لم يكن يوما سعيد ذلك اليوم الذي أعلنت فيه المحكمة العسكرية بتونس الأحكام الصادرة في قضايا شهداء الثورة وجرحها التي تراوحت بين 3 سنوات سجنا وعدم سماع الدعوى.. انطلقت التصريحات والبيانات الرافضة والمذهولة-في كثيرا من الأحيان- كالرصاص.. “الأحكام الصادرة كانت غير منتظرة وصادمة للشعور العام” هكذا قال الرئيس التونسي على لسان الناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية، المرزوقي استغرب من قرار المحكمة خاصة بالنسبة للمتهمين الذين توفرت قرائن إدانة واضحة ضدهم -على حد وصفه- ، المتهمون الذين رأت فيهم عضوة “هيئة الدفاع عن شهداء الثورة وجرحاها” جوهر صفقة سياسية – لم تذكر أطرافها – “أضاعت الثورة” ورمت باستحقاقاتها عرض الحائط
تأتي هذه التصريحات في ظل حالة من الاحتقان الشديد – وصلت حد الاشتباك بالأيدي- أمام مقر المحكمة العسكرية بالعاصمة بين عائلات المتهمين في قضايا القتل وأهالي الشهداء والجرحى الذين استسلموا للصدمة والذهول ولسان الحال يقول ” ذهب حق الشهيد.. فإلى أين نحن ذاهبون ؟؟ ” .. أهالي الضحايا أكدوا أنهم مستعدون للتصعيد ، كما فعلوها قبل سنوات مع “الحاضر الغائب” زين العابدين بن علي في ساحات الحرية والتغيير حيث ولد وطن جديد بملامح جديدة وعيون حالمة بزمن جميل قادم ، سلبه المتربصون بالربيع العربي في الداخل والخارج
شبكات التواصل الاجتماعي لم تخلوا من “التهكم الحزين” ، حيث تراوحت بين المهنئين -تهكما- لنظام بن علي بـ”البياض المتعاظم” وبين الساخرين من الحال الذي عرى للشعب مدى “انتهازية” طائفة واسعة من النخبة السياسية التونسية التي التزمت الهدوء حيال الأحكام المخففة -حد اعتبارها رمزية –
ربما « تجمدت ” «ثورة الياسمين» أو أن بعض ثوارها قد انتابهم الصقيع بعد إسقاط حكومة حمادي الجبالي وعلي العريض – اللاتي كنتا تستندا للشرعية الانتخابية- تحت عناوين حزبية قدمت الإسلاميين بصورة “العاجزين” لتأسيس نموذج دولة مدنية ديمقراطية في إطار فوضى إعلامية وحملات تشويش متسمرة
تونس الدولة العربية الصغيرة حجما ومساحة التي ألهمت مصر والدول العربية الأخرى التي يرى الكثير أن تجربتها الديمقراطية قد نجحت نسبيا -رغم الانتكاسات- في ظل ملف مصري مضطرب بما حواه من جدل أعقب الانقلاب وتحديات أمنية في الجارة ليبيا إلى جانب سوريا التي لم يزهر ربيعها رغم دخول الثورة عامها الرابع .. مخاض عسير إذن هو الذي يواجه تونس لتحقيق أهداف ثورتها بعد4 سنوات مظلمة تحت حكم بن علي أورثت اللاحقين ملفات وقضايا حبلى بالألغام.