انفجرت أمس الإثنين أزمة جديدة بين محمد صلاح اللاعب المصري المحترف في صفوف ليفربول الإنجليزي، والاتحاد المصري لكرة القدم، وصلت إلى حد التراشق اللفظي وتبادل الاتهامات واللعب بورقة الجماهير، ما جعل عشاق الكرة المصرية ينتظرون بين الحين والآخر إعلان صلاح اعتزال اللعب الدولي الذي يبدو أنه قريب أكثر من أي وقت مضى.
قبل الإثنين بشهور
صحيح أن الأزمة بين صلاح واتحاد الكرة انفجرت أمس، لكن مقدمات تلك الأزمة بدأت قبل ذلك بشهور، تحديدًا في نهاية أبريل الماضي، عندما فاجأ اللاعب المصري الجميع بتغريدة عبّر فيها عن غضبه من اتحاد الكرة، قائلًا: “بكل أسف طريقة التعامل فيها إهانة كبيرة جدًا، كنت أتمنى التعامل يكون أرقى من كدا”.
بكل أسف طريقة التعامل فيها إهانة كبيرة جدًا.. كنت أتمنى التعامل يكون أرقى من كدا…
— Mohamed Salah (@MoSalah) April 29, 2018
سر غضب صلاح آنذاك يعود إلى استغلال اتحاد الكرة حقوق اللاعب المالية والأدبية والإعلانية، ووضع صورته دون إذنه على إعلان خاص بالشركة المصرية للاتصالات WE، وعلى طائرة منتخب مصر، مما سبّب أزمة كبيرة بين اللاعب وناديه الإنجليزي الذي اعتبر ذلك انتهاكًا لحقوق الرعاية الخاصة به.
حاول صلاح حل الأمر وديًا دون جدوى، فاضطر إلى “تويتر” الذي اشتعل بعد ساعات قليلة، وانهالت آلاف التغريدات المهاجمة لاتحاد الكرة والمنظومة الرياضية والسياسية بضراوة، متهمين النظام بالاستغلال المادي لمعشوقهم الكروي الأول هداف الدوري الإنجليزي في الموسم الماضي. وبعد ضغوط الجماهير، تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي وأصدر توجيهاته لاتحاد الكرة بحل أزمة نجم المنتخب في أسرع وقت، ووعد الاتحاد بإنهاء الأمر.
أزمة قديروف
لم تكد تنتهي أزمة استغلال صور صلاح، حتى تجددت أزمة أخرى أشد وطأة خلال بطولة كأس العالم الماضية التي أُقيمت في روسيا يونيو الماضي، حينما أقدم رمضان قديروف رئيس جمهورية الشيشان المتهم بجرائم ضد الإنسانية، على إقامة مأدبة وداع للمنتخب المصري بعد خروجه من البطولة، ومنح صلاح وسام المواطن الفخري.
مأدبة الوداع تحولت إلى مأدبة صراخ في الصحف الإنجليزية اليوم التالي، حيث اتهمت صلاح بدعم سياسي مشبوه، مما وضع اللاعب في موقف محرج للغاية، وأشارت أصابع الاتهام إلى اتحاد الكرة ومن خلفه النظام المصري الذي قيل وقتها إنه أجبر جميع اللاعبين على حضور ذلك اللقاء، وبينهم صلاح بالطبع.
آنذاك، نشرت شبكة “سي إن إن” تقريرًا قالت فيه إن صلاح قد يفكر في الاعتزال الدولي بسبب استخدامه في صورة سياسية، بعدما منحه رئيس الشيشان رمضان قديروف حق المواطنة الشيشانية، واستطاع الطرفان، صلاح واتحاد الكرة، تجاوز تلك الأزمة أيضًا، لكن بقي ما هو أكبر تحت الرماد.
تجدد الصراع
الطبيعي أن أي اتحاد كرة يسعى لحل مشاكل لاعبيه حتى يوفروا له الراحة.. لكن في الحقيقة ما أراه عكس ذلك تمامًا.. ليس من الطبيعي أن يتم تجاهل رسائلي ورسائل المحامي الخاص بي … لا أدري لماذا كل هذا؟ أليس لديكم الوقت الكافي للرد علينا؟!
— Mohamed Salah (@MoSalah) August 26, 2018
مساء أول أمس الأحد، جدد صلاح هجومه على اتحاد الكرة بنبرة شديدة اللهجة، مغردًا على “تويتر”: “الطبيعي أن أي اتحاد كرة يسعى لحل مشاكل لاعبيه حتى يوفروا له الراحة.. لكن في الحقيقة ما أراه عكس ذلك تمامًا.. ليس من الطبيعي أن يتم تجاهل رسائلي ورسائل المحامي الخاص بي … لا أدري لماذا كل هذا؟ أليس لديكم الوقت الكافي للرد علينا؟!”.
تغريدة صلاح أشعلت تويتر مجددًا، لكن هذه المرة لم يكن يعلم أحد سبب ثورة صلاح، ومع تصاعد الهجوم على اتحاد الكرة، اضطر الأخير لكشف كل شيء.
البيان “المزور”
بعد ساعات من تغريدة صلاح، تداولت عدة وسائل إعلامية ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، بيانًا قيل إنه لاتحاد الكرة المصري ردًا على هجوم صلاح. البيان الذي حمل توقيع رئيس الاتحاد هاني أبو ريدة، هاجم صلاح بضراوة، ولقبه بـ”المدعو”، وأعلن إحالته إلى لجنة الانضباط. لكن بعد الهجوم الضاري على الاتحاد، نشر الأخير توضيحًا نفى فيه إصداره لهذا البيان جملةً وتفصيلًا، وهو الأمر الذي سيكذبه صلاح فيما بعد.
https://twitter.com/OmarKha20009847/status/1034096203556904960
وجاء في توضيح الاتحاد: “يتم تداول خطاب مزور موقع باسم رئيس الاتحاد المهندس هاني أبو ريدة بخصوص اللاعب محمد صلاح، أكرر هذا الخطاب مزور وأكرر طلبي لكم بالأمس ألا يتم الحصول على أي تصريح أو مكاتبات إلا من خلال القنوات الشرعية لاتحاد الكرة لعدم الوقوع في مثل هذه الأمور”، وأضاف اتحاد الكرة: “وأي شيء لا يصدر رسميًا عن مجلس الإدارة أو السيد مدير الاتحاد أو إدارة الإعلام لا يعد صحيحًا”.
اتحاد الكرة يفشي مطالب صلاح
لم يكتفِ اتحاد الكرة المصري بتوضيحه، بل عقد مؤتمرًا صحفيًا عصر أمس الإثنين، للرد على هجوم صلاح. وخلال المؤتمر أفشى الاتحاد أسرار الخطابات الرسمية بينه وبين رامي عباس وكيل ومحامي صلاح، وأكد أن الأخير أرسل خطابًا له بتاريخ 23 من أغسطس/آب 2018، وقال أحمد مجاهد عضو الاتحاد خلال المؤتمر الصحفي، إن خطاب وكيل صلاح تضمن إهانات عديدة للجبلاية.
ومما ذكره رامي عباس في خطابه: “كما تعلمون، الاتحاد المصري لكرة القدم تسبب في أذى بالغ لمحمد صلاح في الشهور الماضية، وهذا أمر لم ننساه ولا يجب عليكم نسيانه، لم تجعلوا صلاح مستريحًا في أثناء تأديته واجبه الدولي ولا أستطيع تذكر أي اتحاد محلي قد يعامل لاعبًا بهذا الشكل المخزي والمكروه، مثلما عاملتم صلاح”.
وأضاف: “فشلكم في كأس العالم نتيجة مباشرة لسوء إدارتكم التي أبديتموها مثلما سجل صلاح في الوقت الضائع ضد الكونغو، نجاح الفريق في الملعب تراجع للمقعد الخلفي منذ ذلك الوقت”.
وأكد مجاهد أن الخطاب حمل عدة مطالب، وصف بعضها بأنها غير منطقية، من قبيل:
– توفير حارسين خارج غرفة صلاح طوال الوقت، وآخر على المصعد في الدور الذي تكمن فيه غرفة صلاح.
– أن تكون كل الاتصالات الهاتفية لغرفة صلاح ممنوعة.
– ألا يُتوقَع أن يكون صلاح متاحًا لأي أنشطة ترويجية أو حوارات أو مقابلات أو أنشطة دعائية أو زيارات رسمية أو زيارات VIP أو جلسات تصوير أو أي أمر مشابه عن طريق اتحاد الكرة.
– في أي وقت يسافر فيه صلاح لأداء واجبه الوطني، على اتحاد الكرة أن يضمن أن يتم إيصاله من الطائرة مباشرة إلى غرفته في الفندق بشكل سري، وكل من يتعامل معه عليه أن يعلم أن ليس من حقهم طلب الصور أو التوقيعات أو محاولة تعطيله بأي شكل من الأشكال.
– صورة صلاح لا يجب استعمالها بأي شكل من اتحاد الكرة أو رعاته دون أي موافقة كتابية من شركة MS Commercial LTD، لا استعمال فردي لصورة صلاح أو جماعي مع المنتخب.
وشدد وكيل صلاح في خطابه أنه في انتظار رد الاتحاد في موعد أقصاه 27 من أغسطس/آب، مطالبًا أن تكون الإجابة بالموافقة على كل ما سبق، مهددًا: “إذا لم تجيبوا في الوقت المناسب أو كانت تصرفاتكم أقل من توقعاتنا أو لاحظنا أنكم غير جادين في تحقيق مطالبنا، أنا ومحمد سننادي باستقالة رئيس اتحاد الكرة ومجلسه”.
الاتحاد يزدري وكيل صلاح
استقبل الاتحاد خطاب وكيل صلاح بغضب كبير، معتبرًا أنه يحمل إهانات كثيرة، وجاء في خطابه لرامي عباس: “نعلن فزعنا واشمئزازنا من محتويات رسالتك، ولدينا شكوك إن كان صلاح على معرفة بمحتوى الخطاب”.
وأضاف خطاب الاتحاد: “بينما نقدر مجهود والتزام صلاح مع المنتخب، هذا لا يعني أن يحصل على معاملة مختلفة بحسب مخاطبتك، علينا أن نؤكد أن الاتحاد المصري تأهل لكأس العالم بمجهودات الفريق والإدارة وليس بمجهود لاعب واحد، كل لاعب يتم اختياره للمنتخب لن يحصل على أي مزايا أكثر من أي لاعب مثلما طلبت في خطابك”.
وتابع: “نريد أن نوضح أن أي لاعب، بما فيهم صلاح، مع منتخب مصر، تعود حقوق الصورة لاتحاد الكرة وليس لشركة خاصة تدير حقوقه، مثل MS Commercial LTD”. وبالغ الاتحاد في رده القاسي على وكيل صلاح، قائلًا: “ادعائك أن اتحاد الكرة المصري لم يحترم صلاح في أثناء وجوده مع المنتخب المصري قوبل بالازدراء الذي يستحقه”.
رد وكيل صلاح على اتهامات الاتحاد
لم يصمت رامي عباس إزاء الاتهامات التي كالها الاتحاد المصري لكرة القدم له، فكتب عدة تغريدات على تويتر لاقت تفاعلًا كبيرًا، جاء فيها: “أسهل طريقة للتضليل هي تشويه مطالبنا، لم نطلب أبدًا أن يتم ترتيب انتقالات لمحمد في المعسكرات منفردًا بعيدًا عن زملائه، طلباتنا الخاصة بالانتقالات مرتبطة فقط بوصول محمد من إنجلترا للمعسكر”.
وأضاف: “عليهم أن يركزوا اهتمامهم أكثر على إيجاد حلول للمشاكل العالقة بيننا منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وليس على أسلوبي، وبالنسبة لمطلب توفير الأمن في فندق الإقامة في أثناء المعسكرات، فهذه هي الطريقة الوحيدة لضمان عدم طرق باب غرفة محمد في الـ2 فجرًا والـ4 فجرًا للتصوير وتوقيع أوتوجرافات”.
صلاح يفتح النار على الاتحاد
أسهل طريقة للتضليل هى تشويه مطالبنا ! .. لم نطلب ابدا ان يتم ترتيب انتقالات لمحمد في المعسكرات منفردا بعيدا عن زملائه
— Ramy Abbas Issa (@RamyCol) ٢٧ أغسطس ٢٠١٨
بعد المؤتمر الصحفي الذي عقده اتحاد الكرة عصر الإثنين، وكال الاتهامات فيه لصلاح ووكيله، لم يجد لاعب ليفربول مفرًا من الظهور للرد على الاتحاد، فنشر 3 مقاطع مصورة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، فتح فيها النار على الاتحاد، ودافع فيها عن نفسه ووكيله، وحصدت المقاطع الثلاث ما يقرب من 4 ملايين مشاهدة في أقل من 12 ساعة.
قال صلاح: “أسهل شيء للتضليل هو أن البعض يرى أن المشكلة بسيطة وأنها تخص صلاح فقط، لا أعتقد أن هناك أي مشكلة شخصية، فما أطلبه هو لكل اللاعبين هو عبارة عن أشياء أراها هنا خارج مصر ويتم تنفيذها بسهولة دون طلبها ولا يتم تنفيذها مع المنتخب”.
هاجم صلاح الاتحاد قائلًا: “لا أعرف لماذا قاموا بالحديث عن الوطنية وحب البلد فالكل يعرف مدى حبي لمصر وانتمائي لها، حتى الخطاب الذي أصدروه وقالوا فيه المدعو محمد صلاح أعرف أنه حقيقي وليس كاذبًا كما نفوه”
وأضاف: “ما طلبه المحامي الخاص بي رامي عباس بوجود أفراد أمن ليس من أجلي أو من أجل دفع الناس بعيدًا عني ولكنه للجميع، في المعسكر الأخير لم أنم حتى الساعة الـ6 صباحًا، وتم حرماني من تناول وجبة السحور في استقبال الفندق لأمني وسلامتي كما قيل لي، لوجود زحام في الفندق على الرغم من كونه معسكر مغلقًا”.
وهاجم صلاح الاتحاد قائلًا: “لا أعرف لماذا قاموا بالحديث عن الوطنية وحب البلد فالكل يعرف مدى حبي لمصر وانتمائي لها، حتى الخطاب الذي أصدروه وقالوا فيه المدعو محمد صلاح أعرف أنه حقيقي وليس كاذبًا كما نفوه”.
وواصل: “لا أريد أفراد أمن للنوم في غرفتي، فالغرفة تضم لاعبين اثنين فقط من المنتخب، لا أطلب أي شيء زيادة عن أي لاعب آخر في منتخب مصر أو فرد أمن يصطحبني بشكل منفرد للمران لم ولن أطلب ذلك الأمر مطلقًا، ما أريده فقط هو سبل راحة للمنتخب ككل مثلما أراه يحدث هنا في ليفربول”.
آل الشيخ يقحم نفسه مجددًا
كعادته في التعليق على أي حدث رياضي مصري، أقحم تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة في المملكة العربية السعودية، نفسه في أزمة صلاح واتحاد الكرة، معلنًا دعمه للاتحاد في مواجهة صلاح، وكتب على صفحته الرسمية بموقع “فيس بوك” تدوينة قال فيها: “بصفتي رئيس الاتحاد العربي كل الدعم لاتحاد الكرة المصري، الغرور مقبرة النجوم، لم أستطع إكمال المقطع من الفلسفة والغرور، منتخب مصر 23 أسدًا”.
تدوينة آل الشيخ قوبلت بآلاف التعليقات الغاضبة التي حملت سبابًا تعوّد عليه خلال الشهور الأخيرة من الجمهور المصري، خاصة بعد أزمته الشهيرة مع مجلس إدارة النادي الأهلي.