يكاد يجمع المغاربة شعب وحكومة ومؤسسة ملكية، على وجود خلل كبير في الإدارة (مؤسسات الدولة العمومية)، ما ساهم في تراجع سلم التنمية وعرقلة النمو في المملكة، وهو ما حذر منه الملك محمد السادس مرات عدة، خلل حمّل المغاربة جزءًا مهمًا منه إلى الوزير المكلف بالإدارة، محمد بنعبد القادر، خاصة أنه ينتمي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (يسار)، المتهم بقيادة لوبي معرقل للإصلاح في البلاد.
ارتفاع شكاوى وتظلمات المغاربة من عدد من القطاعات العمومية
في تقريرها السنوي الذي يرفع للملك، هاجمت مؤسسة الوسيط الرسمية الإدارة المغربية، وكشفت سلوكيات عدد من المسؤولين الرسميين، مسجلة ارتفاع عدد الشكايات والمظالم من المواطنين مقارنة بتقرير سنة 2016.
وكشفت مؤسسة الوسيط أن رصدها المنتظم لما يجري في الإدارة المغربية، يوحي بسطوة السلطة واستمرار استعلاء بعض القيمين عليها واشتغالهم بمزاجية متجاوزة، وفق بيروقراطية لم تعد مقبولة ونمطية مفتقرة لكل مبرر.
وقالت المؤسسة: “وتيرة الارتقاء بالشأن الإداري لم تبلغ المأمول، على الرغم مما أعربت عنه الإدارة من إرادة الانتقال بممارستها إلى المشروع من تطلعات المرتفقين الذين من حقهم انكبابها على قضاياهم في حرص والسهر على تلبية حاجياتهم التي أضحت ملحة أمام ما يلاحظ من تعثر أو تقصير في عدد من الإدارات”.
وطالبت بـ”ضرورة إيقاظ الضمير اللامبالي لمن يتناسى أحيانًا ما تحتمه وما تقتضيه أمانة الشأن الإداري، فقطاعات إدارية تفرض إجراءات وتتمسك بالمساطر نفسها والمطالبة بوثائق عديدة، رغم أنه لا مرجعية قانونية أو تنظيمية لها، بل أحيانًا ليست ضرورية ويكون هناك من الوثائق ما يغني عنها”.
الإدارة المغربية ما زالت تعاني من التمركز المفرط
التقرير السنوي سجل ارتفاع شكاوى وتظلمات المغاربة من عدد من القطاعات العمومية؛ ذلك أنها عرفت ارتفاعًا بنسبة 10%، إذ تم تسجيل ما قدره 9378، منها 2713 شكوى تدخل ضمن اختصاصات المؤسسة، بينما سجل في التقرير الماضي ما مجموعه 2286 شكوى.
وتربعت وزارة الداخلية والجماعات الترابية على رأس القطاعات والإدارات العمومية صاحبة أعلى نسبة من المظالم، بعدد شكاوى بلغ 1056 شكوى، مقابل 839 في السنة السابقة، يليها قطاع الاقتصاد والمالية بمجموع 439 شكوى، ثم قطاع التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالمي والبحث العلمي بـ300 شكوى، وقطاع الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بـ151 شكوى، وسجل قطاع الشغل والإدماج المهني ارتفاعًا بـ136 شكوى، وقطاع الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة بـ119 شكوى، وقطاع التجهيز والنقل واللوجيسيك بـ109 شكاوى، وإدارة الدفاع الوطني بـ73 شكاية، ووزارة السكنى بـ58 شكوى.
وتفرعت القضايا “بين تظلمات من قرارات إدارية أضرت بالمعنيين بها، وبلغت 572 شكوى، أي بنسبة 21.11%، وطلبات تسوية الوضعيات المدنية والعسكرية، بما مجموعه 357 شكوى، وطلبات تسوية الوضعية الإدارية والمالية للموظفين بما مجموعه 202 شكوى، وتظلمات من استعمال الشطط في استعمال السلطة بما مجموعه 33 شكوى”.
الإدارة المغربية.. عائق حقيقي أمام تحقيق الديمقراطية والتنمية
تعقيبًا على هذا التقرير، الصادر في الـ13 من أغسطس/آب الحاليّ، قالت حبيبة الديواني مسؤولة عن الموارد البشرية بشركة مقاولات في المغرب لنون بوست: “من المؤسف حقًا أن الإدارة المغربية ما زالت تمثل عائقًا حقيقيًا أمام تحقيق الديمقراطية والتنمية، فأعطابها التاريخية ما زالت قائمة بل وسجلت عودة جديدة للسلطوية كما أكد ذلك التقرير السنوي لمؤسسة الوسيط”.
وأضافت الديواني في حديثها لنون بوست: “ما زلت الحكومة غارقة في عجز بنيوي عن الشروع في تنفيذ التوجهات الإستراتيجية في مجال إصلاح الإدارة، ويرجع هذا في اعتقادي إلى مسالة إسناد هذا القطاع لحليف غير مرحب به في التحالف الحكومي في ظل أغلبية مفككة سياسيًا وفكريًا وإنسانيًا، وتملص واضح للحزب الحاكم من مسؤوليته تجاه ملف شائك يعرقل بشكل عميق انخراط المغرب في مسار الدمقرطة واحترام الحقوق والحريات”.
عجز الحكومة يرجع أيضًا، وفق حبيبة إلى ”العديد من العوامل الأخرى المتعلقة بالكفاءة العلمية والسياسية التي تشكل عائقًا فعليًا أمام الوزير المكلف الذي لم يقدم إلى حدود الساعة رؤية عملية وإجرائية لتنفيذ الرؤية التي تضمنها البرنامج الحكومي ونص الدستور على مبادئها العامة”.
حبيبة الديواني مسؤولة عن الموارد البشرية في شركة مقاولات
أرجعت الديواني هذا الفشل في جزء منه إلى الوزير المكلف بالإدارة، وقالت في حديثها لنون بوست: “بعد أكثر من سنة، يمكن الجزم بأن حصيلة الوزير المكلف بالقطاع تتمثل أساسًا في إغراق وسائل الإعلام بالأوهام الإصلاحية عبر عقد شراكات تضليل إعلامي مع مجموعة من المواقع الإلكترونية وفبركة اللقاءات الحزبية ضد إرادة القواعد الساخطة على قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ورافضة للركوع السياسي الذي يجسده الوزير عبر التنفيذ الحرفي واللامشروط للاختيارات الاقتصادية اليمينية لحزب العدالة والتنمية التي تمثل منظومة التعاقد أحد أخطر وسائلها”.
وأكدت حبيبة أن الوزير ورط أعضاء المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية في مهام شكلية في ديوان دون تكليفات بـ”شكل يشوه مبادئ المنظمة التقدمية، ويشرع أبواب الانتهازية المقيتة ويكرس منظومة الولاء الاستعبادية، في الاتجاهين، نحو القاعدة بربط الالتزام الحزبي بالتوظيف غير المشروط بالكفاءة والاستحقاق ونحو القمة بمنح ابن الكاتب الأول للحزب مهمة مدير ديوان الوزير في قطاع يشكل إصلاحه الشغل الشاغل لرئيس الدولة من خلال الخطب الملكية”.
“جيل القديم لا يريد أن يموت، وجيل جديد لا يريد أن يولد”
لم تكن حبيبة الديواني الوحيدة التي حمّلت الإدارة مسؤولية عرقلة التنمية، فقد وافقها في ذلك أيضًا عبد الرحيم المنار أسليمي رئيس المركز الأطلسي للدراسات والتحاليل الأمنية، حيث قال لنون بوست: “بالعودة إلى تاريخ تطور الدولة المغربية منذ الاستقلال إلى اليوم يلاحظ أنه يوجد داخلها جسم يعوق التطور، هذا الجسم يسمى الإدارة”.
وتابع أسليمي بالقول: “الجسم الإداري يستعصي على الإصلاح رغم كل المحاولات التي بدلت في السنوات الأخيرة، وتوجد تفسيرات كثيرة للخلل الكبير الموجود في الإدارة المغربية منها حالة انتقال الأجيال الذي تعيشه منذ سنوات، فالجيل القديم المسؤول عن عقم الإدارة لا يريد أن يموت بينما لا يريد الجيل الإداري الجديد أن يولد”.
تعود الثقافة الإدارية للنخبة الإدارية الحاليّة إلى مرحلة ما بعد الاستقلال
يرى رئيس المركز الأطلسي للدراسات والتحاليل الأمنية، أن الإدارة ما زالت تعاني من التمركز المفرط والدليل على ذلك عدم خروج ميثاق اللاتركيز إلى الوجود لحد الآن، ووجود وزارة تسمى مرة بالوظيفة العمومية ومرة بتحديث القطاع لا تملك سلطة على فرض إصلاحات على الإدارة المغربية أو أن الذين يديرون هذه الوزارة لا يملكون مشروعًا لإحداث تغيير في الإدارة المغربية.
ويقول عبد الرحيم المنار أسليمي: “هذا الخلل في الإدارة يزداد مع انتقال شؤون الإشراف عليها إلى الحكومة الحزبية، فالأحزاب السياسية المكونة للأغلبية الحكومية باتت لها الهيمنة على توجيه الإدارة، حيث لم يفكر واضعو دستور 2011 في وضع حواجز دستورية بين الإدارة والحكومة الحزبية، فرئيس الحكومة الحاليّ أو السابق له حق التعيين في أكثر من ألف منصب مسؤول إداري، والملاحظ أنه مع إعطاء رئيس الحكومة صلاحية التعيين في مناصب بالإدارة المغربية تدهور الأداء الإداري بشكل أكبر”.
عبد الرحيم المنار أسليمي رئيس المركز الأطلسي للدراسات والتحاليل الأمنية
من مظاهر هذا التدهور في توجه الإدارات التي تشرف عليها الحكومة، يقول أسليمي، سماحهم لبعض الإدارات بالتعاقد مع خبراء، والخطير في الأمر أن الجيل القديم الذي يعد مسؤولاً عن مرض الإدارة المغربية، وكان يقاوم التغيير ويحارب الجيل الجديد، هو نفسه الذي تتعاقد معه الإدارة المغربية بعد وصوله سن التقاعد بصفة خبير، وهو ما يعرقل كل محاولات تحديث الإدارة وربطها بمسلسل التنمية، لذلك يحتاج المغرب إلى حدث كبير لتغيير عقلية وأدوات عمل الإدارة، وفق قوله.
أربعة محددات
أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس بالرباط المغربي عبد الحفيظ أدمنو، رأى أن لفهم دور ومكانة الإدارة في المغرب ودورها في التنمية وجب استحضار السياق الذي حكم تطور هذه الإدارة المحكومة اليوم بأربعة محددات.
المحدد الأول، وفق أدمنو، هو “المحدد المخزني الذي يفسر العديد من السلوكيات الإدارية التي تعود إلى مرحلة ما قبل الاستقلال والمتمثلة أساسًا في أن الإدارة جزء من السلطة السياسية”، أما المحدد الثاني فهو “المحدد الاستعماري حيث أنشأت فرنسا إدارة عصرية اعتمادًا على النموذج النابوليوني وتميزت بالسلطوية وطابعها البيروقراطي”.
ويقول الأستاذ المغربي إن المحدد الثالث هو “المرتبط بمرحلة ما بعد الاستقلال حيث تم الاعتماد على الإدارة العمومية في تحقيق التنمية من خلال تضخيم البنيات الإدارية والزيادة في عددها بداعي تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وهو ما يقدر ارتفاع عدد وحدات القطاع العام من مؤسسات عمومية ووكالات في جميع المجالات”.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس بالرباط المغربي عبد الحفيظ أدمنو
يرتبط المحدد الرابع بالمرحلة التي بدأت من مرحلة التقويم الهيكلي وخاصة التوجه نحو الخصخصة وتفكيك القطاع العام وتقليص العاملين في الإدارة العمومية، إلا أن هذا الواقع استمر إلى الْيَوْمَ، فالإدارة العمومية اليوم في جزء منها أصبحت تشكل عبئًا على الاقتصاد الوطني من خلال ارتفاع كتلة الأجور وتعقد الإجراءات والمساطر الإدارية والبيروقراطية.
وتعود الثقافة الإدارية للنخبة الإدارية الحاليّة إلى مرحلة ما بعد الاستقلال، وهو ما يفسر رفضها ومقاومتها لكل محاولات الإصلاح والتحديث، فالإدارة وفق أدمنو “ظلت في تبعية مطلقة للسياسيين من خلال خدمة الأجندة السياسية والحزبية، وهو ما يجعلها معرقلة لكل محاولات الإصلاح التي من شانها خدمة التنمية”.
الحاجة للفاعلية ورؤية جديدة
بدورها، أكدت الباحثة في الشؤون السياسية المغربية شريفة لموير، أن الإدارة المغربية محتاجة للفاعلية ورؤية جديدة بعيدًا عن منطق تسيس الإدارة الذي يقتل الديمقراطية، وقالت لومير في حديثها لنون بوست: “الإدارة المغربية تفتقد عنصر النجاعة، بسبب المحسوبية التي تحول دون تكريس معالم النزاهة التي تستند إلى عدالة القانون”، وتابعت “ما زالت هناك عوائق تحول دون دخول واستثمار كفاءات مغربية، يجعل من الإدارة المغربية إدارة مبادرة تواكب عالم المال والأعمال والمقاولة”.
واعتبرت الباحثة المغربية أن “الإدارة، هي الأداة التي من خلالها تقوم الدولة، بتنزيل خططها وبرامجها، والاستجابة لتطلعات السكان وتنزيل إستراتيجية الدولة في تحقيق النمو ودولة الرفاه، وتعزيز قوة الاقتصاد وتنافسيته، خاصة في مرحلة يريد المغرب الإقلاع بالإدارة المغربية وترسيخ الاختيار الديمقراطي”.
الباحثة في الشؤون السياسية المغربية شريفة لموير
تؤكد شريفة أن واقع الإدارة الآن “يعيق التنمية بدل أن تكون محركها والداعم لها لهذا يستلزم خطط استعجالية لإصلاحها، للأسف الوزير الحاليّ لا يملكها، فهو يروج لنفس الخطاب ونفس الشعارات التي يكررها مختلف الوزراء الذين تداولوا على قطاع الادارة العمومية وما زال الإصلاح مجرد اسم يطلق على الوزارة”.
وخص التعاقد الدستوري المغربي لسنة 2011، مكانة مهمة في الهندسة الدستورية للحكامة الجيدة، حيث خصص لها بابًا كاملاً وهو الباب الثاني عشر الذي يتكون من 17 فصلاً: من الفصل 154 إلى الفصل 171، ومن هنا تظهر الأهمية التي كرسها المشرع الدستوري لموضوع الحكامة باعتباره موضوعًا يفتح الباب نحو الديمقراطية السليمة التي هي عماد التشريعات، وتقوم على مبادئ عامة ترسخ الاختيار الديمقراطي الذي لا رجعة فيه، وفق عديد من المغاربة.
الاتحاد الاشتراكي في موقع التابعية ومشاركتهم محدودة التأثير
هذا الفشل الكبير في الإدارة المغربية، لئن أرجعه عديد من المغاربة إلى الوزير، فقد رأى آخرون أن هذا الفشل لا يرتبط بالوزير فقط بل بالحزب الذي ينتمي إليه وهو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (اليسار) الذي يشارك في حكومة سعد الدين العثماني بوزيرين منتدبين وكاتب دولة، حيث يتهم مغاربة هذا الحزب بقيادة لوبي معرقل للإصلاح في البلاد.
في هذا الشأن قالت خديجة القرياني عضو مكتب سياسي سابق في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لنون بوست: “يصعب وربما لا يستقيم التحدث عن مشاركة الاتحاد بمعنى مشاركة وازنة مدركة ومتحكمة في حساباتها، فمشاركة الاتحاد في الحكومة جاءت في ظرفية ضعف وملابسات معروفة وشارك الاتحاد كرقم هامشي في معادلة تتجاوزه وقبل فيها الاتحاد كل شيء اعتقادًا من قيادته بأن ذلك يمثل طوق النجاة الذي سيبقيه فوق الماء”.
يرى عديد من المغاربة أن محاربة الفساد ضرورة مركزية، دونها لا مجال لتفعيل الإصلاح
أكدت القرياني صعوبة تقييم مشاركة حزب الاتحاد في الحكومة، لكنها استدركت بالقول: “في رأيي في أحسن الأحوال الاتحاد ووزراء الاتحاد في موقع التابعية ومشاركتهم محدودة التأثير لا يمكن أن يقوموا بأعمال سياسية كما يفهم من مشاركة الأحزاب السياسية، هي أعمال تقنية تسييرية يمكن أن يقوم بها أي نظراء للمديريات بكل يسر وبالتالي ليست هناك أي بصمة سياسية قد تذكرك بالاتحاد كما انطبع في وجدان وعقول المغاربة من قبل”.
فيما يخص إصلاح الإدارة، قالت القيادية الاتحادية السابقة: “كثيرًا ما نسمع عن مبادرات لا تأثير لها لا على المردودية ولا على إعادة الانتشار، فالاتحاد غادرته الأطر الكبرى الجامعية وما تبقى الآن تسند له المسؤوليات في إطار الترضيات والولاءات والغنائم والصلات العائلية والابتزازات والزبونية”.
اتحاد لشكر معرقل للتطور السياسي والإصلاح
في حديثها لنون بوست أكدت خديجة القرياني “الاتحاد بالإخراج والتنظيم والقيادة الحاليّة لا يمكنه لا القيام بالمبادرة ولا بتحسين أو الدفاع عما تبقى عنده، فهو في وضع بائس والغريب في الأمر أنه للأسف عوض أن تكون قيادته مستشعرة بالوضع الحاليّ وأن تشعر بالقلق، فقد أصبحت تشعر بالانتشاء كأنه يحس بتمكنه من إنجاز المهمة التي أوكلت له من طرف خصوم الاتحاد”.
تعقيبًا على الاتهامات الصادرة في حق الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر واتهامه بقيادة لوبي معادٍ ومعرقل للإصلاح في المغرب، قالت خديجة القرياني: “فعلاً المتتبع للوضع الحكومي والوضع السياسي اليوم يلاحظ أن لشكر معرقل لعمل الحكومة، فهو يقوم بدور غير واضح سياسيًا، فهو يساهم في حكومة بثلاث وزراء مما يفترض أن يلتزم بمنطق التضامن الحكومي، إلا أنه خاضع لتوجهات أطراف نافذة”.
تتابع، “لشكر بقراره المشاركة يكون قد عمل عمد إلى إدخال ضبابية كبيرة في الحقل السياسي وذلك بخلط الأوراق بشكل غير مفهوم، فهو يسار بجانب ليبراليين متوحشين، ويعمل بذلك بشكل تجاوز الأخلاقيات السياسية التي كنا ندفع وندافع عنها أي بخلق قطبية معقولة في البلاد”.
خديجة القرياني عضو مكتب سياسي سابق في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
أضافت القرياني في حديثها لنون: “لشكر لا يلعب اللعبة بشكل واضح ونظيف، حيث كان منتظر أن يكون الفاعل السياسي المنتمي للاتحاد الاشتراكي بهذه المرحلة في معارضة لأوضاع الفساد ومعارضة للانحراف الديمقراطي، لكن عوض ذلك أصبح الاتحاد يعكس هذه الأوضاع، فقائده مفسد فقد أصبح مع المحاكمات السياسية وبوقًا ضد التنظيمات الحقوقية وضد المطالب الاجتماعية، فبعد أن كان ينعت حكومة العدالة والتنمية بانعدام الكفاءة واللابرنامج، شارك الآن مع نفس هذه الوجوه في نفس الرؤى في غياب الحد الأدنى لأي أرضية تعاقدية”.
وأكدت العضوة السابقة للاتحاد في نهاية كلامها أن “حزب لشكر الآن حزب ميت، ووجب التميز بالاتحاد كما تربينا عليه وكما عرفناه وكما خلق من رحم المجتمع المغربي، فذلك لا يمكن أن يموت كفكرة، إلا أن اتحاد لشكر بتنظيمه الحاليّ هو فعلاً ميت، ومناضلو الحزب في انتظار انبعاث حزبهم كما عرفوه والحزب لا يمكن أن ينبعث من خلال نسيجه القيادي الحاليّ”.
يرى عديد من المغاربة أن محاربة الفساد ضرورة مركزية، دونها لا مجال لتفعيل الإصلاح الذي يتم عبر تكريس قيم الحكامة الجيدة، ومواجهة كل أشكال العبث الحكومي بأحكام الدستور، فالسياسات العمومية توضح بكون أحزاب التحالف الحكومي، ولأكثر من 7 سنوات، نجدها عاجزة عن مواجهة هذه المعضلة، وفق قولهم.