استهدفت الطائرات الحربية التابعة للنظام أكثر من 50 موقعًا مدنيًا في مناطق سيطرة المعارضة المسلحة في قرى وبلدات أرياف محافظات حلب وحماة وإدلب، الجمعة 10 من أغسطس/آب الحاليّ، حيث شنت الطائرات الحربية غارات بعد ظهر يوم الجمعة تستهدف منازل المدنيين في المنطقة وراح ضحيتها ما يقارب 50 شهيدًا، وأصيب نحو 70.
وانطلق الطيران الحربي والمروحي التابع للنظام من مطار حماة العسكري ومدرسة المجنزرات شمال شرقي حماة لتنفيذ عشرات الغارات، حيث استُهدفت بلدة أورم الكبرى بريف حلب الغربي بعدد من الغارات الجوية، ما أدى إلى وقوع مجزرة بحق المدنيين، فيما قال حسين بدوي مدير قسم الدفاع المدني في أورم الكبرى لـ”نون بوست”: “استهدفت الطائرات الحربية البلدة بعدد من الغارات الجوية ما أدى إلى دمار حي بأكمله، حيث بقيت فرق الدفاع المدني تنتشل المدنيين حتى فجر السبت 11 من أغسطس/آب”.
وأضاف بدوي: ” أدت المجزرة التي ارتكبتها الطائرات الجوية والمروحية إلى استشهاد ما لا يقل عن 37 مدنيًا و70 جريحًا في أورم الكبرى”، وارتفعت أعداد الضحايا تباعًا نظرًا لوجود عشرات العالقين تحت الأنقاض التي وثقتهم مديرية الدفاع المدني بالأسماء حتى وصلوا قرابة 40 مدنيًا، أغلبهم من النساء والأطفال، ومن بينهم عائلة نازحة من مدينة كفر زيتا بريف إدلب.
وأشار بدوي: “الطيران الحربي استهدف الموقع ذاته بـ3 غارات بفاصل زمني يقارب الدقيقتين”، وأوضح أن الغارات الجوية أدت إلى دمار حي كامل وما يقارب 25 منزلًا ومحلًا تجاريًا في الحي ذاته، وهذه الحملة الجوية استهدفت عددًا من المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة المسلحة في الشمال السوري، وتأتي الحملة بعد خفض التصعيد من قوات النظام على المنطقة، وكان يقتصر قصف قوات النظام على استهداف أرياف حماة واللاذقية بالمدفعية الثقيلة.
قصف جوي يستهدف أورم الكبرى بريف حلب الغربي
وفي السياق استهدف الطيران الحربي مدينة خان شيخون بعدد من الغارات الجوية ما أدى إلى ارتقاء 10 مدنيين وعشرات الجرحى من المدينة، فيما خلف القصف دمارًا شاملًا في ممتلكات المدنيين، واستهدفت الطائرات الحربية والمروحية ناحية التمانعة بالريف الجنوبي لإدلب، حيث تعرضت البلدة لقصف بأكثر من 25 برميلًا متفجرًا و14 أسطوانة متفجرة ألقتها الطائرات المروحية عشوائيًا على مناطق متفرقة في ناحية التمانعة، كما استهدفت الناحية بأكثر من 12 غارة من الطائرات الحربية التابعة للنظام، ما أدى إلى ارتقاء عدد من المدنيين والجرحى، كما استهدفت الطائرات قرية سكيك بـ9 غارات جوية، استخدمت فيها الصواريخ العنقودية والفراغية.
سارعت قوات المعارضة المسلحة المنضوية في الجبهة الوطنية للتحرير بالرد على قصف طائرات النظام وميليشياته محيط المناطق المحرر
واستمرت طائرات النظام – الاستطلاع والحربية – في التحليق في أثناء حملتها على المناطق المحررة ليل الجمعة/السبت في ريفي حلب الجنوبي والغربي وأرياف حماة الشمالي بالإضافة لأرياف محافظة إدلب، حيث استهدف الطيران المروحي الطرقات وحركة المرور من سيارات ودراجات نارية بالرشاشات الثقيلة، فيما أصبحت الحركة معدومة ليلًا، في المنطقة.
واستهدفت مدفعية النظام الثقيلة بلدات حيان وعندان بعدد من القذائف بالتزامن مع الحملة الجوية، وتأتي الحملة الجوية التي استهدفت مناطق المعارضة المسلحة شمالي حلب بعد ترويج النظام لحملة عسكرية لقواته والميليشيات التابعة له تطال إدلب والأرياف المجاورة لها، حسب زعم إعلام النظام.
كيف ردت المعارضة على حملة النظام؟
سارعت قوات المعارضة المسلحة المنضوية في الجبهة الوطنية للتحرير بالرد على قصف طائرات النظام وميليشياته محيط المناطق المحررة، حيث قالت الجبهة في بيان لها إن فوج المدفعية والصواريخ استهدف قوات النظام وميليشياته المتمركزة في ريف اللاذقية، حيث حققت إصابات في صفوف النظام، خلال استهداف مواقع تمركزه.
#الجيش_السوري_الحر#الجبهة_الوطنية_للتحرير
ردا على العدوان الهمجي للطيران الحربي، استهداف معسكر لعصابات الأسد في ريف اللاذقية بعدد من صواريخ الغراد pic.twitter.com/LQvpcK6K8c— الجبهة الوطنية للتحرير (@alwataniaTahrer) August 10, 2018
كما استهدف فوج المدفعية في الجبهة الوطنية مدرسة المجنزرات التابعة لقوات النظام في ريف حماة الشمالي بصواريخ الغراد، حيث رُصد قصف قوات النظام منه تجاه المناطق المحررة، وفي السياق استهدفت الجبهة مواقع قوات النظام المتمركزة في مدفعية الراموسة في حلب، وطال قصف المعارضة بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين شمالي حلب، حيث استهدفت الجبهة مواقع تمركز الميليشيات المسيطرة على البلدتين بصواريخ من نوع “فيل”، حسب تعبيرها.
وجاء رد المعارضة المسلحة بشكل مفاجئ جدًا نتيجة حملة النظام على المنطقة، وتبادلت قوات النظام والمعارضة القصف لساعات في أثناء ليل السبت بالمدفعية والصواريخ الثقيلة، حتى هدأت قوات النظام في حملة القصف الهمجية التي طالت عدة بلدات في المناطق المحررة.
من جانبها قوات النظام لم تتوقع الرد السريع من المعارضة المسلحة التي تسيطر على الشمال الغربي من سوريا، التي استهدفت خلال حملتها عددًا من المواقع والثكنات العسكرية التي تقبع فيها ميليشيات النظام، نظرًا لحملته الإعلامية التي تروج لها قنواته في العملية العسكرية التي سيشهدها الشمال السوري، حيث ضغطت المعارضة على جبهة بلدتي نبل والزهراء حتى حصلت اشتباكات بالرشاشات الثقيلة والخفيفة، وأدت إلى توقف نسبي لحملة النظام.
تناولت وسائل إعلام النظام أنباءً تقول فيها إن قوات النظام تحشد قواتها باستقطابهم من الجنوب والشرق السوري إلى محيط إدلب
مصدر معارض أكد أن حملة النظام التي شنها الجمعة على المناطق المحررة نتيجة اعتقال المعارضة المسلحة في الجبهة الوطنية للتحرير لأشخاص لهم اتصال مع النظام يروجون للمصالحة مع قوات النظام، وهذا ما يؤكد قول مركز المصالحات الروسي إن قوات المعارضة تعتقل مروجي المصالحات.
هل يرسل النظام تعزيزات إلى محيط إدلب؟
تناولت وسائل إعلام النظام أنباءً تقول فيها إن قوات النظام تحشد قواتها باستقطابهم من الجنوب والشرق السوري إلى محيط إدلب، وعلى إثر ذلك نشر إعلام النظام صورًا لقوات النظام على أنها تعزيزات تصل محيط مدينة إدلب، إلا أن هذه الصور والتعزيزات كانت خلال الحملة العسكرية التي شنها النظام على الجنوب السوري، ومنها ميليشيا النمر.
مصدر معارض أكد لـ”نون بوست” أن النظام نقل بعضًا من قواته في مراكز نقاطهم على خطوط التماس في محيط ريفي حلب الغربي والجنوبي وريف حماة الشمالي وريف إدلب الشرقي وريف اللاذقية الشمالي، لاستبدالهم بعناصر جدد حسب تعبيره، نافيًا الحملة الإعلامية التي يروج لها النظام وإعلامه عن الحملة العسكرية للسيطرة على إدلب.
النظام لا يمكنه أن يقوم بذلك إلا إذا أخذ الضوء الأخضر من روسيا الحليف المقرب له
وشهدت الأيام القليلة الماضية تحركات غريبة على خطوط النظام وانسحاب كامل لعناصر المخابرات الجوية من حي جمعية الزهراء، وتسليم المقرات والحواجز إلى عناصر لواء القدس، فيما توجهت عناصر المخابرات الجوية نحو مطار كويرس العسكري، وذكر ناشطون أن رتلين للمليشيات الشيعية وصلوا إلى المدينة الصناعية شمال حلب قادمين من شرقي سوريا، بينما قال موقع “باسينيوز” إن الوحدات الكردية وقوات النظام ستشارك في الحملة المرتقبة على إدلب، إلا أن مصدر معارض نفى لـ”نون بوست” ما تروج له الوحدات الكردية وقوات النظام عن الحملة المرتقبة على إدلب، إلا بتخلي الجانب التركي عن المنطقة.
هل يشن النظام عملية عسكرية على إدلب؟
كثر الحديث مؤخرًا عن حملة عسكرية يشنها النظام على مناطق المعارضة المسلحة شمالًا، إلا أن النظام لا يمكنه أن يقوم بذلك إلا إذا أخذ الضوء الأخضر من روسيا الحليف المقرب له، ولكن حليف المعارضة تركيا ما زالت تطمئنها من أجل مستقبل إدلب، وهذا ما كشفه اتصال هاتفي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
فيما قال مصدر معارض لـ”نون بوست”: “إذا عمدت قوات النظام إلى شن حملة عسكرية على المناطق المحررة فنحن بكامل جاهزيتنا للتصدي للحملة العسكرية ضد قوات النظام والميليشيات الموالية له، لأننا بتنا الآن أكثر تماسكًا على الصعيد العسكري واللوجستي، وحتى السياسي”، وأكد المصدر أن قوات المعارضة تُعَزز على خطوط التماس لصد أي هجمة محتملة على المنطقة، فيما يذكر أن فصائل المعارضة المسلحة في الشمال السوري عمدت مؤخرًا إلى تكوين جسم عسكري يضم كل الفصائل في المنطقة تحت اسم الجبهة الوطنية للتحرير، بدعم تركي.
إذا قررت قوات النظام شن حملة عسكرية على المناطق المحررة، فلن تكون المعركة له بالسهولة التي تلقاها في الجنوب نظرًا لتوحد المعارضة تحت جسم عسكري شامل
لكن ما يثير قلق السوريين المصالح الدولية التي تلتقي حيال أمر معين يمكن أن يضر بمصلحة السوريين من المعارضة وأمن مناطقهم، وعلى الصعيد السياسي تكون المعارضة أكثر ضعفًا نتيجة عدم تحملها لما يجري تحت الطاولة التي تجمع بين الدول نحو مصالحها، اتفاقات تخص سوريا، والفارق القوي بين المعارضة السياسية في الخارج والمعارضة في الداخل لنظرًا لتباعد الأهداف، ولكن ما يشكك في قيام النظام بحملة عسكرية على إدلب تصريح مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا إيجلاند بقوله: “سنطلب من تركيا مواصلة فتح حدودها إذا اندلعت معركة في إدلب”، هنا يمكننا القول: هل يوجد معركة؟
وإذا قررت قوات النظام شن حملة عسكرية على المناطق المحررة، فلن تكون المعركة له بالسهولة التي تلقاها في الجنوب نظرًا لتوحد المعارضة تحت جسم عسكري شامل، وخلال هذه الحملة يمكن أن يشهد الشمال السوري قصفًا مكثفًا من النظام يستمر لأشهر لتدمير تحصينات المعارضة المسلحة وإنشاء انقسامات بين المعارضة المسلحة والمدنية، وذلك من شأنه أن يصب في مصلحة النظام وميليشياته.