يترقب سكان قطاع غزة بشيء من التفاؤل الحذر إعلان نتائج المباحثات الجارية في القاهرة بشأن تهدئة طويلة الأمد بين فصائل المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي برعاية وتوسط جهاز المخابرات المصرية ومنسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، التي توقفت مؤقتًا في أثناء عطلة عيد الأضحى، ومن المتوقع بحسب ما ذكرته مصادر فلسطينية ومصرية إعلانها عقب انتهاء عطلة العيد وذلك بعد أن يتم وضع اللمسات الأخيرة عليها في ظل وجود وفود من الفصائل الفلسطينية في القاهرة، بما فيها حركة فتح.
تصريحات القيادة الحمساوية حملت مؤشرات إيجابية تدلل على نجاح مباحثات التهدئة، فنائب رئيس حركة حماس بقطاع غزة خليل الحية قال: “الجهود المصرية والأممية والقطرية الرامية إلى إتمام اتفاق تهدئة مع “إسرائيل”، وصلت إلى مراحلها النهائية”، وأضاف: “الحديث في اتفاق التهدئة قائم على تفاهمات العام 2014، والأيام القادمة ستكون شبه نهائية في مراحل ترسيم الاتفاق الموقع”.
قائد حماس في قطاع غزة يحيى السنوار بدا على ملامحه الارتياح عند مخاطبته للشبان المشاركين بفعاليات مسيرات العودة شرق خانيونس في جمعة “ثوار من أجل القدس والأقصى”
فيما جاء خطاب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية أكثر استبشارًا وتأكيدًا على اقتراب فك الحصار عن قطاع غزة قائلًا خلال خطبة عيد الأضحى في ساحة السرايا وسط مدينة غزة: “إننا نسير إن شاء الله في طريقنا نحو إنهاء الحصار الظالم عن غزة دون التخلي عن الثوابت الوطنية وحق العودة وعن أرض فلسطين، وهذا ليس تفضلاً من المحتل ولا منة من أحد، بل ثمرة لصمودكم ومقاومتكم وشهدائكم وجراحاتكم”، وأضاف في خطبته “أستشعر في هذا العيد أن هناك خيرًا قادمًا إن شاء الله لشعبنا، ونحن بتنا قاب قوسين أو أدنى من طي صفحة هذا الحصار الظالم بعز عزيز أو ذل ذليل”.
أما قائد حماس في قطاع غزة يحيى السنوار بدا على ملامحه الارتياح عند مخاطبته للشبان المشاركين بفعاليات مسيرات العودة شرق خانيونس في جمعة “ثوار من أجل القدس والأقصى” قائلًا: “إلي بيراهن عليكم بيفلح وبينجح وبيحقق أهدافه” في إشارة واضحة منه إلى أن المسيرات تؤتي النتائج السياسية المرجوة منها، وكان القيادي بحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين إبراهيم النجار قد توجه في نفس الجمعة بالتحية والتقدير للجماهير الحاشدة التي شاركت في الفعاليات، وقال: “هذه المسيرات المباركة حققت نتائج مهمة، بل وبالغة الأهمية”، مبينًا أنها تدفع بقوة في اتجاه كسر الحصار عن غزة.
المخابرات المصرية أبلغت بموافقة إسرائيلية على غالبية المطالب الفلسطينية، وذكرت الصحيفة أن نسبة التوافق على الصيغة المقترحة لاتفاق التهدئة بين المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي وصلت إلى ما يقارب 80%
مصادر فلسطينية مطلعة قالت إن غالبية الفصائل الفلسطينية الموجودة في القاهرة وافقت على التهدئة المحتملة بين قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي باستثناء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حيث رفض وفدها التهدئة وأكد أن الأولوية يجب أن تكون للمصالحة قبل التهدئة، في الوقت الذي أكد فيه عزت الرشق القيادي في حركة حماس حرص حركته على أن تكون كل خطوات جولة المشاورات مع الفصائل الفلسطينية عن التهدئة والمصالحة متخذة بالإطار الوطني.
وقد جاء تأخير إعلان نتائج مباحثات الهدنة بحسب ما صرح به المتحدث باسم لجان المقاومة محمد البريم “أبو مجاهد” انتظارًا لرد حركة فتح بالخصوص، قائلًا: “لو أرادت فصائل المقاومة في القاهرة، أن تعطي ردًا نهائيًا باتجاه موضوع التهدئة دون حركة فتح، لأعلن الاتفاق قبل عيد الأضحى”.
تصريح المتحدث باسم لجان المقاومة يفهم منه أن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي قد توصلا عبر الوسطاء بينهم إلى إنجاز الاتفاق بصيغة يمكن إعلانها، وأن التأخير يتعلق بالداخل الفلسطيني وليس بموقف الطرف الإسرائيلي، صحيفة الأخبار اللبنانية في عددها الصادر يوم الجمعة 24 من أغسطس 2018 نقلت عن مصادر مطلعة أن المخابرات المصرية أبلغت بموافقة إسرائيلية على غالبية المطالب الفلسطينية، وذكرت الصحيفة أن نسبة التوافق على الصيغة المقترحة لاتفاق التهدئة بين المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي وصلت إلى ما يقارب 80% بعد ترسيخ بنود مهمة في الاتفاق.
الأيام الماضية في قطاع غزة كانت هادئة ولكن ليس إلى ذلك الحد الذي يبعث الطمأنينة المطلقة في صدور سكانه، فطائرات الاستطلاع لم تفارق سماء القطاع مع دخول طيران حربي الأجواء بين فينة وأخرى، واستمرار وجود حشود جيش الاحتلال الإسرائيلي على الحدود وخاصة في المناطق التي يتوجه إليها المتظاهرون في مسيرات العودة وكسر الحصار، إضافة إلى العملية البطولية التي نفذها الاستشهادي هاني المجدلاوي على شاطئ بحر زيكيم التي استمر فيها الاشتباك المسلح بينه وبين قوات الجيش الاحتلال الإسرائيلي إلى ما يقرب ساعة من الزمن.
ودعت الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار أهالي غزة الجمعة الماضية، للمشاركة الفعالة في جمعة “الوفاء للطواقم الطبية والإعلامية” بمخيمات العودة، مؤكدة مواصلة المسيرات حتى تحقيق جميع أهدافها وعلى رأسها إنهاء حصار غزة وإسقاط صفقة القرن، إلا أنه ورغم ذلك بقي الهدوء سيد الموقف ولم تشهد أيام العيد أي غارات جوية أو أعمال عسكرية.
ما زالت فعاليات مسيرات العودة وكسر الحصار مستمرة في قطاع غزة منذ 22 أسبوعًا على التوالي، وأدى قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي الدموي للمشاركين فيها وفق إحصائية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية إلى ارتقاء 180 شهيدًا منهم 27 طفلًا و3 إناث و3 مسعفين وصحفيان
يأمل الغزيون الذين انطلقوا إلى مناطق التماس مع الاحتلال الإسرائيلي في 30 من مارس 2018 تحت ضغط الحصار والأزمات الخانقة، واستطاعوا أن يطوروا وسائل احتجاج سلمية متعدد منها البالونات الحارقة التي تسببت في حرق مئات الدونمات الزراعية في الداخل المحتل وكبدت العدو خسائر اقتصادية فادحة، في أن تسفر المفاوضات عن إبرام اتفاق تهدئة يرفع الحصار المفروض عليهم منذ 12 عامًا وإنجاز المصالحة الفلسطينية وتحسين الظروف المعيشية في القطاع.
فوفقًا لتقارير إعلامية، فإن مقترح التسوية يقضي في المرحلة الأولى برفع القيود عن معبر كرم أبو سالم وتوسيع مساحة الصيد، في موازاة وقف إطلاق النار من القطاع ووقف إطلاق البالونات الحارقة، وتقضي المرحلة الثانية بإجراء مفاوضات غير مباشرة بين “إسرائيل” وحماس بشأن تبادل أسرى، مقابل دفع مشاريع إنسانية في غزة بتمويل من المجتمع الدولي.
من الجدير بالذكر أن فعاليات مسيرات العودة وكسر الحصار مستمرة في قطاع غزة منذ 22 أسبوعًا على التوالي، وأدى قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي الدموي للمشاركين فيها وفق إحصائية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية إلى ارتقاء 180 شهيدًا منهم 27 طفلًا و3 إناث و3 مسعفين وصحفيان، فيما وصل عدد الجرحى لأكثر من 18 ألف مصاب بجراح مختلفة، وأعادت فعاليات مسيرات العودة وكسر الحصار القضية الفلسطينية إلى الواجهة الدولية واستطاعت شغل الرأي العام العالمي، في ظل محاولات بعض الأطراف ومنها أطراف عربية طمسها وتصفيتها.