قضت الحرب في سوريا على البنية التحتية بشكل كلي، حيث كان لها تأثير على كل الأصعدة ومنها الأبنية السكنية والمؤسسات المدنية العامة التي تعرضت للقصف، وكذلك الطرقات التي لم تعد صالحة للاستخدام بسبب ترديها نتيجة إهمالها لسنوات عدة خلال هذه الحرب.
وعلى الرغم من ذلك تحاول المجالس المحلية التي تعد جهة رسمية في كل منطقة وتتبع الحكومة السورية المؤقتة، إعادة ترميم الطرقات التي أصبحت تؤثر سلبًا على الاقتصاد نتيجة إعاقة نقل البضائع بين المناطق في الشمال السوري المحرر، وذلك بمعدات بسيطة يمكنها أن تصلح ما فسد من الطرق داخل البلدات، أما خارجها يبقى دون ترميم نظرًا لضعف إمكاناتها، حيث يبلغ تكلفة تعبيد واحد متر مربع بمادة الإسفلت ما يقارب 150 دولارًا أمريكيًا، هنا وضعت المجالس المحلية عملية الترميم بحدود ضيقة واتجهت بعضها إلى استخدام الإسمنت في عملية الترميم، وهو لا يجدي نفعًا.
إعاقة في المواصلات في ريف حلب
إعاقة المواصلات ترفع من أسعار السلع والنقل
يعمل ياسر محمد على سيارته في نقل البضائع بين مدن وبلدات ريف حلب الشمالي، بعدما ترك عمله السابق في نقل البضائع بين المحافظات السورية، قال ياسر لـ”نون بوست”: “أعمل منذ 5 سنوات في نقل البضائع بين البلدات والمدن في ريف حلب الشمالي، رغم تنوع الجهات المسيطرة في أولى الفترات”، وأضاف: “كنت أتنقل بين مناطق تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” ومناطق الجيش السوري الحر، وحتى مناطق سيطرة الوحدات الكردية في عفرين وغيرها”، وقبل عامين من الآن كان يسيطر تنظيم داعش على ريف حلب الشمالي والشرقي، الذي انتهى حكمه فيهما في معركة درع الفرات، وفي الثلث الأول من العام الحاليّ سيطرت قوات المعارضة بدعم تركي على مناطق سيطرة الوحدات الكردية في عفرين بمعركة غصن الزيتون.
وأوضح ياسر أن صعوبة التنقل بين المناطق التي كانت تختلف الجهات التي تسيطر عليها، كانت ترفع من قيمة السلع والبضائع التي يحملها، وإضافة إلى ذلك وعورة الطرق وإغلاق الكثير منها التي كانت أسهل في التنقل، ووضعها في طريق واحد، كان يخلف عليهم نفقات عدة عندما تبيت السيارة عددًا من الليالي في انتظار دور مرورها، على حاجز أحد التنظيمات.
إغلاق الطرق الدولية في سوريا
وأشار ياسر: “وعورة الطرق نتيجة إهمالها منذ سنوات عدة يضع علينا الكثير من المتاعب، لأنها غير صالحة للتنقل ومجرد عطل صغير في سيارة النقل يزيد من سعر السلعة التي يحملها لأن السائق أو التاجر لا يمكنهم تحمل نفقاتها على الإطلاق”.
بعد سيطرة قوات المعارضة المسلحة بدعم تركي على مناطق درع الفرات وغصن الزيتون، تحاول الحكومة التركية ترميم المنشآت داخل المدن ومنها المدارس والمؤسسات والدوائر الحكومية، ولم تكتف بذلك بل دعتها الحاجة إلى ترميم الطرقات عبر دعم المجالس المحلية
وتأثرت شبكات الطرق نتيجة الحرب التي دامت لسنوات عدة في المنطقة، وتعرضها للقصف الجوي والمدفعي، وإضافة إلى ذلك التقلبات الجوية لها تأثير عليها، وإهمالها لـ7 سنوات مستمرة جعلها غير صالحة للنقل، كما استخدمت العديد من الطرق غير المخصصة لحركات نقل البضائع والسلع، كطرق دولية تصل بين إدلب وريف حلب والرقة ودير الزور وغيرها.
وبعد سيطرة قوات المعارضة المسلحة بدعم تركي على مناطق درع الفرات وغصن الزيتون، تحاول الحكومة التركية ترميم المنشآت داخل المدن ومنها المدارس والمؤسسات والدوائر الحكومية، ولم تكتف بذلك بل دعتها الحاجة إلى ترميم الطرقات عبر دعم المجالس المحلية، وإضافة إلى ذلك تعمل المجالس المحلية مع الدعم التركي لإنشاء شبكة طرقات دولية بين مناطق درع الفرات وغصن الزيتون نتيجة تردي أغلبها بعد إهمالها على مدى السنوات، من سيطرة داعش والوحدات من جهة أخرى.
المحلق الشرقي في إعزاز الذي يصل درع الفرات بغصن الزيتون
شبكة طرقات رئيسية تصل المناطق ببعضها والولايات التركية لتعزيز التبادل الاقتصادي
استقدمت الحكومة التركية آليات لتعبيد الطرقات داخل مناطق درع الفرات وغصن الزيتون، حيث تسعى إلى تعبيد الطرقات الرئيسية والدولية بمادة الإسفلت، لتعزيز نقل البضائع إلى الداخل السوري وتيسير المواصلات بين المدن والبلدات في الشمال الغربي من سوريا.
تعبيد الطرقات يزيد من الحركة الاقتصادية في المنطقة، ويعمل على تعزيز الجانب التجاري، من خلال التبادل التجاري بين المناطق في شمال سوريا، وحتى الولايات التركية في الجنوب التركي كغازي عينتاب وكلس وغيرها من المحافظات المحاذية للمنطقة
وبدأت المجالس المحلية بتعبيد الطرقات بعد تقديم خطتها للجانب التركي الذي يدعم هذه المشاريع، حيث عمدت في تعاملها مع السلطة المركزية في المنطقة وهي المجالس المحلية المخولة في ذلك عبر مكاتبها الخدمية التي تؤدي خدمات للمنطقة، وفي لقاء خاص مع مدير المكتب الخدمي في المجلس المحلي في مدينة إعزاز محمد مصطفى قال: “مشروع تعبيد الطرقات في منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون تدعمه الحكومة التركية عبر المكاتب الخدمية في المجالس المحلية”.
وأضاف: “تعبيد الطرقات يزيد من الحركة الاقتصادية في المنطقة، ويعمل على تعزيز الجانب التجاري، من خلال التبادل التجاري بين المناطق في شمال سوريا، وحتى الولايات التركية في الجنوب التركي كغازي عينتاب وكلس وغيرها من المحافظات المحاذية للمنطقة”، وأوضح: “هذه المشاريع تكون عبر مناقصات تقدمها الحكومة التركية وتحصل عليها شركة تركية، وتنفذها بشكل كامل بالتعاون مع المكاتب الخدمية في المنطقة”، ونوه “كمجالس محلية في المنطقة نقدم مخطط الطريق واتجاهاته ومخطط الاستهلاك في حال حصل خلل ما خلال تعبيد الطرقات لتيسير أمور مهندسي الشركات التركية”.
وأشار إلى أن الغاية من هذا المشروع توفير فرص عمل للكثير من العمال والتجار، ونتيجة ذلك يؤدي إلى ازدهار التبادل التجاري ورفع اقتصاد المنطقة، وأكد أن تعبيد الطرقات في غصن الزيتون ودرع الفرات من أولويات الحكومة التركية نتيجة التضخم السكاني في المنطقة، وجاء التضخم السكاني خلال حملات التهجير الأخيرة التي قامت بها قوات النظام، وهذا التضخم السكاني له عواقب عدة ومنها زيادة عدد الآليات في المنطقة نظرًا لكثافة السكان، وهنا دعت الحاجة لابتكار مشاريع ضخمة لاستيعاب الكم الهائل من السكان، كما تسعى المجالس المحلية كافة في المنطقتين إلى تقديم مشاريع عدة ومنها تعبيد الطرقات داخل المدن والبلدات التي لم تعد صالحة للعمل نتيجة إهمالها لسنوات عدة متتالية.
تعبيد طريق الباب الراعي في ريف حلب الشرقي
أنجزت الشركات التركية العديد من المشاريع في تعبيد عدد من الطرقات، ومنها المحلق الذي يحيط مدينة إعزاز المحاذية للحدود التركية شمالي حلب، وهذا المحلق يصل بين منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون كما يصل المناطق بمعبر باب السلامة، وفي بلدة الراعي شمالي حلب قامت الحكومة التركية عبر شركاتها بتعبيد الطرقات في معبر الراعي وتجهيزه، كما تقوم بإنشاء محلق كطريق دولي يصل الولايات التركية الجنوبية بالداخل السوري، ويصل الطريق معبر الراعي بمدينة الباب ولاحقًا سيتم إنشاء طريق دولي آخر يصل مدينة الباب بمدينة جرابلس بحسب خطط العمل التي تقدمها المجالس المحلية، وستشمل شبكات الطرق كل المدن الكبيرة في المنطقتين لتعزيز الاقتصاد والتبادل التجاري الذي سيؤدي لاحقًا إلى ازدهار الاقتصاد في المنطقة.