لا تزال أصداء عملية تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكي (البيجر) في جنوبي لبنان والضاحية الجنوبية في بيروت، أمس الثلاثاء، والتي أسفرت عن مقتل 12 شخصًا على الأقل وإصابة نحو 2800 آخرين (حالة المئات منهم حرجة) من عناصر حزب الله اللبناني، تلقي بظلالها على المشهد، منذرة بمرحلة جديدة ونوعية من الصراع مع الكيان المحتل الذي حمله الحزب مسؤولية تلك العملية بشكل رسمي.
ويخيم الغموض والارتباك على الأجواء منذ اندلاع هذه السلسلة من الانفجارات المفاجئة، التي اجتاحت مناطق متفرقة في لبنان، وأحدثت حالة من الهلع والتخبط غير المسبوق، وثقتها بعض كاميرات المراقبة والهواتف النقالة، فيما جاءت مشاهد الإصابات وسيارات الإسعاف التي ملأت الشوارع، والمستشفيات المكتظة بالجرحى، صادمة للجميع، تاركة خلفها صدى مدويًا تردد في أرجاء العالم.
وطرحت تلك الحادثة التي من شأنها أن تقلب كل الحسابات وتعيد ترتيب المشهد وفق تطورات مغايرة، الكثير من التساؤلات والتكهنات عما جرى خلف الكواليس، والإعلان رسميًا عن الدخول نحو منعطف جديد من الحرب، تدخل فيه التكنولوجيا والعمليات السيبرانية والاختراقات الاستخباراتية، كلاعبين جدد.
ضربة موجعة جديدة يتلقاها حزب الله من “إسرائيل”، لكن هذه المرة ليست عبر الصواريخ أو الطائرات المسيرة أو القاذفات العابرة للحدود، ولا حتى عبر الاغتيالات المباشرة، الأمر الذي يعكس حجم الاختراق الأمني والاستخباراتي الهائل الذي يعاني منه الحزب ومحور الممانعة الإيراني بأكمله، مجيبًا عن الكثير من التساؤلات الغامضة حول سهولة استهداف “إسرائيل” لعشرات القيادات المنتمية لطهران وحزب الله خلال الآونة الأخيرة.
محاولة للفهم.. ما الذي حدث؟
– في مشهد أشبه بأفلام الخيال العلمي، فوجئ اللبنانيون بوقوع سلسلة انفجارات هائلة في نفس التوقيت، في الجنوب والبقاع والضاحية، طالت كل من يحمل جهاز اتصال لاسلكي من طراز “البيجر”، دون معرفة أسباب تلك الانفجارات، ما تسبب في حالة هلع ورعب بين المواطنين.
– في أول رد فعل استباقي وقبل معرفة الأسباب الحقيقية وراء تلك الانفجارات، ناشدت السلطات اللبنانية كل من يحمل هذا النوع من أجهزة الاتصالات بالتخلص منه فورًا، غير أن تلك المناشدات يبدو أنها جاءت متأخرة نسبيًا، حيث اتسع نطاق التفجيرات بشكل انشطاري غير مفهوم.
– مع توالي الأنباء تبين سقوط 9 ضحايا بينهم طفلة ونجل برلماني عن حزب الله، وإصابة قرابة 2750 آخرين، بعضهم إصابته حرجة، وسط اكتظاظ المشافي بالمصابين وعدم قدرتها على استيعاب هذا الكم الهائل في نفس الوقت، ما أحدث حالة من الفوضى والارتباك، تعززت أكثر مع عدم القدرة على إدراك ما حدث بالفعل وغياب المعلومات الدقيقة.
– المرعب في الأمر أن التفجيرات لم تقتصر فقط على الداخل اللبناني، بل شملت أي مكان يتواجد فيه كل من يحمل هذا الجهاز “البيجر” من عناصر الحزب، داخل لبنان أو خارجها، حيث أصيب 4 أشخاص في سوريا جراء انفجار في سيارتهم وهم في طريق نفق بالعاصمة دمشق، وكانت وسائل إعلام سورية قد رجحت أن المصابين هم عناصر من حزب الله انفجرت أجهزة اتصال كانوا يحملونها.
هل أجهزة “البيجر” السبب؟
منذ الوهلة الأولى ذهبت أصابع الاتهام إلى أجهزة “البيجر” كونها المسؤول الأول والأخير فنيًا وتكنولوجيًا عن تلك التفجيرات، استنادًا إلى إمكانيات الجهاز التصنيعية التي تسمح بتفجيره بهذا الشكل، وهو الاتهام الذي ربما تراجع حضوره نسبيًا بعد جمع المعلومات الكافية عن هذا الجهاز.
فـ“البيجر” جهاز اتصال لاسلكي صغير، قديم نسبيًا، يعود إلى الستينيات، ويستخدم في الغالب في حالات الطوارئ فقط، في المستشفيات وأحيانًا الحروب، ويعتمد على إرسال إشارات رقمية عبر موجات الراديو لإخطار المستخدم بأن شخصًا ما حاول الاتصال به، كما يمكن إرسال رسائل نصية قصيرة عبر هذا الجهاز، وبالتالي الجهاز فقير تكنولوجيًا.
ولهذا كان يحمله عناصر حزب الله، كونه من التقنيات القديمة، التي لا يمكنها الاتصال بالإنترنت، وبالتالي فهو بعيد إلى حد ما عن الاختراقات السيبرانية، ومحاولات التجسس، التي تزداد نسبة حدوثها في الهواتف المحمولة الذكية الأخرى، كما أن استخدامه شائع نسبيًا في المجالات العسكرية والأمنية حتى اليوم، الأمر الذي يدفع للبحث عن أسباب أخرى لما حدث يوم الثلاثاء.
سيناريوهات متباينة.. كيف حدث التفجير؟
قبل الحديث عن القراءات المتعددة والسيناريوهات المختلفة لتفسير ما حدث، تجدر الإشارة ابتداءً إلى أن حزب الله كان قد استورد الشحنة الأخيرة من أجهزة “البيجر” والبالغة قرابة 5 آلاف جهاز، قبل 5 أشهر تقريبًا، حسبما أشار مصدر أمني لبناني لـ”الجزيرة”.
وتعد شركة “جولد أبوللو” التايوانية هي الشركة المصنعة الأم لهذا النوع من الأجهزة، والتي تعرضت لهجوم وانتقادات حادة عقب وقوع التفجيرات، الأمر الذي دفع مؤسسها، هسو تشينج كوانج، للإعلان في حديث للصحفيين أن هذا المنتج ليس تابعًا للشركة، وأنه فقط يحمل علامتها التجارية، مشيرًا إلى أن شركة “بي. إيه. سي” هي التي تنتج وتبيع طراز “إيه آر-924 ” الذي استلمه حزب الله.
وتقع الشركة المنتجة لهذا النوع من “البيجر” الذي بحوزة عناصر حزب الله في أوروبا، لكن الغريب أن رئيس الشركة الأم، كوانج، رفض التعليق عن مكان وجود تلك الشركة تحديدًا في أوروبا، حسبما ذكرت وكالة “رويترز”، ما يثير الريبة ويفتح الباب أمام الكثير من التكهنات.
قد يكون من المبكر حسم السبب الحقيقي وراء تلك التفجيرات، قبيل الانتهاء من التحقيقات الجارية في هذا الشأن، لكن هناك سيناريوهات ثلاث رئيسية تجيب وبشكل كبير عن كيفية وقوع الانفجارات في هذا الجهاز تحديدًا:
أولًا: زرع شريحة في كل أجهزة “البيجر” قبل استيرادها
السيناريو الأول يذهب إلى زرع شرائح داخل تلك الأجهزة قبل استلامها من حزب الله، مع الاحتفاظ بها داخل الجهاز لحين استخدامها في الوقت المناسب، بعد تفعيلها من خلال موجات الراديو المرسلة عبر طائرات المسيّرة التي تطلقها قوات الاحتلال في الأجواء اللبنانية ليل نهار، حيث تقوم تلك الموجات بتفجير الشريحة أو رفع سخونة بطارية الجهاز، ما ينجم عنه انفجاره في الحال.
ويعزز هذا السيناريو ما نقلته وسائل إعلام لبنانية وعالمية عن مصادر لبنانية مقربة من حزب الله بشأن استيراد الحزب للأجهزة التي انفجرت خلال الأشهر القليلة الماضية، وأنها من أحدث طرازات “البيجر”، كما ذهبت “رويترز” وصحيفة “وول ستريت جورنال”.
ثانيًا: تزويد الأجهزة ببرمجيات خبيثة
السيناريو الثاني ذهبت إليه شركة “لوبك إنترناشيونال” الأمنية، والقائل بزرع برمجيات خبيثة داخل الشحنة الأخيرة من الأجهزة التي تسلمها الحزب اللبناني، قبل أشهر، ما أدى إلى رفع حرارة البطاريات فأدى ذلك إلى انفجارها، من خلال التحكم فيها عن بعد، وهو السيناريو الذي أيده بعض محللي الأمن المعلوماتي.
ثالثًا: التفخيخ بشكل مسبق
السيناريو الثالث والأكثر حضورًا لدى البعض يتعلق بتفخيخ الأجهزة بشكل مسبق قبل دخولها الأراضي اللبنانية، كما ذهبت بعض المصادر التي قالت إن كل جهاز وضعت به عبوة ناسفة تزن قرابة 20 غرامًا من المواد المتفجرة، ويتم تفجيرها عن بعد.
ويتفق مع هذا الرأي محلل نظم وعميل الاستخبارات الأمريكية السابق إدوارد سنودن، الذي نقلت عنه قناة “يورو نيوز” قوله إن ما حدث لم يكن اختراقًا، لكنها كانت متفجرات مزروعة، مستندًا في هذا الرأي إلى كثرة الإصابات الثابتة والخطيرة، عكس الاختراق الذي كان سينجم عنه حرائق أكثر من إصابات، على حد قوله.
سؤال التوقيت.. ضربة استباقية؟
رغم تأثير تلك التفجيرات والخسائر التي أوقعتها، فإنها لا تتناسب مطلقًا مع سلاح بهذا الحجم كان يمكن للاحتلال توظيفه بشكل أقوى وأكثر فاعلية، كونه كنزًا استراتيجيًا يمنح “إسرائيل” كميات هائلة من المعلومات عن تحركات عناصر حزب الله والأحاديث التي تدور بينهم، وهو ما يمكن أن يحدث الفارق إذا ما استخدم أوقات الحروب المباشرة بين الطرفين، الأمر الذي يدعو للتساؤل بشأن توقيت العملية ولماذا تخلت تل أبيب عن هذا السلاح الاستخباراتي المهم.
بداية يمكن قراءة العملية في ضوء التصعيد الأخير الذي تشهده الجبهة الشمالية على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ومحاولة الاحتلال تحقيق أكبر قدر من الخسائر في صفوف حزب الله بأسرع وقت، امتثالًا لتوجهات اليمين المتطرف الذي يتحكم في قرارات الحكومة ورئيسها بنيامين نتنياهو، وهو ما يفسره الإعلان عن تحويل الجبهة الشمالية كجبهة حرب رئيسية.
لكن هناك قراءة أخرى كشفتها بعض وسائل الإعلام العبرية تشير إلى أن ما دفع “إسرائيل” لتفجير تلك الأجهزة خشيتها من اكتشاف حزب الله خلال الفترة المقبلة للثغرة الأمنية التي بداخلها، كما نقل موقع “والاه” العبري، عن 3 مسؤولين أمريكيين كبار لم يسمّهم، كما نقل الموقع عن مسؤول إسرائيلي سابق لم يسمّه قوله إن الاستخبارات الإسرائيلية كانت تخطط لاستخدام تفجيرات أجهزة الاتصالات البيجر التي بحوزة عناصر حزب الله كضربة استباقية مفاجئة في حرب شاملة، من أجل شلّ التنظيم بشكل مؤقت، ما يمنح “إسرائيل” أفضلية كبيرة في الهجوم.
وأشار أحد المسؤولين الأمريكيين الـ3 الذي نقل عنهم الموقع العبري، إلى أن الأيام الأخيرة زاد القلق في “إسرائيل” من أن حزب الله قد يكتشف أن أجهزة الاتصال تمثل خرقًا أمنيًا، وعليه جاءت المشاورات الطارئة التي جمعت حكومة الحرب بقادة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية وكان القرار بتفجيرها قبل اكتشاف تلك الثغرة.
يتفق هذا الرأي مع ما نقله موقع المونيتور الأمريكي عن مصادر استخباراتية إقليمية رفيعة المستوى، قالت إن تل أبيب جمعت معلومات استخباراتية تفيد بأن اثنين من أعضاء حزب الله اكتشفا اختراق الأجهزة، وعليه جاء قرار التفجير “قبل فوات الأوان”، ولفت الموقع إلى أن “إسرائيل” كانت أمامها 3 خيارات للتعامل مع هذا الأمر بعد تزايد الشكوك باكتشاف الثغرة الأمنية بداخل أجهزة البيجر التي لدى الحزب:
الأول شن حرب على حزب الله وتفجير الأجهزة وفقًا للخطة الأصلية، والثاني تفجيرها على الفور وإلحاق أكبر ضرر ممكن، أما الخيار الثالث فكان تجاهل الأمر والمخاطرة باكتشاف الخطة، وبعد مشاورات عدة استمرت لعدة ساعات وقع الاختيار على تنفيذ خيار التفجير في عملية تمت في سرية تامة حتى عن الولايات المتحدة التي أُخبرت بعملية إسرائيلية في لبنان لكن دون تفاصيل.
اختراق أمني فاضح
أيًا كانت السيناريوهات والقراءات المتعددة فإن ما حدث سيظل ضربة للمنظومة الأمنية والاستخباراتية لحزب الله، واختراقًا فاضحًا لها، ونسفًا لما تدعيه بشأن تماسكها وصلابة جدرانها، وبالتبعية لطهران ومحورها في المنطقة.
ما حدث كارثي في مجمله، فبعيدًا عن التفجيرات وخسائرها وحالة الهلع والرعب التي خيمت على الشارع اللبناني جراء تلك التفجيرات، فإن السيناريوهات الثلاث ورغم قراءاتها المختلفة تصب في النهاية في مسار واحد وهو أن كل تحركات وأحاديث عناصر حزب الله خلال الأشهر الخمس الأخيرة، تحديدًا منذ استيراد تلك الشحنة من أجهزة البيجر، معروفة ومسجلة وموثقة لدى الاستخبارات الإسرائيلية، وما خفي كان أعظم بطبيعة الحال، فالأمر قد ينسحب لوسائل أخرى ربما تضع الحزب تحت رقابة دولة الاحتلال.
ولعل ما حدث يجيب عن الكثير من التساؤلات التي فرضت نفسها على المشهد منذ بداية حرب غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي كان معظمها يتأرجح حول حالة التعجب والجدل من كيفية وصول قوات الاحتلال بسهولة لأماكن كبار القادة في حزب الله، وعلى رأسهم فؤاد شكر الذي استهدفه الاحتلال في 30 يوليو/تموز الماضي، أو من هم في حماية الحزب كالقيادي في حماس ونائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري الذي استشهد في هجوم استهدف مكتب حماس في الضاحية الجنوبية لبيروت في 2 يناير/كانون الثاني الماضي.
أما على المستوى الإيراني فالأمر ربما يكون أكثر كارثية، ففي الوقت الذي يعزف فيه المرشد ونخبته السياسية والدينية والعسكرية على أوتار التفوق العسكري والاستخباراتي، إذ بهم يتعرضون لعشرات الضربات الموجعة على أيدي قوات الاحتلال، معظمها مبني في المقام الأول على الاختراق الاستخباراتي الأمني المعلوماتي للمنظومة الإيرانية.
فمنذ بداية الحرب في القطاع استهدفت دولة الاحتلال قرابة 11 قائدًا ومستشارًا عسكريًا إيرانيًا على الأقل، هذا بخلاف استهداف ضيف طهران رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، خلال مشاركته في حفل تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان في 31 يوليو/تموز الماضي، وهو الاستهداف الذي وضع الإيرانيين وسمعتهم العسكرية والاستخباراتية في حرج كبير أمام العالم.
ولعل ما حدث في جنوب لبنان بالأمس، يجيب عن الكثير من التساؤلات المتعلقة بحادثة سقوط الطائرة الرئاسية في أذربيجان في 19 مايو/أيار الماضي، التي أسفرت عن مقتل الرئيس السابق، إبراهيم رئيسي، ووزير خارجيته وعدد من مرافقيه، وكانت السلطات الإيرانية قد أرجعتها للعوامل الجوية والطقس السيئ، وهو المبرر الذي يجب التشكيك فيه مجددًا.
شهادة تفوق لحماس استخباراتيًا
في مقابل هذا الحجم الكبير للاختراق الأمني لإيران وحزب الله من الاستخبارات الإسرائيلية، تكشف الأحداث يومًا تلو الآخر عن التفوق الاستخباراتي الواضح للمقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس، التي نجحت وعلى مدار ما يقرب من عام كامل في إفشال كل المخططات الاستخباراتية الإسرائيلية المدعومة من أقوى الأجهزة المخابراتية في العالم وأحدث التكنولوجيا على الإطلاق.
ورغم الفوارق الكبيرة بين حماس وحزب الله وطهران، من حيث القوة والعتاد والنفوذ والإمكانيات، فإن الحركة الفلسطينية أجهضت كل المحاولات الاستخباراتية الإسرائيلية في الكشف عن أماكن اختباء الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين لديها، وهو النجاح الذي أصاب الشارع الإسرائيلي وحلفاءه في الغرب بالذهول، خاصة مع الحصار الشديد المفروض على حماس وآلة التجريف والقصف التي لم تترك كيلومترًا واحدًا في القطاع إلا ودمرته، كليًا أو جزئيًا.
ومع تنويع أدوات القتال وأساليب التدمير العسكرية، واستخدام أحدث الأجهزة التكنولوجية المرتبطة بالأقمار الصناعية وأنظمة الذكاء الاصطناعي، وزرع الخلايا التجسسية، لم ينجح الاحتلال في الكشف عن أماكن وجود المحتجزين، في ظل تبني حماس ورفقائها لنظام استخباراتي رفيع المستوى، يتجنب الوقوع في فخاخ المراقبة والاستهداف التي وقع فيها حزب الله ومن قبله طهران.
في ضوء ما سبق.. فإن ما حدث في بيروت والضاحية وجنوب لبنان ينذر ببدء مرحلة جديدة من الصراع مع الكيان المحتل، سيكون لها ما بعدها، مرحلة قد لا تكون للحروب التقليدية فيها مكان، لتفتح الباب على مصراعيه أمام أنواع أخرى من المعارك، قد تحقق أهدافها دون رصاصة واحدة، تلك المعارك التي تدق ناقوس الخطر وتشدد على ضرورة الاستعداد لها بشدة وإعادة النظر وتقييم الأجهزة الاستخباراتية العربية قبل أن يستيقظ الجميع على كوارث جديدة.