إذا تساءلنا، ما هي الفرصة الاستثمارية التي ما زال أكبر البنوك الأمريكية يراها في تركيا؟، فسنجد أن الجواب بسيط: المستهلك المحلي، فرغم استمرار أزمة الليرة التركية التي هوت بنسبة تجاوزت 70% على أساس سنوي، ما زال استهداف المستهلك المحلي في تركيا صنعةً رابحة حسب غولدمان ساكس (Goldman Sachs، أكبر البنوك الاستثمارية في العالم.
هذا مجرد تحليل، فتركيا ليست بالتأكيد السوق الأول ولا الثاني ولا العاشر للبنك العملاق، ولكن شيلا باتيل المديرة التنفيذية لإدارة الأصول في غولدمان ساكس، قالت إن الأزمة الحاليّة لليرة التركية ليست نهاية الطريق.
لفتت شيلا أنظار المستثمرين الخائفين من الآثار التجارية للأزمة على الاقتصادات الناشئة – مثل تركيا والصين والهند والبرازيل – إلى فرص النمو الهائلة في الهند مثلًا، حيث تخدم الشركات الهندية السوق المحلية، وأشارت أيضًا إلى فرص النمو في استهداف المستهلك الصيني.
المستهلك التركي ليس استثناءً أيضًا، ولكن الأزمة الحاليّة هي أزمة المال الساخن، أزمة المستثمرين الذين يشترون السندات الحكومية لليرة التركية لكسب الفائدة السنوية التي تزيد على 17% بقليل، وربما تزيد قريبًا حسب توقعات رويترز إلى أكثر من 19% بقليل.
أزمة تركيا قد تمتد إلى الأسواق الناشئة
هؤلاء المستثمرون يبيعون ما يملكون من السندات السيادية، حال حدوث عدم استقرار سياسي في الاقتصاد الناشئ الذي يستثمرون فيه، الأمر الذي ينعكس مباشرةً على العملة المحلية، ويؤثر سلبًا بتأثير الدومينو على باقي قطاعات الاقتصاد.
نصحت المسؤولة الكبيرة في غولدمان ساكس المستثمرين، باختيار الاستثمار الصحيح: هل تريد الاستثمار في السندات السيادية الهشّة حاليًّا أم الاستثمار في قطاعات تستهدف المستهلك الصيني أو المستهلك الهندي أو المستهلك التركي في سوق استهلاكي واعد؟
أي قلاقل في الاقتصاد التركي قد تؤثر على الأسواق الناشئة ككل
وحتى تكتمل الصورة، نشير إلى أن غولدمان ساكس يملك سلة استثمارية في الأسواق الناشئة تتضمن شركات عاملة في البرازيل وروسيا والهند والصين، سجّلت هذا الأسبوع 47% من هذه الشركات فقط أرباحًا.
فقد هبطت مؤشرات الأسواق الناشئة يوم الإثنين مع تفاقم أزمة الليرة التي زادت من قوة الدولار، ودفعت المستثمرين للفرار إلى أسواق نامية أكثر أمانًا، ورغم أن الشركات في سلة غولدمان ساكس غير مرتبطة مباشرة بتركيا، فإن أي قلاقل في الاقتصاد التركي قد تؤثر على الأسواق الناشئة ككل، وبالتالي على سلة غولدمان ساكس لهذه الأسواق.
غولدمان: كل ما تفعله تركيا خاطئ
إذا سُئِل غولدمان عن السياسات الاقتصادية لتركيا، فالجواب بسيط: كلها خاطئة.
في مقابلة مع شبكة بلومبيريغ، قال سام فنكلستاين مدير قسم الأسواق الناشئة في البنك الأمريكي العملاق: “ما تفعله تركيا مثير للغضب، فكل ما يفعلونه خاطئ”، وأحد هذه الأخطاء برأيه هي قرار البنك المركزي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير الشهر الماضي في وقت أُعلن فيه ارتفاع معدلات التضخم إلى أكثر من 15%.
يخشى مستثمرون دوليون من أن تركيا عرضة لخطر ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، خاصة مع تصاعد التضخم في أمريكا وتزايد عجز الحساب الجاري، الأمر الذي قد يعرض تركيا لفقدان المزيد من رؤوس الأموال الساخنة، ويعرض الليرة لمزيد من التدهور
يعتقد فنكلستاين أن الأسواق فقدت الثقة بالحكومة التركية بسبب تعيين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صهره في منصب كبير اقتصاديي البلاد (وزير الخزانة والمالية)، وبعد ذلك، لم يكن قرار تثبيت أسعار الفائدة إلا تأكيدًا لمخاوف الأسواق العالمية، مما أطلق الأزمة، ومما زاد الطين بلّةً بالتأكيد، المواجهة مع الولايات المتحدة وقرار الرئيس ترامب اختيار العقوبات على الحوار الدبلوماسي.
وفي خضم ذلك، ووسط عدم الاستقرار السياسي من ناحية العلاقات الخارجية، يخشى مستثمرون دوليون من أن تركيا عرضة لخطر ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، خاصة مع تصاعد التضخم في أمريكا وتزايد عجز الحساب الجاري، الأمر الذي قد يعرض تركيا لفقدان المزيد من رؤوس الأموال الساخنة، ويعرض الليرة لمزيد من التدهور.