ترجمة وتحرير: نون بوست
بعد أن أصيب بمرض خطير، بات سائق السيارات الرياضية السابق، نيكي لاودا، يحتاج إلى رئة جديدة. ولئن يعتبر زرع الرئتين أمرا ممكنا على أرض الواقع، إلا أن السؤال المطروح هو ما مدى خطورة ذلك؟ فيما يلي، يقدم لنا أحد الأخصائيين في أمراض الرئتين كل التفاصيل حول هذه العملية.
على الرغم من أن فرص نجاة لاودا ضعيفة، إلا أن الأطباء قد ينقذون حياته عن طريق عملية زرع رئتين. حيال هذا الشأن، أكد الطبيب المختص في أمراض الرئتين ورئيس الجمعية الألمانية للطب النفسي، مارك باركزوك، أن هذه العملية صعبة وتتطلب تقنيات متطورة. وتجدر الإشارة إلى أن بارزوك يعمل لدى مركز علاج أمراض الرئتين بأولم ويهيئ المرضى لإجراء عمليات زرع الرئتين أو يقدم لهم النصائح بعد التدخلات الجراحية.
في الواقع، تجرى هذه العمليات على الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة على مستوى الرئتين على غرار التليف الكيسي وداء الانسداد الرئوي المزمن. وفي حال لم يجد الأطباء أي حل، يتم زرع رئتين جديدتين. وفي هذا السياق، أفاد باركزوك أنه “إلى حد الآن، لم ندرك سبب تعكر حالة لاودا ووصولها إلى هذا المستوى”. وفي سياق متصل، أضاف باركزوك أن “رئتي لاودا أصيبتا بالتلف الشديد، مما جعله يستنشق غازات سامة عند تعرضه لحادث خطير في سنة 1976”.
خلال السنة الماضية، أجريت 309 عملية زرع أعضاء في ألمانيا، وفي المقابل، لا يزال 400 مريض على قائمة الانتظار
بتاريخ 1 آب/ أغسطس سنة 1976، تعرض لاودا لحادث خطير في حلبة نوربورغرينغ. في ذلك الوقت، اصطدمت سيارته بحائط لتلتهمها النيران سريعا. ولسوء حظه، حاصرته النيران لمدة 55 ثانية. وجراء هذا الحادث، لم يحترق جلده فحسب، بل ثقبت أيضا رئته. ونظرا لخطورة حالته، اضطر الأطباء لتنظيف التعفنات التي طالت جروحه على مدار عدة أيام، في حين كان يعاني من مشاكل صحية أخرى.
بعد الحادث، خضع سائق السيارات الرياضية لعمليتي زرع كلى. ونظرا لأنه يعيش بكلية واحدة، كان من الصعب عليه أن يتناول جرعات عالية من المضادات الحيوية. وخلال السنة الحالية، أصيب هذا الرياضي البالغ من العمر 66 سنة بأزمة قلبية. حيال هذا الشأن، صرح الطبيب باركزوك أن “التهاب الرئتين يشكل خطرا على صحة لاودا. و في حال تناول مضادات حيوية، سيضعف ذلك مناعته”. من جهتهم، أكد الأطباء الذين عالجوا حالة لاودا بإحدى المستشفيات بمدينة فيينا، على ضرورة خضوعه لعملية جراحية جراء إصابته بمرض رئوي مزمن. ووفقا لصحيفة “أوسترايش”، أصيب الرياضي الألماني بأنفلونزا الصيف، لتتعكر حالته الصحية فيما بعد.
يحتاج الكثير من المرضى أيضا إلى قلب جديد
تستغرق عملية زرع الرئتين وقتا طويلا، حوالي 12 ساعة، وذلك وفقا لما أكده الدكتور باركزوك. وخلال العملية، يتم ربط المرضى بجهاز يزود الرئتين بالأكسجين. وإثر ذلك، يتم إزالة الرئتين كل واحدة على حدة ثم يتم زرع أخرى. وبعد العملية، يخضع المرضى لعملية تنفس اصطناعي مع الضغط الإيجابي حتى يتمكنوا من التنفس من جديد بمفردهم.
انخفض عدد المتبرعين بالأعضاء في ألمانيا بشكل كبير مقارنة بالنمسا وإسبانيا، حيث يحمل كل شخص صفة متبرع ما لم يرفض ذلك
في بعض الأحيان، تتطلب حالة المريض زرع قلب جديد بصفة مستعجلة، حيث لا تُزود الرئتان الجسم بما يكفي من الأكسجين. وفي هذه الحالة، يتولى القلب ضخ المزيد من الدم الغني بالأكسجين، علما وأن أمراض الرئتين قد تؤدي إلى قصور القلب.
لا يوجد الكثير من المتبرعين بالأعضاء
خلال السنة الماضية، أجريت 309 عملية زرع أعضاء في ألمانيا. وفي المقابل، لا يزال 400 مريض على قائمة الانتظار. ولعل الأمر المثير للقلق هو أن بعض هؤلاء المرضى سينتظرون دون أن يتمكنوا من الحصول على مرادهم نظرا لمحدودية عدد المتبرعين بالأعضاء. في الواقع، انخفض عدد المتبرعين بالأعضاء في ألمانيا بشكل كبير مقارنة بالنمسا وإسبانيا، حيث يحمل كل شخص صفة متبرع ما لم يرفض ذلك. أما في ألمانيا، فلا يمكن أن يتبرع شخص بأعضائه إلا في حال وافق على ذلك بشكل صريح عندما يكون على قيد الحياة أو وافق أفراد عائلته على أن يتم استئصال أعضائه بعد موته.
في حال تم العثور على متبرع ونجحت العملية، تعتبر فرص بقاء المريض على قيد الحياة مرتفعة
بالإضافة إلى ذلك، تخضع عملية زرع الرئة لشروط، حيث يجب أن تتطابق فصيلة دم المتبرع مع فصيلة دم المريض، كما يجب أن تكون رئة المتبرع في نفس حجم رئة المريض تقريبا. فعلى سبيل المثال، لا يمكن زرع رئة رضيع في جسم مريض بالغ. من جهتها، تتولى المؤسسة الألمانية لزرع الأعضاء مهمة التنسيق فيما يتعلق بعمليات زرع الرئة. فإذا كان المتبرع المحتمل في حالة موت سريري بصفة لا لبس فيها، فيجب أن يتم إرسال بياناته إلى منظمة “أورو ترانسبلانت”، التي تعتبر مركز وساطة فيما يتعلق بالتبرع بالأعضاء بالنسبة لثمان دول أوروبية. كما تحدد هذه المنظمة المتلقي المناسب من خلال قائمة الانتظار.
فرص البقاء على قيد الحياة مرتفعة
في حال تم العثور على متبرع ونجحت العملية، تعتبر فرص بقاء المريض على قيد الحياة مرتفعة. في هذا الإطار، أوضح باركزوك أن “أهم الدراسات تؤكد أن 65 بالمائة من المرضى عاشوا بعد خمس سنوات من إجراء عملية زرع الأعضاء، في حين تمكن 30 بالمائة من المرضى من البقاء على قيد الحياة بعد عشر سنوات من إجراء هذه العملية. وفي حال أخذنا بعين الاعتبار خطورة الحالة الصحية للمرضى، تعتبر هذه النسب مرتفعة”.
بعد حوالي أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، يمكن للمرضى مغادرة المستشفى. وبعد ذلك، يخضعون لفترة نقاهة، حيث يعمدون إلى ممارسة تمارين تقوية عضلات. ونظرا لأنهم لم يكونوا قادرين على التحرك كثيرا حيث أن رئاتهم في الغالب تتسم بالضعف، فعلى الأرجح ستكون عضلاتهم قد انهارت بالفعل. من جهته، يبدو الأخصائي في أمراض الرئة باركزوك متفائلا بشأن حالة لاودا. في هذا السياق، قال باركزوك إنه “في حال تخطى لاودا مرحلة الخطر، فلديه فرصة كبيرة للبقاء على قيد الحياة خاصة وأنه شخص مقاتل بالفعل”.
الصحيفة: فيلت