استقطبت تطورات الأحداث الأخيرة والمتصاعدة في محافظة السويداء جنوب سوريا، أنظار العالم ومنصاته الإعلامية، محافظة السويداء المدينة الهادئة طوال السنوات الماضية من الحرب السورية، وذلك نتيجة ولائها لقوات النظام السوري أو لحكومة الأسد، ويعد ارتباطها بالأسد ارتباطًا وثيقًا نظرًا لكونها من الأقليات السورية، وتحالفها مع النظام الحاكم في سوريا جاء نتيجة تحالف الطوائف الأقلية وهي العلوية والدرزية والإسماعيلية.
فيما ينتمي معظم سكان محافظة السويداء لطائفة الموحدين الدروز، ولعل ذلك أحد أهم أسباب صمت المحافظة وبقائها في المجمل تحت سيطرة النظام خلال السنوات السبعة الماضية رغم خسارته نحو ثلثي الأراضي السورية، التي سيطرت عليها فصائل عسكرية متنوعة المشارب والأهداف.
ومن جانب آخر يعتبر سكان المدينة ومشايخها من أصحاب الرأي والعقول المتينة يتخذون فيها قرارات لمصيرهم، شكلوا أحزابًا تعلن ولاءها للنظام السوري، كما شُكلت بعض الميليشيات وفصائل عسكرية طائفية وهذه الفصائل بمثابة قوات النظام، وتنضوي هذه الميليشيات تحت ما يعرف بـ”قوات الدفاع الوطني”.
الشيخ وحيد البلعوس
وكان الشيخ وحيد بلعوس الذي اغتيل في شهر يوليو/تموز 2015، قائدًا لفصيل عسكري، أخذ على عاتقه مهمة حماية الجبل من قوات النظام والميليشيات الطائفية التي تعرف بقوات الدفاع الوطني، كما حمل الفصيل على عاتقه حماية شباب المنطقة من السحب الإجباري إلى الخدمة العسكرية لجيش النظام.
كما تعهد البلعوس في آخر التصريحات التي صدرت عنه قبل اغتياله، بحماية الاعتصامات التي شهدها مدينة السويداء واستمرت لأربعة أيام على التوالي، وتطالب بالقضاء على الفساد والمفسدين، فيما اتهم ناشطون سوريون قيام النظام باغتياله، نظرًا لتصريحاته، وخلال هذه الاضطرابات التي تشهدها المدينة صفت مخابرات النظام المتهم باغتيال الشيخ البلعوس.
مخابرات النظام تصفي المواطن الذي اغتال البلعوس
25 من يوليو.. يوم دامٍ في محافظة السويداء
هجمات التنظيم الانتحارية في السويداء
نفذ تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” الأربعاء 25 من يوليو/تموز الماضي، هجمات انتحارية هي الأعنف في المدينة منذ سبع سنوات، حيث استهدفت عناصر تنظيم الدولة الإسلامية المدنيين في سوق للخضار بمدينة السويداء، ثم فجر أربعة من عناصر التنظيم أنفسهم قرب دواري المشنقة والنجمة، وهذه المناطق تكتظ بالمدنيين.
اعتقل التنظيم خلال هجمته على ريف السويداء الشرقي في قرية الشبكي نحو 40 مدنيًا جلهم من النساء، بينما قام التنظيم بمحاولة منه للمفاوضات مع قوات النظام من أجل معتقلين كانت قد اعتقلتهم قوات النظام وميليشياته في مخيم اليرموك قبل إبرام الاتفاق وتهجيرهم منه
كما نفذ عناصر التنظيم هجمات انتحارية على ثماني قرى متاخمة لبادية السويداء (دوما وتيما وطربا والكسيب ورامي وغيضة حمايل والشبكي والشريحي) الواقعة في الريف الشرقي، حيث انتشرت عناصر التنظيم في هذه القرى مع الفجر، ودارت اشتباكات عنيفة بين عناصر التنظيم والميليشيات الموالية للنظام في الريف الشرقي للمدينة.
كما شهد ريف السويداء الشمالي تسلل لمقاتلي التنظيم من منطقة اللجاة المشمولة بالتسوية مع النظام، خلال حملته العسكرية على درعا باتجاه قريتي المتونة والسويمرة.
واعتقل التنظيم خلال هجمته على ريف السويداء الشرقي في قرية الشبكي نحو 40 مدنيًا جلهم من النساء، بينما قام التنظيم بمحاولة منه للمفاوضات مع قوات النظام من أجل معتقلين كانت قد اعتقلتهم قوات النظام وميليشياته في مخيم اليرموك قبل إبرام الاتفاق وتهجيرهم منه.
وإلى الآن لم تصدر توضيحات عن مصير المختطفين لدى تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، فيما نشر التنظيم مقطعًا مصورًا لإعدام شاب يدعى مهند أبو عمار، فيما تولت روسيا المفاوضات مع تنظيم الدولة.
وارتفعت حصيلة القتلى الذين وصلوا لمستشفى السويداء خلال الهجمات، إلى 270 قتيلاً من المدنيين وفصائل السويداء المحلية، بالإضافة 300 جريح، فيما قتل العشرات من التنظيم خلال المواجهات، وتمكن عناصر التنظيم من سحب عشرات الجثث من قتلى عناصره، فيما يقع معقل تنظيم الدولة الإسلامية داعش في بادية السويداء الواقعة بالريف الشمالي الشرقي، حيث يبعد عن مركز مدينة السويداء 40 كيلومترًا، استخدم في تنقله الدراجات النارية، بينما شهدت الأيام الماضية معارك محتدة بين النظام والتنظيم خلال محاولة الأخير اقتحام مطار خلخلة شمال السويداء.
النظام يستقطب تعزيزات عسكرية إلى السويداء
تعزيزات عسكرية لقوات النظام السوري تصل محافظة السويداء جنوب البلاد، حيث وصلت الجمعة 3 من أغسطس/آب أرتال عسكرية من قوات النظام مؤلفة من مئات العناصر وعشرات الآليات الثقيلة والسيارات والحافلات، إلى قرى ريف المحافظة الشرقي المتاخمة لمناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
أرسلت فصائل المصالحات المندرجة في تسويات مع النظام في درعا تعزيزات إلى ريف السويداء الشرقي خلال الأيام الفائتة، للمشاركة في الهجوم على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”
التعزيزات التي أرسلها قوات النظام وصلت من محافظة درعا ومن الفرقة الخامسة عشرة في السويداء، تزامنًا مع وصول تعزيزات ميليشيا رديفة من مدينة السلمية في ريف حماة، ومدينة جرمانا وصحنايا في ريف دمشق، وتتزامن هذه التعزيزات مع ضربات جوية من الطيران الحربي والمدفعية على مناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
فصائل المصالحات تشارك في معارك السويداء
فصيل شباب السنة يشارك النظام في معاركه
أرسلت فصائل المصالحات المندرجة في تسويات مع النظام في درعا تعزيزات إلى ريف السويداء الشرقي خلال الأيام الفائتة، للمشاركة في الهجوم على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، حيث وصل نحو 100 عنصر من فصيل شباب السنة بقيادة أحمد العودة الذي ينحدر من مدينة بصرى جنوبي درعا، ويترأسهم القائد الميداني في صوف فصائل المصالحات سامر المحمد.
سامر المحمد قائد ميداني في فصيل شباب السنة في السويداء
من جانبه، أرسل لواء مغاوير الصحراء أحد الفصائل التي أجرت مع قوات النظام السوري تسوية، عشرات العناصر من منطقة القلمون الشرقي في ريف دمشق، إلى ريف السويداء الشرقي لمشاركة قوات النظام في معاركها مع تنظيم الدولة الإسلامية.
وكان لواء مغاوير الصحراء قد أجرى مصالحات تسوية مع قوات النظام خلال شهر أبريل/نيسان الفائت، وذكرت مصادر أن النظام يستقطب هذه التعزيزات من فصائل المصالحات نظرًا لمشاركتهم في عشرات المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية في البادية السورية.
الوحدات الكردية مستعدة لطرد داعش من السويداء
الوحدات الكردية أعربت عن استعدادها لمشاركة النظام في طرد داعش
أعربت وحدات حماية الشعب الكردية، استعداداتها للمشاركة إلى جانب قوات النظام وميليشياته في معارك مع تنظيم الدولة الإسلامية داعش، وقال سبان حمو الذي يترأس الوحدات لصحيفة الشرق الأوسط، الأحد 5 من أغسطس/آب الحاليّ إن قواته جاهزة للتوجه إلى السويداء لحماية أهلها الدروز من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، حسب زعمه.
وأضاف: “شن داعش هجمات وحشية على أهلنا في السويداء، وجع أهلنا الدروز نفس وجعنا كما حصل مع أهلنا في كوباني وعفرين، لا نفرق بين هذه الهجمات والهجمات على أهلنا في السويداء ووحدات الحماية جاهزة لإرسال قواتها إلى السويداء لتحريرها من الإرهاب”، كما عرضت الوحدات تبديل أسرى من داعش اعتقلتهم خلال معاركها مقابل الأسرى الذين أسرهم التنظيم في السويداء.
استطاعت قوات النظام والميليشيات التابعة له مدعومة بآلاف العناصر وفصائل المصالحات من التقدم على حساب تنظيم الدولة الإسلامية، في بادية السويداء
وشهدت الأسابيع الماضية تقاربًا علنيًا بين مليشيا الوحدات الكردية وقوات النظام كان آخرها زيارة وفد إلى دمشق لمناقشة القضايا المتعلقة بمناطق شرق سوريا، كما اعتبر حمو أن الوحدات أثبتت نجاحًا في قتال تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، إذ إنها سيطرت ضمن قوات سوريا الديمقراطية على ثلث مساحة سوريا، ولا تزال ميليشيا الوحدات تخوض المعارك إلى الآن مع تنظيم الدولة الإسلامية داعش، وكانت قوات النظام والوحدات قد شاركت في العديد من المعارك ضد التنظيم شمال شرق سوريا، فيما بدا من تصريح رئيس الوحدات تقاربًا ملحوظًا بين قوات النظام والوحدات.
النظام يتقدم على حساب تنظيم داعش في السويداء
النظام يتقدم في السويداء
استطاعت قوات النظام والميليشيات التابعة له مدعومة بآلاف العناصر وفصائل المصالحات من التقدم على حساب تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، في بادية السويداء أمس الثلاثاء 7 من أغسطس/آب، وقالت مصادر موالية للنظام إن قواته استطاعت التقدم على حساب التنظيم في منطقة تلول الصفا شرق قرية الساقية بريف السويداء الشمالي بعد معارك عنيفة استخدمت فيها قوات النظام المدفعية والطيران الحربي.
كما سيطرت قوات النظام والميليشيات المساندة لها على التلول والوديان والطرق الترابية في بادية السويداء في الريف الشمالي الشرقي، بالانطلاق من قرى شنوان والساقية، والسيطرة على قرية شنوان.
من جانبها شبكة السويداء 24 قالت إن قوات النظام سيطرت على قرى عدة باتجاه خربة الأمباشي والهبيرية الخاضعتين لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، ولفتت الشبكة إلى أن التنظيم انسحب إلى معقله الرئيسي في منطقة الصفا وهي منطقة بركانية وأرض سوداء قاتمة في بادية السويداء.
قوات النظام خلال معاركها مع تنظيم الدولة في مخيم اليرموك وبعض الأحياء في جنوب دمشق كانت قد انتهت باتفاق نقلت على إثره عناصر التنظيم إلى بادية السويداء
وتتقدم قوات النظام في منطقة مكشوفة، ببادية السويداء، ويبدو أن تنظيم الدولة يعمل على استقطاب قوات النظام إلى منطقة وعرة يتحصن فيها، بينما يقوم تنظيم الدولة الإسلامية داعش بتفجيرات انتحارية موقعة قتلى في صفوف النظام وهذا يهدد تقدم النظام على حساب التنظيم على عكس ما تقوله مواقع موالية لقوات النظام التي تفصح بتقدم النظام دون خسائر.
فيما نفذ عنصر من تنظيم الدولة الإسلامية داعش هجمة انتحارية على نقطة عسكرية تابعة لفصيل الحزب القومي السوري الموالي للنظام في مدينة السويداء، وقال الحزب عبر صفحته على فيسبوك، إن مقاتلًا من تنظيم الدولة فجر نفسه في نقطة عسكرية تابعة للحزب، وأسفر عن مقتل أربعة عناصر وإصابة خمسة آخرين.
وأوضح أن التفجير استهدف نقطة تل الرزين، فجر اليوم، شرق قرية دوما، على مسافة ثمانية كيلومترات من القرى الشرقية للسويداء، وهي نقطة رصد وتثبيت ورديفة لقوات النظام، كما أعلن الحزب السوري القومي الاجتماعي الموالي للنظام، أمس الثلاثاء، إعدام عنصر من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في مدينة السويداء، مشيرًا أنه تم إلقاء القبض على العنصر في أثناء عملية لتنظيم الدولة بالريف الشرقي، وانتهج الحزب القومي السوري القتل للعنصر المتهم بتبعيته لتنظيم داعش دون محاكمته وهذا يصب في مصلحة النظام الذي يحاول مرارًا أن يطور العنف والهمجية دون محاكمة.
يذكر أن قوات النظام خلال معاركها مع تنظيم الدولة في مخيم اليرموك وبعض الأحياء في جنوب دمشق كانت قد انتهت باتفاق نقلت على إثره عناصر التنظيم إلى بادية السويداء، وهذه الخطوة كانت من مصلحة النظام لتمرد التنظيم على المدينة المُحافظة على هدوئها وسحبها إلى الحرب التي طالت المحافظات السورية كافة، كما نقل النظام مؤخرًا عناصر التنظيم من مناطق جنوبي درعا إلى بادية السويداء، في خطوة منه للسيطرة على منطقة الجبل التي تتمسك فيها الطائفة الدرزية وجرهم إليه للسيطرة عليهم.