كثيرة هي التساؤلات وردات الفعل التي تراود المشهد الفلسطيني حال وافق الرئيس عباس على الاقتراح الأمريكي بإقامة كونفدرالية بين الضفة الغربية والأردن واستبعاد القدس من المشهد.
المتابع للإعلام المحلي والدولي يعلم أن هذا الاقتراح الأمريكي يأتي تزامنًا مع القرار الأخير بوقف الدعم كليًا عن الأونروا وإنهاء قضية اللاجئين وعدم الاعتراف بها، بالإضافة إلى وضع اشتراطات إلى دول الخليج لمنع تمويل اللاجئين تمهيدًا لتقليص خدماتها وإنهاء عملها عن قرب.
في الثمانينيات من القرن الماضي كان هناك خطة بين الملك الأردني الراحل حسين والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لإقامة كونفدرالية بين الأردن وفلسطين
الرئيس الفلسطيني محمود عباس قال إنه يوافق على كونفدرالية مع المملكة الأردنية إذا كانت “إسرائيل” جزءًا منها، وذلك خلال لقائه مع نشطاء سلام إسرائيليين قبل أيام. المشكلة الأبرز تكمن في استبعاد القدس من المشهد، كون الخطة تقوم على إخضاع الضفة – دون القدس المحتلة – للسيادة الأمنية الأردنية، ويقوم الأردن بحراسة الحدود الفاصلة بين الكونفدرالية و”إسرائيل”، ويتم توقيع الاتفاق بين القيادة في الضفة الغربية وعمان.
وبالعودة إلى الثمانينيات من القرن الماضي كان هناك خطة بين الملك الأردني الراحل حسين والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لإقامة كونفدرالية بين الأردن وفلسطين، وذلك بعد انسحاب “إسرائيل” إلى حدود 67، ودون اعتراف كلا الدولتين بـ”إسرائيل”، ولكن الخطة فشلت بسبب عجزهم عن الاتفاق على ماهية صلاحيات كلتا السلطتين اللتين تكونان الكونفدرالية.
يبدو جليًا وواضحًا للعيان أن الاقتراح الأمريكي المنحاز لـ”إسرائيل” الذي اقترحته على القيادة الفلسطينية له أبعاد خطيرة على صعيد السنوات القادمة وهي انسحاب “إسرائيل” من عملية السلام مع الفلسطينيين، وبذلك تصبح فكرة الكونفدارلية بديلاً عن حل الدولتين الذي كان يسعى الرئيس عباس منذ سنوات لتنفيذها ويلوح بها أمام المجتمع الدولي.
ما الهدف من استبعاد أمريكا للقدس؟ وهل أصبحت صفقة القرن جاهزة على الطاولة في سيطرة “إسرائيل” على القدس؟ حينها نكون أمام كارثة كبيرة وضياع للقضية الفلسطينية برمتها
هل أصبحنا على أعتاب المراحل الأولى من تنفيذ صفقة القرن وتهرب “إسرائيل” من التزامتها القانونية والحقوقية والاقتصادية للشعب الفلسطيني؟ ومما لا شك فيه أن الاقتراح يضع الأردن في حيرة كون الاتفاق ينص عن منع أعمال المقاومة بالضفة، في وقت لا تزال المستوطنات والقدس والحدود محفزًا للمقاومة الفلسطينية للاستمرار في عملها.
ويبقى التساؤل الأبرز: ما الهدف من استبعاد أمريكا للقدس؟ وهل أصبحت صفقة القرن جاهزة على الطاولة في سيطرة “إسرائيل” على القدس؟ حينها نكون أمام كارثة كبيرة وضياع للقضية الفلسطينية برمتها.
قطاع غزة له حصة كبيرة من الاقتراح الأمريكي الذي أصبح هذا الجزء الصغير من الوطن يشكل مصدر قلق من نوايا أمريكا و”إسرائيل” الخبيثة في تحويله لقضية إنسانية وصولاً إلى تحقيق المراد والانفصال عن الشق الآخر من الوطن.
المطلوب من الفلسطينيين لمواجهة هذه القرارات والاقتراحات الأمريكية التي تبث سمومها بين الحين والآخر وبمثابة انحياز واضح لـ”إسرائيل” هو تحقيق المصالحة
هذا ما يحلم به ترامب وصهره كوشنر في جعل غزة تخضع لهما وتمهد لهما طريق تطبيق صفقة القرن من خلال ما عرض مؤخرًا من اتفاقيات من إنهاء الحصار وإنشاء ميناء بحري بوساطة مصرية أممية.
المطلوب من الفلسطينيين اليوم لمواجهة هذه القرارات والاقتراحات الأمريكية التي تبث سمومها بين الحين والآخر وبمثابة انحياز واضح لـ”إسرائيل” هو تحقيق المصالحة الوطنية كونها أقصر الطرق لتوحيد القرار الفلسطيني.
والأمر الآخر، على القيادة الفلسطينية دراسة أهداف هذا الاقتراح وتأثيره على القضية الفلسطينية والحفاظ على بقاء القدس للفلسطينيين والعرب واستبعادها من طاولة المفاوضات كونها حق فلسطيني خالص. أخيرًا، علينا الحذر جيدًا من هذا الفخ الذي سنسقط به حال غياب الإرادة السياسية والتوافق بيننا لمواجهة هذه القرارات والاقتراحات الأمريكية التي تعرض بين الحين والآخر لتمرير صفقة القرن.