عيد الأضحى.. مهن موسمية تنعش جيوب التونسيين

0bfd2598-b88f-4925-b922-21c782684243

حل شهر ذي الحجة، وحلت معه الخيرات والبركات، ففيه أيام عظيمة ينتظرها المسلمون في شتى أنحاء العالم كل سنة للتقرب من الله تعالى، كل وطريقته، وفيه عيد الأضحى المبارك؛ مبارك للبسطاء فهو فرصة للرزق وموسم للربح والرزق لضعاف الحال والعاطلين عن العمل.

عشرات المهن الموسمية تستوعب طاقات رجال ونساء عاطلين عن العمل يجدون في الأيام التي تسبق عيد الأضحى – أو ما يسمى أيضًا بـ”العيد الكبير” – موسم عمل ورزق، مهن تخلق أجواء احتفالية مميزة تنتشر في بداية شهر ذي الحجة وتختفي مع نهاية أيام العيد.

بيع التبن والعلف

أيام عيد الأضحى المبارك، أيام يستغلها الشباب العاطل عن العمل، حيث تزدهر مجموعة من المهن الموسمية المرتبطة بالأضحية التي توفر دخلًا معتبرًا لأصحابها يعينهم على قضاء أغراضهم الشخصية.

يحرص العديد من الشباب على مزاولة هذه المهن الموسمية بالقرب من محل سكنهم

في أثناء تجولك في مدن تونس المختلفة خاصة الكبرى منها (العاصمة – صفاقس -سوسة..) أول ما يشد انتباهك أكوام التبن والعلف المنتشرة في الشوارع ومداخل الأحياء والأسواق الشعبية وتقاطعات الشوارع والأزقة، ويتخذ عدد من الشباب من الأرصفة والساحات نقاطًا لبيع العلف المخصص لأضحية العيد.

ويمتد هذا العمل الموسمي ابتداءً من دخول قطيع الأغنام إلى الأسواق إلى غاية اليوم الأخير قبل العيد، ويقتني الشباب منذ بداية شهر ذي الحجة حزمًا من التبن والعلف ويتنافسون على بيعها، وجلب أكبر عدد من الزبائن، ويصل ثمن الحزمة إلى 5 دولارات.

تجارة الفحم وأغراض الشواء

يتفنن الشباب في تونس في استثمار هذه المناسبة بشكل جيد، ففضلًا عن بيع العلف، يزدهر بيع الفحم، ورغم أن أغلبية التونسيين يمتلكون الأفران الغازية والكهربائية سريعة الطهي فإنهم يلجأون إلى طهي لحم الأضاحي على الفحم في عادة تقليدية توارثوها أبًا عن جد.

ويؤكد التونسيون أن شواء لحم الأضحية لا يحلو إلا على الفحم، فهو يمنح اللحم طعمًا خاصًا، لذلك تنتشر نقاط بيع الفحم وآلات الشواء الصغيرة والكبيرة ومختلف العيدان الحديدية والخشبية التي توضع عليها قطع اللحم الصغيرة وتستعمل للشواء.

تنتشر عادات الشواء بشكل واسع عند التونسيين خلال فترة عيد الأضحى المبارك

يحرص العديد من الشباب على مزاولة هذه المهن الموسمية بالقرب من محل سكنهم في كل سنة بمناسبة اقتراب العيد، لجني قليل من المال يساعدهم على قضاء بعض حاجاتهم، في ظل تواصل بطالتهم وعدم تمكنهم من إيجاد شغل قار.

التوابل.. التجارة الرائجة

من المهن الرائجة في هذا الموسم أيضًا تجارة التوابل، فلإن كانت هذه التجارة موجودة على طول السنة، فإنها تشهد هذه الأيام رواجًا مهمًا، حيث تحرص الأسر التونسية على اقتناء مختلف صنوف التوابل لاستخدامها في تحضير وجبات خاصة مثل “العصبان”، وتجفيف اللحم تحت أشعة الشمس “القديد”، فضلًا عن أكلات أخرى تختلف من منطقة إلى أخرى، إذ تضيف إليها نكهة خاصة.

تشكل مواسم الأعياد الدينية والعطل فرص عمل موسمية لكسب الرزق لدى مئات الشباب العاطلين عن العمل في تونس

ويتفنن الباعة في وضع أكياس التوابل والبهارات من شتى الأصناف والأنواع التي عادة ما يقبل عليها التونسيون في هذه الأيام الكريمة، في شكل هرمي شُكلت قمته الحادة بعناية فائقة، ويستعرض باعة التوابل بزهو مخزون محلاتهم، منادين الزبائن بأعلى أصواتهم للشراء منهم.

الذبح والسلخ والتقطيع

يوم العيد يتنافس الشباب الذين خبروا كيفية ذبح الأضاحي مع الجزارين الذين يكثر عليهم الطلب في مثل هذا اليوم، في إيجاد زبون يذبحون أضحيته ويسلخونها، الكل يخرج صباحًا، خاصة في المدن، حاملين معهم عدة الذبح (سكاكين مختلفة الأحجام وعصا) يبحثون عن رزقهم بين الأزقة والأحياء.

تبدأ مهمة هذه الفئة في الصباح وتنتهي عشية اليوم الثالث من العيد، إذ يجهزون العتاد ويتوجهون رفقة مساعدين لهم إلى المنطقة التي ألفوا الاشتغال فيها، ومنهم من يتوفر على زبائن كثر، بحيث تتم عملية الذبح بعد الاتفاق على ثمن الخدمة مع صاحب الأضحية.

يتسابق الشباب للظفر بزبون يذبحون أضحيته خلال العيد

ومن الشباب من يمتهن مهنة الذبح فقط ويترك السلخ لمساعديه ربحًا للوقت، حتى يذبح لأكبر عدد ممكن، ومنهم من يمتهن الاثنين وحده حتى إن كلفه ذلك خسارة بعض الزبائن، فهو لا يثق في مساعديه لعدم معرفتهم بتفاصيل المهنة بشكل كافٍ يمكنهم من القيام بها على أحسن وجه.

بعد الانتهاء من الذبح صباح العيد، يبدأ القصابون في تقطيع لحم الأضاحي حسب الأولوية، معظم الأضاحي يقوم القصاب بتقطيع لحمها في المنازل، ويفضل العديد من التونسيين تقطيع لحم أضحيتهم بأنفسهم، حتى يشاركوا في عملية التضحية ولا تفوتهم فرحة العيد.

وتشكل مواسم الأعياد الدينية والعطل فرص عمل موسمية لكسب الرزق لدى مئات الشباب العاطلين عن العمل في تونس، في ظل غياب الوظائف في المؤسسات الحكومية والخاصة نتيجة سياسة التقشف التي تعتمدها الدولة والأزمة الاقتصادية التي تعيش على وقعها البلاد منذ سنوات.