ما أسباب زيارة وفد “حماس الخارج” لغزة؟ وما الملفات التي طرحت؟

2cadm

مع الزيارة التاريخية لوفد قيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الموجود في الخارج إلى قطاع غزة الخميس الماضي عبر معبر رفح البري، بدأت الكثير من التساؤلات تُطرح عن أسباب الزيارة وأهدافها، وكذلك طبيعة الملفات التي ستُفتح خلال الاجتماع الأول لأعضاء المكتب السياسي لحركة حماس في غزة. 

حركة حماس حتى هذه اللحظة تفرض سياجًا من التكتيم والسرية على نتائج اجتماعاتها التي بدأت الخميس وستسمر حتى الأحد المقبل، في ذات الوقت الذي ينتظر فيه الفلسطينيون على أحر من الجمر ما ستخرج عنه تلك الاجتماعات، خاصة بعد التوقعات والتحليلات التي تؤكد أن حصار غزة الملف الأهم وسيكون له نصيب الأسد من المباحثات. 

“نون بوست”، حاور القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والنائب في المجلس التشريعي يحيى موسى، ليكشف تفاصيل الزيارة التاريخية لوفد حركته إلى قطاع غزة، والملفات التي تم فتحها على طاولة النقاش الداخلية بين أعضاء المكتب السياسي للحركة لأول مرة منذ العام 2012. 

الخميس الماضي، وصل قطاع غزة، وفد من حركة حماس من خارج فلسطين برئاسة نائب رئيس الحركة صالح العاروري، عبر معبر رفح البري، وضم الوفد أعضاء المكتب السياسي موسى أبو مرزوق وعزت الرشق وحسام بدران، وهذه المرة الأولى التي سيجتمع فيها المكتب السياسي لحماس بغزة منذ العام 2012. 

أوضح القيادي موسى، أن الوفد برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري، وأعضاء المكتب السياسي حسام بدران وموسى أبو مرزوق وعزت الرشق، سيمكثون في غزة 7 أيام على الأقل قبل مغادرة القطاع

وأكد أن زيارة قادة الحركة الموجودين في الخارج إلى قطاع غزة الخميس الماضي، كانت مهمة وجاءت في وقت حساس مليء بالكثير من الملفات المعقدة والشائكة، خاصة في ظل الحديث المتكرر عن صفقة أمريكية ستطرح قريبًا تحدد ملامح المنطقة والسلام مع “إسرائيل”، وحرب رابعة تحوم بالأفق. 

وأوضح القيادي موسى أن الوفد برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري، وأعضاء المكتب السياسي حسام بدران وموسى أبو مرزوق وعزت الرشق، سيمكثون في غزة 7 أيام على الأقل قبل مغادرة القطاع، وسيجرون لقاءات مكثفة لمناقشة أربعة ملفات مصيرية ومهمة. 

تأتي زيارة وفد حماس إلى غزة، في ظل تطورات دراماتيكية حصلت بالقاهرة، في العديد من الملفات التي طرحت على طاولة البحث والنقاش، مع رئيس المخابرات المصرية، الأمر الذي استدعى إجراء مشاورات معمقة لدي قيادة حماس في قطاع لبحث كل النتائج التي تم التوصل إليها واتخاذ القرارات المناسبة. 

ملفات مصيرية 

وأضاف موسى “الملف الأول الذي سيبحث هو المصالحة الداخلية مع حركة فتح والتماشي مع الرؤية المصرية التي قدمت مؤخرًا وتعالج كل الملفات العالقة التي تعيق تحقيق وحدة داخلية”، مؤكدًا أن موقف حركته من الرؤية المصرية الجديدة إيجابي وداعم، لكن حركة فتح المعطل الأساسي لتنفيذ الرؤية. 

موسى: “في حال لم تضع حركة فتح العراقيل ووافقت على الرؤية المصرية، فستكون هناك مفاجآت وأنباء سارة لشعبنا، على رأسها تنفيذ الوعد المصري بفتح معبر رفح بشكل دائم وعلى مدار الساعة”

وذكر أن قادة حركة حماس سيبحثون ملف المصالحة باستفاضة ويحاولون إيجاد حلول للمساعدة في تخطي هذه الأزمة المستمرة منذ العام 2007، لافتًا إلى أن الورقة المصرية كانت إيجابية وشاملة، ونحن ننتظر الآن موقف حركة فتح والرئيس عباس لتحديد مصيرها قبل فشلها. 

ولفت قائلاً: “في حال لم تضع حركة فتح العراقيل ووافقت على الرؤية المصرية، فستكون هناك مفاجآت وأنباء سارة لشعبنا، على رأسها تنفيذ الوعد المصري بفتح معبر رفح بشكل دائم وعلى مدار الساعة”. 

وتبذل مصر جهودًا جديدة في ملف المصالحة الفلسطينية، وكشفت مصادر، أن القاهرة تجهز لعقد لقاء ثلاثي (فتح – حماس – المخابرات المصرية) على أراضيها خلال أيام؛ لمناقشة تطورات الملف وفق الرؤية المصرية الجديدة التي قُدِّمت. 

وتعذّر تطبيق العديد من اتفاقات المصالحة الموقَّعة بين حركتي فتح وحماس التي كان آخرها بالقاهرة في 12 من أكتوبر 2017؛ بسبب نشوب خلافات بشأن قضايا منها تمكين الحكومة وملف موظفي غزة الذين عيَّنتهم حماس في أثناء فترة حكمها للقطاع. 

وعن الملف الثاني، كشف القيادي في حركة حماس، أنه بحث الوضع الاقتصادي في قطاع غزة ومحاولة رفع الحصار عنه وضخ المشاريع الاستثمارية والاقتصادية لتحسين أوضاعه، طبقًا للخطة مصرية وأخرى يحملها المبعوث الأممي للسلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف الذي أجرى لقاءات مكثفة مع قيادة حماس في غزة والقاهرة قبل أيام. 

تتضمن الخطة ضخ أموال بقيمة 600 مليون دولار للقطاع لتحريك العجلة الاقتصادية وإنشاء مشاريع لتحليه المياه وزيادة حصة غزة من الكهرباء والتركيز على الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء  

وذكر أن أبرز بنود مبادرة ملادينوف التي قدمها لحماس تخفيف الحصار مقابل هدنة مع فصائل المقاومة، موضحًا أن المبادرة تتضمن فتح المعابر مع قطاع غزة وإدخال كميات كبيرة من البضائع وتخفيف نسبة البطالة مع خلال إيجاد المزيد من فرص العمل وفتح مشاريع وشركات جديدة لتحريك القطاع الخاص وزيادة الاستيراد والتصدير. 

كما تتضمن ضخ أموال بقيمة 600 مليون دولار للقطاع لتحريك العجلة الاقتصادية وإنشاء مشاريع لتحليه المياه وزيادة حصة غزة من الكهرباء والتركيز على الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء.  

صفقة تلوح بالأفق 

الملف الثالث، بحسب القيادي في حركة حماس، كان التهدئة مع الجانب الإسرائيلي مقابل تخفيف حصار غزة، وذلك في ظل التدخلات العربية والدولية المكثفة التي تتحرك باتجاه توقيع تهدئة طويلة الأمد مع “إسرائيل” تستمر من (5-10) سنوات، برعاية وإشراف دولي، مع الإبقاء على حالة التهدئة التي أبرمت عام 2014 بعد حرب غزة الأخيرة. 

وفي هذا الملف تحديدًا بدأت “إسرائيل” في تهيئة الأجواء الداخلية لديها لقرب إعلان “صفقة تهدئة” مع حركة حماس، وقال في هذا الصدد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال اجتماع أخير لمجلس الوزراء المصغر “هناك صفقة سياسية كبيرة قادمة”. 

وكوسيلة ضغط على حماس أعادت “إسرائيل” الخميس تشديد الحصار على قطاع غزة ومنعت تسليم شحنات الوقود للفلسطينيين عبر معبر كرم أبو سالم ردًا على الطائرات الورقية الحارقة التي يطلقها فلسطينيون عبر الحدود نحو جنوب “إسرائيل”. 

الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف: “حركة حماس أمام مرحلة جد مهمة في مصيرها، طبقًا للمتغيرات والمبادرات التي تحيط بها من كل جانب”

وعن الملف الرابع والأخير الذي وضع على طاولة نقاش المكتب السياسي لحماس في غزة، أشار القيادي في الحركة، إلى أنه خصص بملف صفقة تبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية والجانب الإسرائيلي، مؤكدًا أن هذا الملف شائك للغاية وتحكمه العديد من الشروط لتنفيذه على الأرض. 

وأضاف القيادي موسى في ختام حديثه لـ”نون بوست”: “مصر قدمت أطروحات لحلحلة ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حماس في غزة، وقيادة الحركة ستبحث هذه الأطروحات من أجل الرد على الطرح المصري، وبدء المفاوضات غير المباشرة مع “إسرائيل” لمتابعة الملف”. 

وذكر أنه لم يحرز أي تقدم بعد في تلك الملفات التي طرحت على طاولة النقاش بين أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس، لأن نجاحها مرتبط بأطراف فلسطينية كالسلطة والرئيس عباس، وعربية كمصر وكذلك “إسرائيل” والمجتمع الدولي. 

وتعقيبًا على تطورات زيارة وفد حركة حماس لغزة، وحديث القيادي في الحركة يحيى موسى عن الملفات الأربعة التي فتحت على طاولة المكتب السياسي، يقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف: “حركة حماس أمام مرحلة جد هامة في مصيرها، طبقًا للمتغيرات والمبادرات التي تحيط بها من كل جانب”. 

وأضاف الصواف “زيارة وفد حماس لغزة  لها أهمية كبيرة، خاصة أنها تضم وفدًا رفيع المستوى من قيادة الحركة، بعضهم يزور قطاع غزة لأول مرة”، متوقعًا أن تبحث الزيارة ملفات ذات أهمية كبرى مثل التهدئة وصفقة لتبادل الأسرى مع “إسرائيل” والمصالحة الفلسطينية. 

توقع الصواف إمكانية التوصل لتهدئة، في حال التزمت دولة الاحتلال بتخفيف الحصار عن قطاع غزة

وتأكيدًا لتصريحات القيادي موسى لـ “نون بوست”، أوضح الصواف ان قيادة الحركة ستبحث الأطروحات التي قدمتها مصر ومبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط نيكولاي ملادينو كوسطاء بين “إسرائيل” وحماس، من أجل التوصل لتهدئة بين الطرفين. 

وتوقع الصواف إمكانية التوصل لتهدئة، في حال التزمت دولة الاحتلال بتخفيف الحصار عن قطاع غزة، متسائلاً: “إن المهم من سيضمن “إسرائيل” بعدم خرق التهدئة مرة أخرى في المستقبل؟”. 

ولفت المحلل السياسي إلى أن الملفات الأربع التي تم بحثها بغزة، في حال أُنجزت بالشكل السليم والصحيح الذي يتوافق مع متطلبات وحقوق شعبنا وخاصة في قطاع غزة، فسنكون مقبلين على انفراجة كبيرة ومهمة ومصيرية. 

وشهد قطاع غزة، مؤخرًا، حراكًا إقليميًا ودوليًا ضمن مسارات متعددة منها ما هو متعلق بالمصالحة الفلسطينية، وأخرى بجهود حل بعض الأزمات فيه مقابل “تسكين قطاع غزة”، وإعادة الهدوء مع الاحتلال الإسرائيلي، ووقف مسيرات العودة، وتبادل الأسرى، لكن حتى هذه اللحظة، لم تخرج نتائج عملية وواضحة على الأرض، في حين يترقب الفلسطينيون ما تحمله لهم رياح الأيام المقبلة.