25 يومًا تفصل الموريتانيين عن أبرز انتخابات في البلاد خلال العقد الأخير، لما لها من أثر كبير على مستقبل البلاد، خاصة أنها تشهد عودة المعارضة للمشاركة بعد مقاطعة للانتخابات طالت سنوات نتيجة “الفساد” الذي تتسم به العمليات الانتخابية وفق قولهم، فأي حظوظ للمعارضة الموريتانية في هذا الاستحقاق الانتخابي المهم؟
الانتخابات في أرقام
تعتبر هذه الانتخابات الأولى في البلاد بعد التعديلات الدستورية الجديدة التي أجريت في أغسطس/آب 2017، ووفقًا للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات فإن عدد الناخبين الموريتانيين وصل إلى 1.328.168 سيدلون بأصواتهم في 2957 مكتبًا، وفقا لآخر عملية اقتراع تمت في البلاد خلال أغسطس/آب الماضي.
ويتنافس المرشحون للانتخابات البرلمانية على 155 مقعدًا في الجمعية الوطنية “البرلمان الموريتاني” وفقًا للتعديلات الدستورية الأخيرة التي ألغت مجلس الشيوخ، كما يتنافس مرشحو الـ105 أحزاب في البلاد خلال نفس الموعد المحدد في الثاني من سبتمبر/أيلول على 219 بلدية و13 مجلسًا جهويًا.
يضم تيار المعارضة العديد من الأحزاب ذات الثقل السياسي في موريتانيا، تحت ائتلاف “المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة“
تصدر “الاتحاد من أجل الجمهورية” الحاكم الأحزاب السياسية بتغطية 100% من الدوائر الانتخابية، فيما تراوحت الأحزاب الأخرى واسعة ومتوسطة الانتشار موالاة ومعارضة بين نسبتي تغطية 60% و25% من الدوائر الانتخابية.
وتتميز هذه الانتخابات بضعف حضور المرأة في اللوائح الانتخابية، رغم أن غالبية المنخرطين في عضوية الأحزاب الموريتانية من النساء، كما تشكل المرأة نسبة 52% من حجم الناخبين، وكان البرلمان قد صادق في عام 2006 على منح نسبة كوتا تكون 20% للنساء من مقاعد البرلمان، وسمح لهن بترأس أحزاب، ويوجد حاليًّا في موريتانيا 7 أحزاب تقودها نساء.
عودة المعارضة
هذا الاستحقاق الانتخابي المقبل سيشهد أكبر مشاركة سياسية عرفتها البلد، وذلك بعد إعلان أحزاب المعارضة المشاركة في هذه الانتخابات بعد أن قاطعتها على مدى 3 استحقاقات متتالية سابقة، وتأتي هذه الانتخابات قبيل فترة وجيزة من انتهاء آخر ولاية دستورية للرئيس الموريتاني الحاليّ محمد عبد العزيز.
ويضم تيار المعارضة العديد من الأحزاب ذات الثقل السياسي في موريتانيا تحت ائتلاف “المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة“، ومن أبرز أحزاب المنتدى حزب “التجمع الوطني للإصلاح والتنمية” المعروف اختصارًا بـ”تواصل” (أبرز الأحزاب الإسلامية في البلاد)، وحزب “تكتل القوى الديموقراطية”.
تسعى المعارضة الموريتانية إلى حشد الناس للتصويت لفائدة مرشحيها
من القوى المعارضة أيضًا جبهة “المعاهدة من أجل التغيير” وتتكون المعاهدة من أحزاب عدة يتقدمها “التحالف الشعبي التقدمي” وحزب “الصواب” و”الوئام الديمقراطي” وحزب “العهد الوطني”، كما قرر حزب “التحالف الشعبي التقدمي” الذي أسسه القوميون الناصريون عام 1991 المشاركة.
في مقابل ذلك تتكون الموالاة في موريتانيا من حزب “الاتحاد من أجل الجمهورية” الحاكم الذي أسسه الرئيس محمد ولد عبد العزيز في الـ5 من مايو/أيار عام 2009، وترأسه قبل أن يتخلى عن رئاسته تطبيقًا لمادة دستورية تحظر الجمع بين منصب رئيس الجمهورية ورئاسة أي حزب سياسي، يرأسه اليوم إسلكو ولد أحمد إيزيد بيه.
وتضم أيضًا أحزابًا أخرى كـ”الحراك الشبابي” الذي أسسته عناصر شبابية في فبراير عام 2012، وكذلك “الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم” بقيادة الوزيرة الناها بنت مكناس، إضافة إلى أحزاب صغيرة أخرى كالفضيلة والوحدة والتنمية والكرامة والجمهوري والوحدوي الاشتراكي.
المعارضة تأمل في الفوز لكن…
مع بدء العد التنازلي لموعد الانتخابات، تصاعدت حدة السجال السياسي في البلاد بين الأغلبية الداعمة لرئيس البلاد محمد ولد عبد العزيز، وقوى المعارضة وعلى رأسها “المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة” وهو ائتلاف يضم 14 حزبًا سياسيًا معارضًا.
وتسعى المعارضة الموريتانية إلى تحقيق نتائج مرضية، خاصة أنها عادت بعد مقاطعة دامت سنوات رفضت خلال أحزابها المعارضة المنضوية ضمن تحالف منتدى المعارضة المشاركة في 3 استحقاقات، وهي انتخابات 2013 التشريعية والبلدية والانتخابات الرئاسية 2014، وكذلك التعديل الدستوري 2017.
تخشى المعارضة، من تزوير الانتخابات، خاصة أنها حذرت سابقًا من استقلالية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات
تطمح بعض أحزاب المعارضة إلى تصدر الانتخابات، إلا أن الصحفي الموريتاني الشيخ محمد المختار دي شكك في قدرتها على ذلك، حيث قال في حديثه لنون بوست: “لو قامت المعارضة بتشكيل قوائم موحدة وبتحالفات حزبية مع بعضها أو مع بقية أحزاب لا تنضوي ضمن منتدى المعارضة بإمكانها الحصول على العديد من المقاعد والفوز ببعض البلديات، لكن وحسب رأيي الشخصي أعتقد أن أمر الصدارة محسوم للأغلبية في ظل نظام عسكري يعرف ماذا يريد ولديه أساليبه في جذب الناس وجذب الصناديق”.
ويضيف المختار دي لنون بوست “النظام الحاكم أصبح متفردًا بالحكم منذ إلغاء مجلس الشيوخ خلال التعديل الدستوري الماضي الذي وقفت ضده المعارضة، لذلك أصبحت موريتانيا أمام سلطة تشريعية واحدة هي سلطة البرلمان وهي بيد الأغلبية الحاكمة التابعة للجنرال الرئيس محمد ولد عبد العزيز”.
وسبق أن أعلن 17 حزبًا سياسيًا معارضًا في موريتانيا الشهر الماضي تشكيل تحالف جديد يحمل اسم “التحالف الانتخابي للمعارضة الديمقراطية”، لخوض الانتخابات التشريعية والبلدية والجهوية المقبلة، وأكدت أطراف داخل التحالف الجديد أن أعضاء التحالف يلتزمون بالتصويت لصالح أي عضو تأهل للشوط الثاني من الانتخابات، كما أن كل عضو في التحالف سينظم حملة انتخابية لبقية الأعضاء.
تخشى المعارضة من تزوير النظام للانتخابات
توقع الشيخ محمد المختار دي تحقيق المعارضة بعض النقاط الإيجابية من خلال المشاركة التي هي أفضل من المقاطعة على كل حال، حسب قوله، لكنه استدرك بالقول “لكن لا أحد في الشارع الموريتاني يتوقع أن تحدث المعارضة مفاجأة بتصدر قوائم الانتخابات البلدية واكتساح الأغلبية”.
وأكد الصحفي الموريتاني أن المعارضة في بلاده لديها شعبية كبيرة على المستوى الميداني خاصة في المدن الرئيسية (نواكشوط ونواذيبو والنعمة)، إلا أن سطوة النظام على مفاصل الدولة وتحكمه فيها وتسخيرها خدمة له ولحلفائه قد تقلل من حظوظ المعارضة.
وتشهد مدن موريتانية عديدة مهرجانات خطابية للمعارضة لحشد الناس للمشاركة في هذه الانتخابات والتصويت لفائدة مرشحيها، خاصة مع استفحال الأزمة داخل أجهزة الحكم، وتحكم الأغلبية في كل شيء، وعدم استجابتها لمطالبة السكان.
وتخشى المعارضة من تزوير الانتخابات، خاصة أنها حذرت سابقًا من استقلالية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وعدم جاهزيتها الفنية لتنظيم انتخابات في الموعد المحدد لها في سبتمبر/أيلول المقبل، وعجزها عن تنظيم انتخابات حرة وذات مصداقية.