ترجمة وتحرير: نون بوست
لا يكف أسوأ نظامين دكتاتوريين داعمين للإرهاب في العالم العربي – نظام السيسي في مصر ونظام بن سلمان في الرياض – عن إطلاق النار على قدميهما. فخلال أيام قليلة اندفع النظامان يهاجمان بجنون نشطاء حقوق الإنسان، كاشفين عن انعدام الاستقرار النفسي الذي يعاني منه هذان الدكتاتوران وضعف قبضتيهما على السلطة، وكل ما يفعلانه في المحصلة أنهما يمضيان في تقويض شرعيتيهما.
يوم الاثنين، أقدم السعوديون الذين يقودهم المعتوه والمهووس بذاته ابن سلمان على ارتكاب واحدة من أفظع خطايا العلاقات العامة في التاريخ عندما غردوا مهددين بشن هجوم على كندا مشابه لهجوم الحادي عشر من سبتمبر. وما الذي فعلته كندا حتى تستحق مثل هذا المصير؟ كل ما فعلته هو أنها عبرت عن القلق إزاء انتهاك السعودية لحقوق نشطاء يعملون في مجال حقوق الإنسان مثل سمر بدوي، التي ألقي القبض عليها مؤخراً، ثم اتهمت باقتراف عدة جرائم منها مساعدة النساء السعوديات في الحصول على حقهن في قيادة السيارات.
لربما راودك شعور بأن دونالد ترامب سريع الغضب وشديد الحساسية تجاه أي نقد يتعرض له. إلا أن ترامب يبدو مقارنة بابن سلمان نبراساً من حيث الصحة النفسية. (ولعل السبب في ذلك أن العقار الذي يدمن عليه ترامب هو الأكلات السريعة والمشروبات الغازية، بينما يدمن محمد بن سلمان، حسبما تقول مصادر جيدة الاطلاع، على أحدث أنواع الأمفيتامينات المصنعة – نوع من المخدرات أو المنشطات النفسية التي تعمل على إثارة الجهاز العصبي المركزي).
السيسي شديد الحساسية تجاه أصوله اليهودية وارتباطاته الصهيونية
في تلك الأثناء أقدم النظام الهش للدكتاتور العسكري السيسي في مصر المحتلة من قبل “إسرائيل” على اختطاف شقيقي الناشطة في مجال حقوق الإنسان غادة نجيب، زوجة مقدم البرامج التلفزيونية هشام عبد الله. في حوالي التاسعة من مساء يوم الأحد الماضي، تعرض يوسف محمد نجيب، البالغ من العمر سبعة وعشرين عاماً والأب لطفلين صغيرين، للاختطاف من منزله على يد رجال مجهولين مسلحين بمدافع رشاشة. ثم في الثانية من فجر الإثنين، حصل نفس الشيء لشقيقه إسلام محمد نجيب البالغ من العمر سبعة عشر عاماً.
وجهت لشقيقي غادة نجيب تهم بارتكاب “جرائم” غير محددة يعبر عنها بلغة النظام من خلال صيغة “السعي لتقويض النظام”. إلا أن جريمتهم الحقيقية هي علاقة القرابة التي تربطهما بغادة نجيب، وأما جريمتها هي فهي أنها متزوجة من هشام عبد الله. بينما تعيش غادة نجيب وزوجها هشام عبد الله خارج مصر، حيث لا قبل لحمقى نظام السيسي بالوصول إليهما، يعيش شقيقا غادة نجيب الشابان داخل البلاد.
تقول غادة نجيب إنها عرفت الجواب مباشرة من السلطات، حيث اعترفوا لها بأن الاعتقالات جاءت انتقاماً من هشام عبد الله الذي طرح للنقاش في حلقة أخيرة من برنامجه احتمال أن يكون السيسي يهودياً ولد لامرأة يهودية مغربية تنحدر من عائلة صهيونية متشددة تعيش الآن داخل إسرائيل. ولقد نقل عني هشام عبد الله بل وأجرى معي مقابلة في برنامجه (حيث بثت مساهمتي باللغة الإنجليزية في الدقيقة 17:17 من البرنامج) بوصفي صحفياً أمريكياً كتب وتحدث عن احتمال أن يكون السيسي عميلاً إسرائيلياً مدسوساً.
ذكر هشام عبد الله معلومة واحدة خاطئة حين زعم أنني يهودي. في الواقع، رغم أن أمي تقول إنها تشك في أن جدتها الكبرى ربما كانت يهودية، إلا أنني أنحدر من أصول إيرلندية ويلزية ألمانية (في الأغلب مسيحية)، ونشأت في عائلة مسيحية موحدة، ثم اعتنقت الإسلام في عام 1993.
لماذا يتعامل نظام السيسي، مثله في ذلك مثل نظام محمد بن سلمان، بانفعال شديد وبهذا الشكل من الغلو؟ لماذا ردوا على برنامج هشام عبد الله باعتقال شابين بريئين لم يقترفا شيئاً سوى أنهما من أقارب زوجة مقدم البرنامج؟
بات نظام السيسي في مصر، مثله في ذلك مثل نظام محمد بن سلمان في المملكة العربية السعودية، مفلساً من الناحية الأخلاقية والمالية
من الواضح أن السيسي شديد الحساسية تجاه أصوله اليهودية وارتباطاته الصهيونية، ولا عجب في ذلك. فالغالبية العظمى من الشعب المصري، على النقيض من قلة قليلة خائنة داخل قطاع النخبة، لا يرغبون في العيش تحت الاحتلال الصهيوني ممثلاً بهذا الرجل الذي يعتبر الأسوأ سجلاً من حيث انتهاكات حقوق الإنسان في تاريخ النظام المصري، لدرجة أن بعضاً من الرموز السياسية من داخل المنظومة الحاكمة في مصر، مثل السفير السابق معصوم مرزوق، يطالبون الآن بإجراء استفتاء على حكم السيسي، وهو المقترح الذي من شأنه لو طبق أن يؤدي إلى إسقاط هذا النظام. وفيما لو رفض السيسي إجراء الاستفتاء، فقد تعهدت نفس القوى التي أفرزت الثورة المصرية في عام 2011 بالعودة إلى ميدان التحرير لإتمام المهمة.
لقد بات نظام السيسي في مصر، مثله في ذلك مثل نظام محمد بن سلمان في المملكة العربية السعودية، مفلساً من الناحية الأخلاقية والمالية، بل وبات رهن الاحتلال الصهيوني بدليل التفاني في خدمة ممثله في واجهة النظام الدولي الجديد ترامب.
المصدر: فيترانز توداي