كان لصعود الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد للحكم في فبراير 1979 فأل خير على ربيع جزائري متميز من جميع النواحي الفنية (بروز نجم فنانين شباب و ربيع غناء الراي الرومانسي الجزائري – الشاب حسني + الشاب خالد + الشاب نصرو + الشاب مامي….) و ثقافي ( إشعاعات منتديات الفكر الإسلامي و منتديات مدرسة مالك بن نبي الثقافية و نوادي الشعر و الفكر الجزائرية ) و سياسي ( إنفتاح سياسي شامل بدئا بربيع الإسلاميين الجزائريين و الربيع الأمازيغي الجزائري و إنفتاح النظام السياسي و إطلاق المجال للحريات العامة ) إقتصادي ( حالة إستقرار و رخاء و إعتدال إقتصادي مع توفر المواد الأساسية في السوق و إستفادة الجزائر من دخول السلع و خروجها مع حدود جيرانها ) فالكل استفاد و ربح مع “أب الديمقراطية الجزائرية “.
الشاذلي بن جديد كما كان يطلق عليه من طرف بعض المؤرخين السياسيين ؛ فتحتم و كان لزاما أن يستفيد الجميع من هذا الربيع الذي كان ربيعا للفنانين و المثقفين و الإسلاميين و العلمانيين و الأمازيغيين و بما أن الرياضة جزء من هذا الشعب الجزائري الذي صنع ربيعه الخاص به فإن الرياضة الجزائرية عاشت 12 سنة من النجاحات المدوية التي بقيت خالدة في ذاكرة المواطن الجزائري و العربي.
واكب هذا الربيع الرياضي تألق على جميع المستويات حيث فازت شبيبة القبائل بدوري أبطال إفريقيا 1981 ؛ ثم الإنطلاقة الصاروخية لكرة اليد الجزائرية بفوزها بخماسية متتالية تاريخية لكأس إفريقيا لكرة اليد
حيث كانت الإنطلاقة مع الفوز التاريخي للمنتخب الجزائري على نظيره المغربي في الدار البيضاء بخمسة أهداف لواحد دجنبر 1979 في إطار إقصائيات الألعاب الأولمبية موسكو 1980 و بلوغ الدور الربع النهائي لتلك الدورة و كذلك في كأس العالم للشباب اليابان 1979 وصل المنتخب الجزائري للدور الربع النهائي بعد أن فاز بكأس إفريقيا للشباب 1979 ثم الوصول لنهائي كأس إفريقيا نيجيريا 1980 حيث اختير المنتخب الجزائري كأفضل منتخب إفريقي لسنوات 1980و 1981 و 1982 ثم التأهل التاريخي لكأس العالم إسبانيا 1982 و الفوز التاريخي على ألمانيا الغربية هدفين لواحد و على الشيلي ثلاثة أهداف لإثنين مع مرارة الإقصاء بعد مؤامرة النمسا ألمانيا مما إضطر الإتحاد الدولي لكرة القدم لاتخاذ قرار لعب المباريات الأخيرة لدور المجموعات في نفس التوقيت .
وقد واكب هذا الربيع الرياضي تألق على جميع المستويات حيث فازت شبيبة القبائل بدوري أبطال إفريقيا 1981 ؛ هذا التتويج الذي جاء مواكبا للربيع الأمازيغي آنذاك ؛ ثم الإنطلاقة الصاروخية لكرة اليد الجزائرية بفوزها بخماسية متتالية تاريخية لكأس إفريقيا لكرة اليد سنوات 1981 و 1983 و 1985 و 1987 و 1989 ثم إحتلال المرتبة الثانية في بطولة 1991 ؛ و مواكبة لذلك فوز مصطفى موسى و محمد زاوي بميداليتين برونزيتين في أولمبياد لوس أنجلس 1984 و كذلك سندا لهذه الإنجازات فوز منتخب كرة القدم بذهبية ألعاب البحر الأبيض المتوسط 1987 و تصدر الواجهة الإفريقية بفوز وفاق سطيف بكأس أبطال إفريقيا 1988.
حيث كانت هذه السنة مثالية للجزائر على جميع الصعد بتنظيمها للقمة العربية و إعلان ياسر عرفات قيام دولة فلسطين و عاصمتها القدس الشريف من قلب العاصمة الجزائر إضافة إلى إجتماع زرالدة الشهير للقادة المغاربيين الخمسة و تأسيس إتحاد المغرب العربي في 17 فبراير 1989 حيث من غريب الصدف لهذا الإتحاد السياسي أن كان الجواب بالواقع الرياضي في توافق طبيعي غريب بوصول مولودية وهران الجزائري و الرجاء البيضاوي المغربي لنهائي دوري أبطال إفريقيا 1989 و فوز شبيبة القبائل بكأس أبطال إفريقيا 1990.
ختمت عشرية الشاذلي بن جديد ببطولة العالم لألعاب القوى بطوكيو 1991 حيث حصلت الجزائر على الذهب عبر ميدالية ذهبية لنور الدين مرسلي في سباق 1500 متر ذكور و ميدالية ذهبية أخرى لحسيبة بولمرقة في سباق 1500 متر إناث .
ليتوج الشعب الجزائري عشريته بفوز تاريخي لمنتخبه بكأس إفريقيا لكرة القدم 1990 فوق أرضه و أمام جمهوره في رد للدين لنيجيريا في نهائي 1980 بنيجيريا في فرح مغاربي مغاير لما يعانيه المشرق و الخليج من أزمات آنذاك حيث دخلت الإحتفالية الجزائرية في كرنفال إحتفالي إنتفاضي مفتوح إختلطت فيه الرياضة بالسياسة بصناعة الفن حيث من بين المستغربات أن الجماهير الجزائرية كانت ترفع في ملاعبها شعارات تمهد لوصول الإسلاميين للحكم مثل شعار ” الجيش الشعب معاك يا مدني ” نسبة لرئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ آنذاك الدكتور عباسي مدني .
لتختتم عشرية الشاذلي بن جديد ببطولة العالم لألعاب القوى بطوكيو 1991 حيث حصلت الجزائر على الذهب عبر ميدالية ذهبية لنور الدين مرسلي في سباق 1500 متر ذكور و ميدالية ذهبية أخرى لحسيبة بولمرقة في سباق 1500 متر إناث .
لتختم بعدها ببضعة أشهر مرحلة الشاذلي بن جديد و يدفعه العسكر للتنحي عن السلطة في يناير كانون الثاني 1992 بعدما أوقف الجنرالات المسار الديمقراطي الإنتخابي الذي جاء بالإسلاميين في 26 ديسمبر 1991 و إنقلبوا على كل مظاهر الربيع الجزائري التاريخي حتى أن نور الدين مرسلي المرشح للفوز بذهبية أولمبياد برشلونة 1992 بعدما فاز بذهبية طوكيو 1991 إحتل المركز السابع في أولمبياد برشلونة و هو مافسره كثير من المحللين بأنه رد رياضي سياسي من مرسلي على الإنقلاب العسكري و بأن مرسلي لم يرد أن يعطي للعسكر فرصة فرحة إنجاز يقوم بتجييرها لتبييض مرحلة حكمه العسكري الإنقلابي و الدليل في ذلك هو فوز مرسلي بذهبية أولمبياد أطلنطا 1996 رغم كبره في السن و ظهور منافسين جدد ، حيث حظي بعد هذا الإنجاز بتكريم الرئيس زروال له آنذاك ؛ و هذا ما أدى ببعض الأقلام الصحفية المسخرة للعسكر بإتهامه بعلاقته بالشاذلي بن جديد و إنخراطه في الجبهة الإسلامية للإنقاذ في تكرار مقلوب لنفس قصة أبو تريكة في مصر .
بإغتيال الديمقراطية و إيقاف المسار الإنتخابي ثم إغتيال الرئيس بوضياف إلى كارثة إغتيال ملك الراي الرومانسي الشاب حسني في 29 سبتمبر 1994 و إغتيال رمز الربيع الأمازيغي الجزائري الفنان الشهير” المعطوب الوناس ” والشاب الديمقراطي الحديث المهندس” عبد القادر حشاني ” في يونيو 1998
كل هذه العشرية الرائعة تمت محاولة محوها في العشرية السوداء بمحاولة محو رموز و أيقونات الربيع الجزائري من منتخب إلى عدائين و رياضيين سحبوا البساط الشعبي من يد العسكر و المؤسسات التقليدية اللاديمقراطية فتم اغتيال ربيع الجزائر بكل رموزه و إشاراته.
بدئا بإغتيال الديمقراطية و إيقاف المسار الإنتخابي ثم إغتيال الرئيس بوضياف إلى كارثة إغتيال ملك الراي الرومانسي الشاب حسني في 29 سبتمبر 1994 و إغتيال رمز الربيع الأمازيغي الجزائري الفنان الشهير” المعطوب الوناس ” والشاب الديمقراطي الحديث المهندس” عبد القادر حشاني ” في يونيو 1998 ( هذا الأخير الذي كان والده المجاهد إبراهيم حشاني أول أمين عام لمنظمة المجاهدين الجزائرية صاحبة التاريخ الرائع في الكفاح ضد الإستعمار الفرنسي ).
إضافة إلى إغتيال مثقفين و فنانين و مسرحيين آخرين في مرحلة سوداء لم تنهض بعدها الجزائر إلا بعد عشرين سنة و وصول المنتخب الجزائري لنهائيات كأس العالم جنوب إفريقيا 2010 بعد وئام مدني و مصالحات إجتماعية هدأت الأوضاع في إنتظار المحاكمة و المحاسبة التاريخية في قراءة ديمقراطية لرد الإعتبار لعشرية ربيعية تصدرت فيها الجزائر المشهد العربي و الإسلامي و تسيدت فيها الزمن القاري في مرحلة تميزت بتفكك الإتحاد السوفياتي الذي كان يعتبر الجزائر حديقة خلفية لإيديولوجيته ، و تأزم الخليج الذي إعتبر الجزائر حقل تجارب و مزرعة لأفكاره ، و غرق فرنسا ميتران في فضائحها الداخلية و صعود القطبية الواحدة برعاية الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث تآمرت كل هذه القوى على ربيع جزائري كان قادرا على الإختراق و إحداث الفارق الحضاري و التوازن الإنجازي العالمي .