفوزه المحتمل”
وأصدرت محكمة ليبية في العاصمة الليبية طرابلس، في العام 2015، حكمًا بإعدام نجل القذافي، لكن هذا الحكم لم ينفذ لأسباب عديدة، داخلية، بحكم الفوضى التي تحكم البلاد ووجود شبه دولتين: واحدة في الغرب وأخرى في الشرق، إلى جانب أسباب خارجية ترى في سيف الإسلام، صيدًا ثمينًا، إذا أرادت التخطيط لمستقبل ليبيا في ظل الانقسام الحاصل منذ نحو سبع سنوات، وفشل جميع المحاولات للتقريب بين الفرقاء رغم الاتفاق على مجلس رئاسي بقيادة فائز السراج منذ ما يقارب ثلاث سنوات.
من أجل إعادة بناء ليبيا
وكان المكلف بملف الإصلاح في برنامج سيف الإسلام القذافي، أيمن بوراس، قد قال في منتصف شهر مارس الماضي، بالعاصمة التونسية، إن سيف الإسلام سيتقدم للانتخابات الرئاسية القادمة، وأوضح أنهم سيكونون طرفًا في الحياة السياسية من أجل إعادة بناء ليبيا، وبرنامج سيف الإسلام سيتركز أساسًا على إعادة إعمار ليبيا بمساعدة دول الجوار.
واعتبر محامي سيف الإسلام القذافي، خالد غويل، أن قرارات المحكمة الجنائية الدولية ضد موكله لا قيمة لها، وأنها “تكيل بمكيالين”، لكن مسؤولًا ليبيًا أكد لوكالة “سبوتنيك” وجود تحركات لمنع نجل القذافي من خوض الانتخابات الرئاسية، وقطع الطريق عليه تحسبًا لفوزه المحتمل.
وأشار ذات المسؤول أن إعلان سيف الإسلام ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة في ليبيا مثّل صدمة كبيرة لبعض الأطراف الدولية إلى جانب بعض المجموعات المسلحة.
وكان سيف الإسلام القذافي قد صرح فور خروجه من السجن بأنه “يرغب بتنظيم انتخابات رئاسية سريعة في ليبيا، فهي السبيل الوحيد لإنهاء حالة الحرب والفوضى في البلاد”.
تسعى فرنسا للتسريع بإجراء الانتخابات الليبية نهاية العام الحاليّ، بينما تعمل إيطاليا على تأجيلها إلى ربيع 2019
وأضاف في تصريحات لموقع “أفريقيا نيوز” أنه يمتلك أدلة وشهودًا أبرزهم عبد الله السنوسي مدير الاستخبارات السابق، على أن والده معمر القذافي دعم حملة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الانتخابية عام 2007″، معتبرًا ساركوزي مجرم حرب، وهو المسؤول عن انتشار الإرهاب والهجرة غير القانونية في ليبيا.
من سيف الإسلام القذافي؟
سيف الإسلام القذافي هو الابن الأكبر للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي (46 سنة)، من زوجته الثانية السيدة صفية فركاش، وهو رئيس مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية، وله 6 أشقاء، من بينهم أخت واحدة (عائشة).
اعتقل سيف الإسلام القذافي في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وأعلنت كتيبة أبو بكر الصديق إطلاق سراحه ومن معه، في يونيو 2017، وأصبح سيف الإسلام القذافي مطلوبًا للمحكمة الجنائية الدولية في يونيو 2011، بتهم جرائم ضد الإنسانية والقتل والاضطهاد.
وكانت محكمة الاستئناف بالعاصمة الليبية طرابلس قد قضت في الـ28 من يوليو 2015 بإعدام سيف الإسلام القذافي ورئيس مُخابرات نظام القذافي عبد الله السنوسي ورئيس وزرائه البغدادي المحمودي رميًا بالرصاص على خلفية تهم التحريض على إثارة الحرب الأهلية والإبادة الجماعية وإساءة استخدام السلطة وإصدار أوامر بقتل المتظاهرين والإضرار بالمال العام وجلب مرتزقة لقمع ثورة الـ17 من فبراير2011.
أُفرج عن سيف الإسلام القذافي بموجب عفو عام تم التصديق عليه في الـ6 من يونيو 2016، بعد نحو 6 أعوام من اعتقاله في مدينة الزنتان، غرب ليبيا، وفق وكالة فرانس برس.
التدخل في الشؤون الداخلية الليبية من دول خارجية، لا يمكن إلا أن يزيد من حمى الفوضى التي يعيشها الشعب الليبي
ولئن تسعى فرنسا جاهدة لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ليبيا في الـ10 من ديسمبر/كانون الأول 2018، موعد تم الاتفاق عليه في اجتماع باريس نهاية شهر مايو الماضي، فإن إيطاليا تعمل على تأجيل الانتخابات الليبية إلى ربيع 2019، مشددة على أن يتم الاتفاق بين الليبيين على جميع الإجراءات والقوانين المساعدة على حسن سير الانتخابات، وهذا لا يمكن أن يحصل خلال فترة قصيرة.
هذا التدخل في الشؤون الداخلية الليبية من دول خارجية، لا يمكن إلا أن يزيد من حمى الفوضى التي يعيشها الشعب الليبي، ويفرق بينهم، لتتواصل المآسي والخيبات، رغم مرور سبعة أعوام على ثورة 17 فبراير التي قضت على الزعيم الليبي معمر القذافي وحكمه.